الثلاثاء، 28 نوفمبر 2017

نشأة البنيوية





البنيوية   Structuralism

نشأة البنيوية :

نشأت البنيوية في فرنسا، في منتصف الستينيات من القرن العشرين عندما ترجم (تودوروف) أعمال الشكليين الروس إلى الفرنسية. فأصبحت أحد مصادر البنيوية.
ومن المعلوم أن مدرسة (الشكليين الروس) ظهرت في روسيا بين عامي 1915 و1930، ودعت إلى الاهتمام بالعلاقات الداخلية للنص الأدبي، واعتبرت الأدب نظاماً ألسنياً ذا وسائط إشارية (سيميولوجية) للواقع، وليس انعكاساً للواقع. واستبعدت علاقة الأدب بالأفكار والفلسفة والمجتمع. وقد طورت البنيوية بعض الفروض التي جاء بها الشكليون الروس.
المصدر الثاني الذي استمدت منه البنيوية هو (النقد الجديد) الذي ظهر في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين في أمريكا، فقد رأى أعلامه "أن الشعر هو نوع من الرياضيات الفنية" (عزرا باوند)، وأنه لا حاجة فيه للمضمون، وإنما المهم هو القالب الشعري (هيوم)، وأنه لا هدف للشعر سوى الشعر ذاته (جون كرو رانسوم).
والألسنية هي المصدر الثالث الذي استمدت منه البنيوية، ولعلها أهم هذه المصادر، وعلى الخصوص ألسنية فرديناند دي سوسير (1857-1913) الذي يُعد أبا الألسنية البنيوية، لمحاضراته (دروس في الألسنية العامة) التي نشرها تلامذته عام 1916 بعد وفاته. وعلى الرغم من أنه لم يستعمل كلمة (بنية) فإن الاتجاهات البنيوية كلها قد خرجت من ألسنيته، فقد مهد لاستقلال النص الأدبي بوصفه نظاماً لغوياً خاصاً. وفرق بين اللغة والكلام: (فاللغة) عنده هي نتاج المجتمع للملكة الكلامية، أما (الكلام) فهو حدث فردي متصل بالأداء وبالقدرة الذاتية للمتكلم.

و كما أسلفنا ؛ ففي نهاية العقد الثاني من القرن العشرين التقت آراء العالم السويسري (فردنياند سوسور) بالتيارات النقدية السائدة في اوربا ليبرز تيار الفكر البنيوي في الدرس النقدي المعاصر والحديث . والحقيقة ان “الجذور البنيوية تضرب بعيداً في القدم منذ ارسطو والجاحظ والعسكري والجرجاني وقدامة وابن طباطبا وهيغل وماركس ، حتى اشتهر قال بعضهم :”لنقل صريحاً: البينوية ليفي شتراوس” علماً عليها ليفي شتراوس وعرف بها فوكوهو ولاكان والتوسير وجان بياجيه وغيرهم.
ففي القرن التاسع عشر نادى الباحث الاجتماعي اليهودي دوركايم بالنظرية المسماة "العقل الجمعي"، ودعا إلى دراسة الظواهر الاجتماعية باعتبارها "أشياء مستقلة"، وتبعاً لذلك ظهر الباحث اللغوي السويسري "فرديناد دي سوسيور " بنظريته في "ظاهرة اللغة"، حيث جرد اللغة من دلالاتها الإشارية المألوفة وعدها نظاماً من الرموز يقوم على علاقات ثنائية، ومن هنا ظهرت فكرة "البنية".
مفهوم البنيوية و مدارسها :
ومن أبرز ما قرره سوسيور بقوة مبدأ "اعتباطية الرمز اللغوي" وهو ما يعني أن أشكال التواصل الإنساني ما هي إلا أنظمة تتكون من مجموعة من العلاقات التعسفية أي: العلاقات التي لا ترتبط ارتباطاً طبيعياً أو منطقياً أو وظيفياً بمدلولات العالم الطبيعي" وأن "كل نظام لغوي يعتمد على مبدأ لا معقول من اعتباطية الرمز وتعسفه" أي: تماماً كما يعتبط العقل الجمعي عند "دوركايم " ويتعسف فيفرض على الناس ما هو خارج عن ذواتهم، ومن هنا انبعثت فكرة "السيمولوجيا" أي علم الدلالة، أو العلامة والإيحاء، وتطورت فيما بعد .

و يعد دي سوسور رائد البنيوية الاول في العصر الحديث وقد توصل الى أربعة كشوف هامة تتضمن : مبدأ ثنائية العلاقات اللفظية اي (التفرقة بين الدال والمدلول)، ومبدأ اولوية النسق او النظام على العناصر ، ومبدأ التفريق بين اللغة والكلام ، ومبدأ التفرقة بين التزامن والتعاقب(سانكروني – دايكروني)
وكان للشكلانيين الروس ولاسيما عالم الصوتيات جاكوبسون مساهمات هامة في إغناء الحركة البنيوية.
,
و يعد( جاكبسون ) من المدرسة الروسية الشكلية التي من أهم آرائها "تحرير الكلمة الشعرية من الاتجاهات الفلسفية والدينية والانطلاق من "دراسة العمل الأدبي في ذاته"، فهي تؤكد "أن العمل الأدبي يتجاوز نفسية مبدعه، ويكتسب خلال عملية الموضعة الفنية وجوده الخاص المستقل" .
وتؤكد أن "العمل الفني لا يتطابق بشكل كامل مع الهيكل العقلي للمؤلف ولا المتلقي"، أو كما يقول: "موخارو فسكي : "فإن الأنا الشاعر لا ينطبق على أية شخصية فعلية ملموسة، ولا حتى شخصية المؤلف نفسه، إنه محور تركيب القصيدة الموضوع.
و تعني البنيوية عند جورج لوكاش : استخدام اللغة بطريقة جديدة بحيث يثير لدينا وعياً باللغة من حيث هي لغة، ومن خلال هذا الوعي يتجدد الوعي بدلالات اللغة، هذا الوعي الذي تطمسه العادة والرتابة .
و قد حدد لوسيان جولدمان (1913-1970) وهو فرنسي من أصل روماني البنوية التوليدية على أنها المنهج الذي يحلل النص الأدبي بوصفه بنية إبداعية تخبئ تحتها بنية اجتماعية،. وقد أصدر جولدمان عدداً من الكتب المتصلة بقناعاته البنيوية منها: الإله الخفي وعلم اجتماع الإبداع الأدبي ومن أجل علم اجتماع الرواية .
و نرى أن ثمة علاقة بين العلوم المختلفة و البنيوية , خاصة الاجتماع و النفس و اللسانيات ,
بالإمكان اختصار مفهوم البنيوية في مقولة ميشيل بريكس : أما المنهجية البنيوية الشكلانية فتهتم فقط بالنسيج اللغوي للنص وتدرسه بذاته ولذاته مهملة صاحبه أو مؤلفه. وهي تنطلق من القناعة التالية: النص هو وحده المهم ولا يفيد في شيء أن نتعرف على حياة مؤلفه لكي نفهمه. وهذا الموقف المتطرف في النقد الأدبي ساد في فرنسا لفترة ولكنه تراجع وانحسر الآن.
و يرى جميل حمداوي أن البنيوية طريقة وصفية في قراءة النص الأدبي تستند إلى خطوتين أساسيتين وهما: التفكيك والتركيب ، كما أنها لا تهتم بالمضمون المباشر، بل تركز على شكل المضمون وعناصره وبناه التي تشكل نسقية النص في اختلافاته وتآلفاته. ويعني هذا أن النص عبارة عن لعبة الاختلافات ونسق من العناصر البنيوية التي تتفاعل فيما بينها وظيفيا داخل نظام ثابت من العلاقات والظواهر التي تتطلب الرصد المحايث والتحليل السانكروني الواصف من خلال الهدم والبناء أو تفكيك النص الأدبي إلى تمفصلاته الشكلية وإعادة تركيبها من أجل معرفة ميكانيزمات النص ومولداته البنيوية العميقة قصد فهم طريقة بناء النص الأدبي. ومن هنا، يمكن القول : إن البنيوية منهجية ونشاط وقراءة وتصور فلسفي يقصي الخارج والتاريخ والإنسان وكل ماهو مرجعي وواقعي ، ويركز فقط على ماهو لغوي و يستقرىء الدوال الداخلية للنص دون الانفتاح على الظروف السياقية الخارجية التي قد تكون قد أفرزت هذا النص من قريب أو من بعيد. و يعني هذا أن المنهجية البنيوية تتعارض مع المناهج الخارجية كالمنهج النفسي والمنهج الاجتماعي والمنهج التاريخي والمنهج البنيوي التكويني الذي ينفتح على المرجع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتاريخي من خلال ثنائية الفهم والتفسير قصد تحديد البنية الدالة والرؤية للعالم
و تقوم البنيوية على فكرة إعادة انتاج الواقع من خلال إقامة الأنموذج الذي يحدده المحلل نفسه، وهذا الأنموذج سيكون قابلاً للمقارنة مع الشيء الخاضع للدراسة، وإذا مضينا أكثر لتفهم البنائية فعلينا أن نلجأ إلى واحدة من الآليات التي تستخدمها وهي المقابلات الضدية.
يقرر صلاح فضل أن التعريف الأول للبنائية: "يعتمد على مقابلتها بالجزئية الذرية التي تعزل العناصر وتعتبر تجمّعها مجرد تراكب وتراكم، فالبنائية تتمثل في البحث عن العلاقات التي تعطي للعناصر المتحدة قيمة وضعها في مجموع منتظم


أدبية الأدب : المبدأ الرئيس في البنيوية :
إن حركة الشعراء المستقبلين في روسيا، وكتابات الرومانسيين الألمان ستوجه اهتمام النظرية الأدبية نحو التركيز على جانب الانسجام الداخلي للنصوص الأدبية، وستفسح المجال للإعلان عن ميلاد علم للأدب، منذ أن طلق جاكبسون عام 1919 قولته التي أصبحت فيما بعد كبيان يختزل عمل الشكلانين والشعرين والبنيويين حيث قال " ليس موضوع علم الأدب هو الأدب وإنما الأدبية أي ما يجعل من عمل ما عملاً أدبياً . فما المقصود بالأدبية ؟ يجيب تودوروف في كتابه- الشعرية -عن تحديد هذا المفهوم المركزي بقوله " ليس العمل الأدبي في حد ذاته هو موضوع الشعرية، فما تستنطقه هو خصائص هذا الخطاب النوعي الذي هو الخطاب الأدبي، وكل عمل عندئذ لا يعتبر إلا تجليا لبنية محددة وعامة، ليس العمل إلا إنجازاتها الممكنة ولكل ذلك فان هذا العلم لا يعنى بالأدب الحقيقي بل بالأدب الممكن،
وبعبارة أخرى يعنى بتلك الخصائص المجردة التي تصنع فرادة الحدث الأدبي، أي الأدبية .
يعد للمؤلف نفس الدور الذي كان يلعبه في النقد السيري، لأن ما يشكل موضوع الدراسة الأدبية ليس الأعمال الأدبية المفردة وإنما الأدبية، بحيث أن العمل الأدبي يرتبط بالنسق الأدبي بصورة عامة وليس بشخصية مؤلفة، فالشاعر في النظرية الشكلانية لم يعد ينظر إليه كصاحب رؤى أو عبقرية وإنما نظر إليه " كعامل ماهر يرتب، أو بالأحرى يعيد ترتيب المادة التي يصادق وجودها في متناوله، إن وظيفة المؤلف هي أن يكون على معرفة بالأدب، أما ما يعرفه عن الحياة أو ما لا يعرفه، فأمر غير ذي أهمية لوظيفته تلك ، إن هذا التصور يذكرنا بالمنجز النقدي العربي القديم خصوصا عند نقادنا الذين قالوا بأن الشعر صناعة وأن الشاعر يقوم بوظيفة السبك والصوغ ولا اعتبار بالمادة التي يصوغ فيها.
و حول نظرية ( موت المؤلف ) التي تعوّل عليها البنيوية كثيرا ذلك في أن المنهج البنيوي يرفض النظرة التي ترى أن المؤلف هو منبع المعنى في النص ، وصاحب النفوذ فيه ، يرفض ذلك ويؤكد أن الكاتب لا دور له يذكر ؛ فلم يقم بعمل يستحق الثناء والمدح ، وكل ما قام به هو استخدام اللغة التي هي حق مشاع ، وأنه عندما أنشأ النص أنشأه على طريقة من سبقه ، فلم يأت بجديد بل قلد من سبقه في هذا الفن فهو اتجاه يركز على اللغة وكيفية عملها ودلالاتها ، وبذلك يخرج المؤلف خاوي الوفاض ، لا هو مبدع ولا هو عبقري ، وإنما هو مستخدم للغة لم يبتدعها ، وإنما ورثها مثلما ورثها غيره .

فمع انتشار الاتجاهات النقدية الجديدة مثل " البنيوية وما بعدها " لم يعد ينظر إلى المؤلف بوصفه منشئ النص ومصدره ، كما لم يعد هو الصوت المتفرد الذي يعطي النص مميزاته ، فالذي تتحدث وتنطق هي اللغة وليس المؤلف أو صوته .

من مناهج النقد البنيوي :
اهتمت الناقدة سيزا أحمد قاسم بالمنهج البنيوي كوسيلة لتحليل النص الروائي ،و تصرح في كتابها "بناء الرواية "منذ البداية بأنها تتبنى هذا المنهج في دراستها المقارنة" لثلاثية نجيب محفوظ " فتقول :"وفي ضوء التزامنا بالدراسة النقدية التطبيقية ،كان لابد لنا أن نستند إلى المنهج البنائي حيث أن السمات التي نريد أن نرصدها بين الأعمال موضوع الدراسة هي سمات تتعلق بالشكل والبناء وهذا المنهج سماه"رينيه ويلك"في كتابه نظرية الأدب المنهج الداخلي"

وتحدد المنهج الداخلي بالمنهج الذي يتعامل مع النص الأدبي مباشرة كبنية واحدة معزولة عن مؤلفها وبيئتها التي كتبت باعتبارها كيانا له عناصره الخاصة ،لابد للنقد التعامل معه على هذا الأساس.12وإذا اختارت المنهج البنيوي فلأنها لا تولي اهتماما لما سمته الناقدة يمنى العيد بالخارج وألحت على ضرورة دراسته،الخارج الذي يجعل من النص كائنا حيا متطورا بتعبير" سيزا قاسم" فرغم اعترافها بأهميته تبعده عن دراستها.

بناء على هذا الهدف الذي تسعى لتحقيقه ،وهو مقارنة رواية نجيب محفوظ بالرواية الفرنسية الواقعية من أجل كشف أوجه الشبه والاختلاف الخاصة بالتقنيات والأساليب و باقي أشكال السرد هذا الهدف تنشده باعتمادها على المقولات النقدية البنيوية كما جاءت عند" جرار جينيت "،واللغوية عند الروسي" بوريس أزبنسكي" إلى جانب الشكلانيين الروس.

وتختلف عن الناقدة" يمنى العيد " التي لم تكتف بتحليل العناصر البنائية للنص ورصد علاقاتها وراحت تربطها بالبنية الاجتماعية والثقافية ،محاولة كشفها داخل النص .بينما على العكس نجد "سيزا قاسم قد اختارت المنهج البنيوي توخيا منها الموضوعية وتجنبا الوقوع في الأحكام الجاهزة والانحراف بالتحليل إلى إطلاق الأحكام القيمية ،والتركيز على الوصف المقارن للرواية ،ليس من أجل قولبة نص نجيب محفوظ وجعله قالبا جاهزا استعاره الكاتب ثم أفرغ فيه حكاته، إنما الهدف كشف مدى تمثله الرواية الغربية وممارسة تقنياتها ،الأمر الذي يوضح علاقة الرواية العربية بالرواية الغربية عموما باعتبار نجيب محفوظ ممثلا للنص الروائي العربي خاصة الواقعي منه لهذه الأسباب تشرح رؤيتها المنهجية بقولها :"وقد استلزم ذلك البحث أدوات نقدية تساعدنا على تحليل العمل الروائي إلى عناصره الأولية وطبيعة العلاقات التي تقوم بين هذه العناصر،وبذلك يجمع بحثنا بين التحليل البنائي و النقد المقارن ".

ونفهم من كلامها أنها ستتعامل مع ثلاثية نجيب محفوظ كوحدة مستقلة تحلل من الداخل دون الالتفات إلى ما هو إبعيدا عن الأحكام القيمية .

و إذا كانت يمنى العيد تكشف عن المقولات البنائية التي ستنطلق منها في دراستها التي ذكرنا فإن الناقدة "سيز ا قاسم" تكتفي بالإشارة فقط إلى أنها ستعتمد "جيرار جينيت " و "أزبنسكي" ،دون توضيح كيفية ذلك أو تحديد المفاهيم التي تختارها كمنطلقات نقدية لعملها ،وقد لاحظ ذلك" حميد لحميداني " فراح يلومها متسائلا :"وقد كان على الناقدة أن تحدد بدقة ما هي الأطروحات البنائية التي تود تطبيقها ولا ينبغي الاكتفاء بالإشارة إليها ،بل تقديم الصورة الخاصة التي تمثلها بها ،ومما يجعل هذا الجانب ملحا هو أنها تقدم منهجا جديدا في العالم العربي خصوصا بالنسبة للقراء الذين ليس لهم القدرة دائما على الاتصال المباشر بالنقد الغربي بسبب عوائق اختلاف اللغة .

لكن الشيء الملاحظ هو كون الناقدة تعترف أنها لن تلجأ إلى مناهج أخرى لتستفيد منها ،بل اكتفت بالمنهج البنيوي على أساس أتخادها الوصف وسيلة تحليلها ،ثم رؤيتها المبنية على معاملة النص كبنية تدرس من الداخل ،غير أننا نلاحظ أن هناك تفاوت بين هذا الطموح وممارستها النقدية ،إذ نجدها أثناء تفسيرها للثلاثية بنصوص غربية تسترسل في التأويل الفلسفي والاجتماعي وحتى الأيديولوجي ،فتبتعد عما خططت له متأثرة بوجهة نظرها الفكرية

البنيوية في العالم العربي :
لم تظهر البنيوية في الساحة الثقافية العربية إلا في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات عبر المثاقفة والترجمة والتبادل الثقافي والتعلم في جامعات أوربا. وكانت بداية تمظهر البنيوية في عالمنا العربي في شكل كتب مترجمة ومؤلفات تعريفية للبنيوية ( صالح فضل، وفؤاد زكريا، وفؤاد أبو منصور، وريمون طحان ، ومحمد الحناش، وعبد السلام المسدي، وميشال زكريا، وتمام حسان، وحسين الواد، وكمال أبوديب....) ، لتصبح بعد ذلك منهجية تطبق في الدراسات النقدية والرسائل والأطاريح الجامعية.
ويمكن اعتبار الدول العربية الفرانكوفونية هي السباقة إلى تطبيق البنيوية وخاصة دول المغرب العربي ولبنان وسوريا ، لتتبعها مصر ودول الخليج العربي.
ومن أهم البنيويين العرب في مجال النقد بكل أنواعه: حسين الواد، وعبد السلام المسدي ، وجمال الدين بن الشيخ، وعبد الفتاح كليطو، وعبد الكبير الخطيبي، ومحمد بنيس، ومحمد مفتاح، ومحمد الحناش، وموريس أبو ناضر، وجميل شاكر، وسمير المرزوقي، وصلاح فضل، وفؤاد زكريا، وعبد الله الغذامي.


ختاما :
فالبنيوية كاتجاه نقدي , لم يكن إلا بعد توطئة معرفية علمية طويلة , كما أسلفنا , و كان يطبق في عصور ممتدة , حتى مضى عهده الزاهر , و أتت بعده مذاهب و اتجاهات أخرى , كالتشريحية أو التفكيكية , خاصة لما رأينا من جمود البنيوية في طبيعتها الصارمة و طريقتها التعسفية التي أبت إلا الأخذ بالداخل في النص دونما النظر إلى الخارج , في تجاهل صريح للمعطيات التاريخية و السياقية و المؤلف و ظروفه المؤثرة .. كل هذا أدى إلى البحث عن سبيل آخر لنقد النصوص , لكن مع كل هذا , إلا أن للبنيوية خطرها الكبير و أهميتها التي لا يمكن تجاهلها إذ كانت وليدة للفكر اللساني الذي يعد نقلة كبيرة في اللغويات العالمية ..




الموضوع : نشأة البنيوية


ـ مقالة ثانية عن البنيية عن ستار تايمز.
المنهج البنيوي: جذوره، ومفاهيمه


قبل الشروع في الحديث عن المنهج البنيوي كتيار فكري ظهر ليتجاوز النزعة التاريخية والفلسفات التي تعتمد الذات كخلفية مثل الوجودية أو الظاهراتية ، لا بد من تحديد مصطلح البنية لغة واصطلاحا
أ- الدلالة الاشتقاقية لكلمة بنية :
تشتق كلمة بنية من الفعل الثلاثي " بنى " الذي يدل على معنى التشييد والعمارة والكيفية التي يكون عليها البناء. وفي النحو العربي تتأسس ثنائية المعنى والمبنى على الطريقة التي تبنى بها وحدات اللغة العربية ، والتحولات التي تحدث فيها، ولذلك فالزيادة في المبنى زيادة في المعنى ، فكل تحول في البنية يؤدي إلى تحول في الدلالة
وفي اللغة الفرنسية تشتق كلمة structure من الفعل اللاتيني struere ويعني بنى وشيد أيضا والبنية موضوع منتظم ، له صورته الخاصة ووحدته الذاتية، لأن كلمة بنية في أصلها تحمل معنى المجموع والكل المؤلف من ظواهر متماسكة ، يتوقف كل منها على ما عداه ، ويتحدد من خلال علاقة بما عداه 
ب- الدلالة الاصطلاحية :
سبق لنا الذكر بأن مصطلح البنية قد تبلور لدى لسانيي حلقة براغ حيث تم " تأكيد مبدأ البنية " كموضوع للبحث قبل سنة 1930على يد مجموعة صغيرة من اللسانيين الذين تطوعوا للوقوف ضد التصور التاريخي الصرف للسان، وضد لسانيات كانت تفكك اللسان إلى عناصر معزولة ، وتنشغل بتتبع التغيرات الطارئة. لقد أطلقنا على سوسور ، وبحق رائد البنيوية المعاصرة وهو كذلك بالتأكيد إلى حد ما ، ويجمل بنا أن نشير إلى أن سوسور لم يستعمل أبدا ، وبأي معنى من المعاني كلمة " بنية " إذ المفهوم الجوهري في نظره هو مفهوم النسق.
لقد عرف تحديد مصطلح البنية مجموعة من الاختلافات ناجمة عن تمظهرها وتجليها في أشكال متنوعة لا تسمح بتقديم قاسم مشترك ، لذا فإن بياجيه ارتأى في كتابه " البنيوية " أن إعطاء تعريف موحد للبنية رهين بالتمييز " بين الفكرة المثالية الإيجابية التي تغطي مفهوم البنية في الصراعات أو في آفاق مختلف أنواع البنيات ، والنوايا النقدية التي رافقت نشوء وتطور كل واحدة منها مقابل التيارات القائمة في مختلف التعاليم " إذ ينفي الاعتراف " بوجود مثال مشترك من الوضوح يصل إليه أو يحاول إيجاده جميع البنيويين . فيما تختلف نواياهم النقدية إلى ما لا نهاية فيرى البعض أن البنيوية كما في الرياضيات 
تتعارض مع تجزئة الفصول غير المتجانسة محاولين إيجاد الوحدة بواسطة التشاكلات. أما اللغويين فيرون أن البنيوية تجاوزت الأبحاث التطورية التي تتناول ظواهر منعزلة لذلك أخذوا بطريقة المجموعات للنظام اللغوي المتزامن . أما في علم النفس فقد زادت البنيوية من معاركها ضد ميول النزعة الذرية atomistique التي كانت تسعى لجعل المجموعات مقتصرة على روابط بين عناصر مسبقة
إن جان بياجيه يسعى من وراء هذه الإشارات إلى التمييز بين تجليات التطبيق البنيوي في ميادين معرفية مختلفة وبين المثل الأعلى الذي تنشده البنيوية ، فهو يميز في تعريفه للبنية بين ما تنتقده البنيوية وما تهدف إليه. ولذا فهو لا يعرف البنيوية بالسلب أي بما تنتقده البنيوية لأنه يختلف من فرع إلى فرع في العلوم الحقة والإنسانية. إنه يركز بالأساس في تعريفه البنية على الهدف الأمثل الذي يوحد مختلف فروع المعرفة في تحديد البنية باعتبارها سعيا وراء تحقيق معقولية كامنة عن طريق تكوين بناءات مكتفية بنفسها، لا نحتاج من أجل بلوغها إلى العناصر الخارجية
وبذلك يقدم جان بياجيه تعريفا شاملا للبنية باعتبارها نسقا من التحولات : " يحتوي على قوانينه الخاصة ، علما بأن من شأن هذا النسق أن يظل قائما ويزداد ثراء بفضل الدور الذي تقوم به هذه التحويلات نفسها ، دون أن يكون من شأن هذه التحولات أن تخرج عن حدود ذلك النسق أو أن تستعين بعناصر خارجية ، وبإيجاز فالبنية تتألف من ثلاث خصائص هـــــــــي : الكـــــــلية totalité و التحولات transformations وبالضبط الذاتي auto-reglage . " 
يتضمن هذا التعريف جملة من السمات المميزة ، فالبنية أولا نسق من التحولات الداخلية ، ثانيا لا يحتاج هذا النسق لأي عنصر خارجي فهو يتطور ويتوسع من الداخل ، مما يضمن للبنية استقلالا ويسمح للباحث بتعقل هذه البنية
إن خاصية الكلية تبرز أن البنية لا تتألف من عناصر خارجية تراكمية مستقلة عن الكل بل هي تتكون من عناصر خارجية خاضعة للقوانين المتميزة للنسق وليس المهم في النسق العنصر أو الكل بل العلاقات القائمة بين العناصر
بينما خاصية التحولات فإنها توضح القانون الداخلي للتغيرات داخل البنية التي لا يمكن أن تظل في حالة ثبات لأنها دائمة التحول
أما خاصية التنظيم الذاتي فإنها تمكن البنية من تنظيم نفسها بنفسها كي تحافظ على وحدتها واستمراريتها. وذلك بخضوعها لقوانين الكل
أماالانتروبولوجي الفرنسي كلود ليفي ستراوش فإنه يحدد البنية بأنها نسق يتألف من عناصر يكون من شان أي تحول يعرض للواحد منها أن يحدث تحولا في باقي العناصر الأخرى " ومن خلال هذا التعريف يتجلى أن وراء الظواهر المختلفة يكمن شيء مشترك يجمع بينها ، وهو تلك العلاقات الثابتة التجريبية ، لذلك ينبغي تبسيط هذه الظواهر من خلال إدراك العلاقات لأن هذا الأخير أبسط من الأشياء نفسها في تعقدها وتشتتها. ومعنى هذا " أن المهمة الأساسية التي تقع على عاتق الباحث في العلوم الإنسانية إنما هو التصدي لأكثر الظواهر البشرية تعقدا وتعسفا واضطرابا من أجل محاولة الكـــشف عن " نظام " يكمن فيما وراء تلك الفوضى وبالتالي من أجل الوصول إلى " البنية " التي تتحكم في صميم " العلاقات" الباطنية للأشياء ، ولكن المهم في نظر ليفي ستراوش هو أننا لا ندرك البنية إدراكا تجريبيا على مستوى العلاقات الظاهرية السطحية المباشرة القائمة بين الأشياء ، بل نحن ننشئها إنشاء بفضل " النماذج التي نعمد عن طريقها إلى تبسيط الواقع وإحداث التغيرات التي تسمع لنا بإدراك البيئة ". 
إن أهم ما نستشفه من هذا التصور هو النقد الشديد للنزعة التجريبية التي تقوم على أهمية الملاحظة والرصد الدقيق للوقائع ، واستبدال ذلك بالتفسير العقلي للظواهر التجريبية. فالبنيويون يؤمنون بأسبقية العقل عن الواقع الخارجي ، فكلود ليفي ستراوش في أبحاثه البنيوية لا يهدف إلى الوصول إلى " عادات متشابهة وسط عدد هائل من الملاحظات الأنتروبولوجية التي يتم إجراؤها في ثقافات متباينة ، بل يؤكد أن ما هو مشترك بين الثقافات لا يهتدى إليه بوضوح على مستوى الملاحظة ، وإنما على مستوى البناء العقلي، فالبناء هو الذي يشكل العنصر الكلي الشامل في الثقافة البشرية وهذا البناء الخفي لا يوجد على السطح الخارجي ، وإنما يكتشف عقليا
من خلال تعريف بياجيه وليفي ستراوش يتضح بجلاء أن الاتجاه البنيوي اعتمد خلفية عملية وفلسفية هي التي أكسبته نسقية منهجية وشمولية ميدانية. فما هي هذه الخلفيات الأيبستيمولوجية لظهور المنهج البنيوي خاصة في فرنسا
خلفيات ومسوغات المنهج البنيوي :
إن المنهج بصفة عامة هو حصيلة لمجموعة من التحولات والتغيرات تقع في الأنساق المعرفية ، وتكون نتاجا لسيرورة جدلية وحوارية مع المفاهيم السابقة المعرفية ، ولا بد والأمر كذلك أن يستند المنهج إلى منظومة فكرية وبعد فلسفي وعلمي. وللإجابة عن السؤال الذي طرحناه أعلاه لا بد من استحضار المناخ الثقافي والعلمي التطورات الحاصلة في بداية القرن العشرين الذي تبلور فيه المنهج ورست معالمه وخطته
في البداية يجدر بنا أن نفصل في الحديث عن المنهج بين مستويين
الأول يتعلق بالبعد المعرفي والثاني بالجانب الأيديولوجي ، فلا ينبغي أن نخلط بين هذين المستويين حتى نتمكن من تقويم المنهج من خلال كفايته الوصفية والتفسيرية
1-
النزوع اللامادي وتبعثر المعرفة :
إن السياق التاريخي والمعرفي الذي تبلورت فيه المفاهيم اللغوية عند سوسير باعتباره الممهد الرئيسي لظهور البنيوية - عرف أزمة عامة في العلوم بشكل عام ، ففي الفيزياء بدأ الشك يثار حول مفهوم الذرة بوصفها مادة. وقد انتقل هذا النزوع اللامادي إلى مفهوم النسق عند سوسير الذي أصبح فيه الشكل هو المضمون وأضحت العلاقة بين الدال والمدلول تدرس في بنيتها الداخلية ، واستبعد المرجع الخارجي المادي. لأن الحقل الإبستيمولوجي تغير من مقولة الكينونة والوجود إلى مقولة العلاقة
إن إلغاء الواقع المادي يستجيب لتصور يعتبر أن معيار الصدق في المعرفة هو البنية الداخلية ، وقد كان النموذج الرياضي هو المثال الذي احتذته البنيوية حيث أن الرياضيات لا تحتاج إلى تحقيق خارجي للتدليل على صحة قضاياها
إن طبيعة الفكر العلمي والفلسفي تحيل إلى البحث عن نموذج شامل يعمم على مختلف أنواع المعرفة من أجل توحيدها ، وقد بدا هذا الطموح جليا في المراحل التي قطعها التفكير الإنساني ، بحيث أن كل مرحلة يهيمن فيها نموذج خاص ، " فالمثالية اختارت نموذج " المطلق " والنزعة الرومانسية اختارت نموذج " العضوي " ، في حين أن القرن 18 اختار كلمة " الميكانيك " و في النصف الثاني من القرن 19 وبداية القرن العشرين بدأ النموذج اللغوي يتسرب لجميع فروع المعرفة. " 2
إن نهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين مرحلة كانت في حاجة ماسة لظهور حركة فكرية تلم شعت المعرفة المبعثرة في ثقافات منعزلة لأن السمة التي ميزت هذه المرحلة هو التبعثر المعرفي الموغل في التخصص " ففلاسفة اللغة يؤكدون أنه ليس بالإمكان خلق تطابق بين لغتنا والعالم الذي وراءها
نظرية التــلقي : أسسها ، سياقها ، مفاهيمها 
إن الحديث عن نظرية التلقي كقصدية و كوعي منهجي ، يقتضي تناول محدودية الممارسات النقدية والإجراءات المنهجية السابقة، فتاريخ المنهج خاصة في أوربا عرف مسارا تطوريا، بحيث أن المنهج اللاحق يتجاوز السابق محدثا شبه قطيعة مع أسسه النظرية وأدواته الإجرائية
فقد رأينا في الفصول السابقة أن منهج تاريخ الأدب منذ مدام دوستايل في كتابها " النظر للأدب في علاقاته بالمؤسسات الاجتماعية " المنشور عام 1800، ومرورا بسانت بوف وهيبوليت تين ، ووصولا إلى غوستاف لانسون ، كان يعتمد خلفية له الفلسفة الوضعية التي تهتم بدراسة الأسباب والعلل التي تنتج الظواهر ، ومن تم راح المنهج التاريخي للأدب يدرس ويحلل علاقات الأدب بالمكونات الاجتماعية والأخلاقية والسياسية ، ويعلي من شأن المؤلف ، فسانت يوف يعتبره الوسيط بين العمل الأدبي والمجتمع ، ولهذا السبب يذهب رولان بارت إلى أن المؤلف شخصية حديثة إذ " يمكننا القول أنها ابتدعت من طرف منهج تاريخ الأدب من طرف سانت بـــوف ولانسون ، لأنه وإن وجد دائما شخص يكتب لم يكن دائما مهما أن نعرفه: فهو ميروس لا يعرف هل وجد فعلا ، وأناشيد البطولة في العصر الوسيط كانت مجهولة المؤلف ، فلم يصبح المؤلف صورة مركزية إلا ابتداء من القرن 19 بحيث يرى فيه النقد التاريخي مكان التقاء الأدب بالمجتمع ، وفي الوقت نفسه فالعصر كله قد رقى الفرد المبدع إلى مصاف الإله
لقد وجهت انتقادات لأسس المنهج التاريخي ، ولمحدوديته التأويلية ، وقد كانت أبرز هذه الانتقادات هي تلك التي وجهها رولان بارت في مقالاته الثلاثة 1 المنشورة بين 1960-1963
فقد أبطل ادعاء تاريخ قول الحقيقة حول أعمال راسين بفرضه عليها معنى واحدا ، أي مقصدية المؤلف ، فهو يرى أن العمل الأدبي ماض وحاضر في الآن نفسه ، إذ يستمر ويبقى وإن اختلف الحدث التاريخي الذي أنجزه ، وإن هذه الاستمرارية لهي حجة تثبت أن العمل لم يستنفد كل عطائه في لحظة ظهوره. فليس هناك " راسين في جد ذاته أو " راسين حقيقي " ، عرف بطريقة نهائية من طرف تاريخ الأدب ، وإنما هناك فقط فراءات لراسين لها نفس القيمة شريطة أن تكون منسجمة وشاملة
وفي مستوى آخر يوجه نقده لغوستاف لانـسون ، مطورا تثريب المؤرخ لوسيان لوفيفر الذي اتهم تاريخ الأدب اللانسوني بأنه لم يكن بتاتا " تاريخا بحق " لأنه كان يؤمن " بجوهر زمني للأدب " ، وهو مع ذلك تاريخ نسبي ويتغير حسب العصور
وأخيرا ، يبين بارت ، عجز لانسون ، عن فهم العمل الأدبي ضمن سلسلة من الحقائق التاريخية والاجتماعية والثقافية ، لأن نموذج التفسير لديه قديم فهو موصوم بوصمة الوضعية ، الموصومة بإيديولوجية وبمفهوم للإبداع عفى عنهما الزمن اليوم
وحينما تحول النموذج من سلطة المؤلف إلى سلطة النص عرفت الدراسات الأدبية نقلة نوعية ، ساهم فيها التطور الذي عرفته اللسانيات والدراسات الانتربولوجية البنيوية. وقد كان للفلسفة الكانطية والحبشطلتية وللرياضيات دور كبير في تغيير الرؤية للأدب ، وفي إعادة تحديد المفاهيم ؛ كمفهوم الأدب والأجناس الأدبية والنص والتركيز على مفهوم العلاقة بدل المرجع ، والاهتمام بالكشف عن أسرار العمل الأدبي من داخله متلافية كل بحث عن التكون المرتبط بالعالم الخارجي أو التاريخ
وبالموازاة مع هذا التأثير الفلسفي والعلمي في تحويل وجهة النظر اتجاه الأدب واستقلاليته عن العالم الخارجي ، كانت هناك بعض الحركات الإبداعية كالمستقبليين على سبيل المثال. تذلل الطريق أمام المنظرين وتوفر لهم مجالا خصبا للتطبيق، إضافة أن بعض الأدباء النقاد 1 قد سبقوا إلى التأكيد على استقلالية النص واعتباره تمرينا لغويا صرفيا
إن تركيز البنيوية على النص بدل المؤلف سيقود إلى فرضيات أولية حول القراءة في علاقتها بالكتابة، وهذا ما حدا برولان بارت إلى أن يذهب إلى أن موت المؤلف إيذان بميلاد القارئ.

ليست هناك تعليقات: