#مدفل #مد_نيتشه
العدمية عند نيتشه
كما يراها لوك فيري:
إن فرض المبادئ والقيم كأوهام خفية، عن طريق الأوثان، التي لا تتقبل النقد أو النقاش، وتؤخذ كمسلمات لا يغدو إلا نوعًا من بيع الوهم للناس:...
إن هذا النفي للحياة، باسم قيم يُفترض بأنها تتجاوز الحياة، هو بالضبط ما يحكم (نيتشه) بأنه وهمي وخطر وشاذ:
فهو وهمي إذ يستحيل علينا، في واقع الأمر ونحن في الحياة، أن نحكم بشأنها “من الخارج”؛ وهو خطر لأنه يؤدي إلى إضعافنا، إلى إخماد قوانا الحية؛ وهو شاذ لأن هذا الكبت لغرائزنا يحملنا على إعادة إيجادها خفية لإشباعها من خلال المظاهر الخادعة التي تبدو عليها أكثر الأخلاقيات نبلًا.
ومن هذا المنظور، فكل مثالي متعالٍ، إنما هو في رأي (نيتشه) نفي للحياة وطريقةٌ لتشويهها. وهذا ما يسميه “العدمية”، وهو لفظ يعطيه معنى مختلف عن المعنى المتعارف عليه.
ففي اللغة المتداولة اليوم، العدمي هو شخص لا يعتقد في شيء، بينما هو عكس ذلك تمامًا عن (نيتشه): فالعدمي في رأيه هو شخص يعتقد اعتقادًا أعمى في “قيم عليا“.
فالعدمية عند نيتشه ليست تلك المعروفة بأنها الحياة بلا هدف، وإنما الحياة المعمية عن مناقشة أفكارها، والمبنية على بعض الأوثان. يقول (لوك فيري) بعد ذلك:
إن أعمق قيمة في الحياة، “ما وراء الخير والشر“، هي إذًا في نظر (نيتشه) قوّتها. لذلك تسعى فلسفته كلها إلى هدف أقصى: هو البحث عن توافق متناغم بين القوى الحيوية فينا، توافق لابد أن يسمح لها بأن تنمو بأكثر ما يمكن من “الفعالية“، دون قمع بعضها أو تشويهها لمنح الأحقية للبعض الآخر.
..
إن الحياة الطيّبة تقوم على تناغم كامل بين قوانا الحيوية (ما يسميه (نيتشه) “الأسلوب الرائع“)، بينما الحياة القبيحة تستنفد في الصراع الفوضوي بين تلك القوى، وفي التمزق الناتج عن الأهواء، والذي يجد نموذجًا له في الرومانسية (إذ يتلذذ البطل الرومانسي بالانسياق وراء مشاعره المتناقضة، بحبه المستحيل الذي تبعث تواتراته المترددة في نفسه اليأس وتزهقه بلا طائل).
إن أعمق قيمة في الحياة، “ما وراء الخير والشر“، هي إذًا في نظر (نيتشه) قوّتها. لذلك تسعى فلسفته كلها إلى هدف أقصى: هو البحث عن توافق متناغم بين القوى الحيوية فينا، توافق لابد أن يسمح لها بأن تنمو بأكثر ما يمكن من “الفعالية“، دون قمع بعضها أو تشويهها لمنح الأحقية للبعض الآخر.
..
إن الحياة الطيّبة تقوم على تناغم كامل بين قوانا الحيوية (ما يسميه (نيتشه) “الأسلوب الرائع“)، بينما الحياة القبيحة تستنفد في الصراع الفوضوي بين تلك القوى، وفي التمزق الناتج عن الأهواء، والذي يجد نموذجًا له في الرومانسية (إذ يتلذذ البطل الرومانسي بالانسياق وراء مشاعره المتناقضة، بحبه المستحيل الذي تبعث تواتراته المترددة في نفسه اليأس وتزهقه بلا طائل).
29/7/2016
#مدفل #مد_نيتشه
"العود الأبدي" عند نيتشه
كما يراه لوك فيري:
إن “العَوْد الأبدي” هو الفكرة القائلة بأن الرغبة في أن نحيا من جديد، وبلا نهاية، ما عشناه من قبل، هي المقياس الأقصى للحكم بشأن لحظات حياتنا التي تستحق العناء من أجل أن تعاش. إن في هذه اللحظات بعدًا من أبعاد الأبدية ينقذها ويجعلها “أقوى من الموت”.
...
إن الأصل في المبدأ الجديد للحياة الطيبة يستقي قوته من خاصية اللذة، التي يلخصها (نيتشه) في العبارة الجميلة التالية:
“كل لذة تطلب الأبدية“.
فعندما نعرف لحظات قوة وحرية قصوى، عندما يكون المرء محبًا إلى حد الجنون على أساس حب متبادل، أو حين يتوصل إلى إبداع عمل يكشف لنا عن جانب مجهول من العالم أو من التجربة الإنسانية، فإنه يحس ما يسميه (نيتشه) “خفّة الراقص“، يحس شعورًا بالتصالح مع الواقع يبلغ من القوة ما يجعله لا يتمالك عن رجاء استمرار تلك اللحظات إلى الأبد.
إنها لحظاتُ توافُقٍ كامل مع الحاضر الذي يُقيم فيه المرء آنذاك بلا احتراز ودون التفكير في الماضي ولا في المستقبل، بحيث لم تعد اللحظة الراهنة نسبية بالنظر إلى الذكريات أو المشاريع، بل تصبح وكأنها بذرة من الأبدية. ذاك هو العَوْد الأبدي.
وهنا ننجو من الحيرة أمام الموت. ونلامس الأبدية وتزول الحيرة، في تلك اللحظات من التصالح مع الحاضر.
“كل لذة تطلب الأبدية“.
فعندما نعرف لحظات قوة وحرية قصوى، عندما يكون المرء محبًا إلى حد الجنون على أساس حب متبادل، أو حين يتوصل إلى إبداع عمل يكشف لنا عن جانب مجهول من العالم أو من التجربة الإنسانية، فإنه يحس ما يسميه (نيتشه) “خفّة الراقص“، يحس شعورًا بالتصالح مع الواقع يبلغ من القوة ما يجعله لا يتمالك عن رجاء استمرار تلك اللحظات إلى الأبد.
إنها لحظاتُ توافُقٍ كامل مع الحاضر الذي يُقيم فيه المرء آنذاك بلا احتراز ودون التفكير في الماضي ولا في المستقبل، بحيث لم تعد اللحظة الراهنة نسبية بالنظر إلى الذكريات أو المشاريع، بل تصبح وكأنها بذرة من الأبدية. ذاك هو العَوْد الأبدي.
وهنا ننجو من الحيرة أمام الموت. ونلامس الأبدية وتزول الحيرة، في تلك اللحظات من التصالح مع الحاضر.
الديونيزوسي، يعبر عن اللذة والألم، الفرح والرهبة، ويعبر عن ذوبان الإنسان في الطبيعة، أما الأبولوني، فهو يحرر الإنسان من كل اندفاعاته المتوحشة، ويجعله متوازناً ومنسجماً، ومن هذا التقابل، يلاحظ التناقض بين نوعين من المنطق أو صورتين من التفكير، هما: النمط الغريزي القائم على المخاطرة والإقدام والذي يتجسد في الرقص والموسيقى والمسرحية، والنمط الثاني هو النمط التأملي الهادئ والتفكير العقلي القائم على الحوار المنطقي والتريث الفلسفي ابولون، بمزيد من التحديد "رمز غريزة فن التشكيل، وهو إله الوضوح والنور والقياس والتشكل والتأليف المتناسق، أما ديونيزوس فهو على العكس، إله الفوضى المفرطة، واللا شكل، وتيار الحياة الصاخب والهذيان الجنسي، انه إله الليل، وهو بعكس ابولون إله الموسيقى، الموسيقى التي تغوي وتثير وتطلق عنان الأهواء جميعاً""
(عادل عبدالله)
(عن فيسبوك)
هناك تعليق واحد:
يقول بوذا: دعك مما حصل وانتهى
ودعك مما لم يحصل بعد
راقب بعمق ما يحصل الآن... لكن لا تتمسّك به.
إنها الطريقة الأفضل للحياة.
(بوذا)
فهل في هذا القول ما يوحي بتأثرٍ ما لنيتشه ببوذا في موضوعة العود الأبدي؟؟
بخاصة إذا عرفنا أن نيتشه قد اهتم بالفكر الشرقي، وجعل من زرادشت عنواناً لأهم كتبه، وإن كان قد نحت زرادشتاً خاصاً به..
إرسال تعليق