الثلاثاء، 10 أبريل 2018

هايزنبرغ واللاحتميّة. (رأي ونقاش)




هايزنبرغ واللاحتميّة
محمد الحجيري.

يرى أينشتاين بأن المستقبل موجود وكائن بالفعل، لا كما نتصوره معدوماً في انتظار أن يحصل. (أي أن معطيات اللحظة الحاضرة، تحمل حتمية كل أحداث المستقبل).
بينما يقول هايزنبرغ أنه لا يمكننا قياس أي قيمة لجسم (مثل الكتلة أو السرعة) دون أن تتغير بقية القيم التي تعرّف هذا الجسم. فلو أردنا مثلاً قياس كتلة جسيم وشحنته، فإننا نستطيع أن نحدد إحدى هاتين القيمتين بدقة لكن الثانية سوف تتغير بمجرد قياسنا للأولى.
وقد بنى هايزنبرغ فلسفته في ما بعد على تلك الحقيقة العلمية وقال إنه لا يمكننا أن نقول أن هناك قيماً ثابتة بشكل مطلق لأي جسم، وتالياً فلا يمكن عملياً وصف أي جسم بدقة مطلقة، لأن عملية القياس والرصد ذاتها تغير من طبيعة الأجسام المرصودة ومواصفاتها.
رأي:
لقد اعتُمد رأي هايزنبرغ للقول بغياب الحتمية عن العالم.
لكن نظرية هايزنبرغ تؤدي إلى القول، إما باستحالة معرفتنا لما يحدث في الكون، وهذا يثبت عجزنا دون أن يثبت غياب الحتمية.
وإما إلى القول بأن تدخلنا يغيّر مسار الأشياء في العالم، وبالتالي يغيّر من حتميتها بسبب التدخل الإنساني وتغيير المسار الحتمي.
وهذا استنتاج يفترض بأن الوجود الإنساني عامل مضاف على الكون وليس جزءاً منه.
http://raseef22.com/…/science-point-of-view-about-free-wi…/…
 
التعليقات

يوسف الخطيب:
العامل الإنساني جزء من الكون وليس مضافا في رأيي، ولكن يلزم القول أن النشاط الإنساني، العقلي والعملي، مثله كبقية الأنشطة العشوائية الإنسانية وغير-الإنسانية، من شأنه أن يغير المجرى والنتيجة.

محمد الحجيري: 
 بما أن العامل الإنساني جزءٌ من الكون وليس مضافاً، فهذا يعني أنه جزء أو عامل من عوامل الحتمية وليس لاغياً لها.

يوسف الخطيب: 
الإثنان معا جدليا أي بافتراض أن الحتمية والصدفة مفهومان متقابلان نظريا - متداخلان. عمليا
محمود حمادي: الصدفة الحتمية هي عانل من عوامل الحتمية لذا تفقد جوهرها كصدفة في اطار الجدل بين المفهومين. بيننما يتشكل النقاش مع الحتمية على مستوى أعلى من من التقابل بين المفهومين.

مصطفى حمزة:
لكن لماذا نفترض أن الحتمية هي الأصل ؟

جورج رزق:
الانسان جزء لا يتجزء من الطبيعة ولكنه استطاع أن يتجاوزها بوعيه

محمود حمادي:
أوافق بشدة على رأيك بأن الاانعكاس المباشر لمبدأ اللايقين الهايزنبرغي هو على الابستيولوجية وليس على الرؤية الوجودية بذاتها لدور الانسان في العالم التي يحملها النقاش حول الحتمية واللاحتمية فهناك حتميات "جاهلة".

محمد الحجيري:
 هل الحتمية هي الأصل؟ هذا مرجح، لكن لا يمكن البرهان عليه، وهذا ما ذهب إليه هيوم، وأظنه كان محقاً.
نحن نفترض ذلك وشبه متفقين عليه.
هايزنبرغ لا يطرح هذه المسألة للنقاش، إلا بعد تدخل الوعي.
وتأثير المعرفة أو الوعي في موضوعه مطروح عند هايزنبرغ في عالم المادة كما هو مطروح عند علماء المعرفة (الإبستيمولوجيين) في علم الاجتماع..
لنفرض أن جسماً أو جسيماً كان يخضع لعدة مؤثرات وتجعل "سلوكه" حتمياً، ثم حين تدخّل الوعي البشري لمعرفة هذا السلوك أو المسار تغير هذا المسار بفعل المعرفة ذاتها (أو محاولة المعرفة)، وبالتالي فقد غابت إمكانية المعرفة أو التنبؤ.. وكلما تدخلت محاولة جديدة للمعرفة يغير هذا الجسيم سلوكه ويستحيل التنبؤ من جديد.
السؤال هو: هل الأثر الذي تتركه محاولة المعرفة هذه ستجعل تغير سلوك الجزيء المدروس عشوائياً أم حتمياً؟
إذا كان التغير الناتج عن محاولة المعرفة حتمياً، فإن هذا يعني أن ما نثبته هو استحالة المعرفة وليس انتفاء الحتمية.
بالمناسبة، نحن نسمي صدفةً الأحداث التي لا نحيط بكل المعطيات المؤثرة فيها وما سينتج عنها.
ولا بأس من إيراد مثال يمكن الاستغناء عنه:
لو أن سييارةً انطلقت من بيروت باتجاه الجنوب (أو حتى البقاع حتى ما يزعل حدا)، ثم تعطلت على الطريق، واستغرق إصلاحها نصف ساعة، وبعد انطلاقها من جديد صدمت رجلاً خرج من منزله على أحد المفارق..
هل سيعتبر ذلك صدفة؟ وما معنى الصدفة هنا؟ هل تعني غياب الحتمية؟
هل ستعتبر ذلك صدفةً لمن كان يعرف ما سيحصل، بحسب قوانين حتمية طبعاً وليس بناء لإرادة مفارقة..
أظن أن الموضوع هنا لا يثير إشكالياتٍ على مستوى الظاهرات الطبيعية. فالصدفة ليست إلا جهلاً بالمعطيات وما سينتج عنها.
أما في ما يتعلق بالجانب الإنساني فهو أكثر تعقيداً. وتختلف فيه الآراء.
ولو عدنا إلى المثال السابق، فالسؤال هل كان سلوك السائق مثلاً حتمياً بعد أن تعطلت سيارته؟؟
هناك أكثر من رأي. وأنا مع الرأي القائل بأن الحتمية تلف العالم، لكن التنبؤ بالسلوك البشري بالغ التعقيد لكنه ليس خارجاً عن الحتمية.
فلو تصورنا إلهاً عالماً (وليس صانعاً أو مؤثراً في العالم)، فقط هو يعرف قوانين هذا العالم بشكل مطلق، بما فيها القوانين النفسية وتأثير الأحداث على الأفراد.. وهو يراقب هذا العالم.
فهل سيكون ثمّة صدفة أو ما هو خارج المتنبأ به أو الحتمية.
في ظني لا.
وهو جواب فرضي في كل الأحوال.

محمود حمادي:
في كثير من الأحوال يعينني نهر هيراقليطس توضيح مقصود هايزنبرغ فالنهر يسير ولحظة المعرفة هي لحظة لا معرفة. وحقيقة العالم وخضوعه لفوانين ثابتة محددة مسألة لا يتم التطرق إليها في الفزياء الكمومية إلا من وجهة نظر عدم قدرة الملاحظ على "اكتشافها".

مصطفى حمزة: 
لا معنى للحتمية وللقوانين الطبيعية خارج إطار المعرفة .

محمد الحجيري: 
أظن أن هناك علاقة بين الحتمية والقدرة على التنبؤ.
بدون حتمية لا معنى لمحاولة التنبؤ العلمي.
لكن لا أظن أن مجرد خضوع ظاهرة لمبدأ الحتمية يعني أن المعرفة أصبحت واقعاً أو أنها أصبحت ممكنة.
هل سلوك الأفراد خاضعٌ لمبدأ الحتمية أم لا؟
أنا أظن أنه خاضع لذلك.
لكن هل يمكن التنبؤ بكامل مستقبل فردٍ ما؟
أظن لا. السبب ليس أن سلوكه خارج مبدأ الحتمية، بل لأن العوامل المؤثرة فيه بالغة التعقيد ويستحيل في الواقع الإحاطة بها بشكل كامل. وربما كان ذلك سبب ما ننسبه من حرّية للإنسان.

(عن الفيسبوك)
8/4/2016


ليست هناك تعليقات: