الأربعاء، 19 يونيو 2019

الاعتزال المجهَض؛ محمد الحجيري.




الاعتزال المُجهَض..
محمد الحجيري


سعى المعتزلة من خلال الإله المنزّه بدفع فكرة الألوهية وتقريبها من المفهوم الأرسطي: الإله الذي يترك الكون يسيّر نفسه من خلال قوانينه (قوانين الكون).
والحسن والقبح عقليان. وهذا يسمح بتأسيس أخلاق وضعية قائمة على العقل. وينسجم مع مسؤولية الإنسان في هذا العالم، وفي العالم الآخر (لمن يعتقد به).
كان يمكن لهذه البذرة، فيما لو تمت تنميتها وتعميمها، التأسيس لتيار مدني علماني (دنيوي).
بينما أقحم الأشاعرة الإله في كل التفاصيل، فهو محايث لكل أفعالنا ولكل ما يحدث في هذا العالم.
وهذا أدى بشكل أو بآخر إلى إلغاء أي فعالية في الكون لغير الإله.
وكان طبيعياً أو منسجماً مع هذا السياق أن يأتي الغزالي ليلغي وجود كافة الأسباب في الطبيعة.
ثمة سببٌ واحد ووحيد: هو الله.
الله المبثوث في كل شيء، وهذا ما سيؤدي به ربما إلى التصوّف.
لكن أين مسؤولية الإنسان إذا كان الله يتدخل في كل شيء؟
حاول الأشاعرة الحفاظ على هذه المسؤولية، التي هي شرط لأي حساب عادل، من خلال القول بنظرية الكسب: الإنسان يريد، والله يخلق لديه القدرة على الفعل. وبالتالي فهو يحاسب لأنه أراد.
السؤال: هل إرادة الإنسان كانت خارج السببية الإلهية التي تحدث عنها الغزالي؟
إذا كان الله هو الذي جعل النار تحرق القطن، فهل الله هو الذي جعل الإنسان يريد، أم أنه لم يفعل ذلك؟

(محمد الحجيري)
19 حزيران 2016

ليست هناك تعليقات: