الثلاثاء، 14 يناير 2020

الـ "أنا موجود" بين المشي والتفكير؛ (محمد الحجيري)


الـ"أنا موجود" بين المشي والتفكير.
(محمد الحجيري)

أنا أمشي إذاً أنا موجود. قال غاسّندي.
حين أقول "أنا أمشي"، هذا يعني أني أعي أنني أمشي.
وحين أعي أنني أمشي، قد أكون أمشي، وقد أكون لا أمشي، وقد لا يكون هناك أصلاً من يمشي.
إذا كنت أمشي، ووعيت أنني أمشي، فهذا يعني أن هناك وعي بالمشي مطابق للواقع.
وإذا كنت لا أمشي، أو إذا لم يكن هناك من يمشي، فهذا يعني بأن هناك وعي بالمشي، لكنه غير مطابق للواقع.
حين أقول: أنا أمشي، فهذا يعني بأن الوعي بالمشي موجود، أكان المشي موجوداً أم لم يكن.
أنا أمشي إذاً الوعي موجود، أي الأنا موجود. (الأنا كفكر)
وهذا يوازي ما قاله ديكارت: أنا أفكر إذاً أنا موجود، أو ما يسمى بالكوجيتو الديكارتي.
وقد اعترض ديكارت على نقد غاسّندي له، وقال بأنني قد أظن أنني أمشي دون أن أمشي بالفعل، بينما لا يمكن أن أظن أنني أفكر دون أن أفكر بالفعل.
لكن، برأيي، الحالتان تؤكدان وجود الفكر.
ما نحاول إثباته هو وجود الفكر وليس وجود المشي.
هل هذا يعني أن عبارتيّ ديكارت ومعاصره غاسّندي متساويتان؟
لا أظن.
أرى أن الفرق بين العبارتين هو أن عبارة غاسندي يمكن أن تكون برهانية، حتى لو لم يكن يقصد بها ما نؤوّله نحن، او ما نبنيه على عبارته. بينما عبارة ديكارت هي عبارة حدسية.
عبارة ديكارت تعني، كما أرى: الفكر موجود. ونقطة. لقد ضبط نفسه متلبساً بالتفكير. ضبط التفكير مفكراً. أو ضبط الفكر بما لا يمكن إلا أن يكونه.
وهذا "جُرمٌ" حدسيٌّ وليس استدلالاً منطقياً.
(محمد الحجيري؛ 2019)

ليست هناك تعليقات: