بين الموقف الروسي والموقف الإيراني:
آفاق المرحلة المقبلة.
وجهة نظر.
وجهة نظر.
لقد تناولَتْ بعض وسائل الإعلام موضوع "تخبط العلاقة" بين
روسيا وإيران، متسائلة عن آفاق العلاقة بين الدولتين في المرحلة المقبلة في ما
يتعلق بـ"الساحة" السورية. فإلى أي حد يمكن اعتبار مثل هذه الأحاديث
معبرة عن واقع العلاقة بين الدولتين؟
أظن أنه من الصعب الحكم الآن على ذلك بسبب تعقد الوضع وتعدد المشاريع والمصالح واللاعبين على الساحة السورية، بخاصةٍ أننا في انتظار ما سيرسو عليه موقف الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة الأميركية. لكن يمكن الحديث عن بعض المعطيات التي يمكن لها أن تضيء إلى حدٍ ما على احتمالات المستقبل.
أولاً، إن ما يجمع الروس والإيرانيين هو علاقة تحالفية دعماً للنظام في سوريا في مواجهة قوى المعارضة.
ثانياً، أن هذه العلاقة قد يحرص عليها الطرفان، إضافة إلى وجود مصالح اقتصادية مشتركة بين الدولتين.
لكن ما يريده الروس من سوريا غير ما يريده الإيرانيون.
الروس يريدون مصالحهم في سوريا، والتي كانت متحققة بنسبةٍ كبيرة مع النظام السوري الحالي. وهي متحققة الآن بنسبةٍ أكبر بكثير. بل هم اليوم من يقرر في سوريا ويعلن ما يريد نيابةً عن النظام، ولا أحد يستطيع الاعتراض على ذلك، كون استمرار النظام إلى اليوم مدين إلى المساعدات الروسية، بل إلى دخول روسيا الحرب مباشرة في سوريا.
والذي كان يقف في مواجهة ذلك هي المعارضة السورية، ربما بسبب دعم الروس للنظام، وربما لأسبابٍ إضافية أخرى، منها طبيعة المصادر التي كانت المعارضة تحصل منها على المساعدات.
بعد معركة حلب، تغير الموقف. فهو من ناحية أدى إلى تحقيق نصرٍ كبير لصالح النظام. لكنه من ناحية ثانية، وبعد الحديث عن معارضة الروس لاستمرار المعركة باتاجاه إدلب، وبعد الانفتاح الروسي الكبير تجاه العديد من قوى المعارضة، بما فيها الكثير من الفصائل الإسلامية، باستثناء جبهة فتح الشام وداعش، وبعد السعي الروسي لإحياء مسار التسوية السياسية بين الأفرقاء المتحاربة انطلاقاً من قرار مجلس الأمن رقم 2254، والذي يشير بشكل واضح إلى مرجعية بيان جنيف واحد عام 2012، والذي يشير إلى حكومة انتقالية وتعديلات دستورية، ثم انتخابات تشريعية يشترك فيها سوريو الخارج أيضاً وبإشراف من هيئات دولية..
إن هذا التوجه الروسي يبدو معتدلاً جداً بعد ما حققه الروس على الأرض على المستوى العسكري.. وبالتالي قد يجعل المعارضة السورية تغيّر نظرتها إلى الدور الروسي الذي كان بإمكانه أن يفرض ما هو أكثر تشدداً بكثير في موضوع التسوية السياسية.
وهذا يعني أن بإمكان الروس ضمان مصالحهم مهما كانت طبيعة التسوية وأحجام القوى المتخاصمة في الداخل، وتجعل جميع الأفرقاء بحاجة إلى هذا الدور، وعدم قدرة أيٍ منهم على الاعتراض عليه. أيّ أن بإمكان الروس المحافظة على مصالحهم بصرف النظر عن التركيبة الحاكمة في سوريا.
وأظن أن هذه نقطة الخلاف الأساسية بين وضع الروس ووضع الإيرانيين في سوريا.
فالإيرانيون على العكس من ذلك.
أولاً، لأن الإيرانيين يحاولون وضع اليد بالكامل على سوريا، لذلك فهم يصرون على استكمال المعركة العسكرية في إدلب وبقية المناطق.
وثانياً، لأن المصلحة الإيرانية لا يمكن أن تكون مضمونةً إلا من خلال الأسد بالذات، وهذه ليست حال الروس.
وبالتالي فإن التسوية التي تناسب الروس، والذين يجدون مصلحةً أكبر لهم من خلال إشراك المعارضة بشكل وازن، ودون استبعاد أي طرف في المعادلة السورية (باستثناء النصرة وداعش)، وهذا ما يجعل الوضع المستقبلي في سوريا أكثر انفتاحاً على احتمالات الاستقرار الطويلة، وبالتالي ضمان مصالحهم على المدى البعيد. نجد أن تسويةً كهذه لا تناسب الإيرانيين.
ما يناسب الإيرانيين هو تحقيق الغلبة، وفرض تسوية سياسية تعكس هذه الغلبة، وهي بالضرورة ذات بعد طائفي أقلّوي، رغم كل الحديث عن الممانعة والتحرير، وبالتالي ستكون تسوية مفتوحة على احتمالات اضطرابات مقبلة وحروبٍ جديدة.
إذا صحت هذه الافتراضات، فيمكن القول بأن مرحلة التقاطع بين الاستراتيجية الروسية وتلك الخاصة بإيران قد شارفت على النهاية. وهي المرحلة التي كان يسعى فيها الطرفان إلى الحفاظ على النظام، وتحقيق نصرٍ عسكري على قوى المعارضة.
ويبدأ الافتراق مع الاكتفاء الروسي بذلك من أجل فرض تسوية سياسية يشارك فيها الجميع، بينما سيسعى الإيرانيون إلى متابعة المعركة (التي ستكون مستحيلة دون الدعم الروسي، فكيف في حال معارضة الروس لذلك؟)، كما سيسعى الإيرانيون إلى فرض تسوية سياسية تهمش قوى المعارضة للنظام أكثر من السابق.
طبعاً في هذه المقاربة نوع من الاختزال، بسبب وجود لاعبين آخرين، أهمهم الأتراك، والذين يبدو أن ما يجمعهم بالروس أكثر بكثير مما يجمع الإيرانيين بهم (أي بالروس). إضافة إلى الدور الأميركي الذي لا يمكن لنا أن نتنبأ به بشكل معقول إلا بعد استلام الإدارة الأميركية الجديدة مقاليد الحكم في الدولة العظمى الأولى في العالم.
أظن أنه من الصعب الحكم الآن على ذلك بسبب تعقد الوضع وتعدد المشاريع والمصالح واللاعبين على الساحة السورية، بخاصةٍ أننا في انتظار ما سيرسو عليه موقف الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة الأميركية. لكن يمكن الحديث عن بعض المعطيات التي يمكن لها أن تضيء إلى حدٍ ما على احتمالات المستقبل.
أولاً، إن ما يجمع الروس والإيرانيين هو علاقة تحالفية دعماً للنظام في سوريا في مواجهة قوى المعارضة.
ثانياً، أن هذه العلاقة قد يحرص عليها الطرفان، إضافة إلى وجود مصالح اقتصادية مشتركة بين الدولتين.
لكن ما يريده الروس من سوريا غير ما يريده الإيرانيون.
الروس يريدون مصالحهم في سوريا، والتي كانت متحققة بنسبةٍ كبيرة مع النظام السوري الحالي. وهي متحققة الآن بنسبةٍ أكبر بكثير. بل هم اليوم من يقرر في سوريا ويعلن ما يريد نيابةً عن النظام، ولا أحد يستطيع الاعتراض على ذلك، كون استمرار النظام إلى اليوم مدين إلى المساعدات الروسية، بل إلى دخول روسيا الحرب مباشرة في سوريا.
والذي كان يقف في مواجهة ذلك هي المعارضة السورية، ربما بسبب دعم الروس للنظام، وربما لأسبابٍ إضافية أخرى، منها طبيعة المصادر التي كانت المعارضة تحصل منها على المساعدات.
بعد معركة حلب، تغير الموقف. فهو من ناحية أدى إلى تحقيق نصرٍ كبير لصالح النظام. لكنه من ناحية ثانية، وبعد الحديث عن معارضة الروس لاستمرار المعركة باتاجاه إدلب، وبعد الانفتاح الروسي الكبير تجاه العديد من قوى المعارضة، بما فيها الكثير من الفصائل الإسلامية، باستثناء جبهة فتح الشام وداعش، وبعد السعي الروسي لإحياء مسار التسوية السياسية بين الأفرقاء المتحاربة انطلاقاً من قرار مجلس الأمن رقم 2254، والذي يشير بشكل واضح إلى مرجعية بيان جنيف واحد عام 2012، والذي يشير إلى حكومة انتقالية وتعديلات دستورية، ثم انتخابات تشريعية يشترك فيها سوريو الخارج أيضاً وبإشراف من هيئات دولية..
إن هذا التوجه الروسي يبدو معتدلاً جداً بعد ما حققه الروس على الأرض على المستوى العسكري.. وبالتالي قد يجعل المعارضة السورية تغيّر نظرتها إلى الدور الروسي الذي كان بإمكانه أن يفرض ما هو أكثر تشدداً بكثير في موضوع التسوية السياسية.
وهذا يعني أن بإمكان الروس ضمان مصالحهم مهما كانت طبيعة التسوية وأحجام القوى المتخاصمة في الداخل، وتجعل جميع الأفرقاء بحاجة إلى هذا الدور، وعدم قدرة أيٍ منهم على الاعتراض عليه. أيّ أن بإمكان الروس المحافظة على مصالحهم بصرف النظر عن التركيبة الحاكمة في سوريا.
وأظن أن هذه نقطة الخلاف الأساسية بين وضع الروس ووضع الإيرانيين في سوريا.
فالإيرانيون على العكس من ذلك.
أولاً، لأن الإيرانيين يحاولون وضع اليد بالكامل على سوريا، لذلك فهم يصرون على استكمال المعركة العسكرية في إدلب وبقية المناطق.
وثانياً، لأن المصلحة الإيرانية لا يمكن أن تكون مضمونةً إلا من خلال الأسد بالذات، وهذه ليست حال الروس.
وبالتالي فإن التسوية التي تناسب الروس، والذين يجدون مصلحةً أكبر لهم من خلال إشراك المعارضة بشكل وازن، ودون استبعاد أي طرف في المعادلة السورية (باستثناء النصرة وداعش)، وهذا ما يجعل الوضع المستقبلي في سوريا أكثر انفتاحاً على احتمالات الاستقرار الطويلة، وبالتالي ضمان مصالحهم على المدى البعيد. نجد أن تسويةً كهذه لا تناسب الإيرانيين.
ما يناسب الإيرانيين هو تحقيق الغلبة، وفرض تسوية سياسية تعكس هذه الغلبة، وهي بالضرورة ذات بعد طائفي أقلّوي، رغم كل الحديث عن الممانعة والتحرير، وبالتالي ستكون تسوية مفتوحة على احتمالات اضطرابات مقبلة وحروبٍ جديدة.
إذا صحت هذه الافتراضات، فيمكن القول بأن مرحلة التقاطع بين الاستراتيجية الروسية وتلك الخاصة بإيران قد شارفت على النهاية. وهي المرحلة التي كان يسعى فيها الطرفان إلى الحفاظ على النظام، وتحقيق نصرٍ عسكري على قوى المعارضة.
ويبدأ الافتراق مع الاكتفاء الروسي بذلك من أجل فرض تسوية سياسية يشارك فيها الجميع، بينما سيسعى الإيرانيون إلى متابعة المعركة (التي ستكون مستحيلة دون الدعم الروسي، فكيف في حال معارضة الروس لذلك؟)، كما سيسعى الإيرانيون إلى فرض تسوية سياسية تهمش قوى المعارضة للنظام أكثر من السابق.
طبعاً في هذه المقاربة نوع من الاختزال، بسبب وجود لاعبين آخرين، أهمهم الأتراك، والذين يبدو أن ما يجمعهم بالروس أكثر بكثير مما يجمع الإيرانيين بهم (أي بالروس). إضافة إلى الدور الأميركي الذي لا يمكن لنا أن نتنبأ به بشكل معقول إلا بعد استلام الإدارة الأميركية الجديدة مقاليد الحكم في الدولة العظمى الأولى في العالم.
(عن الفيس بوك)
29/12/2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق