الخميس، 27 سبتمبر 2018

السعادة بين اللذة والفضيلة؛ الفيتوري الرابطي.



السعادة بين اللذة والفضيلة
ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ : ﺍﻟﻔﻴﺘﻮﺭﻱ ﺍﻟﺮّﺍﺑﻄﻲ
__________
ﻟﻌﻞّ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻫﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﺃﻫﻢّ ﻣﺎ ﻳﻨﺸﺪﻩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻼ ﺃﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﻳﺘﻤﻨّﻰ ﺍﻟﺸّﻘﺎﺀ ﻭﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥّ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺸﻮّﻕ ﻟﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻧّﻬﺎ ﻛﻤﺎﻝ ﻟﻪ . ﻏﻴﺮ ﺃﻥّ ﺍﻻﺗّﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻻ ﻳﻀﺎﻫﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺸّﻴﻮﻉ ﻭﺍﻟﻜﻮﻧﻴّﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺣﻮﻝ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺮﺟﻮّﺓ ﻭﻃﺮﻕ ﻧﻴﻠﻬﺎ. ﻭﻟﻌﻞّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺠﻮﺓ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﻴﻦ ﻛﻮﻧﻴّﺔ ﻧﺸﺪﺍﻥ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻭﺧﺼﻮﺻﻴّﺔ ﺿﺒﻄﻬﺎ ﻭﻛﻴﻔﻴّﺔ ﻧﻴﻠﻬﺎ ﻫﻲ ﻣﺎ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻣﻮﺿﻮﻋﺎ ﺭﺍﻫﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪّﻭﺍﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﺃﻛﺴﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺗﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻏﺎﻳﺎﺗﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺗﻨﺪﺭﺝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻟﺔ ﺣﻮﻝ ﻛﻴﻔﻴّﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ . ﻣﺎ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ؟ ﻭﻫﻞ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴّﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻠﺬّﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺘﻊ ﺍﻟﺤﺴّﻴﺔ ﺃﻡ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﻣﺎ ﺗﻤﻠﻴﻪ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ؟ ﻭﺇﺫﺍ ﺳﻠّﻤﻨﺎ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻮﻓّﺮ ﺍﻟﻬﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻓﻬﻞ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺰّﻫﺪ ﺍﻟﺘّﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﺬّﺍﺕ ﻭﻣﺴﺮّﺍﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩّﻳّﺔ؟
ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻫﻲ ﺃﻗﺼﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﺸﺪﻩ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪّ ﺳﺎﺋﺮ ﻣﻤﺎﺭﺳﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍﺗﻪ ﻣﺠﺮّﺩ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ . ﻓﻼ ﺃﺣﺪ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻟﺸّﻘﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﺃﺳﻠﻔﻨﺎ . ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻛﻠّﻰ ﻟﻠﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻳﺘّﻔﻖ ﺣﻮﻟﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ. ﻳﻘﻮﻝ ﻛﺎﻧﻂ " ﻓﻤﺸﻜﻠﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺃﻱّ ﻓﻌﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺠﻠﺐ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻟﻜﺎﺋﻦ ﻋﺎﻗﻞ ﺗﺤﺪﻳﺪﺍ ﻳﻘﻴﻨﻴّﺎ ﻭﻋﺎﻣّﺎ ﻫﻲ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻻ ﺣﻞّ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ". ﻓﻬﻲ ﻣﺜﻞ ﺃﻋﻠﻰ ﻟﻠﺨﻴﺎﻝ ﻭﺗﺘّﺼﻞ ﻋﺎﺩﺓ ﺑﺎﻟﻤﻌﻴﺶ ﺍﻟﺨﺒﺮﻱ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥّ ﻟﻜﻞّ ﻓﺮﺩ ﻣﻔﻬﻮﻣﻪ ﺍﻟﺨﺎﺹّ ﻟﻬﺎ ﻭﻃﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻈﻔﺮ ﺑﺘﺤﺪﻳﺪ ﻳﻘﻴﻨﻲ ﻛﻠّﻲ ﻟﻠﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻓﺈﻥّ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻋﻤﻠﻴّﺎ ﻳﺮﺑﻄﻮﻥ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﺑﺘﺤﻘّﻖ ﺍﻟﺮﻏﺒــﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺎﻟﻤﻠﺬّﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﺮﺗّﺒﺔ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ. ﻓﻬﻲ ﺗﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﺍﻟﺮّﻏﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺸﺒﻌﺔ ﻭﺍﻷﻣﻨﻴّﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﻘّﻘﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﻣﺎ ﺗﻌﻠّﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺠﺴﺪ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻲ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ. ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﺤﻆّ ﺍﻟﻌﺎﺛﺮ ﻭﻧﻜﺪ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺳﻮﻯ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸّﻘﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻤﻞ ﻛﻞّ ﻛﺎﺋﻦ ﻋﺎﻗﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﻣﻨﻪ ﺑﺄﻱ ﺛﻤﻦ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺇﻥّ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺎﺕ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍ ﺇﻟﻰ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﺬّﺍﺕ ﻃﺮﻳﻘﺎ ﻟﻠﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻷﺑﻴﻘﻮﺭﻳﺔ. ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺑﻴﻘﻮﺭ "ﺇﻥّ ﺍﻟﻠﺬّﺓ ﻫﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴّﻌﻴﺪﺓ ﻭﻏﺎﻳﺘﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻷﻭّﻝ ﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻖ ﻟﻄﺒﻴﻌﺘﻨﺎ" ﺗﺄﻛﻴﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥّ ﺍﻟﻠﺬّﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﺤﺘﻜﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﻤﻌﻴﺎﺭ ﻟﺘﺪﺑﻴﺮ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻭﺗﻨﻈﻴﻢ ﺃﻓﻌﺎﻟﻨﺎ. ﻭﻫﻮ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻟﻠّﺬّﺍﺕ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺸّﺮﻭﻉ ﻓﻲ ﺍﺗّﺨﺎﺫ ﺃﻱّ ﻗﺮﺍﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﻱّ ﻓﻌﻞ ﻣﻨﺒّﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﺄﺭﺑﻊ ﻗﻮﺍﻋﺪ: ﺍﻷﺧﺬ ﺑﻜﻞّ ﻣﺎ ﻳﺠﻠﺐ ﺍﻟﻠّﺬّﺓ، ﺗﺠﻨّﺐ ﻣﺎ ﻳﺆﺩّﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻟﻢ، ﺭﻓﺾ ﺍﻟﻠّﺬّﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺩّﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ ﻣﻦ ﻟﺬّﺓ ﺃﻛﺒﺮ ﻭﻗﺒﻮﻝ ﺍﻷﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﻠّﺺ ﻣﻦ ﺃﻟﻢ ﺃﻛﺒﺮ ﺃﻭ ﻳﺆﺩّﻱ ﺇﻟﻰ ﻟﺬّﺓ ﺃﻛﺒﺮ. ﻓﺎﻟﻠّﺬّﺓ ﺑﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴّﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴّﺔ ﻫﻲ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻔﻌﻞ. ﻭﻳﻜﻔﻲ ﺍﻹﺻﻐﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﻨّﻔﺴﻲ ﻟﻠﺘﺄﻛّﺪ ﻣﻦ ﺃﻥّ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﻠّﺬّﺓ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﺍﻷﺻﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻜﻢ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴّﺔ ﻭﻫﻮ ﻳﻤﻠﻚ ﺳﻠﻄﺎﻧﺎ ﻛﺒﻴﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻭﻳﺴﺘﻤﺮ ّ ﻣﺆﺛّﺮﺍ ﺣﺘّﻰ ﺑﻌﺪ ﺗﻜﻮّﻥ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﻼّﺣﻘﺔ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻛّﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﺎﻟﺘﻼﺯﻡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﺬّﺓ ﻭﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﺇﻧّﻤﺎ ﻳﺘﺄﺳّﺲ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﻮّﺭ ﻣﺎﺩﻱ ﻹﻧﻴّﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ. ﻓﻠﻴﺲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻛﺎﺋﻨﺎ ﻣﻼﺋﻜﻴّﺎ ﺧﻠﻮّﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﺮّﻏﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸّﻬﻮﺍﺕ ﺑﻞ ﻫﻮ ﻛﺎﺋﻦ ﺭﻏﺒﺔ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎﺯ. "ﻭﻟﺪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﻠّﺬّﺓ" ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺎﺳﻜﺎﻝ ﻓﻬﻮ ﻛﺎﺋﻦ ﺭﻏﺒﺔ ﻭﺍﻋﻴﺔ ﺑﺬﺍﺗﻬﺎ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﺻﺮﺍﻉ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺮّﻏﺒﺎﺕ. ﻭﺍﻟﺴّﻌﻴﺪ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﻮﺍﻓﻘﻪ ﺍﻟﺤﻆ ﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ﺃﻛﺒﺮ ﻗﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺬّﺓ. ﻟﻜﻦ ﺃﻻ ﻳﺆﺩّﻱ ﺍﻟﺠﺮﻱ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺘﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻂّ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴّﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ؟ ﺃﻳﻦ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﻴّﺔ ﻭﺗﺒﺪﺃ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺇﺫﺍ ﺳﻠّﻤﻨﺎ ﺑﺄﻥّ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺬّﺓ؟ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃﻥّ ﺍﻟﺘﺸﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴّﺔ ﺍﻟﻠّﺬّﺓ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻧّﻬﺎ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻨﻴﻠﻬﺎ ﻳﻔﻀﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻂّ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻷﺧﻼﻗﻴّﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﺧﺘﺰﺍﻝ ﺇﻧﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺪ ﻭﺍﺣﺪ. ﻓﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻛﺎﺋﻦ ﺭﻏﺒﺔ ﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎ ﻛﺎﺋﻦ ﻋﻘﻞ ﻳﻔﺮﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺍﺟﺒﺎﺕ ﻭﻳﺤﺜّﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﺘﻌﻔّﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺸّﻬﻮﺍﺕ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥّ ﺍﻟﻌﻔﺔ ﻫﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ. ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻀﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﺒﺮﻳﺮ ﺍﻷﻧﺎﻧﻴّﺔ. ﻓﺎﻟﺴّﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠّﺬّﺓ ﻳﻜﺮّﺱ ﺍﻧﻐﻼﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ. ﻭﻛﻠّﻤﺎ ﺍﻋﺘﺒﺮﻧﺎ ﺍﻟﻠﺬّﺓ ﻣﺒﺪأً ﻋﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﺎﻣﻞ ﻫﺪﻡ ﻟﻠﻌﻴﺶ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻙ ﻭﻣﺒﺮّﺭ ﺻﺮﺍﻉ ﻭﻧﺰﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻭﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﻳﺘﻌﺎﺭﺽ ﻣﻊ ﻭﺟﻪ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍﻹﻧﻴﺔ ﺃﻻ ﻭﻫﻮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﻴﺮ. ﻭﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﻥّ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻠﺬّﺍﺕ ﻳﺘﻐﺎﻓﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺎﺑﻊ ﺍﻟﻌﺎﺑﺮ ﻭﺍﻟﻌﺮﺿﻲ ﻟﻠﺬّﺓ. ﻓﻔﻜﺮﺓ ﻟﺬّﺓ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﻓﻜﺮﺓ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﺮﻭﻳﺪ "ﻛﻞّ ﺩﻭﺍﻡ ﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﻠﺬّﺓ ﻻ ﻳﻮﻟّﺪ ﻏﻴﺮ ﻫﻨﺎﺀ ﻓﺎﺗﺮ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻧﺤﻦ ﻣﺨﻠﻮﻗﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻭﺣﺪﻩ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺰﻭّﺩﻧﺎ ﺑﻤﺘﻌﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ" ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﻠﺬّﺓ ﺍﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﺗﺤﻘّﻖ ﺭﻏﺒﺔ ﻣﺎ ﺇﻻّ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻮﻳﻀﺎ ﻋﻦ ﺣﺮﻣﺎﻥ ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﻻ ﻣﻦ ﻭﺿﻊ ﺳﻲّﺀ ﺇﻟﻰ ﻭﺿﻊ ﺟﻴّﺪ. ﻓﻼ ﻧﺸﻌﺮ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﺼﺤّﺔ ﺇﻻّ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻭﻻ ﺑﻤﺘﻌﺔ ﺍﻟﺸّﺒﻊ ﺇﻻّ ﺑﻌﺪ ﺟﻮﻉ ﺷﺪﻳﺪ. ﺃﺿﻒ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺇﻥّ ﺍﻟﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠّﺬّﺓ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﻤﺎﻻﺕ ﺍﻻﻧﺰﻻﻕ ﻓﻲ ﺍﻷﻟﻢ فـأﺑﻴﻘﻮﺭ ﻧﻔﺴﻪ ﺩﺍﻋﻴّﺔ ﺍﻟﻠﺬّﺓ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺗﻘﻴﻴﺪ ﺍﻟﺴّﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﺬّﺓ ﺑﺎﻷﺗﺮﻛﺴﻴﺎ "ﺭﺍﺣﺔ ﺍﻟﺒﺎﻝ" ﻭﺍﻷﺑﻮﻧﻴﺎ ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺇﺫ ﻳﻘﻮﻝ "ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﺇﻥّ ﺍﻟﻠﺬّﺓ ﻫﻲ ﻏﺎﻳﺘﻨﺎ ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ، ﻓﺈﻧّﻨﺎ ﻻ ﻧﻌﻨﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻠّﺬﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ ﺑﺎﻟﻔﺴّﺎﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﻠﺬّﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠّﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﺘﻌﺔ ﺍﻟﺠﺴﺪﻳّﺔ ... ﺑﻞ ﺍﻟﻠﺬّﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻘﺼﺪﻫﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﻴّﺰ ﺑﺎﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻷﻟﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻭﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ". ﺇﻥّ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺤﻔّﻈﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻤﻄﺎﺑﻘﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻠﺬﺓ ﺗﺒﺮّﺭ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺁﺧﺮ ﻟﻠﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻭﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻬﺎ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﻣﺠﺮّﺩ ﺍﻟﻤﺘﻊ ﺍﻟﺠﺴﺪﻳّﺔ.
ﺃﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، ﺇﺫﻥ، ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ؟
ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻷﺧﻼﻗﻲ ﻭﺣﺘّﻰ ﺇﻥ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﺷﺮﻭﻁ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﻬﺎ ﻭﺃﺳﺴﻬﺎ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﺆﻛّﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺃﺣﺪ ﻳﺮﻓﺾ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻭﺍﻟﺨﺼﺎﻝ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﻭﻡ ﻛﻞّ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺘﺤﻠّﻲ ﺑﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﺸّﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻌﻔّﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﻑ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴّﺔ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ. ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻗﻮّﺓ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﺮّﻑ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺇﻟﺰﺍﻡ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻠﻴﻪ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ. ﻭﻫﻲ ﺗﻔﺘﺮﺽ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ ﻭﺍﻟﻮﺳﻄﻴّﺔ ﻭﺗﻔﺴﺪ ﺑﺮﺫﻳﻠﺘﻲ ﺍﻹﻓﺮﺍﻁ ﻭﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﺷﻲﺀ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺭﺳﻄﻮ. ﻓﺎﻟﺸّﺠﺎﻋﺔ، ﻣﺜﻼ، ﻳﻔﺴﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻹﻓﺮﺍﻁ ﺍﻟﺘﻬﻮّﺭ ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘّﻔﺮﻳﻂ ﺍﻟﺠﺒﻦ. ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻳﻔﺴﺪﻫﺎ ﺍﻟﺴّﻔﻪ ﻭﺍﻟﺒﻠﻪ ﻭﺍﻟﻌﻔّﺔ ﺍﻟﺸّﺮﻩ ﻭﻣﻮﺕ ﺍﻟﺸّﻬﻮﺓ. ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥّ ﺃﺭﺳﻄﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻛّﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥّ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺮﺿﺎﺀ ﻭﺍﻟﻬﻨﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻐﻨﻤﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻛﻠّﻤﺎ ﺗﺼﺮﻑ ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﻔﻀﻴﻠﺔ. ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ ﻳﻨﻔﺮﺩ ﻫﻲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻓﺈﻥّ ﺍﻟﻔﺎﺿﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﻨﺠﺢ ﺑﺎﻣﺘﻴﺎﺯ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻭﻫﻮ ﺑﺴﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﻳﻨﺎﻝ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ. ﻓﻠﻴﺴﺖ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﺃﻣﻨﻴﺔ ﺗﺘﺤﻘّﻖ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﻻ ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻜﻮﻧﻴﻪ ﺳﻠﺒﻴّﺔ ﺗﻔﺘﺮﺽ ﺍﻟﻌﺰﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﺼّﻦ ﻓﻲ ﺑﺮﺝ ﻋﺎﺟﻲّ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺗﻘﻠّﺒﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺷﻐﺐ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﺑﻞ ﻫﻲ ﺣﺼﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻟﻠﻌﻘﻞ ﻭﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﺑﻪ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﻌﻤﺮ. ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﺍﻟﺘﺼﺮّﻑ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺃﻭ ﺑﺎﻷﺣﺮﻯ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﺮﻁ ﺍﻟﺰﻫﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﺬّﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﺮﻓّﻊ ﻋﻦ ﺍﻟﺸّﻬﻮﺍﺕ. ﺑﻞ ﻳﺆﻛّﺪ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﺃﻥّ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻘﻄﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻫﻮ ﻗﺒﺮ ﻭﺳﺠﻦ ﻟﻬﺎ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﻟﻨﻴﻞ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﺇﻻّ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭ ﻣﺜﺎﺑﺮﺗﻬﺎ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻔﻠﺴﻒ ﻟﻠﺘﺤﺮّﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻋﺎﺋﻘﺎ ﺃﺧﻼﻗﻴّﺎ ﻭﻋﺎﺋﻘﺎ ﻣﻌﺮﻓﻴّﺎ. ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ، ﺇﺫﻥ، ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻬﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﻐﺒﻄﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﺒﺎﻃﻨﻲ ﻳُﻜﺎﻓﺄ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻔﺮﺩ ﻛﻠّﻤﺎ ﺃﻟﺰﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻗﻮّﺓ ﺍﻟﻌﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﺗّﺒﺎﻉ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺑﻞ ﻳﺬﻫﺐ ﺳﺒﻴﻨﻮﺯﺍ ﺣﺪّ ﺍﻟﻤﻄﺎﺑﻘﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻗﺎﺋﻼ "ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﻐﺒﻄﺔ ﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺑﻞ ﻫﻲ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻋﻴﻨﻬﺎ" ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺴّﻌﻲ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﻠﺬّﺍﺕ ﺍﻟﺠﺴﺪﻳﺔ. ﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻟﺘﻼﺯﻡ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺰّﻫﺪ ﺍﻟﺘّﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﺬﺍﺕ؟ ﺑﻞ ﻫﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻘﻮﻝ ﺃﺻﻼ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﺎﺿﻼ ﻓﺴﻌﻴﺪﺍ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸّﻘﺎﺀ ﻭﻧﻜﺪ ﺍﻟﻌﻴﺶ؟ ﺑﺘﻌﺒﻴﺮ ﺁﺧﺮ ﻣﺎ ﻣﺪﻯ ﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻴﻤﻪ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻠﺬّﺓ؟ ﺇﻥّ ﺍﻻﺿﻄﻼﻉ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺗﺨﻄّﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺃﻃﺮﻭﺣﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﺳﺘﻨﻄﺎﻕ ﻣﺎ ﺳﻜﺘﺖ ﻋﻨﻪ ﻭﻣﺴﺎﺀﻟﺘﻬﺎ ﻧﻘﺪﻳّﺎ ﻗﺼﺪ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﻣﺎ ﺣﻘﻘﺘﻪ ﻣﻦ ﺇﺿﺎﻓﺎﺕ ﻭﻣﺎ ﻳﺨﺘﺮﻗﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﺣﺮﺍﺟﺎﺕ. ﺇﺫ ﺗﻜﻤﻦ ﺃﻫﻢّ ﻣﺰﺍﻳﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ، ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﻣﻔﺘﺮﺿﺎﺗﻪ، ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺍﻟﻀّﻤﻨﻲ ﺑﺄﻥّ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻭﺟﻮﺩﺍ ﺧﺎﺻﺎ ﻣﻤﻴّﺰﺍ ﻋﻦ ﺑﻘﻴّﺔ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻓﻬﻮ ﺇﺫﻥ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺮّﻏﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸّﻬﻮﺍﺕ ﻓﺤﺴﺐ ﺑﻞ ﻳﻮﺟﺪ ﻭﻫﻮ ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻪ ﻣﻬﻤّﺔ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻮﺟﻮﺩﻩ ﻋﺒﺮ ﺗﺄﺛﻴﺜﻪ ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﺗﺪﺑﻴﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﻨﻔﺮﺩ ﻭﻳﺘﻤﻴّﺰ. ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺗﺤﺼﻴﻞ ﺍﻟﻠﺬّﺍﺕ ﺍﻟﺤﺴﻴّﺔ "ﻟﺠﺎﺯ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ: ﺇﻥّ ﺍﻷﺑﻘﺎﺭ ﺳﻌﻴﺪﺓ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘﺘﺎﺗﻪ" ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻫﺮﻗﻠﻴﻄﺲ. ﻓﺎﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ﻫﻲ ﺍﻟﺨﻂ ﺍﻟﻔﺎﺻﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﻴّﺔ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ. ﺃما ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﺳﺘﺘﺒﺎﻋﺎﺕ ﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺔ ﻓﺈﻥّ ﺃﻫﻢّ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺴﺠّﻠﻪ ﻫﻨﺎ ﻫﻮ ﺃﻥّ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﺷﺄﻧﺎ ﺧﺎﺻّﺎ ﻳﻌﻴﺸﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺧﻠﻮﺓ ﺍﻟﺘﻠﺬّﺫ ﺑﺎﻟﻤﺘﻊ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴّﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﺳﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﻴﺮ. ﻓﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻫﻲ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺟﻤﺎﻋﻴّﺔ ﺗﺆﺻّﻞ ﻣﺪﻧﻴّﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺗﻨﻈﻴﻤﺎ ﻭﺷﺮﻭﻁ ﺇﻣﻜﺎﻥ ﻭﺗﻌﻤّﻖ ﻗﻴﻢ ﺍﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﻭﺍﻹﻳﺜﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻄﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ﻟﻠﻮﺟﻮﺩ ﻣﻊ ﺍﻟﻐﻴﺮ. ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺗﻼﺯﻡ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ، ﺿﺮﻭﺭﺓ، ﺍﻟﺰﻫﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﺬّﺍﺕ ﻭﻧﺸﺪﺍﻥ ﻧﻜﺪ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻭﺗﻔﻀﻴﻞ ﺍﻟﺒﺆﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮّﻓﺎﻩ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻭّﻻ ﻷﻥّ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﺋﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎ ﻛﺎﺋﻦ ﺍﻟﺮّﻏﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸّﻬﻮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺑﺄﻱ ﺣﺎﻝ ﺗﺤﻘﻴﺮﻫﺎ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻂّ ﻣﻦ ﻣﻨﺰﻟﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺗﺼﻮّﺭﻧﺎ ﻟﻺﻧﻴﺔ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻨﺎﻇﻤﺔ ﻟﻌﻴﺸﻪ ﻭﺇﻻّ ﺻﺢّ ﻗﻮﻝ ﻧﻴﺘﺸﻪ "ﻫﻢ ﻣﺮﺿﻰ ﻭﻣﺤﺘﻀﺮﻭﻥ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺣﺘﻘﺮﻭﺍ ﺍﻟﺠﺴﺪ". ﻭﺛﺎﻧﻴّﺎ ﻭﺑﻐﺾّ ﺍﻟﻨّﻈﺮ ﻋﻦ ﺍﻷﻃﺮﻭﺣﺔ ﺍﻷﻓﻼﻃﻮﻧﻴﺔ "ﺍﻟﻤﺘﻄﺮّﻓﺔ" ﺣﻮﻝ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻗﺘﻞ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻭﺍﻟﺘّﻀﺤﻴّﺔ ﺑﺎﻟﺮّﻏﺒﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﻓﻮﺯ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺣﻴّﺎ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺰّﻫﺪﻳّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺨﺘﺎﺭﻫﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺘﻘﺸّﻔﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﻮّﻓﻴﻦ ﻓﺈﻥّ ﺃﻏﻠﺒﻴّـﺔ "ﺍﻟﻤﻌﺘﺪﻟﻴﻦ" ﻣﻦ ﺍﻟﻨّﺎﺱ، ﻓﻼﺳﻔﺔ ﺃﻭ ﻋﺎﺩﻳّﻴﻦ، ﻳﻌﺘﺮﻓﻮﻥ ﺑﺄﻥّ ﺗﺤﻘّﻖ ﻗﺪﺭ ﻣﻦ ﻣﺘﻊ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﺴﻴّﺔ ﺷﺮﻁ ﺿﺮﻭﺭﻱ ﻟﻠﻔﻀﻴﻠﺔ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺭﺳﻄﻮ "أﻥ ﻧﺰﻋﻢ ﺃﻥّ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺗﺤﺖ ﻧﻴﺮ ﺍﻻﺳﺘﻌﺒﺎﺩ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺷﻘﺎﺀ ﻛﺒﻴﺮ، ﻃﻮﻋﺎ ﺃﻭ ﻛﺮﻫﺎ، ﻫﻮ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﺸﺮﻁ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﺎﺿﻼ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﻫﺮﺍﺀ" ﻛﻤﺎ ﺃﻥّ ﻛﺎﻧﻂ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻗﻮّﺓ ﺍﻟﻌﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺻﻐﺎﺀ ﻟﺼﻮﺕ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﺄﻥ ﻻ ﻧﻔﻌﻞ ﺇﻻّ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺠﻌﻞ ﺃﺛﻨﺎﺀﻩ ﻣﺒﺪﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬّﺍﺗﻲ ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ ﻛﻠﻴّﺎ ﻻ ﻳﺮﻯ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺮّﻏﺒﺎﺕ ﻭﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﺎﻟﻔﻀﻴﻠﺔ. ﻓﺎﻟﺼﺤّﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻤﻬﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺮّﻓﺎﻩ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻘﻮّﻣﺎﺕ ﺭﻏﺪ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺗﺸﺠّﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺩﻳّﺔ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﻧﻜﺪ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺇﻟﻰ ﺧﺮﻗﻪ. ﻟﺌﻦ ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺣﻮﻝ ﺷﺮﻭﻁ ﺗﺤﺼﻴﻞ ﺍﻟﺴّﻌﺎﺩﺓ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﺆﻛﺪ ﺃﻥّ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻳﺮﻏﺒﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺍﻟﺴّﻌﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﺄﻱّ ﺣﺎﻝ ﺍﺧﺘﺰﺍﻟﻪ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﺎﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﻭﺭﻏﺪ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻭﺍﻟﻤﺘﻊ ﻭﺍﻟﻘﻮّﺓ ﻭﺍﻟﺼﺤّﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺮّﻓﺎﻩ ﻛﻠّﻬﺎ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺿﺮﻭﺭﻳّﺔ ﻓﻴﻪ. ﻟﻜﻦ ﻣﺎﺫﺍ ﻟﻮ ﺗﺄﻛّﺪ ﻟﻨﺎ ﺃﻧّﻪ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻣﺨﻄّﻂ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺳﻌﻴﺪﺍ؟ ﻣﺎﺫﺍ ﻟﻮ ﺍﻛﺘﺸﻔﻨﺎ ﻃﺒﻘﺎ ﻟﻠﺪّﺭﺱ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ – ﻧﻔﺴﻲ ﺑﺄﻧّﻨﺎ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﻟﻨﻜﻮﻥ ﺃﺷﻘﻴﺎﺀ ﺃﺻﻼ؟ ﺃﻻ ﻳﺘﻮﺟّﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﺍﺳﺘﺒﺪﺍﻝ ﺳﻌﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﺰﻋﻮﻡ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﻣﺴﺘﺤﻴﻠﺔ ﺑﻤﺠﺮّﺩ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻤّﺎ ﻳﺨﻔﻒ ﻋﻨّﺎ ﻣﺎ ﻳﻐﻤﺮ ﻭﺟﻮﺩﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﻟﻢ ﻭﻣﻌﺎﻧﺎﺓ؟ [هذا يتفق مع ما يذهب إليه بول ريكور]

ليست هناك تعليقات: