خلق "إيروس" في "مأدبة" أفلاطون.
يوضح أفلاطون أصل الرغبة في حوار "المأدبة" من خلال استعانت...ه بأسطورة خلق "إيروس" EROS والذي يرمز إلى الرغبة والشهوة.
فهو ابن لـ "بوروس" POROS من مجمَع الآلهة، بوروس الذي يرمز إلى الجمال والغِنى والقوّة والاكتفاء. وهو (أي إيروس) أيضاً ابن لـ "بينيا" Pénia المتسوّلة، رمز العَوَز والفاقة والاحتياج الدائم والحرمان الكلّي.
.. "بينيا" المتسوّلة المعدمة تنتظر في الحديقة، يخرج "بوروس" من مأدبة الآلهة مترنّحاً منتشياً بعد أن تركت الخمرة فيه مفعولها العجيب..
تستغل "بينيا" هذه السانحة لتقيم علاقةً مع "بوروس" الإله الوسيم، ثم تنجب منه ابنها "إيروس"
وتتأتى مأساة إيروس من هذا الانتماء المتناقض: فالآلهة لا تتفلسف، أي هي لا تبحث عن المعرفة، لأنها تمتلكُها. ثم هي لا ترغب في شيء لأنها تمتلك كل شيء أيضاً.. ونحن لا نرغب إلا بما لا نمتلكه.
في المقابل فإن "بينيا" Pénia لا تتفلسف لأن جهلها مطلق، ولذلك فهي تظن أن معرفتها كاملة، (أو لا تعرف أنها جاهلة). ثم هي لا ترغب في شيء أيضاً لأن حرمانها مطلق. ولا يمكن أن نرغب في ما لا نعرفه، فالرغبة هي نزوع لتكرار خبرة سابقة لذيذة.
أما مأساة "إيروس" فهي أنه كائنٌ بين الآلهة التي لا ينقصها شيء، وبين الحرمان الكلّي المطلق.
إنه يكتشف جهله فيتفلسف، أي يبحث عن الحقيقة. ويعرف نقص احتياجاته، فيرغب..
والرغبة هي وعي بموضوعٍ جميل، وسعي لامتلاكه. إنها إحساس بالنقص، (وكل إحساس بالنقص ألم كما يقول بوذا)
الإنسان إذاً محكوم بالرغبات والميول.
مأساته تتأتى من هذا التوتر الدائم.. فلا هو إله مكتفٍ وعارف، ولا هو جاهل معدم بشكل كامل. إنه يعيش حياة كدح دائم لا تنتهي إلا بالموت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق