السبت، 11 يونيو 2016

وزير التربية والفلسفة؛ م.ح.

وزير التربية والفلسفة..
يقول وزير التربية بأنه قد تلقى "شكاوى على مادة الفلسفة منذ بداية العام لذا حذفنا الكثير من الدروس وسهلناها"
ثم يضيف: "وأنا كوزير لدي صلاحية لإلغاء المادة، لكنه لم يكن القرار الصائب، وبعد اجتماع مع المعنيين قررت حذف بعض المحاور وإبقاء محاور معينة"
السؤال: هل فعلاً يحق لوزير التربية إلغاء المادة؟
وأذا كان قد تلقى الشكاوى منذ بداية العام، فلماذا بقي حتى ساعات قبل بداية الامتحانات ليحذف من الدروس ويسهلها؟
من المعروف أن مادة الفلسفة تتضمّن ثلاثة محاور: الإنسان، والمعرفة، والأخلاق.
وأن المسابقة تتضمن سؤالاً من كل محور، يختار الطالب سؤالاً منها.
ومن المعروف أيضاً بأن إنجاز المحاور الثلاثة خلال العام الدراسي شبه مستحيل.
وبما أن الطالب سيختار سؤالاً من أحد المحاور الثلاثة، فكان يتم إعطاء المحور الأول بشكل مركّز خلال العام، مع محاولة إعطاء المحور الثاني أو بعضه بشكل سريع، كخيار احتياطي للطالب إذا ما واجه صعوبة في المحور الأول.
هذا ما كان يتم بشكل عامّ في غالبية الثانويات.
لقد حذف الوزير قبل يومٍ واحد من الامتحانات، نصف المحور الأول، وبعض المحور الثاني، والقسم الأكبر من المحور الثالث.
لماذ لم يفعل الوزير ذلك منذ بداية العام الدراسي؟
في هذه الحال، كان بالإمكان إنجاز المنهاج بكامله. وكان ذلك ليمنح الطالب خياراتٍ حقيقية بين المحاور الثلاثة.
أحد الأساتذة يتساءل: ماذا عن الطالب المجتهد الذي قام بتحضير المحور بكامله، ثم جاء الوزير ليحذف نصفه؟
وهل من علاقة بين قول الوزير بصلاحيته في إلغاء المادة، وبين التنسيق بين وزارة التربية ومؤسسة "أديان" لتعديل مادة الفلسفة، لتصبح تربية على الإيمان والتعايش بين الطوائف كما صرحت مسؤولة في مؤسسة أديان، بعد أن كان هدف مادة الفلسفة التربية على العقلنة والتفكير النقدي وخلق الشخصية المستقلة فكرياً، وليس التربية على الإيمان.
لقد أعلنت مؤسسة أديان قبل مدة، بأن "لبنان يعدل منهجي التربية والفلسفة والحضارات بالشراكة بين مؤسسة أديان ووزارة التربية.."
هل قرّر وزير التربية، ومؤسسة أديان، إلغاء مادة الفلسفة واستبدال مادة جديدة بها، لها علاقة بتعليم الأديان؟
إذا كان المقصود السعي إلى تربية على الانفتاح بين الأديان، فلمَ لا تحل مؤسسة أديان بديلةً عن المؤسسات الدينية التي تقوم بتدريس مادة الدين، من خلال تكليف مرجعيات الطوائف بذلك، بدلاً من أن تسعى للحلول محل مادة الفلسفة، التي تتقاطع بالتأكيد مع أهداف المؤسسة المعلنة، على الأقل، وتتجاوزها نحو أفق نقدي وعقلاني غير محدود، وغير محدد السقف مباشرةً. أي: أنا أعلمك على التفكير، لكن هذا التفكير يجب أن يقودك إلى الإيمان..
لقد قالت مراسلة الـ بي بي سي في باريس عام في تحقيق نُشِر عام 2013 بأن "الغرض من شهادة الفلسفة ليس فهم تاريخ الفكر الإنساني فحسب، بل الانسياب في تيار هو بالفعل فكر إنساني.
فإن علمتَ ما سبق وقاله فلاسفة مثال كانت او اسبينوزا، فلن تفهم الكثير من حججهم بقدر ما تستعين بهذه الحجج.
إن الفكرة الكامنة وراء دراسة الفلسفة هي فكرة فلسفية في حد ذاتها.
فمع تأسيس الجمهورية الفرنسية حديثا كان من المهم طرح نماذج قدوة.
ألم يقل الكاتب العظيم والمفكر مونتيسكيو إن الجمهورية اعتمدت على الفضيلة والفضيلة تتألف من قدرة الأفراد على اصدار أحكامهم الخاصة بحرية؟
لذا فان الغرض من تدريس الفلسفة كان، ومازال من حيث النظرية، استكمال تعليم الشباب من الجنسين والسماح لهم بالتفكير."
ما زلت أذكر ما ورد في بحث للدكتورة وفاء شعبان نشرته في مجلة "الفكر العربي المعاصر" منذ أكثر من عقد، بأن إدراج مادة الفلسفة في المناهج الفرنسية كان بهدف التربية على المواطَنة، وذلك كان رأي خبراء التربية.
فهل ثبت لمعالي الوزير خطأ تلك الفرضية؟
أم أن المواطَنة في لبنان في أحسنِ حالاتِها، وبالتالي تكون الفلسفة من قبيل لزوم ما لا يلزم؟؟

(م.ح)

حزيران 2016

ليست هناك تعليقات: