الاثنين، 13 مارس 2017

كرش أبي؛ نور دكرلي.





كرش أبي
 نور دكرلي.

"صديقتي تلك تزوجت كرشا له قدمين ووجه، وأنجبت أربعة أولاد..."
 .
أتحسس بطني كل يوم، وأردد: لم يحن وقت الأولاد بعد، لم يظهر لي كرش إلى الآن.
 
لا أريد أولادا قبل أن ينبت لي كرشٌ، الكرش عند الأب بمثابة صدر الأم، أطفال بأب دون كرش أطفال ناقصو الحنان.
 
أبي كان له كرش منفوخ بالحنان، كنّا نربّت عليه كل مساء، نلعب فوقه، ننام عليه ..لذا كبرت و أنا أشعر بعاطفة متساوية تجاه أمي و أبي.
أتخيل لو أن لدي أبن الآن، كيف ستكون حياته، كيف سيذهب إلى المدرسة ليراقب أصدقاءه وهم يتحدثون بمرح عن كروش أبائهم و يتفاخرون بها، أحدهم يصف كرش والده المغطى بقليل من الشعر، وآخر يحكي كيف غفا الليلة السابقة وخده على كرش والده.. بينما ابني يستمع إليهم بحسرة والكروش تتقافز من أعين أصدقائه... ثم سينزوي وحيداً في المقعد الأخير، شارد الذهن طيلة الدرس، يرسم على دفتره كروشا بأحجام مختلفة.
سيعود إلى البيت ليتلمس بطني المنكمش، فينكمش قلبه خيبةً وحزناً، سيرى في منامه أطفالاً سعداء يتلمسون كروشاً ويربّتون عليها بمرح.. أباء بكروش كبيرة، كروش ترقص... كرش عملاق يتجه نحوه ليبتلعه..
 
سيكبر وسترافقه عقدة الكرش المفقود طيلة حياته.. سيشعر بنقص في الحنان ولن يعوضه عن ذلك حنان ألف أم ولا كرشه مهما كبر.
منذ سنوات.. قالت لي صديقة بينما تتلمس بطني بحثا عن كرش ما:
كان أبي بلا كرش، لم يتواجد أي كرش في منزلنا، ثم تتابع بحزن بينما أحاول أنا نفخ بطني:
 
تخيل أنني دائما أبحث عن رجل بكرش لأحبه.. أبحث عن أب كامل في كل رجل... عن الكرش الذي افتقدته..
 
لو أن لك كرشاً لنجحنا معاً.. لكني أخاف على بناتي في المستقبل.. أن يعمي الكرش أعينهم.
كان لي صديق عاش طفولته ولم يلعب مرة بكرش.. والده كان بلا كرش.. كنت أحدثه دائماً عن كرش أبي لأغيظه، واسترسل في حديثي لساعات، أرسل له صوراً من طفولتي برفقة كرش أبي، أرسل له صور أطفال مع أباء بكروش..
 
صديقي هذا صار يهذي بالكروش، صار مدمنا على الكحول وكلّما ثمل بكى وصار يحكي عن الحنان الذي افتقده في طفولته. عن الكرش المفقود..
 
مؤخرا سمعت بأنه تم سجنه بتهمة طعنه لرجال في بطونهم، لطعنه بعض الكروش..
صديقتي تلك تزوجت كرشا له قدمين ووجه، وأنجبت أربعة أولاد...
 
تراقب لعبهم كل ليلة مع كرش زوجها، تضحك مع ضحكهم... يقفز قلبها سعادة مع قفزاتهم فوق الكرش.
 
وحين تستلقي على السرير لتنام، تضع يدها فوق الكرش، وتبكي.


ليست هناك تعليقات: