السبت، 7 يوليو 2018

كيف يؤمن الفيلسوف؛ الدكتور جمال نعيم.


** لا تسألوا الفيلسوف إن كان مؤمناً
سلوه كيف يؤمن
أو، كيف لا يؤمن.
يعلّق الدكتور جمال نعيم على ذلك بالقول:
الـ"كيف"، تعني الطّريقة، تعني المنهج، لها علاقة بالتفلسف. أمّا الإيمان فله علاقة بالعقيدة.
الفلسفة، ليس من طبيعتها وليس مطلوبًا منها أن تزوِّدنا بقناعاتٍ جديدةٍ، بل عليها أن تُسائلَنا عن الطَّريقةِ التي بها كوَّنَّا قناعاتنا. لذا، من السُّخف أن نهاجمَ الفيلسوف على عقيدته وندَّعي أنَّ ذلك ضربٌ من التفلسف. لكن علينا، بالتّأكيد، أن نتناول طريقتَه بالتَّفلسف.
وعندما نستطيع التّمييز بين التّفلسف والعقيدة، بين طريقة الفيلسوف في التَّفلسف وعقيدته، بين طريقته في التَّساؤل وما يتبنّاه من معتقدات، بين الطريقة التي بها كوّن عقيدته وما يؤمن به، يزول عندئذٍ التَّشنُّج، وتصبح الفلسفة نافعةً للجميع.
ويضيف:
تتسرَّعُ الغالبيّة فتهاجم إيمان الفيلسوف أو إلحاده وينسَوْن طريقتَه في التّفلسف وهذا هو الأهم. فبدلًا من مناقشة الطَّريقة، تتمّ مهاجمة الفيلسوف بسبب إيمانه بالله أو بسبب إلحاده. وبذلك تُغفل هذه الغالبيّة ما هو لافت وبارز ومثير للانتباه عند الفيلسوف. تلك هي المشكلة التي أعانيها في غالبيّة نقاشاتي.
لقد حصل ذلك مع ماركس في السَّابق. فبدلًا من مناقشة الماديَّة التَّاريخيَّة التي هي لا تعارض من حيث المبدأ، ما ورد في القرآن الكريم من حديثٍ عن السُّنن التّاريخيّة، ينبري جمهور المؤمنين ليهاجم ماركس ويتَّخذ منه موقفًا بسبب إلحاد.
والآن يتفاجأ جمهور الملاحدة عندما يرون فيلسوفًا مؤمنًا، فيهاجمونه على هذا الأساس فلا يعودون يتطلّعون إلى أفكاره ومنهجيّته في التَّفكير، مع أنّه يكون متقدِّمًا كثيرًا عليهم.
** يخطر في البال الجدوى من التساؤل إن كان هيغل مؤمناً أو إن كان اسبينوزا مؤمناً..
والتساؤل في العادة يقصد إن كان يؤمن مثلنا. إن كان يلتزم بما ترتأيه المؤسسة الدينية. وقد لا يكون هناك معنى لتساؤل من هذا النوع. حين نبحث في فهم الفيلسوف للميتافيزيقا، فسيكون له رأيه ولا يمكن له أن يعتمد في رأيه على تفسير المؤسسة الدينية ويكون فيلسوفاً. كيف يؤمن الفيلسوف وبم يؤمن؟ (إذا صحت كلمة يؤمن هنا).. فقط ذلك يكون ذا معنى.
بالتَّأكيد ـ يجيب الدكتور نعيم ـ  يتأثَّر إيمانُ الفيلسوف بطريقته في التفلسف. فلا يكون إيمان الفيلسوف إن حصل، مشابهًا لما تقوله المؤسَّسة الدينيّة؛ لأنّه، غالبًا، ما يكون إيمان هذه المؤسَّسة ممزوجًا بخرافاتٍ يخجل منها العقلُ البشريُّ. وقد كان من مآخذي على صدر الدين الشِّيرازي أنّه فلسف المذهب الشِّيعي الإثني عشريّ برمته. فلم يحد عنه قيدَ أُنملة. من هنا، يبقى للتفلسف جدوى. ولا أرى هامًّا التّركيز على إيمان الفيلسوف.


ليست هناك تعليقات: