الجمعة، 3 نوفمبر 2017

رغم الانتقالات الكثيرة؛ جوزف دعبول.




رغمَ الانتقالاتِ الكثيرةِ.
جوزف دعبول
لم يكنْ ضوءٌ، ولا ظلامٌ، العشبةُ البريّةُ تغنّي عندَ المنعطفِ النهريِّ أغنيةَ الحبّ، قالَ الواحدُ: ربّما يتحوّلُ النهرُ إلى حقولِنا، وربّما تنزلُ نجمةٌ إلى الأرضِ!
هكذا قيلَ يومَها، لكنَّ النهرَ لم يتسرّبْ إلينا، والعشبةُ كبرتْ حتّى ملّتِ الغناءَ ولم تنزلْ نجمةٌ إلى الأرضِ.
الرحّلُ يتجمّعونَ حولَ خيامِنا، همُ أضواءُ الحريّةِ، وثبَ العجوزُ وقالَ : علينا أن نتزاوجَ بهم.
همسَ الواحدُ في أذنِه: نحنُ أقوامٌ مقدّسةٌ!
قالَ العجوزُ: وهمُ مقدّسون.
سمِعنا الكتابُ، رمى كلماتِه ورحلَ.
قالَ الواحدُ: أيّتها الوداعةُ إلى متى نحرقُ أصابعَنا بالعشبِ العجوزِ؟
تظلمُ السماءُ وصوتٌ من عمقِ الغابةِ يردّدُ: أنتمُ أشباحٌ فقط، ولا ثيابَ تغطّي عريَكم! إلى متى تبقونَ هنا؟ اْرحلوا إلى حيثُ العشب المغنّي، تزدادوا حكمةً، وتصبحوا كالنسورِ، وفي عمقِ السماءِ، اقتاتوا الماءَ المقدّس!
يجفّ النهرُ فجأةً. المرأةُ التي تستحمّ عاريةً تحملُ نهديها وتختبئُ في ظلّ رجلٍ. قال الواحدُ: هاه، إنها عشيقته. تتعالى ضحكاتُنا، ماذا تقولُ؟ وأنتَ ألستَ عاشقَ النساءِ جميعاً. يسعلُ الرضيعُ صارخاً: تباً. تداري الأمّ نهديها وترنّم أغنيةَ الهدهدةِ. الواحدُ ينظرُ نحوَها، على جسدهِ يخبو العشبُ الكثيرُ. مرآةُ الظلالِ تركضُ نحوَه، : أرأيتَ ما حلّ بكَ؟! يجثو على ركبتيهِ ليعتذرَ منَ الرضيعِ.
بعد فصولٍ من الانتقالاتِ إلى شتّى الينابيعِ، يظهرُ قوسُ قزحٍ، يقفزُ الرضيعُ إليهِ، يمتطيَهُ، يلطمهُ برجليهِ فتسقطُ الألوانُ تباعاً على خيامنا. أيقنّا حينها، أننا رغمَ الانتقالاتِ الكثيرةِ، لم نزلْ في حاجةٍ إلى الإيمانِ والثباتِ في حبّنا وإلاّ اْنقرَضْنا.

ليست هناك تعليقات: