السبت، 6 أغسطس 2016

نيتشه ونقد المعرفة التاريخية الحديثة./ الحسين أخدوش.





نيتشه ونقد المعرفة التاريخية الحديثة      
الحسين أخدوش.

ملاحظة1: لما كنت أنشر على هذه المدوّنة، ليس ما أعرفه، بل ما أشعر أني بحاجة إلى العودة إليه في وقت لاحق. المدوّنة هي مساحة أجمع على صفحاتها ما أجده يستحق القراءة، وأضع ما أنشره في متناول الأصدقاء ذوي الاهتمامات المشتركة.
إضافةً إلى تجميع المقالات في مساحة واحدة، فإن نشرها يتيح نسخها أو الاقتباس منها.
هذا البحث، الذي أظن أنه يستحق القراءة، غير قابل للنسخ، لذلك أنشره هنا من خلال رابطه المنشور على صفحات "مؤمنون بلا حدود".
 
ملاحظة2:
أظن أن تذكّر ما يعنيه مفهوم العدمية عند نيتشه يشكل مدخلاً ضرورياً لفهم هذا البحث. لذلك أستعير ما قاله لوك فيري عن هذا المفهوم.
.
العدمية عند نيتشه...
كما يراها لوك فيري:
إن فرض المبادئ والقيم كأوهام خفية، عن طريق الأوثان، التي لا تتقبل النقد أو النقاش، وتؤخذ كمسلمات لا يغدو إلا نوعًا من بيع الوهم للناس:...
إن هذا النفي للحياة، باسم قيم يُفترض بأنها تتجاوز الحياة، هو بالضبط ما يحكم (نيتشه) بأنه وهمي وخطر وشاذ:
فهو وهمي إذ يستحيل علينا، في واقع الأمر ونحن في الحياة، أن نحكم بشأنها “من الخارج”؛ وهو خطر لأنه يؤدي إلى إضعافنا، إلى إخماد قوانا الحية؛ وهو شاذ لأن هذا الكبت لغرائزنا يحملنا على إعادة إيجادها خفية لإشباعها من خلال المظاهر الخادعة التي تبدو عليها أكثر الأخلاقيات نبلًا.
ومن هذا المنظور، فكل مثالي متعالٍ، إنما هو في رأي (نيتشه) نفي للحياة وطريقةٌ لتشويهها. وهذا ما يسميه “العدمية”، وهو لفظ يعطيه معنى مختلف عن المعنى المتعارف عليه.
ففي اللغة المتداولة اليوم، العدمي هو شخص لا يعتقد في شيء، بينما هو عكس ذلك تمامًا عن (نيتشه): فالعدمي في رأيه هو شخص يعتقد اعتقادًا أعمى في “قيم عليا“.

فالعدمية عند نيتشه ليست تلك المعروفة بأنها الحياة بلا هدف، وإنما الحياة المعمية عن مناقشة أفكارها، والمبنية على بعض الأوثان. يقول (لوك فيري) بعد ذلك:
إن أعمق قيمة في الحياة، “ما وراء الخير والشر“، هي إذًا في نظر (نيتشه) قوّتها. لذلك تسعى فلسفته كلها إلى هدف أقصى: هو البحث عن توافق متناغم بين القوى الحيوية فينا، توافق لابد أن يسمح لها بأن تنمو بأكثر ما يمكن من “الفعالية“، دون قمع بعضها أو تشويهها لمنح الأحقية للبعض الآخر.

..

 
ملخص الدراسة:
قبل الحديث عن النقد الذي وجهه نيتشه للتاريخ بمعناه الميتافيزيقي الذي يزعم أنه معرفة موضوعية بالماضي، نود أولا أن نشير إلى أن المنظور الذي ترسمه انتقادات نيتشه للتاريخ والمؤرخين لا تحكمه خلفيات معرفية أو غايات ابستمولوجية؛ بل على عكس ذلك، نجد نيتشه في "اعتبارات في غير أوانها"، ينتقد تاريخ المؤرخين من منظور يتجاوز التاريخ نفسه، ذلك أن تاريخهم يفترض نفسا وحقيقة خالدتين. إنه ينهل من وعي لا يكف عن مطابقة ذاته[1]؛ فهذا التاريخ هو ما زعم البعض أنه معرفة موضوعية، غير أنه بهذا المعنى قد أصبح في قبضة الميتافيزيقا، فظل التقليد الميتافيزيقي يراوح فهما متحجرا للماضي والحاضر، للأصل والهامش.
 

 
 
 

ليست هناك تعليقات: