بين الأمس واليوم. (ما يشبه التوثيق)
محمد الحجيري
قديماً، لم تكن عواصف. وبالتالي لم يكن هناك أسماء لأشياء غير موجودة.
الشتاء هو الشتاء. وفيه بردٌ ومطر وثلجٌ كثير.
كانت الثلوج تؤدي أحياناً إلى حالات وفاة، وإلى حالات "شرود".. فالثلوج المترافقة مع الريح، وطمس معالم الأرض وتضاريسها، تقود السائر إلى حيث تريد هي.
أذكرُ حديثَ رجلٍ كان بيتُه يقعُ على أطراف البلدة، أنه سمع ارتطام جسمٍ ما على بابه في الليل. ظنّ أنه قد يكون أحد الضباع التي كانت تتوافد إلى القرية هرباً من قساوة الطقس، ولما تشجّع وفتح الباب، وجد رجلاً منهاراً أمامه، شرّدته الريح، ومن حسن حظه أنه وصل إلى أطراف البلدة وتم إنقاذه، لكن آخرين لم يحظَوْا بمثل ذلك الحظ وماتوا.
يحدثنا أهلنا عن "سنة الثلجة"
لا أدري هل كان ذلك العام في أربعينيات القرن الماضي أم في خمسينياته. حاصرت الثلوجُ المنازلَ لأيامٍ عديدة، ولم يعد بمستطاع الناس فتح أبواب منازلهم بسبب الثلوج المتراكمة في الخارج.
ومن استطاع منهم فتح باب منزله والخروج منه، كان يلقي ببعض الخبز المتوفّر لديه إلى جيرانه من مداخن المواقد بعد صعوده إلى السطوح.
وأذكر أن سطوح الحيّ كانت تشكل سطحاً واحداً تقريباً، فقد كان الناس يبنون منازلهم متلاصقة لاعتماد جدران مشتركة، وربما لما يوفره ذلك من اتقاء للريح وتعرض الجدران للمناخ الخارجي بشكلٍ مباشر.
لم تكن عاصفة. ولم يكن لها اسم. كانت تلك "الثلجة" اسماً لذلك العام. وبقي الأهالي لعقود طويلة يتحدثون عن "سنة الثلجة". وبقُوا أيضاً لعقود يتحدثون عن "سنة الكما" (الكمأة).. حيث كان الناس يجدون حبات الكمأة على السطوح الترابية.
وحين كانوا يقصدون البراري أو منطقة الحماد في سورية، فكانوا يجنون الكثير من ذلك الغذاء العجيب. كانوا يملأون "الشليف"، والشليف هو وسيلة لنقل الحاجيات توضع على ظهر الدابة، ويتسع في كفتيْه ربما لكمية من الكمأ يناهز السبعين كيلوغراماً.
في ذلك العام: "سنة الكما"، جفف الناس الكمأ من أجل استهلاكه لفترة طويلة.
مع ذلك، لم تكن "عواصف"، ولم تكن أسماءٌ للعواصف.
كانت "سنة الثلجة"، و"سنة الكما"، و"سنة السيلة" (حيث دخلت السيول المنازل ودمرت بعضها).
هذا ما كان في الماضي. أما اليوم، فكل اشتداد للريح "عاصفة"، ولها اسم، وأجنبيّ في أغلب الأحيان.
الشتاء هو الشتاء. وفيه بردٌ ومطر وثلجٌ كثير.
كانت الثلوج تؤدي أحياناً إلى حالات وفاة، وإلى حالات "شرود".. فالثلوج المترافقة مع الريح، وطمس معالم الأرض وتضاريسها، تقود السائر إلى حيث تريد هي.
أذكرُ حديثَ رجلٍ كان بيتُه يقعُ على أطراف البلدة، أنه سمع ارتطام جسمٍ ما على بابه في الليل. ظنّ أنه قد يكون أحد الضباع التي كانت تتوافد إلى القرية هرباً من قساوة الطقس، ولما تشجّع وفتح الباب، وجد رجلاً منهاراً أمامه، شرّدته الريح، ومن حسن حظه أنه وصل إلى أطراف البلدة وتم إنقاذه، لكن آخرين لم يحظَوْا بمثل ذلك الحظ وماتوا.
يحدثنا أهلنا عن "سنة الثلجة"
لا أدري هل كان ذلك العام في أربعينيات القرن الماضي أم في خمسينياته. حاصرت الثلوجُ المنازلَ لأيامٍ عديدة، ولم يعد بمستطاع الناس فتح أبواب منازلهم بسبب الثلوج المتراكمة في الخارج.
ومن استطاع منهم فتح باب منزله والخروج منه، كان يلقي ببعض الخبز المتوفّر لديه إلى جيرانه من مداخن المواقد بعد صعوده إلى السطوح.
وأذكر أن سطوح الحيّ كانت تشكل سطحاً واحداً تقريباً، فقد كان الناس يبنون منازلهم متلاصقة لاعتماد جدران مشتركة، وربما لما يوفره ذلك من اتقاء للريح وتعرض الجدران للمناخ الخارجي بشكلٍ مباشر.
لم تكن عاصفة. ولم يكن لها اسم. كانت تلك "الثلجة" اسماً لذلك العام. وبقي الأهالي لعقود طويلة يتحدثون عن "سنة الثلجة". وبقُوا أيضاً لعقود يتحدثون عن "سنة الكما" (الكمأة).. حيث كان الناس يجدون حبات الكمأة على السطوح الترابية.
وحين كانوا يقصدون البراري أو منطقة الحماد في سورية، فكانوا يجنون الكثير من ذلك الغذاء العجيب. كانوا يملأون "الشليف"، والشليف هو وسيلة لنقل الحاجيات توضع على ظهر الدابة، ويتسع في كفتيْه ربما لكمية من الكمأ يناهز السبعين كيلوغراماً.
في ذلك العام: "سنة الكما"، جفف الناس الكمأ من أجل استهلاكه لفترة طويلة.
مع ذلك، لم تكن "عواصف"، ولم تكن أسماءٌ للعواصف.
كانت "سنة الثلجة"، و"سنة الكما"، و"سنة السيلة" (حيث دخلت السيول المنازل ودمرت بعضها).
هذا ما كان في الماضي. أما اليوم، فكل اشتداد للريح "عاصفة"، ولها اسم، وأجنبيّ في أغلب الأحيان.
(9/1/2019)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق