الاثنين، 5 ديسمبر 2016

من الذاكرة: بين البربارة والـ "بوحشيش"



من الذاكرة: بين البربارة والـ"بوحشيش"
من الأمور التي لا أجد لها تفسيراً الآن، أننا كنا في قريتنا  نحتفل في بعض المناسبات التي كنا نظن أنها احتفالات ذات طابع إسلامي، مع أنها لم تكن كذلك.. 
من هذه الاحتفالات احتفالات ليلة البربارة، وكنا نسمي حفلة التنكّر بـ "أبو حشيش".
كان المتنكر أو المتنكرون يجولون على البيوت ليلاً، يلوحون بسياطهم في الهواء مردّدين: "عالنبّوت النبّوت، وبدنا حَبّة من التابوت".
والتابوت هو مخزن الزبيب والقضامة والتين المجفّف. فينالون حصتهم من "التابوت"، بعضاً من الزبيب والقضامة ثم ينصرفون.
في إحدى الليالي، وكنت ما أزال طفلاً، حضر "بو حشيش" متنكّراً، بينما كنا متجمهرين حول موقد الشتاء أو "الموقدة" كما كنا نسميها، والتي كانت وسيلة التدفئة في فصل الشتاء قبل أن تزدهر وسائل التدفئة الأخرى.. دخل "بو حشيش" لوّح بسوطه في الهواء، ويقي قليلاً من الوقت ثم غادر دون أن ينبس ببنت شفة.. ودون أن ينال مكافأته، ربما بسبب الخوف والمفاجأة التي اعترت الجميع.. وقد تبيّن لاحقاً أن "بو حشيش" كان ابن عمتي الذي امتنع عن الكلام لأن صوته سيكشف هوّيته.. فخرج خالي الوفاض.
من المناسبات التي كنا نحييها أيضاً، خميس الأسرار، والذي كنا نظن أيضاً أنه مناسبة إسلامية، فكنا نحمّر البيض ليلاً، من خلال سلقه بالماء المضاف إليه قشور البصل الأحمر أو "الناغ" الذي هو عبارة عن ترسبات الدخان الأسود على جدران مدخنة الموقد، والذي كان يشبه القطن الأسود.. ولا أدري لماذا كان يعطي قشرَ البيض لوناً أحمر.. لنقوم في اليوم التالي بـ "المفاقسة".
أما المناسبة التي لا أعرف حتى اليوم ما هي جذورها، فتسمى "عيد الأْلَنْدِس"، حيث كنا نقوم بسلق الذرة وتناولها مع قليل من السكّر.
لقد أصبح الكثير من تلك العادات والطقوس من الماضي. وربما لم يعد يسمع بها أحد للأسف..
من الأخبار التي نسمعها من أهلنا أنهم كانوا يذهبون إلى مار قزحيا في شمال لبنان للوفاء بنذورهم.. مع أن طريق الذهاب والعودة كان يستغرق حوالي الأسبوع، كون الدوابّ كانت وسيلة النقل الوحيدة في تلك الأيام..

(م.ح)
5/12/2015

وعن البربارة كتبيت رولا حميد في جريدة النهار ما يلي:
في الأروقة المسيحية وخاصة في الميناء، تتردد رواية بربارة الشهيدة القديسة التي اضطهدها والدها الوثني لميولها الإيمانية المسيحية، فهربت من المنزل، وكانت تختبىء في حقول القمح التي أصبحت ركنا لعيد ذكراها.

لذلك تروج "قراديات" شعبية، ينقلها الدكتور جان توما، الملم بالشؤون التقليدية المسيحية وبطقوسها، منها:
قديسة بربارة عند ربك مختارة
ابوكي هالكافر عباد الحجارة
جاب السيف ليدبحك صار السيف سنارة
جاب الحبلي ليشنقك صارت الحبلي حرام
ويعرف توما، بحسب نظرة دينية رائجة عيد البربارة أنه "مناسبة إحياء ذكرى القديسة بربارة الشهيدة التي كما تقول المصادر إنها من بعلبك، أو من مدينة نيقوميديا في قرية جاميس التابعة لمدينة لينوبوليس بنيقوميد تركيا، وهي كانت من أسرة غنية تعبد الاوثان والاصنام الى ان تعرفت الى الدين المسيحي عبر العاملين في قصرها، ونالت المعمودية، وتنصرت، ولكن والدها غضب عليها، فهربت متنكرة من القصر الى حقل قمح، واختبأت هناك فترة الى ان قبض عليها عسكر والدها، واعادها الى سجن القصر محاولا ثنيها عن ايمانها الجديد، ولما رأى ان لا جدوى من ذلك عمد الى قتلها حفاظا على مصالحه".
عن العادات والتقاليد، يتحدث توما بقوله إن "هذه العادات هي طقس شعبي، لا علاقة له بالطقس الديني، حيث تعد العائلات صحونا من القمح المسلوق للاشارة الى اختباء الشهيدة بربارة في حقل قمح، وتزين الصحون بأنواع من الجوز واللوز والزبيب واليانسون وحب الرمان والحلويات. كما يقوم الاطفال بلبس اقنعة تنكرية احياء للذكرى، ويتنقلون من بيت الى بيت، ومن شارع الى شارع، يرددون أغان منها"هاشلة بربارة مع بنات الحارة"، ويجمعون النقود والشوكولا من الناس.

ليست هناك تعليقات: