في المسيحية2
محطات في تاريخ المسيحية
عن محمود الزيباوي في النهار 7 شباط 2015
". في العام 431، أدان مجمع
أفسس تعاليم بطريرك أنطاكيا نسطور. وبعد عشرين سنة، أدان مجمع خلقيدونيا تعاليم الراهب
أوطيخس الخاصة بطبيعة المسيح. عُرف رافضو قرارات مجمع أفسس بالنساطرة، نسبة إلى
نسطور، وعُرف رافضو قرارات مجمع خلقيدونيا باليعاقبة، نسبة إلى المطران
يعقوب البرادعي الذي رسم إكليروساً خاصاً بهذه الجماعة في القرن السادس.
أمّا
أتباع مجمع خلقيدونيا، فهم في كتب التراث، "الملكائية" أو
"الملكانية"، والكلمة في الأصل سريانية، تعني أتباع الملك، أي أمبراطور
الروم.
اليعاقبة ينتصرون بالعرب ويتخلّصون من ضغوطات
البيزنطيين:
. مارس البيزنطيون شتّى أنواع الضغوط على
السريان والأقباط لكي يحملوهم على التزام العقيدة الخلقيدونية الرسمية، وأدت هذه
الضغوط إلى نتيجة معاكسة. تشبّث كل فريق بإيمانه "القويم"، وعندما جاء الفتح العربي، رأى فيه اليعاقبة انتقاماً إلهيا من
بطش الروم.
. أما جماعة مارون، فهي
التي تقول بمشيئة واحدة في المسيح، وهو المذهب
التوفيقي الذي حاول الأمبراطور هرقل [؟] أن يفرضه على رعاياه المنقسمين
. استمر بطريرك القدس صفرونيوس في معاندة هرقل
إلى أن تغلّب العرب على عسكر الروم في اليرموك، في العام 636، واضطر إلى تسليم
القدس بنفسه إلى الفاتحين إثر هذه المعركة، "أمّا أجداد الموارنة، فكانوا من
أنصار هرقل
". ظهر مؤسس المارونية في
عهد ملك الروم موريق، أي موريس الأول، أمبراطور بيزنطيا من 582 إلى 602
، روى جبرائيل بن القلاعي قصة مارون الذي نبذ مذهب المشيئة الواحدة في حضرة بابا روما [؟]،
فنصبه الأخير بطريركاً على كرسي أنطاكيا، وعاد بعدها إلى جبل لبنان حيث أسس شعباً
كاثوليكياً عُرف باسم "شعب مارون"، ويمكن القول إن هذه الرواية شكلت
نواة لرواية لاحقة، هي قصة يوحنا مارون، أول بطريرك ماروني
جلس على كرسي أنطاكيا بين 685 و707
، تصدّعت العلاقات بين كنيسة روما وكنيسة
القسطنطينية، وأدى هذا التصدع إلى سقوط الشركة بين الكنيستين، وانشطار
"الكنيسة الجامعة" "كنيسة أرثوذكسية" يونانية و"كنيسة
كاثوليكية" لاتينية
استقصاءات:
المجامع: نيقية/ أفسس/ خلقيدونية/
النساطرة / اليعاقبة/ الملكيون
انقسام الكنيسة: الأرثوذوكسية
اليونانية / الكاثوليكية اللاتينية
انقسام الكنيسة الشرقية: الروم
الملكيين
مؤتمر نيقية 325م بأمر من قسطنطين
(306ـ 337م) يتخّذ قراراً بطرد آريوس (لقوله بأن المسيح مخلوق)
مجمع أفسوس:
مجمّع أفسوس 431م
مجمّع خلقيدونية 451 م
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الانشقاق
الكبير وهو انشقاق كنائس
الشرق والغرب الخلقيدونية عن بعضها البعض، مشكلة بذلك فرع غربي لاتيني
(كاثوليكي) وفرع شرقي بيزنطي (أرثوذكسي)، وعادة يرجع تاريخ هذا الانشقاق إلى عام 1054 م. [قبل بداية الحروب الصليبية بأقل من نصف قرن] والانقسام بين الشرق والغرب جاء في الواقع نتيجة
فترة طويلة من الجفاء بين المسيحية اللاتينية واليونانية.
السبب
الرئيسي للنزاعات التي أدت للانشقاق هو الخلاف حول قرار البابا ليو التاسع، والذي طالب بأن يكون له سلطة على البطاركة اليونان الأربع في الشرق، وأيضا رغبة الغربيين بإضافة عبارة على
قانون الإيمان النيقاوي حول انبثاق الروح القدس من الابن أيضا إضافة للآب.
رأى الشرقيون
بأن سلطة بابا روما
هي شرفية وهو يملك سلطة روحية في نطاق رعيته فقط، وهو لايملك الحق لتغيير قرارات المجامع المسكونية. بالإضافة لتلك الأسباب الجوهرية وجدت أيضا
عوامل ومؤثرات أقل أهمية أدت لحدوث الانشقاق، كالممارسات الطقسية وغيرها.
1.
"مجمع
نيقية 325 م.
2.
المجمع الذي عقده الرسل والشيوخ عام 50 م. والمذكور في سفر أعمال الرسل (15، 6-29) هو المثال الأول للمجامع الكنسية. في ذلك المجمع تم التداول في شؤون اختلف بشأنها البعض ولم يكن الموقف واضحا. بعض تبادل وجهات النظر وفحص الأمور اتفق المجتمعون على الخطوات الصحيحة الواجب اتباعها، ثم تم تعميم الأمر على الكنائس المختلفة الأمر الذي يجعل من المجمع مسكوني أي شامل يشمل بقراراته جميع الكنائس. وهذا ما فعله يعقوب الرسول حينما كتب إلى الأخوة يقول: 28فَقَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ، أَنْ لاَ نُحَمِّلَكُمْ أَيَّ عِبْءٍ فَوْقَ مَا يَتَوَجَّبُ عَلَيْكُمْ. 29إِنَّمَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الأَكْلِ مِنَ الذَّبَائِحِ الْمُقَرَّبَةِ لِلأَصْنَامِ، وَعَنْ تَنَاوُلِ الدَّمِ وَلُحُومِ الْحَيَوَانَاتِ الْمَخْنُوقَةِ، وَعَنِ ارْتِكَابِ الزِّنَى. وَتُحْسِنُونَ عَمَلاً إِنْ حَفِظْتُمْ أَنْفُسَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ. عَافَاكُمُ اللهُ !» (أعمال الرسل 15، 28-29)
في العقد الأول من القرن الرابع (حوالي عام 318 م. ) وجدت الكنيسة نفسها تعاني مسألة غاية في الأهمية، هذه المسألة تتعلق بشخص مؤسسها الذي عبدته ربا جالسا عن يمين الله وهو الذي قدم لها نفسه بأنه ابن الله. فالكنيسة انطلقت طاعة لرغبته وإرادته تبشر باسمه وتمنح سر المعمودية باسم الآب والابن والروح القدس.
في ذلك الوقت، برز راهب اسكندري اسمه أريوس، وكان تلميذا للوسيان الأأنطاكي وقال: إن "الكلمة" ما هو إلا خليقة خلقها الله وأنها ليست أزلية وأنه كان ثمة وقت لم يكن الكلمة فيه موجودا.
حوالي عام 318 م.، قام اسقف الإسكندرية بعقد مجمع ضم حوالي 100 أسقف من مصر وليبيا حيث أعلنوا بعد التداول والنقاش بطلان تعاليم آريوس ودعوه إلى التوقف عن نشر هرطقته (أي تعاليمه الضالة الفاسدة) وأرسلوا رسائل بالموضوع إلى أبرز الأساقفة في الكنيسة ليعلموهم بالأمر وبقرار المجمع الذي اعتمد أساسا على فاتحة الإنجيل بحسب القديس يوحنا: "في البدء كان الكلمة، وكان الكلمة لدى الله، وكان الكلمة الله".
قام الإمبراطور قسطنطين بدعوة أساقفة الامبراطورية إلى نيقية في بيثينيا (شمال شرق تركيا حاليا) وذلك لإيجاد حل نهائي لهذه القضية التي أرقت الكنيسة. فلبى الدعوة حوالي 250-300 أسقف ذكر أوسابيوس من قيصرية فلسطين أسماء 250 أسقفا منهم فقط. أما العدد الرسمي الذي يعلن أنه حضر المجمع فهو 318 أسقفا وهي دلالة رمزية غير واقعية في إشارة إلى سفر التكوين 14، 14.
جاء الأساقفة من مختلف أنحاء الشرق وقليل من الغرب:
سوريا، فينيقية، بلاد العرب، فلسطين، مصر، ليبيا، آسيا الصغرى، فريجية، بمفيلية. جميع هذه البلدان أرسلت أساقفتها المميزين. وحضر أيضا هوسيوس من أسبانيا. أما البابا سلفستر، أسقف روما، فقد امتنع عن الحضور بسبب وضعه الصحي وأرسل نيابة عنه فيتوس ومنصور.
قدم الإمبراطور في بداية المجمع خطابا افتتاحيا باللاتينية ثم ترك اللجنة تدير شؤون المجمع ولم يتدخل هو شخصيا في أي لحظة بأي عمل بل اكتفى بالحضور بدون تعليق.
دافع آريوس وجماعته (17 عضوا آخرين أبرزهم أوسابيوس من نيقوديميا) عن تعاليمه ودارت نقاشات طويلة حول هذه المسألة قاد وجهة النظر الأرثوذكسية (القويمة) خلالها الأسقف مارسيلو من أنقرة، والأسقف أوستاذيوس من أنطاكية، والشماس الاسكندري أثناسيوس تلميذ أوسابيوس من قيصرية فلسطين. في نهاية النقاش تم الاتفاق والتأكيد على تعاليم الكنيسة والرسل الحواريين والتي توضح موقف الكنيسة بشأن السيد المسيح وقاموا بتبني صيغة قانون الإيمان المستخدم في كنيسة قيصرية فلسطين والتأكيد فيه على الحقائق الإيمانية التالية:
أن السيد المسيح مولود من الآب قبل كل الدهور (أزلي)
إله من إله، نور من نور ، إله حق من إله حق
مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر
وقام جميع الأساقفة الحاضرين بالتوقيع على قانون الإيمان هذه فيما عدا اثنين منهم بالإضافة طبعا إلى آريوس وجماعته."
انتهى.
المجمع الذي عقده الرسل والشيوخ عام 50 م. والمذكور في سفر أعمال الرسل (15، 6-29) هو المثال الأول للمجامع الكنسية. في ذلك المجمع تم التداول في شؤون اختلف بشأنها البعض ولم يكن الموقف واضحا. بعض تبادل وجهات النظر وفحص الأمور اتفق المجتمعون على الخطوات الصحيحة الواجب اتباعها، ثم تم تعميم الأمر على الكنائس المختلفة الأمر الذي يجعل من المجمع مسكوني أي شامل يشمل بقراراته جميع الكنائس. وهذا ما فعله يعقوب الرسول حينما كتب إلى الأخوة يقول: 28فَقَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ، أَنْ لاَ نُحَمِّلَكُمْ أَيَّ عِبْءٍ فَوْقَ مَا يَتَوَجَّبُ عَلَيْكُمْ. 29إِنَّمَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الأَكْلِ مِنَ الذَّبَائِحِ الْمُقَرَّبَةِ لِلأَصْنَامِ، وَعَنْ تَنَاوُلِ الدَّمِ وَلُحُومِ الْحَيَوَانَاتِ الْمَخْنُوقَةِ، وَعَنِ ارْتِكَابِ الزِّنَى. وَتُحْسِنُونَ عَمَلاً إِنْ حَفِظْتُمْ أَنْفُسَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ. عَافَاكُمُ اللهُ !» (أعمال الرسل 15، 28-29)
في العقد الأول من القرن الرابع (حوالي عام 318 م. ) وجدت الكنيسة نفسها تعاني مسألة غاية في الأهمية، هذه المسألة تتعلق بشخص مؤسسها الذي عبدته ربا جالسا عن يمين الله وهو الذي قدم لها نفسه بأنه ابن الله. فالكنيسة انطلقت طاعة لرغبته وإرادته تبشر باسمه وتمنح سر المعمودية باسم الآب والابن والروح القدس.
في ذلك الوقت، برز راهب اسكندري اسمه أريوس، وكان تلميذا للوسيان الأأنطاكي وقال: إن "الكلمة" ما هو إلا خليقة خلقها الله وأنها ليست أزلية وأنه كان ثمة وقت لم يكن الكلمة فيه موجودا.
حوالي عام 318 م.، قام اسقف الإسكندرية بعقد مجمع ضم حوالي 100 أسقف من مصر وليبيا حيث أعلنوا بعد التداول والنقاش بطلان تعاليم آريوس ودعوه إلى التوقف عن نشر هرطقته (أي تعاليمه الضالة الفاسدة) وأرسلوا رسائل بالموضوع إلى أبرز الأساقفة في الكنيسة ليعلموهم بالأمر وبقرار المجمع الذي اعتمد أساسا على فاتحة الإنجيل بحسب القديس يوحنا: "في البدء كان الكلمة، وكان الكلمة لدى الله، وكان الكلمة الله".
قام الإمبراطور قسطنطين بدعوة أساقفة الامبراطورية إلى نيقية في بيثينيا (شمال شرق تركيا حاليا) وذلك لإيجاد حل نهائي لهذه القضية التي أرقت الكنيسة. فلبى الدعوة حوالي 250-300 أسقف ذكر أوسابيوس من قيصرية فلسطين أسماء 250 أسقفا منهم فقط. أما العدد الرسمي الذي يعلن أنه حضر المجمع فهو 318 أسقفا وهي دلالة رمزية غير واقعية في إشارة إلى سفر التكوين 14، 14.
جاء الأساقفة من مختلف أنحاء الشرق وقليل من الغرب:
سوريا، فينيقية، بلاد العرب، فلسطين، مصر، ليبيا، آسيا الصغرى، فريجية، بمفيلية. جميع هذه البلدان أرسلت أساقفتها المميزين. وحضر أيضا هوسيوس من أسبانيا. أما البابا سلفستر، أسقف روما، فقد امتنع عن الحضور بسبب وضعه الصحي وأرسل نيابة عنه فيتوس ومنصور.
قدم الإمبراطور في بداية المجمع خطابا افتتاحيا باللاتينية ثم ترك اللجنة تدير شؤون المجمع ولم يتدخل هو شخصيا في أي لحظة بأي عمل بل اكتفى بالحضور بدون تعليق.
دافع آريوس وجماعته (17 عضوا آخرين أبرزهم أوسابيوس من نيقوديميا) عن تعاليمه ودارت نقاشات طويلة حول هذه المسألة قاد وجهة النظر الأرثوذكسية (القويمة) خلالها الأسقف مارسيلو من أنقرة، والأسقف أوستاذيوس من أنطاكية، والشماس الاسكندري أثناسيوس تلميذ أوسابيوس من قيصرية فلسطين. في نهاية النقاش تم الاتفاق والتأكيد على تعاليم الكنيسة والرسل الحواريين والتي توضح موقف الكنيسة بشأن السيد المسيح وقاموا بتبني صيغة قانون الإيمان المستخدم في كنيسة قيصرية فلسطين والتأكيد فيه على الحقائق الإيمانية التالية:
أن السيد المسيح مولود من الآب قبل كل الدهور (أزلي)
إله من إله، نور من نور ، إله حق من إله حق
مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر
وقام جميع الأساقفة الحاضرين بالتوقيع على قانون الإيمان هذه فيما عدا اثنين منهم بالإضافة طبعا إلى آريوس وجماعته."
انتهى.
تاريخ
انقسام الكنيسة
د/ أحمد الجمل ـ أستاذ اللغة الآرامية السريانية
بكلية اللغات والترجمة ، جامعة الأزهر ، القاهرة
ظهرت المسيحية بعد مولد الإمبراطورية الرومانية ، في الجزء الأخير من القرن الأول ق . م. وكان يُعد ظهورها من أخطر أحداث التاريخ ، وأكثرها تأثيرا في سير الأحداث والحياة، بكل مظاهرها المختلفة ، وقد لقيت المسيحية في عصرها الأول عنتاً شديداً ، وسلسلة من الاضطهادات والتنكيل على أيدي اليهود الذين كانت لهم السيطرة الدينية ، وكذلك من الرومان الذين كانت لهم السيطرة والحكم .
أما عن أسباب الاضطهاد ، فتتلخص في أن المسيحيين رفضوا تأليه الإمبراطور الروماني وعبادته كما رفضوا الخدمة في الجيش الروماني ، ولذلك نظرت الحكومة الرومانية إلى المسيحيين على أنهم فرقة هدامة تهدد أوضاع الإمبراطورية وكيانها ، بل وسلامتها.
وفيما يلي نعرض أهم الاضطهادات التي لاقتها المسيحية إبان حكم الرومان :
اضطهاد نيرون (64 – 68 م) : ويعتبر اضطهاد نيرون هو أول اضطهادات الإمبراطورية الرومانية للمسيحيين ، وتعتبر أبشع حركات الاضطهاد التي عاناها المسيحيون في القـرن الأول ، فقد ألقى نيرون بعضهم للوحوش الضاربة تنهش أجسامهم ، كما طُليت أجسام البعض الآخر بالقار وأُشعلت لتكون مصابيح عدد من الاحتفالات التي كان يقيمها نيرون في حدائق قصره ، ومن التهم التي ارتكبها نيرون هي حادث إحراق روما ولم يعط التاريخ أسبابا واضحة ، لهذا التاريخ .
اضطهاد تراجان (98 – 117 م) فقد كان تراجان هو أول إمبراطور أعلن أن المسيحية ديانة محرمة ، ولكي يضع حدا لانتشار المسيحية ، حكم على كثيرين منهم بالموت ، وأرسل بعضا آخر إلى المحكمة الإمبراطورية بروما.
اضطهاد دقلديانوس (284 – 305 م) ، فقد شهد القرن الثالث صورا أخرى من أبشع ألوان التعذيب والاضطهاد للمسيحيين ، وذلك في عهد الإمبراطور دقلديانوس ، الذي أمر
بهدم الكنائس وإعدام كتبها المقدسة ، وأمر بإلقاء القبض على الكهان ، وسائر رجال الدين ، فامتلأت السجون بالمسيحيين، واستشهد الكثيرين بعد أم مزقت أجسادهم بالسياط والمخالب الحديدية ، والنشر بالمناشير ، والتمشيط بين اللحم والعظم ، والإحراق بالنار ، وقد سمي عصره باسم " عصر الشهداء ".
أما في القرن الرابع فقد تغيرت الأحوال ، وذلك بظهور الإمبراطور قسطنطين ( 306 –337م) الذي أصدر مرسوما اعترف فيه رسميا بالديانة المسيحية ، ومنحهم الحرية في الدعوة وإقامة الكنائس ، وبذلك قد انتهت أسوأ مراحل التاريخ النصراني ، لندخل مرحلة جديدة من الانقسام داخل الكنيسة حول طبيعة المسيح ، والتي بدأت تتسرب إلى المسيحيين من فلسفات قديمة وأحيانا من رواسب ديانات ومعتقدات أخرى كانت سائدة في البلاد التي انتشرت فيها المسيحية في ذلك الوقت .
ونشطت الدعوة إلى المسيحية ، ودخل كثير من الوثنيين أصحاب الفلسفات النصرانية ، مما كان له أثره البالغ في ظهور الكثير من العقائد والآراء المتضاربة ، وكانت مشكلة تحديد العلاقة بين المسيح الابن والإله الأب من أهم المشكلات الكبرى التي قسمت المسيحيين ، وبالتالي العالم الروماني إلى فريقين ، وأثارت البغضاء الدينية والسياسية بينهما لمدة قرنين من الزمان .
فقد حدث خلاف عقائدي بين اثنين من رجال الكنيسة ، في الإسكندرية ، حول تحديد العلاقة بين الأب والابن ، أحدهما يسمى آريوس والآخر يسمى أثناسيوس.
ظهر آريوس في وقت كانت كثرة المسيحيين فيه تعتقد أن المسيح ابن الله مساويا للإله الآب ، فلم يقبل آريوس هـذا الرأي ، وقال : إن الله خلق المسيح من لا شيء ، وأن المسيح إنسان ، وأنكر أن يكون إلها أو شخصا إلهيا، وقال : لا يجوز بذلك أن نسمي أمه " والدة الله" وتبعه في ذلك جماعة من المسيحيين .
أما "أثناسيوس" فقال : بأن فكرة الثالوث المقدس تُحتم بأن يكون الابن مساويا للآب تماما في كل شيء ، بحكم أنهما عنصر واحد بعينه ، هذا وإن كانا شخصين متميزين.
وجدير بالذكر أن المذهب الآريوسي الذي يُعد أتباعه من الموحدين ، كان يتفق مع منطق المثقفين، لأنه أراد أن يقيم العقائد المسيحية على أساس من المنطق والعقل ، في حين كان المذهب الأثناسيوسي وأتباعه من الثالوثيين، كان يستقيم وتفكير عامة الناس الذين يحكمون عواطفهم قبل عقولهم ، فضلا عن أن معظم المفكرين والفلاسفة والأدباء والمثقفين عامة كانوا آريوسين موحدين، في حين كانت معظم الطبقات الوسطى والدنيا التي انتمى إليها رجال الدين من الأثناسيوسين.
وعلى خلفية هذه الخلافات بين الفرق المختلفة ، فقد أمر إمبراطور الرومان قسطنطين ، بتكوين مجمع ديني يضم ممثلين من جميع الكنائس المسيحية بالعالم أجمع للبت في شأن الخلاف بين آريوس ومعارضيه وتقرير مبدأ ومنهج يسير عليه المسيحيون بعد ذلك بكل طوائفهم ، ويبدو أن قسطنطين مال للرأي القائل بألوهية المسيح، ولذلك اختار نحو مائة وثمانية عشر أسقفا من أشد أنصار هذا المذهب وألف منهم مجلسا خاصا في مدينة نيقية 325م، وانتهوا إلى عدة قرارات كان من أهمها القرار الخاص بإثبات ألوهية المسيح وتكفير آريوس وطرده ، وتكفير كل من يذهب إلى أن المسيح إنسان.
وهكذا صار الأساس هو كون المسيح إله وأصبحت تلك العقيدة الرسمية التي يجب أن يعتنقها كل مسيحي ، ويحكم بتكفير من ينادي بغير ذلك ، ولا نجد الآن أية كنيسة مسيحية لا تقول بالتثليث ، وألوهية المسيح ، وإن كانوا جميعا يشهدون لله بالوحدانية ، وفي نفس الوقت بالتثليث ، فيقولون " تثليث في وحدانية" أو " وحدانية في تثليث".
ثم جاء اختلاف آخر أدى إلى نشوب فرقتين جديدتين هما : الأرثوذكسية والكاثوليكية، حيث اختلفا على مسألة هل للمسيح طبيعة واحدة لأنه إله ؟ أم اثنين لأنه من مريم وهي بشر؟ فكان هذا هو الخلاف على ما يسمى باللاهوت والناسوت ، بالنسبة للسيد المسيح ، وقد انعقدت المجامع الدينية لفض هذا الخلاف ، وكان من أهم هذه المجامع مجمع أفسوس 431م ومجمع خلقيدونية 451م.
أما المجمع الأول فقد انتهى إلى تقرير فكرة مؤداها أن المسيح من طبيعة واحدة ، وأن العذراء ولدت إلها وتدعى لذلك أم الإله ، وقد سار على هذا النهج ثلاث كنائس ، وهي : الكنيسة الأرثوذكسية بمصر والحبشة ، والأرثوذكسية السريانيـة، وقد عرف أصحاب هذا المذهب بأصحاب الطبيعة الواحدة ، ثم أطلق عليهم بعد ذلك اسم اليعاقبة ، نسبة إلى يعقوب البردعي الذي أيد وناصر هذا المذهب. [لكن في المقال الأول يرد بأن من خرج عن مجمع أفسوس سمّوا بالنساطرة]
أما المجمع الثاني ، فقد اتخذ مجتمعوه قرارا يقول بالطبيعتين ( اللاهوت والناسوت) أي أن الإله اجتمع في الناسوت فكان المسيح .
وقد اعتنقته جميع الفرق الأخرى ، وعرفوا باسم النساطرة نسبة إلى نسطوريوس الذي دافع عن هذا المذهب بقوله :
" إن في المسيح طبيعتين بشخص واحد وأن لاهوت المسيح ليس الناسوت ، وأن الناسوت صار هيكلا لللاهوت ومسكنا له ، لأنها لم تلد اللاهوت ، بل ولدت شخصا هو إله وإنسان معا” .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق