هل يوجد استخدامٌ سيّءٌ للعقل؟
لقد أغنت تعليقات الأصدقاء
هذا الموضوع، لكن أكتفي بأحد هذه التعليقات لأضيفه إلى المتن، كإجابةٍ شاملة عن
الموضوع المطروح. هي إجابة الصديق مجيد مجد التي يقول فيها:
سؤال أعتقد أنه طُرح بخلفيةٍ ديكارتية، أي استناداً إلى قول ديكارت: العقل هو أعدل الأشياء توزعاً او قسمة بين الناس، فالله الذي خلقنا منحنا نفس القدر من العقل، فقط هناك منا من يحسن استخدام عقله، وهناك من يسيء استخدام عقله. ديكارت سواء في كتاب التأملات او في كتاب مقال في المنهج الذي هو كتاب مبادىء من أجل حسن قيادة العقل يجعل من العقل ميزة إنسانية تنتصب شاهداً على الفرق الجذري بين الإنسان والحيوان، كما يجعل من العقل سلطةً عليا وسراجا يجب أن نسير على هديه، لان من يمتلك العقل ولا يستخدمه يشبه من يمشي وهو مغمض العينين، كما يؤكد أن العقل المصحوب بممارسة الشك هو السبيل الموصل إلى الحقيقة، وهو ما يجعلنا متزنين سواء على المستوى النظري أو العملي. ولأن للعقل أضداداً كثيرة، مثل الخطأ والوهم والكذب والخيال، التي تندرج كلها في اطار اللاعقل، فإنا إذا انطلقنا من خلفية فرويدية ونيتشوية قد يساء استخدامه عندما يصبح في خدمة اللاعقل، أي في خدمة الأهواء والغراىز، كما يصبح وسيلةً لممارسة الكذب والإخفاء والكتمان والخداع، وفي مستويات أرقى يصبح وسيلةً لممارسة السلطة والسيطرة والهيمنة بمختلف اشكالها.
في الفرويدية المريض النفسي يمارس نوعاً من المقاومة، فيراوغ ويناور من أجل إخفاء الحقيقة وذلك حتى يحول بين المحلل النفسي وبين الوصول إلى اكتشاف الأسباب الحقيقية للأمراض أو الاضطرابات والعقد النفسية التي يعاني منها. وهذا ما يتكشف لنا بالعودة إلى كتاب تفسير الأحلام وإلى كتاب "التحليل النفسي للهستيريا بشكلٍ نموذجي. فالمريضة الشابة التي تعاني من الهستيريا وتمتلك جميع مقومات الشخصية الهيستيرية، من فقدان الشهية والصوت والسعال ...قاومت بشراسة من أجل أن لا يصل فرويد إلى اكتشاف الأسباب والعوامل التي جعلت منها شخصية هستيرية ومثلية الجنسية.. وهو الأمر الذي كانت تخفيه بقوة، وكانت تقاوم من أجل أن لا يصل فرويد إلى اكتشاف العلاقة الصميمية الموجودة بين مرض الهستيريا الذي تعاني منه، وبين طفولتها وماضيها وحياتها الجنسية.
في الفلسفة النيتشوية التي توجد بينها وبين الفرويدية علاقة قرابة عميقة نكتشف أن العقل أو الوعي لدى الإنسان لم يكن منذ البدء ضروريا، بل إنه ظهر في سياق الصراع من أجل البقاء وحفظ الذات، ولهذا يصبح العقل في خدمة الغرائز والأهواء وعلى رأسها غريزة او رغبة حفظ البقاء. فالانسان "العاقل" لا يهمه الوصول إلى الحقيقة بقدر ما يهمه الحفاظ على حياته. ولهذا فإنه يستخدم عقله من أجل إخفاء الحقيقة والوعي بالمصائب والويلات التي قد تترتب عن البوح بالحقيقة، هذا إضافة إلى أن الإنسان ليحفظ بقاءه يستخدم عقله للهروب من الواقع إلى عالم الأوهام التي يعتاش عليها، ولهذا، فالوهم هو ضد للحقيقة، وهو أشد صلابة من الخطأ، لأن الخطأ يمكن اكتشافه وتصحيحه، بينما الوهم ليس كذلك لأنه يصبح جزءاً من بنيتنا اللاشعورية ولأنه موضوع رغبة وهي رغبة حفظ البقاء. ليخلص نيتشه إلى أن اللاعقل او اللاوعي وليس الوعي هو الذي يشكل الجانب المهم فينا وهو الذي يتحكم في افعالنا.
إذا غادرنا التحليل النفسي والفلسفة ودلفنا الى مجال الفلسفة السياسية، يمكن أن نستحضر على سبيل المثال ميكيافيلي باعتباره مؤسس الفكر السياسي الحديث. ففي كتابه الأمير يتضح لنا كيف أن العقل يُستخدم لتحقيق أغراض آثمة تتلخص انطلاقاً من منطق الغاية تبرر الوسيلة، في الحفاظ على الحكم او على السلطة السياسية. فمن الوصايا التي يقدمها ميكيافيلي للأمير أن له في أن يكذب على شعبه وفِي أن يخدعه وفِي أن يخفي الحقيقة، وفِي أن يجمع في ممارسته بين مكر الثعلب وبطش الأسد.
سؤال أعتقد أنه طُرح بخلفيةٍ ديكارتية، أي استناداً إلى قول ديكارت: العقل هو أعدل الأشياء توزعاً او قسمة بين الناس، فالله الذي خلقنا منحنا نفس القدر من العقل، فقط هناك منا من يحسن استخدام عقله، وهناك من يسيء استخدام عقله. ديكارت سواء في كتاب التأملات او في كتاب مقال في المنهج الذي هو كتاب مبادىء من أجل حسن قيادة العقل يجعل من العقل ميزة إنسانية تنتصب شاهداً على الفرق الجذري بين الإنسان والحيوان، كما يجعل من العقل سلطةً عليا وسراجا يجب أن نسير على هديه، لان من يمتلك العقل ولا يستخدمه يشبه من يمشي وهو مغمض العينين، كما يؤكد أن العقل المصحوب بممارسة الشك هو السبيل الموصل إلى الحقيقة، وهو ما يجعلنا متزنين سواء على المستوى النظري أو العملي. ولأن للعقل أضداداً كثيرة، مثل الخطأ والوهم والكذب والخيال، التي تندرج كلها في اطار اللاعقل، فإنا إذا انطلقنا من خلفية فرويدية ونيتشوية قد يساء استخدامه عندما يصبح في خدمة اللاعقل، أي في خدمة الأهواء والغراىز، كما يصبح وسيلةً لممارسة الكذب والإخفاء والكتمان والخداع، وفي مستويات أرقى يصبح وسيلةً لممارسة السلطة والسيطرة والهيمنة بمختلف اشكالها.
في الفرويدية المريض النفسي يمارس نوعاً من المقاومة، فيراوغ ويناور من أجل إخفاء الحقيقة وذلك حتى يحول بين المحلل النفسي وبين الوصول إلى اكتشاف الأسباب الحقيقية للأمراض أو الاضطرابات والعقد النفسية التي يعاني منها. وهذا ما يتكشف لنا بالعودة إلى كتاب تفسير الأحلام وإلى كتاب "التحليل النفسي للهستيريا بشكلٍ نموذجي. فالمريضة الشابة التي تعاني من الهستيريا وتمتلك جميع مقومات الشخصية الهيستيرية، من فقدان الشهية والصوت والسعال ...قاومت بشراسة من أجل أن لا يصل فرويد إلى اكتشاف الأسباب والعوامل التي جعلت منها شخصية هستيرية ومثلية الجنسية.. وهو الأمر الذي كانت تخفيه بقوة، وكانت تقاوم من أجل أن لا يصل فرويد إلى اكتشاف العلاقة الصميمية الموجودة بين مرض الهستيريا الذي تعاني منه، وبين طفولتها وماضيها وحياتها الجنسية.
في الفلسفة النيتشوية التي توجد بينها وبين الفرويدية علاقة قرابة عميقة نكتشف أن العقل أو الوعي لدى الإنسان لم يكن منذ البدء ضروريا، بل إنه ظهر في سياق الصراع من أجل البقاء وحفظ الذات، ولهذا يصبح العقل في خدمة الغرائز والأهواء وعلى رأسها غريزة او رغبة حفظ البقاء. فالانسان "العاقل" لا يهمه الوصول إلى الحقيقة بقدر ما يهمه الحفاظ على حياته. ولهذا فإنه يستخدم عقله من أجل إخفاء الحقيقة والوعي بالمصائب والويلات التي قد تترتب عن البوح بالحقيقة، هذا إضافة إلى أن الإنسان ليحفظ بقاءه يستخدم عقله للهروب من الواقع إلى عالم الأوهام التي يعتاش عليها، ولهذا، فالوهم هو ضد للحقيقة، وهو أشد صلابة من الخطأ، لأن الخطأ يمكن اكتشافه وتصحيحه، بينما الوهم ليس كذلك لأنه يصبح جزءاً من بنيتنا اللاشعورية ولأنه موضوع رغبة وهي رغبة حفظ البقاء. ليخلص نيتشه إلى أن اللاعقل او اللاوعي وليس الوعي هو الذي يشكل الجانب المهم فينا وهو الذي يتحكم في افعالنا.
إذا غادرنا التحليل النفسي والفلسفة ودلفنا الى مجال الفلسفة السياسية، يمكن أن نستحضر على سبيل المثال ميكيافيلي باعتباره مؤسس الفكر السياسي الحديث. ففي كتابه الأمير يتضح لنا كيف أن العقل يُستخدم لتحقيق أغراض آثمة تتلخص انطلاقاً من منطق الغاية تبرر الوسيلة، في الحفاظ على الحكم او على السلطة السياسية. فمن الوصايا التي يقدمها ميكيافيلي للأمير أن له في أن يكذب على شعبه وفِي أن يخدعه وفِي أن يخفي الحقيقة، وفِي أن يجمع في ممارسته بين مكر الثعلب وبطش الأسد.
محمد علي رضا كما يمكنُ للعقلِ أن يكون آداة تحرّر يمكنه أيضًا أن يكون آداةً
عمياءَ ضريرة وَ كلُّ شيءٍ رهنٌ بوجهةِ استخدامه
محمد
الحجيري أظن
أن الموضوع يتعلق بأمرين مختلفين: استخدام العقل في الوصول إلى المعرفة، هل يمكن
استخدام العقل بطريقة سيئة في البحث. وثانياً، توظيف ما يتوصل إليه العقل في
استخدامات سيئة بالمعنى الأخلاقي.
مع أن هذا يطرح إشكالية جديدة، لأن البعض يرى بأن العقل يشكل ضمانةً أخلاقية، فالفضيلة معرفة بحسب سقراط. مما يطرح سؤالاً جديداً: هل العقل هو من يضع الأهداف الأخلاقية للسلوك؟
مع أن هذا يطرح إشكالية جديدة، لأن البعض يرى بأن العقل يشكل ضمانةً أخلاقية، فالفضيلة معرفة بحسب سقراط. مما يطرح سؤالاً جديداً: هل العقل هو من يضع الأهداف الأخلاقية للسلوك؟
محمد الحجيري أقصد: إذا كنا بالعقل قد توصلنا إلى معرفة أسرار الذرة، فهل قرار
تصنيع القنبلة الذرية وقرار الحروب هو مسؤولية العقل؟ هل القرار الأخلاقي مسؤولية
عقلية أم مستقلة عن العقل؟
محمد الحجيري من يعرف الخير لا يمكن أن يفعل الشر. هذا ما كان يراه سقراط. البعض يرى بأننا يمكن أن نعرف الخير ونفعل الشر، بدافع المنفعة مثلاً أو الميل العدواني، أو بسبب الغضب..
محمد الحجيري ديكارت يقول بأن هناك استخدام سيء للعقل في البحث المعرفي، وهذا ما
فهمته أساساً من الموضوع المطروح. لكن الكثير من التعليقات ذهبت في اتجاه استخدام
المعرفة وليس تحصيلها. وهما موضوعان مختلفان.
Joseph Issaoui سقراط كان يرى مع افلاطون ان
"المعرفة تذكُّرٌ" وبالتالي فالخير والشر موجودان في عالم المُثل التي
ما الاجسام الا تمظهرات لها. هل تقصد ان الخير والشر انما نستلّهما من
"فوق" بحسب النظرة الافلاطونية التي خرجت من معطفها دياناتنا؟
محمد الحجيري لا. أنا لديّ فهم لعبارة سقراط، بأن المعرفة الحقيقية العميقة التي تعرف تماماً ما يترتب من شرور لأفعالنا تجعلنا لا نقدم عليها. مثلاً، لو أن الطيار الذي يلقي بقنابله من خلال معرفة كيف يضغط على زر بطريقة آلية، لو أنه كان يمتلك المعرفة الحقيقية، مصير الناس واليتامى والمصابين والمآسي الكثيرة التي يتسبب بها سلوكه. لو كانت معرفته كاملة لم أقدم على فعلته.
محمد الحجيري وبالتالي فالمعرفة الحقيقية لا يمكن أن ينتج عنها شر. الشر ناتج عن
معرفة ناقصة. وإلا إذا كان سقراط لا يقصد ذلك، فأظن بأنه سيكون ساذجاً، لأننا من
الواضح أننا نعرف بأن سلب الآخرين عمل شرير، ومع ذلك نقوم بسلبهم. وبالتالي يمكن
أن أعرف الخير وأقوم بالشر.
محمد علي رضا أوليسَ عقلهُ هو من سبّب معرفته النّاقصة! لو كانَ جوهر العقلِ
كاملًا بالعلم والمعرفة لما انجذب إلى الأنوارِ الإلهية
Joseph Issaoui نعم وسؤال هل المعرفة الكاملة في
ظنك صاحبي موجودة في عالم المثل، ام هي في عقله الباطن مثلاً، ام نتيجة تربية على
"الواجب الاخلاقي"؟
محمد
الحجيري نعم.
هذا سؤال وجيه والإجابة عنه صعبة. أفلاطون يدعي بأنها موجودة في عالم المثل. هذا
إغراق في المثالية. البعض يذهب إلى أن هذا الرأي هو رأي سقراط أيضاً. أنا لا أظن
ذلك. سقراط كان يعتبر بأن المعرفة كامنة بالقوة في استخدامنا للعقل. لم يقل بوجود
مفارق لها سابق على الواقع. قد يحق للبعض اعتبار أن أفلاطون ذهب بأفكار سقراط إلى
نتيجتها المنطقية.
أنا أظن بأن المعرفة المطلقة غير موجودة. هي جدلية باستمرار ولا وجود للنهايات. ليس ثمة إلا سيرورة مستمرة.
في الموضوع الأخلاقي، أظن أن بعض ما قاله كانط عملي ومفيد: أن نجعل من سلوكنا صالحاً لأن يكون تشريعاً كونياً، وهو ما يقرب من العبارة المألوفة: اعمل مع الآخرين ما تقبل أن يعملوه معك. أن يخرج الفرد من مركزيته وأنانيته. لا يمكن أن ننتظر اكتمال المعرفة لنقوم بالفعل.
أنا أظن بأن المعرفة المطلقة غير موجودة. هي جدلية باستمرار ولا وجود للنهايات. ليس ثمة إلا سيرورة مستمرة.
في الموضوع الأخلاقي، أظن أن بعض ما قاله كانط عملي ومفيد: أن نجعل من سلوكنا صالحاً لأن يكون تشريعاً كونياً، وهو ما يقرب من العبارة المألوفة: اعمل مع الآخرين ما تقبل أن يعملوه معك. أن يخرج الفرد من مركزيته وأنانيته. لا يمكن أن ننتظر اكتمال المعرفة لنقوم بالفعل.
محمد الحجيري أظن أنه من نماذج
الاستخدام السيء للعقل في المعرفة، الوثوق بالحواس كما ذكر ديكارت. مع أنها توقعنا
في الخطأ.
كما أن الوثوق المطلق في المنهج التجريبي كسبيل للوصول إلى تفسير الظواهر الطبيعية، كان خطأً عقلياً. وهذا ما فنده بالتفصيل كارل بوبر. العقل كان وسيلة المعرفة، ثم كان هو الوسيلة لنقدها وتصحيحها، وبالتالي للفت النظر عن إمكان الاستخدام السيء لذاته.
المغالطات المنطقية كانت شكلاً من أشكال الاستخدام السييء للعقل، وهو ما دفع أرسطو لوضع قواعد المنطق وتمييز الاستنتاج الصحيح المبرر من غير المبرر..
كما أن الوثوق المطلق في المنهج التجريبي كسبيل للوصول إلى تفسير الظواهر الطبيعية، كان خطأً عقلياً. وهذا ما فنده بالتفصيل كارل بوبر. العقل كان وسيلة المعرفة، ثم كان هو الوسيلة لنقدها وتصحيحها، وبالتالي للفت النظر عن إمكان الاستخدام السيء لذاته.
المغالطات المنطقية كانت شكلاً من أشكال الاستخدام السييء للعقل، وهو ما دفع أرسطو لوضع قواعد المنطق وتمييز الاستنتاج الصحيح المبرر من غير المبرر..
Abdallah Haddad ان يقال ان شيء ما سيء أو جيد مرتبط بنظام القيم والحكم بالتالي يبقى لدى كل فرد بعد طرحه السؤال سيء أو جيد لمن؟ وبأي معيار قيمي؟ إذا تخطينا الفرد نحو البشرية فالمعرفة في محصلتها العامة خدمت غاية جيدة اي تحقيق إنسانية الإنسان، لكنها في نفس الوقت استخدمت في مشروع العقلنة الشاملة (تعبيرها الحديث هو العولمة) وتبعد إلى حد ما الإنسان عن إنسانيته لأنها تدخله في وظائف وأدوار لا تحترم كليته الانسانية حددها نظام موضوعي فاقد للمعنى، وهذه نتيجة سيئة.
ما بعرف اذا عم احكي بصلب الموضوع بس هيك كنت قاربته لو كنت بصف البكالوريا
محمد
الحجيري شكراً
يا أستاذ عبدالله على هذه المداخلة القيّمة. أظنها إجابةً مناسبةً تماماً إذا كان
البعد الأخلاقي (أو البرغماتي العملي) لاستخدام العقل هو المقصود، وقد يكون
المقصود هو البعد الأبستمولوجي المعرفي، فيكون تعليق الصديق مجيد مناسباً.
عذراً لم أنتبه للتعليق إلا الآن.
عذراً لم أنتبه للتعليق إلا الآن.
عبد الستار التامري العقل يحمل في ذاته الهشاشة كما بين ذلك ديكارت في تأملاته
بحيت إكتشف أن هذا العقل يحمل في ذاته القابلية للخطأ وكما أثبت ذلك كانط الذي
توصل إلى أن العقل ينتج الأوهام وقبل ذلك مع أرسطو الدي وضع المنطق لحماية العقل
من هذا السوء في الإستخدام و حدد مجال المعقول في حدود الوجود و اللامعقول في حدود
اللاوجود، وهذه التنائية ستنبني عليها تنائيات أخرى الصدق و الكذب الرجل و
المرأة... وهذا المنطق التنائي القيمة سيج الفكر الغربي و الميتافيزيقا الغربية
عموما وجعل من العقل هو المركز و الباقي هوامش مارس عليها الإقصاء و القمع، وعليه
فنفس العقل الذي نفكر من خلاله يعطي التقدم و الأنوار و العقلانية و يكرس كذلك
السلطة و السيطرة و الهيمنة. و هو ما سيعمل رواد الإتجاه التفكيكي على إعادة النظر
فيه بحيت كان العقل الميتافيزيقي الغربي أحد مواضيع التي تما تفكيكها
محمد الحجيري شكراً على هذه الإضافة الهامة على
الموضوع المطروح. لكن السؤال: هل القرار بالسيطرة أو بالشر بشكل عام هو من مسؤولية
العقل؟ هل الرغبة من مسؤولية العقل، أم تقتصر وظيفته على ضبط مسار المعرفة؟
عبد الستار التامري محمد الحجيري تحية و تقدير أخي الفاضل أشكرك
بدوري على هذه الإشكالات القيمة. بالنسبة للإشكال الأول أعتقد بأن هذا العقل نفسه
ليس كامل التكوين و مطلق الصلاحية و ذلك ما نلمسه عند الفيلسوف الألماني امانويل
"كانط" الذي سيحمل مشروع نقد العقل و الإرتقاء بالنقد إلى مستوى منظومة
الحقوق فليس النقد مجرد فعل من أفعال المعرفة بحيت لم يكن إختيار "كانط"
للنقد هو إختيار منهجيا، وانما إختيار النقد هو إختيار للحق في النقد، بحيت نجد في
مقاربة "كانط" تشريح أو تفكيك للعقل و كشف عن مكوناته و إستعمالاته و
لعل الوقوف على مسألة الاستعمال او إعمال العقل هو ما من شأنه الكشف عن هل مصدر
الشر هو العقل؟ أم مصدره المؤسسات التي هي نفسها تجلي للعقل حسب "هيغل"
هذه المؤسسات يمكن أن تتحول من وظيفتها متلا الجامعة من دورها في تعليم الناس كيف
يفكرون و إلى شحد أذهانهم بالمعارف و الأفكار و لعل هذا هو تأكيد نفسه على انه يضع
نظرية في التفلسف أي في كيفية إستخدام العقل لا نظرية في تاريخ الفلسفة لأنه تاريخ
الفلسفة لا يقدم لنا سوى كترت المعارف و الأعلام و نصبح نرددها دون أن تكون لنا القدرة
على "الحكم" المستقل. بالنسبة لشطر التانية من السؤال لا يخفاك علما
إستادي أن" أرسطو" أول ما يفتتح به مقالة اللألف الكبرى هي " يرغب
البشر بالطبيعة في المعرفة......" فالرغبة هي الباعت على توجه العقل نحو
المعارف
Hani Diab من يضع تعريف الاستعمال السيء او
الجيد؟ وهل يصلح تعريف معين متفق عليه وفقا لقيم معينة لأماكن وأزمنة مختلفة؟
Hussein Abboud الامر يتعلق بتعريف العقل ، ماذا نقصد بالعقل؟ قد يكون العقل بمعناه الاصلي لا يأتي الا بما هو نبيل اما العقل بالمفهوم الشائع اليوم فله استخدامات سيئة اكيد، حين يوضع العقل في خدمة التجارة والربح مثلاً سيصبح مؤذياً، كذلك قد يأتي العقل بحلول للمشاكل الاقتصادية و الاجتماعية على حساب الانسان
عبد الستار التامري برغم من أنني أتحفظ على مفهوم الشر
لأن الشر بحد ذاته موضوع فلسفي و لاهوتي كبير و اشكال الشر هو من إحدى عوامل ظهور
فلسفة الذين
Jamal Naim لا أعتقد أنّ السؤال يقصد الإستعمال السيِّىء للعقل أمبيريًّا، أي عينيًّا وبحسب الظروف؛ لأنّ هذا الإستخدام لمنتجات العقل استخدامًا شرِّيرًا واضحٌ ولا لبْس فيه وهو من الأمور التي لا يختلف عليها اثنان.
عندما نطرح هذا السؤال فإنّا نقصد العقل بما هو عقل، فإنّا نقصد العقل بما هو كذلك. يعني هل هناك استخدامٌ سيِّىء للعقل بما هو عقل؟ أي هل هناك بنية قبليّة للعقل علينا الإنتباه إليها وتؤدّي بنا الى هذا الإستخدام السيِّىء؟ أي هل هناك بنية مجاوزة تحرف العقل عن أهدافه وعلينا أن نشير إليها حتى نمنع العقل من الوقوع في الشّطط؟
بهذه الأسئلة، أي عندما نطرح السّؤال على مستوى العقل نفسه، أي ما يعود الى طبيعته بالذّات، نكون قد طرحنا السؤال بشكلٍ حسنٍ ونكون قد انتقلنا من المستوى الأخلاقي الى المستوى المجاوز، أي نكون قد انتقلنا من المستوى الأمبيري الى المستوى المبدئي والقبلي؟ فيكون السؤال: هل هناك استخدامٌ سيِّىء للعقل بما يعود الى بنيته الذاتيّة والقبليّة، بما يعود الى طبيعته بالذّات؟ هل هناك استخدامٌ سيِّىء للعقل بما هو عقل؟ هل هناك استخدامٌ سيِّىء للعقل من حيث هو عقل؟
وقبل الإجابة لا بدّ من الإشارة الى أنّ النّقد الفلسفي لا قيمة له اذا كان يطال النّاحية الأمبيريّة، النّاحية العينيّة لفلسفة الفيلسوف، كأن نعارض الفيلسوف بأمثلة عبنيّة لنثبت تهافت فلسفته. لذا، فإنّ النّقد الفلسفي له قبمة عندما يطال الحقل المجاوز.
نعم، هناك استخدامٌ سيِّىء بهذا المعنى للعقل وفقًا لما يقوله الفلاسفة. فقد أشار الى ذلك سقراط بدايةً عندما وضع الجهل في البنية المجاوزة للعقل وأشار الى أنّ أخطر ما يُعانية العقل هو الجهل الملازم له. وهذا الجهل هو الذي يُوقعه في الخطأ. وقد سار على خطى سقراط فلاسفةٌ كُثُر فوضع أرسطو قواعد المنطق لمساعدة العقل في التّخلص من جهله الأصلي، ووضع ديكارت قواعد المنهج لحسن قيادة العقل. ومن ثمّ اعتبر شوبنهاور أنّ التّطيُّر أو الإيمان بالخرافات هو أخطر ما يُعانيه العقل. وعندما كتب كنط نقد العقل المحض، اعتبر أنّ أخطر ما يعانيه العقل هو الأوهام الملازمة له. لذا قام بنقد لبنية العقل الذاتيّة، بنقد لطبيعته ولم يعالج قصور العقل بأمثلة، فبيّن أنّ طبيعة العقل البشريّ مثلومة وأنّ الأوهام تلازمه. لذا، يتنطّح للمطلق معتقدًا أنّه، وبسبب أوهامه، قادرٌ على الوصول اليه. ومن ثمّ جاء ماركس ومن قبله هيغل ليعتبر أنّ الاستلاب هو أخطر ما يعانيه العقل. ويبيّن نيتشه وفرويد أنّ اللاوعي الملازم للوعي هو ما يتحكّم بالعقل. وأخيرًا نصل الى دولوز الذي أضاف الحماقة الى بنية العقل القبليّة. فالحماقة جزء من بنية العقل المجاوزة نفسها. ماذا تعني الحماقة؟
إنّها تعني عدم طرح أيّ سؤال أو طرح السؤال بشكلٍ غير حسنٍ. والعقل لا يعاني من جهله أو من أوهامه أو إيمانه بالخرافات بقدر ما يُعاني من حماقته. تلك الحماقة التي تدفعه الى طرح المسألة بشكل غير جيّد أو غير حسن. انطلاقًا من هذا نفهم كيف يكون لدينا أناسٌ على مستوًى عالٍ من العلم، أي يكونون عقلانيّين بامتياز ويكونون فاسدين أو قتلة أو مجرمين. فالعقل الدّاعشي مثلًا لا يعاني من الجهل أو من غيره بقدر ما يعاني من الحماقة. فهم أي الدّواعش عقلانيون حتى في شرورهم. فعندما يقتلون يجيدون استخدام منتجات العقل بشكلٍ جيّد. لكنّهم يطرحون المشكلة بشكل غير جيّد. والرّئيس الأمريكي الذي أمر بإلقاء القنبلة الذرّيّة على اليابان لم يكن جاهلًا، بل كان أحمق، وإن كان الطّيّار المنفّذ جاهلًا. خلاصة القول، إنّ هذا السؤال يكون سؤالًا فلسفيًّا اذا طال البنية المجاوزة للعقل. أمّا إذا اكتفى بواقع ما نشاهده من شرور، فإنّه لا يكون سؤالًا فلسفيًّا. وبما أنّ السؤال مطروح في البكالوريا الفرنسيّة فأعتقد أنّ المقصود هو النّاحية الأخلاقيّة، أي الاستخدام السيّىء لمنتجات العقل، أي توظيف العقل في استخدامات شرّيرة كما قال الصديق الحجيري؛ لأنّ ما قلناه يتجاوز قدرة طلّاب الشهادة الثّانويّة. وبذلك كان يجب أن يُطرح السؤال بشكلٍ آخر. مثلًا : كيف يكون العقل نفسه وسيلة فعّالة في الشّر؟
محمد
الحجيري شكراً
جزيلاً يا دكتور جمال على هذه الإجابة المتكاملة وعلى جهدك في هذه المشاركة. وإن
كانت ستكون مدخلاً لبعض الاستفسارات الإضافية والنقاشات ربما.
أتساءل بدايةً عن المقصود
بالاستلاب الذي يعانيه العقل عند هيغل وماركس.
Jamal Naim محمد
الحجيري مشكلة العقل عند هيغل أنّه لا يعرف الحقيقة الا في
النّهاية، أي بعد فوات الأوان. ما يهمّني هو معالجة المشكلة من خلال الخطر الذي
يعانيه العقل بالذات، أي الذي تعانيه طبيعة العقل ذاته، أي أن ننتبه الى العوائق
الجوّانيّة وليس الى العوائق البرّانيّة. فكنط لم يكن يتطلّع الى العوائق الخارجيّة
التي تعيق السير في طريق الميتافيزيقا، بل الى الأوهام الملازمة للعقل نفسه، بغض
النّظر عن الأهواء وحتى عن أخطاء الحواس. فكنط ليس ديكارت الذي يضع قواعد حسن
قيادة العقل الى الصّواب. إنّ كنط يطلب من الإنسان أن لا يسير في الطريق ذاتها ليس
لأنّها محفوفة بالمخاطر، بل لأنّ العقل نفسه عاجز عن الخوض في مشكلة الميتافيزيقا
بسبب الأوهام الملازمة له والتي تُزيِّن له التنطّح للمطلق.
أمّا بالنسبة الى طرح المشكلة بشكلٍ حسن أو جيّد، فلأنّنا ننطلق من وجهات نظر مختلفة لا نفاضل بينها على أساس الصح والغلط. فهنا ننتقل الى ثقافة مختلفة لا تعتبر معياري الصواب والخطأ أساسًا للحكم على القول الفلسفي.
أمّا بالنسبة الى طرح المشكلة بشكلٍ حسن أو جيّد، فلأنّنا ننطلق من وجهات نظر مختلفة لا نفاضل بينها على أساس الصح والغلط. فهنا ننتقل الى ثقافة مختلفة لا تعتبر معياري الصواب والخطأ أساسًا للحكم على القول الفلسفي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق