الجمعة، 17 فبراير 2017

من ذكريات الجامعة: زيناتي أستاذاً. (محمد الحجيري)



من ذكريات الجامعة: زيناتي أستاذاً.

تحيّة إلى جورج زيناتي.

يدلف جورج زيناتي غرفة الصف بتواضعه المعهود، نجلس على مقاعدنا بالقرب منه بطريقة أشبه بحلقة نقاش، نصغي إليه بشغف وانجذابٍ شديديْن، ثم يبدأ محاضرته في الفلسفة المعاصرة بطريقة سلسة تجعلك تشعر بألفة شديدة.. هي ذي الفلسفة بالغة السهولة والوضوح، فلِمَ يقولون عنها بأنها مبهمة وغامضة ومغرقة في التجريد؟؟
تكاد تشعر أنها قريبة منك قُربَ هذا الكرّاس الذي تكتب عليه.. وقليلاً كان ما نكتب..
 
لا داعيَ للكتابة، فما يقوله بالغ الوضوح والبساطة. ويربط لك الأفكار المجردة بأكثر الأشياء قرباً وعينيّة..
 
المفاجأة تكون، أننا بعد أن نفترق، وفي محاولة كتابة شيءٍ مما كان يقوله، يشعر واحدنا بالعجز عن كتابة جملة واحدة!
 
حينها، وحينها فقط، كنا ندرك قيمة الكلمات القليلة التي دوّناها خلال المحاضرة، نتعامل مع تلك الكلمات القليلة كأيقونة بالغة القيمة، ثم نحافظ عليها.
ـ فيلسوف كبير واحد ما زال حياً: هو بول ريكور. قال لنا ذات نهار. 
 
لم نكن قد سمعنا بهذا الإسم قبل ذلك.
ـ إذا كتبتَ، فدع أحداً غيرك يراجع ما كتبتَه! وإذا أردت أن تراجعَه بنفسك، فدع ذلك لليوم التالي أو بعد عدّة أيام. فلن تكتشف هفواتك إذا راجعت ذلك بعد الكتابة مباشرةً. (إحدى وصاياه لنا)لم يكن جورج زيناتي يحيط نفسه بأبهة أو يكترث أن يكون محط اهتمام. كان رئيس قسم الفلسفة يجمعنا ويقول لنا: حاولوا الإفادة من الدكتور زيناتي قدر استطاعتكم..
 
الدكتور ناصيف نصّار، عميد كليّة الآداب في حينه، كان في زيارة تفقدية للفرع الخامس.. دخل إلى صفنا وقطع علينا إصغاءنا لأقوال زيناتي "البسيطة"..قبل أن يغادر، تنحّى بنا جانباً وقال: "بهنيكم أن جورج زيناتي يعلّمكم"..
.. 
فاقتضى القول 



(كان ذلك منذ أكثر من عشرين سنة)

محمد الحجيري
17/2/2015 

ليست هناك تعليقات: