الثلاثاء، 20 سبتمبر 2016

ما الفلسفة؟ / د. فارس ساسين.



ما الفلسفة؟

فارس ساسين

 

الفلسفة عبارة يونانية ، والسؤال "ما الفلسفة ؟" بما هو سؤال يسعى إلى ادراك الماهية، هو ايضاً سؤال يوناني. وهذا السؤال ، في صيغته هذه، هو ما يحوّل سقراط إليه سائر الاسئلة ، وما يطرحه باستمرار على محاوريه : ما الشجاعة ؟ ما الفضيلة ؟ ما التقوى؟... أفلاطون في حواراته، وأرسطو في فلسفته ومنطقه، هما بعد سقراط، الدليلان المرشدان على دروب الماهية : ما الجمال؟ ما العلم ؟ ما الوجود ؟ ما العلة ؟ ما الحركة ؟ ما الجوهر؟

 

 

للفلسفة اذا بطاقة هوية تحمل مكان ولادتها وزمانه .

المكان : المستعمرات اليونانية في آسيا الصغرى، او ما اطلق عليه الاغريق القدامى اسم إيونيا.

الزمان : القرن السادس قبل الميلاد.

فما العوامل التي ساعدت على ولادة الفلسفة في ذاك الزمان وذاك المكان .

 

<!--[if !supportLists]-->1- <!--[endif]-->اللغـة اليونانيـة

 

كانت اللغة اليونانية مؤهلة أكثر من غيرها ، لتحديد المعاني وتوجيه التفكير إلى تحديدها تحديدا وافياً ولتنظيم التجربة تنظيماً منهجياً . ونورد، على سبيل المثال، عاملين<!--[if !supportFootnotes]-->[1]<!--[endif]--> هيآ اللغة اليونانية للتفكير الفلسفي :

أ- وجود عبارة توازي "ال" التعريف<!--[if !supportFootnotes]-->[2]<!--[endif]--> في العربية وتوجّه الانتباه للماهية : ليس "الإنسان" هذا أو ذاك الفرد انما هو ماهية عامة . وفي اللغة اليونانية تتحول الصفات بسهولة الى اسماء متى زيدت إليها "ال" التعريف. فالمثل الافلاطونية مثلا نعوت أصبحت اسماء (العادل، الحسن، المعادل...)

ب- وجود فعل أون (ôn, to be, être) الذي يربط الاسم بالصفة والمبتدأ بالخبر<!--[if !supportFootnotes]-->[3]<!--[endif]-->. ولهذه العبارة معانٍ عدة (الوجود، الكائن، الهو) مما يفسر الى حدّ ما تعدّد الفلسفات السابقة لسقراط (الوجود هو في نظر الإيونيين الكمية، وفي نظر بارمنيدس الماهية، وفي نظر الفيثاغوريين العلاقة، وفي نظر الذريين الحيّز...). والوجود صفة يمكن اطلاقها على جميع الأشياء مما يتيح لارسطو تحديد الفلسفة : "علم الوجود بما هو موجود ". ولا يمكن تصوّر الأسئلة الجذرية التي طرحها افلاطون خارج هذه العبارة وتداولها : كيف يمكن أن يصدر الوجود عن اللاوجود ؟ (مشكلة التغيير). كيف يمكن للكائن أن يظلّ هو نفسه وأن يكون مختلفاً عمّا هو ؟ (كيف يمكن أن أقول : "سقراط إنسان" وفكرة سقراط مختلفة عن فكرة إنسان) <!--[if !supportFootnotes]-->[4]<!--[endif]-->.

لكن لولا حصول تحوّلات اجتماعية مهمة، لبقيت امكانيات اللغة اليونانية دفينة ولما انتقلت الى حيز التحقق . وأصلاً، لم تعرف كل المدن اليونانية الفلسفة (إسبرطة على سبيل المثال، رغم اناقة لسانها اليوناني، ظلت غريبة عنها) .

 

2- التحولات الاجتماعية في بلاد اليونان<!--[if !supportFootnotes]-->[5]<!--[endif]--> :

 

أ- المتغيـرات الاقتصادية :

كانت اليونان القديمة مجموعة من المناطق تحكمها أرستوقراطيات زراعية . لكن التجارة القائمة على تبادل البضائع عن طريق البحر ما لبثت ان توسعت . مما أدى الى نمو الحرف، من جهة ، والى تطور المدن على حساب الريف، من جهة أخرى . ونشأت مستعمرات عديدة في الجزء الجنوبي الغربي من شاطىء آسيا الصغرى (إيونيا) وفي جنوب ايطاليا (اليونان الكبرى). وكان لهذه المستعمرات عدد لا يحصى من الفروع في شرقي حوض البحر المتوسط والبلدان المجاورة . وليس صدفة ان ينتمي الفلاسفة الثلاثة الاول (طاليس، اناكسيمندرس، اناكسيمينس) إلى مدينة ملطيه MILET الإيونية التي كانت أكثر المستعمرات غنى ونشاطاً في القرنين السابع والسادس ق.م : "ما من مدينة متوسطية جابهت مشاكل أكثر حدّة واستعصاء على الحل في اطار التقاليد المتزعزعة (من ملطية)، وما من مدينة غيرها امتلكت في الوقت ذاته وإلى المدى ذاته امكانية مواجهة هذه المشاكل بتفاؤل دنيـوي"<!--[if !supportFootnotes]-->[6]<!--[endif]-->.

وأدّى توّسع التجارة والمستعمرات إلى ايجاد النقد (العملة المعدنية) الذي يعتبره المؤرخون اختراعاً يونانياً يعود الى القرن السابع (مملكة ليديا في آسيا الصغرى). ففي المشرق كانت المعادن الثمينة بضاعة تتميز عن غيرها بصفتين : سهولة التداول والاستمرارية (عدم القابلية للاهتراء والتلف). أما في بلاد اليونان، فالنقد أصبح مرادفاً عاماً لجميع البضائع تقوم السلطة على اصداره وكفالته. ونجم عن هذا الاختراع نتائج عدة :

1- ساهم في توسيع القطاع التجاري وفي استيلائه على جزء من المنتوجات الاستهلاكية المتداولة. (بقيت الأرض، إلى حد كبير، خارج دائرة الاقتصاد التجاري لأن العمل فيها كان له صفة دينية ولأن معظم الشرائع اليونانية كانت تحظر بيعها).

2- أوجد نوعاً جديداً من الثروة مختلفاً عن امتلاك الاراضي والمواشي وطبقة جديدة من الأغنياء سوف يكون لها دور كبير في اعادة تنظيم المدينة .

3- أصبح هناك وسيلة موضوعية، كمية ومجردة، لقياس قيمة البضائع<!--[if !supportFootnotes]-->[7]<!--[endif]-->.

4- على الصعيد النفسي، أحدث انتشار المال والفوارق في الثروات صدمة اخلاقية : لما كانت الثروة تحدد اهمية المرء ، ولما كان في الانسان رغبة لا تُحدّ في جمع المال، تسرّب الشك الى فكرة الانسان الفاضل بفطرته.

 

ب- التحولات السياسية :

 

يقول هيغل : "إرتبط ظهور الفكر تاريخياً بازدهار الحرية السياسية"<!--[if !supportFootnotes]-->[8]<!--[endif]-->. الفلسفة هي وليدة المدينة الديموقراطية وما تطوّرُها المتأخر في أثينا (قياساً على المستعمرات الإيونية واليونانية الكبرى) إلا نتيجة الاصلاحات التي ادخلت على البنية السياسية للمدينة والتي ارتبطت تاريخياً باسم كليستينس .

بعد اصلاحات صولون (640-558 ق م) الاقتصادية (حلّ مشكلة الديون وتوزيع الاراضي) طرح كليستينس (حوالى 508 ق م) مسائل سياسية . وقد أفضت إصلاحاته إلى إدخال السياسة إلى حياة اليونان الاجتماعية. حاول السياسي الاثيني هذا معالجة المشكلة الآتية : كيف يمكن ابتكار نظام يسمح بتوحيد الجماعات الانسانية التي تفرقها اوضاع اجتماعية وعائلية وجغرافية ودينية متباينة؟ ما الوسيلة لانتزاع الافراد من ولاءاتهم القديمة والتقليدية ولربطهم بمدينة متجانسة يتساوى مواطنوها ويساهمون جماعياً في إدارة الشؤون العامة ؟ يكون الحل في ايجاد مؤسسات ديموقراطية يُغني عملها المنتظم عن اللجوء الى عبقريّة فذّة (الطاغية) كلما تأزمت اوضاع المدينة .

أدت اصلاحات كليستينس الى تغيير جذري في النظرة الى الحيّز المديني . لم يعد تنظيم المدينة نتيجة الانتماء الى عشائر بل غدا نتيجة للتوزّع على أماكن. فالقبائل<!--[if !supportFootnotes]-->[9]<!--[endif]--> والوحدات الادارية وقائع ترتسم على خريطة. وفي وسط هذه الخريطة تقع المدينة حيث تتمثل جميع القبائل. وفي وسط المدينة تقوم الأغورا حيث يجتمع ممثلو القبائل وحيث يبحثون ويقررون سياسة المدينة . ولهذا المركز مغزى سياسي لا ديني<!--[if !supportFootnotes]-->[10]<!--[endif]-->، فهو نتيجة اختيار بشريّ. وتتعادل جميع أقسام المدينة وتتساوى في موقعها منه . لم تعد الكهنوتية نفسها تقتصر على بعض العشائر بل أمسى الكاهن موظفاً يُختار من الجسم المديني . وهكذا، "بينما كان الحكم والسياسة، في دول الشرق الأدنى، من صلاحيات التنظيم الديني، أصبح الدين ، عند الاغريق والرومان، إحدى صلاحيات التنظيم السياسي" (م. فنلي).

وقُسّمت السنةإلى عشرة شهور عملاً بعدد القبائل مما أتاح لممثلي كل قبيلة ان يرئسوا المجلس مدة شهر. واعتمد الرقم 10 (عدد القبائل) لا 12 (عدد الآلهة) في التقسيمات وذلك تجاوبـاً مع انتشار العملة وفي سبيل تسهيل الحسابات .

يمكن تلخيص جميع الاصلاحات السابقة بكلمتين : العلمنة والمساواة (إيزونوميا). إستقل التنظيم السياسي عن التنظيم الديني واعتبر جميع المواطنين متساويين امام القانون<!--[if !supportFootnotes]-->[11]<!--[endif]-->.

 

ج- التحوّلات الفكرية :

حصلت ، على الصعيد الفكري، تغيرات كثيرة نذكر منها ولادة ثلاثة علوم: الرياضيات وعلم الفلك والتأريخ بالاضافة إلى مهارة الطب وفن جديد هو السفسطة .

1- الريـاضيات :

توصّل الإغريق الى عزل الرياضيات عن المعتقدات الدينية وعن التطبيقات العملية وجعلوا منها علماً مستقلاً متكاملاً (طاليس، فيثاغورس). عرف البابليون والمصريون القدامى الرياضيات لكنها ارتبطت عندهم بالمعتقدات الدينية واستُخدمت في الانجازات العظيمة مثل الأهرام وغيرها دون أن تكوّن علما مستقلا. وسيلعب المنهج الرياضي من الفلسفة دور النموذج إن من زاوية الطابع الذهني المثالي المجرد للمواضيع الرياضـيــة او مـن زاوية اسلوب البرهان الاستدلالي . وسيكتب أفلاطون على باب معهده : "لا يلجن أحد هذا الباب ما لم يكن عالم هندسة"<!--[if !supportFootnotes]-->[12]<!--[endif]-->.

 

2- علم الفلك :

لم تتخطَ معلومات اليونانيين الفلكية معلومات البابليين مثلاً . لكن ثمة فوارق ثلاثة أساسية بين علم الفلك البابلي و مثيله اليوناني .

أ- يندمج علم الفلك البابلي في المعتقدات الدينية . فالاهتمام بكوكب الزهرة ناجم عن تأليهه وعن دوره (المفترض) في التأثير في حياة البشر. فموقعه يرشد الى ما سيحصل للافراد والجماعات .

ب- يختصّ الكتبة بعلم الفلك البابلي ويعملون في خدمة الملك (الرئيس الديني والدنيوي) فيدوّنون ما يحصل على الارض (تفاصيل الحياة الاقتصادية: المحاصيل الزراعية والتوزيع والتبادل...) وفي السماء (حركة النجوم).

ج- لعلم الفلك البابلي طابع حسابي . يستطيع البابليون التنبؤ بخسوف الشمس لكنهم يعجزون عن تصور حركات الكواكب على النمط الهندسي . فهم لا يهتمون بحركة الكواكب انما بموقعها في لحظة معينة .

يختلف علم الفلك اليوناني عن الأول :

أ- ينبع الاهتمام بالكواكب من هدف دنيوي: معرفة ما يحصل في سماء نُزِعَ عنها الطابع المقدس وتفسيره.

ب- لما كانت المدينة الاغريقية ديموقراطية، لم يعد العلم محصوراً بفئة معينة واصبحت النقاشات علنية ويطّلع الجميع عليها. كانت الكتابة حكراً على فئة عند البابليين واصبحت وسيلة إعلام أساسية عند الاغريق .

ج- يهتم الاغريقي بحركات الكواكب (وخصوصاً الدائرية منها) لا بمواقعها فقط. نظرته هندسية وليست حسابية .

كانت النظرة الى الحيّـز عند الإغريق أيام هوميروس كيفية ومعيارية (اليمين اتجاه حسن واليسار اتجاه سيء ؛ السماء عالم الالهة والخلود وما تحت الارض عالم الموت والفساد). فاصبحت لدى الفلاسفة الأولين كمية ووضعية : جميع الاماكن متعادلة ومتشابهة . مثلاً : يعتبر اناكسيمينس أن الكون كروي الشكل وأن الارض في وسطه عمود وجميع نقاط الكرة متساوية في بعدها عن المركز .

ما هو سبب هذا التحوّل ؟ يلاحظ جان بيارفرنان التوازي بين التحولات السياسية والتحولات الفلكية : الارض والاغورا كلاهما في الوسط، وسط الكون ووسط المدينة؛ جميع نقاط الكرة الكونية وجميع سكان ومناطق المدينة متساوون بالنسبة للمركز .

3- الطب:

كتب أبيقراط (450-377 ق م)، وهو الذي عُرفت باسمه 41 رسالة طبّية، في بداية "رسالت(ه) عن داء النقطة" : " أعتقد أن داء النقطة، الذي يُطلق عليه أيضا اسم الداء المقدّس، ليس أكثر ألوهية وقدسية من غيره من الأمراض ، وإذا كان البشر قد أعطوه في البداية أصلا وعللا إلهية، فمن باب الجهل". تلخص هذه السطور النظرة الجديدة إلى الطب والأجسام الحيّة أي المسعى إلى فصل الطب عن الممارسات السحرية والدينية.

أشهر الأطباء الفلاسفة أنبذقليس. وبين الذين طبع الطبُ فلسفتهم أناكساغوراس الذي اهتم بالتشريح وعلم الحياة وانطلق من الظواهر الطبيعية كعوارض وأرسطو (كان والده طبيبا ) الذي تأثر بعلوم الحياة (العلة الغائية، القوة والفعل) إلى مدى شبيه بتأثر أفلاطون بالرياضيات.

 

4 - علم التاريخ :

كانت الملاحم الهوميروسية والمآسي المسرحية تروي باسلوب فني صراع الإنسان مع الالهة، بنظرتين مختلفتين ومنهجين متباينين. لكن هيرودوتس<!--[if !supportFootnotes]-->[13]<!--[endif]--> وتوكيديدس<!--[if !supportFootnotes]-->[14]<!--[endif]--> أوجدا، في القرن الخامس، اسلوباً جديداً لمعالجة الصراعات الاجتماعية. روى الأول صراع الاغريق مع الفرس وأسباب انتصار مدن اليونان على اخصامها، ووضع بين أيدي المواطنين المحاربين مفتاح تاريخهم. أما الثاني فدرس الصراعات التي نشبت بين المدن اليونانية، وربط السياسة الخارجية بالسياسة الداخلية، وابرز استقلال الصراع السياسي داخل التشكيلة الاجتماعية .

مع تأسيس علم التاريخ :

أ) أصبحت الاحداث الانسانية مستقلة كلياً عن الدين لها أسبابها ونتائجها المحتومة.

ب) أصبح الميدان السياسي ميداناً مستقلاً يقوم في ذاته .

 

 

5- السفسطة :

لما كانت الديموقراطية هي النظام السائد، ولما كان الكلام أمضى سلاح في النقاشات الجماعية، نشأت السفسطة التي تُعلّم مدارسُها اتقان الأساليب الخطابية وتطوير الحجج المنطقية . قدُمَ السفسطائيون إلى أثينا من خارجها وهي أغنى مدن اليونان وأرسخها في الديموقراطية وجعلوا من التعليم مهنة وسبيل عيش. أما إرثهم، وقد فُقد معظمه، فهو موضوع نقاش إلى اليوم<!--[if !supportFootnotes]-->[15]<!--[endif]-->.

أدى تضافر جميع العوامل السابقة الى الانتقال "من الخيال الى الواقع، من السحر الى الممارسة العملية، من التموضع (الاجتماعي) إلى الشمولية (الإنسانية)، من الرغبة إلى المقال العقلاني"<!--[if !supportFootnotes]-->[16]<!--[endif]-->.

وجديد الفلسفة وثورتها هي في تضافرهذه العناصر وتكاملها ومسعاها اللامتناهي العقلاني الشمولي لإدراك الحقّ.

 

ولدت الفلسفة في إيونيا (آسية الصغرى) وكان محورها الأساسي الطبيعة (فوزِس) وماهيتها وانتقالها من الفوضى إلى النظام. غادرت بعد ذلك إلى اليونان الكبرى (جنوب إيطاليا)، فانتقلت إلى التمحّص في العقل (في مستعمرة إيليا: برمنيدس وزينون) وجمع الاهتمامين الطبيعي والعقلاني (أنبذقليس، فيلسوف أغريجانت). وثمة تيار ثالث للفلسفة في الجزر الوسيطة أولى العناية الأكبر لخلود النفس والعلم الرياضي (فيثاغورس). ولما جاءت الفلسفة إلى أثينا، أغنى مدن اليونان وأكثرها عراقة، جمعت كل ما سبق من اهتمامات وزادت إليها الاهتمام بالإنسان ("إعرف نفسك بنفسك") مستفيدة من انجازات المسرحيين والمؤرخين

<!--[if !supportFootnotes]-->




<!--[endif]-->

<!--[if !supportFootnotes]-->[1]<!--[endif]--> راجع بيار أوبنك، مقالة "الفلسفة القديمة" في أنسكلوبيديا أونيفرساليس (بالفرنسية).

<!--[if !supportFootnotes]-->[2]<!--[endif]--> لا تملك اللغة اللاتينية مثيلاً لهذه الأداة .

<!--[if !supportFootnotes]-->[3]<!--[endif]--> يغيب هذا الفعل عن اللغات السامية (ومنها العربية) كافة وينحصر وجوده في اللغات الهندية الأوروبية .

<!--[if !supportFootnotes]-->[4]<!--[endif]--> لاحظ عالم الألسنية إميل بنفنست في مقاله "مقولات الفكر ومقولات اللغة"(1958) التماثل بين مقولات الوجود الأرسطية ومقولات اللسان اليوناني. راجع مسائل الألسنية العامة (بالفرنسية) باريس، 1966 ، ص ص 63-74.

<!--[if !supportFootnotes]-->[5]<!--[endif]--> نعتمد هنا بشكل اساسي على مؤلفات جان بيار فرنان الصادرة أصلا بالفرنسية وبنوع خاص على كتابيه : أصول الفكر اليوناني (1962) الخرافـة والفكر عند الاغريـق (جزآن (1965)، دار ماسبرو).

<!--[if !supportFootnotes]-->[6]<!--[endif]--> جان برناردت في تاريخ الفلسفة لفرنسوا شاتلية ( الجزء الأول, ص25).

<!--[if !supportFootnotes]-->[7]<!--[endif]--> يـذهب المؤرخ الماركسي البريطاني جورج طومبسون (الفلاسفة الأول، إديسيون سوسيال) الى اعتبار مفاهيم الوجود والماهية والجوهر التي توحّد الاشياء مثلما يوحد النقد البضائع انعكاساً فكريـاً لانتشار العملة . وهذا الرأي مبالغ فيه بلا ريب .

 

<!--[if !supportFootnotes]-->[8]<!--[endif]--> أمثـولات في تاريـخ الفلسفـة ( الطبعة الفرنسية، الجزء الثاني، ص10) (يقصد هيغل هنا بالفكر الفلسفة).

<!--[if !supportFootnotes]-->[9]<!--[endif]--> تشير العشيرة الى رابطة الدم بينما تشير القبيلة الى الرابطة المكانية الادارية .

<!--[if !supportFootnotes]-->[10]<!--[endif]--> كان للاغورا قبل كليستينس مغزى ديني كوني فهي مكان ارتباط المدينة بالارض. لم يختفِ هذا المغزى في الاصلاحات، لكنه سيصبح ثـانويـاً.

<!--[if !supportFootnotes]-->[11]<!--[endif]--> طبعا لا العلمنة كانت كاملة، إذ بقي للبيت طابع ديني، ولا المساواة كانت تامة إذ بقي خارجها النساء والأجانب والعبيد.

<!--[if !supportFootnotes]-->[12]<!--[endif]--> أراد أفلاطون بالتشديد على الهندسة (جيومتري) التمايز عن الفيثاغوريين الذين شدّدوا على الحساب (أريتميتيك).

<!--[if !supportFootnotes]-->[13]<!--[endif]--> هيرودوتس "أبو التاريخ" (484-420 ق م ) صاحب التواريخ أو ألتحقيق وفيه روى رحلاته إلى مصر وبلاد الشام وصور وبابل وبلاد الفرس وأرّخ للمجتمع اليوناني وحروبه. ولد في إيونيا (هاليكارناس، حاليا بدروم) واستقرّ فترة طويلة في أثينا وأنهى كتابه وتوفي في إحدى مستعمرات اليونان الكبرى.

<!--[if !supportFootnotes]-->[14]<!--[endif]--> توكيديدس سياسي ومؤرخ أثيني (460-397 ق م) صاحب تاريخ حرب البيلوبونيز وهي الحرب التي دارت بين أثينا وإسبرطة بين 431 و404 ق م.

<!--[if !supportFootnotes]-->[15]<!--[endif]--> يمكن العودة في هذه المسائل إلى نيتشة وكاستوريديس.

<!--[if !supportFootnotes]-->[16]<!--[endif]--> فرنسوا شاتلية : تاريخ الفلسفة (الجزء الاول، ص 20).

 
 
 
 
ما الفلسفة 2 ؟
د. فارس ساسين.
 
يتطلب الدخول إلى تاريخ الفلسفة<!--[if !supportFootnotes]-->[1]<!--[endif]--> معرفة ما إليه ندخل لتعيين نوعه وبدايته وأهم محطاته . لذا نبدأ كلامنا بتعريف الفلسفة .
 
1- العبـارة
الفلسفة عبارة يونانية مشتقة من عبارتين : "فيليا " وتعني المحبة أو الصداقة ، و"سوفوس" وتعني "الحكمة". كانت عبارة "سوفوس" تعني ، في ملاحم هوميروس العائدة الى أواسط القرن الثامن قبل الميلاد، تفوقا يقوم على مهارة حرفية . لكنها، في القرنين السادس والخامس قبل الميلاد اللذيّـن شهدا ولادة الفلسفة، أصبحت تعني تفوقاً يقوم على معرفة عامة. وكان الفلاسفة الاول يفخرون بامتلاك المعرفة الكلية التي تميزهم عن سائر الناس ذوي المعارف الجزئية . يـبدأ ديموقريطس، على سبيل المثال، أحد مؤلفاته بالعبارة الآتية : "سأبحث في المواضيع كلها ".
أول من استخدم عبارة "الفلسفة" هو فيثاغورس (570-490 ق.م) في ردّه على أحد الطغاة بالقول : "أنا مُحبّ للحكمة (فيلوصوفيا)، اللـه وحده حكيم". وتظهر هذه العبارة حاجة الفلاسفة الأول للدفاع عن أنفسهم ضد تهمة الـعتوّ <!--[if !supportFootnotes]-->[2]<!--[endif]--> Hubris التي رماهم بها رجالُ الدين: فالفيلسوف الذي يدّعي بلوغ الحقّ بوسائله الخاصة ينسب لنفسه صفات الألوهة ومن ثمّ يستكبر ويستوجب الإدانـة. حارب المجتمع اليوناني كلاً من أناكساغوراس<!--[if !supportFootnotes]-->[3]<!--[endif]--> (لقوله ان القمرَ حجرٌ وليس إلهاً وأرسطو<!--[if !supportFootnotes]-->[4]<!--[endif]--> وحكم على سقراط بالإعدام فتناول السمّ. صحيح أنه، في الحالين الاخيرين، كانت التهم سياسية في باطنها، الا انها استخدمت في ظاهرها حججاً دينية (شتم الآلهة) .
وما جعل الفلاسفة يـبقون على عبارة "الفلسفة" بعد ذلك، بدلا من عبارة "الحكمة" المعتمدة في حضارات الشرق، هو اعتبارهم أن "الفلسفة" منهجاً اكثر منها مبادىء جامدة، أسئلة اكثر منها اجوبة، مساراً " أكثر منها نقطة وصول . ليست الفلسفة عدداً من المعارف والنظريات التي يمكن تلقنها او تلقينها، انما هي طريقة في استخراج الاسئلة من الموضوعات وبحثها بحثاً خالياً من العنف، هادئـاً، عاقلاً، قابلاً للنقاش ولإعادة النظر .
هكذا يـبين لنا أن لعبارة "محبة الحكمة" وجهان : هي عتوّ واستكبار، من جهة، أي إرادة "البحث في المواضيع كلها " بوسائل العقل الانساني وحده، وهي قمة التواضع، من جهة ثانية، لأنها لا تدّعي امتلاك المعرفة، بل تفخر بالسعي سعياً دائماً وحثيثاً إليها .
 
2- الميزات
 
الفلسفة ممارسة فكرية حرة، عقلية ، جذرية ، شاملة .
 
أ- بما هي ممارسة فكرية، الفلسفة إعمال أدوات على مواد أولية. وما المواد الأولية غير مواضيع الحياة الإنسانية والاجتماعية كلها، النظرية منها والعملية . ليست الفلسفة برجاً عاجياً خارج الحياة، بل هي تتغذى من مشاكل المجتمع (أكانت صراعات سياسية او معضلات علمية او مسائل أدبية او فنية ... الخ...) وتجعل من هذه المشاكل مواضيع بحثها ونقاط ارتكازها في بنائها الطموح. أما أدوات البحث، فهي أدوات العقل نفسه: المفهوم (أي الفكرة المتجسدة في عبارة) والحكم (أي ربط مفهومين) والقياس (أي ربط حكمين)... ومن معالجة الادوات للمواضيع يتم استخراج الاسئلة الفعلية والمحورية وتنحية الأسئلة المتداولة والسطحية .
والقول ان الفلسفة فكرية في بعدها الأساسي لا يعني انها مستقلة استقلالا كلياً عن الاقتصاد. فالفيلسوف ، كما قيل ، "مرابي الحضارة"، لم يُتـَح له التفرغ للمسائل النظرية إلا بعد ان اجتازت المجتمعات مسافات تاريخية طويلة تسنّى لها بعدها تقسيم العمل، وتوزيع الافراد على المهن المتنوعة، وانصراف بعض أفراد المجتمع إلى البحث النظري الخالص دون الحاجة الى العمل اليدوي لتلبية الحاجات المباشرة . والفيلسوف واستاذ الفلسفة وطالب الفلسفة في مجتمعاتنا المعاصرة هم من اصحاب المواقع الاجتماعية التي تُغْبن او يُعطاها حقها كماً وكيفاً ، مما يفتح لهم باب ولوج الاطار النقابي .
والقول أنها فكرية لا يعني انها مستقلة كلياً عن السياسة وهي التي رأت، في بداية عصرها الذهبي، ومع افلاطون، أن موقع الفيلسوف الحقيقي هو الحكم، وهي التي رأت مؤخراً، مع ماركس، ان الظروف التاريخية باتت تسمح بتحقق الفلسفة وتحوّلها إلى عالم فعلي وذوبانها في ارض الواقع .
كما أن القول إن الفلسفة ممارسة لا يعني استقلالها عن مؤسسة تؤطرها وتؤمن شروط انتاجها واستمرارية التقليد الفلسفي، اعني ما يطلق عليه، في مجتمعاتنا المعاصرة، اسم الجامعة . كان الفلاسفة ، من الوجهة التاريخية، روّاد تأسيس المعاهد العالية : فأكاديمية افلاطون ولوقيون ارسطو ... هما الجامعتان الاوليان بالمعنى الحديث، وكانـتا تعطيان "لطلابهما" ثقافة شاملة. وكبار الفلاسفة في التاريخ ، مع بعض الاستثناءات المهمة طبعاً ، كانوا أساتذة في الجامعات من كنط الى هايدغرو فيتغنشتاين مروراً بهيغل وبرغسون. كما أنه من الجدير بالملاحظة انه بين أهم المؤلفات الفلسفية في القرن العشرين عدد كبير من الأطروحات لنيل الشهادات الجامعية . يـبقى أن أهمية مذهب فلسفي ما هي في فحواها، في بنيتها الداخلية، في قدرتها على التفسير والتوحيد واستضافة الوجود والموجودات، لا في عراقة المؤسسة التي انتجت فيها.
 
ب- يقول هيغل : "أول شروط الفلسفة الإقدام في البحث عن الحقيقة والإيمان بقدرة الفكر".
الحرية هي البعد الاول للفلسفة، وفي الحرية تجد "محبةُ الحكمة" أصولها وجذورها، وخارجها تفقد جوهرها ومبرر وجودها وتصبح ثرثرة كلامية جوفاء تقوم بوظيفة اجتماعية مطلوبة منها دعماً للسلطات القائمة، وما اكثرها في المجتمع.
الحرية الفلسفية هي رفض الفكر الخضوع المسبق لمعطى ديني او رسالة سماوية تستمد شرعيتها من خارج العالم ومن خارج الانسان. وهي رفض الفكر التقيّد بأوامر السلطة السياسية القائمة سعياً الى ثوابها او خوفاً من عقابها. وهي عدم القبول بالافكار السائدة التي تجد في الكسل الفكري الحافز الأقوى للاستمرار في الهيمنة على العقول. وهي اخيراً عدم الركون لتراث فلسفي سابق بمجرد انه تراث فلسفي قائم على مقولة : "قال المعلم".
ولا ريب أن أبرز مثال على تجذّر الفلسفة في الحرية هو ديكارت الذي انطلق، في بحثه الصارم والحثيث عن الحقيقة، من شك منهجي "مضخم"hyperbolique يهدم كل معرفة لا تبدو له أكيدة وثابتة .
ما سبق لا يدعونا الى اعتبار الحرية رفض مطلق لكل معطى، أو رفض غايته الرفض ("الرفض للرفض"). الحرية تغالب المبادىء السائدة لتأسيسها على قواعد ثابتة، او للطعن في زيفها والوصول الى ثوابت فعلية، عبر المرور بمرحلة الاسئلة الواضحة التي تجلو عناصر المفارقات واقطاب التناقض وتضعها الواحدة بازاء الاخرى. والفلسفة، في مسعاها، تعتمد على عناصر في مواجهة عناصر أخرى، فتلجأ الى التراث او اللغة أو القوى الصاعدة أو العلوم الجديدة ... موسعة اطار بحثها للوصول الى حوار كلي يعيّن لكل مسألة مكانها ويبـني للفلسفة مكانتها .
 
ج- ما يتجلى في الفلسفة ويتماهى معها، او يكاد، هو حرية العقل. تطلق الحرية عنان العقل الذي بدورها يلجمها ويضع لها سنـناً وقواعد<!--[if !supportFootnotes]-->[5]<!--[endif]--> .
الحرية الفلسفية هي حرية العقل بما هو قدرة موضوعية كلية (اي واحدة عند الناس جميعاً) متعالية عن الغرائز والعواطف (المتباينة بين الناس) وعن المصالح (المتضاربة بين الافراد والفئات والدول). يتجاوز الانسان، بواسطة العقل، فرديته ويسعى الى تجاوز ملته وطبقته الاجتماعية لا بل أمته لمحاورة أفراد جنسه جميعاً بما هم عقلاء ، أي اصحاب عقول. يتعثّر المسعى احياناً لأن الانسان بجوهره حيوان اجتماعي ومن ثمّ تاريخي أي منـتمٍ الى فئة معينة ومجتمع معين وحقبة معينة . لكن العقل هو السبيل الوحيد الى الكلية وسط العثرات الكثيرة والمتعددة الوجوه .
 
ليست هذه المقدمة المكان الصالح لتحديد العقل<!--[if !supportFootnotes]-->[6]<!--[endif]-->، وتحديده اصلاً من مهمات الفلسفة المتجددة وليس من منطلقاتها المختومة. نكتفي هنا بالقول ان العقل هو القدرة الذهنية على الربط والتوحيد والتفسير والتأسيس .
الربط : "العَقْل مشتق من العَقْل بمعنى الربط والإحكام كما قال بعض الحكماء"<!--[if !supportFootnotes]-->[7]<!--[endif]-->... العقل يربط العناصر المختلفة رافضاً تعددها وتفردها موجداً بينها علاقات تتميّز بالإحكام أي بما يطلق عليه الفلاسفة اسم الضرورة. وعلاقات الضرورة غير علاقات الحدوث Contingence : فالتأكيد ، مثلاً ، "الجدار ابيض" يمكن ان يكون صحيحاً أو خاطئاً ، الا ان العلاقة بين الباب ولونه لا تدخل في باب الضرورة، بل تبقى في باب الحدوث. وهي ايضاً غير نتائج الاختيار : فالثياب التي ارتديها اليوم، مثلاً ، نتيجة اختيار حر . وكان يمكن لي ان اختار ارتداء ثياب اخرى. أما الحكم (1+1=2) فهو حكم ضروري بمعنى أن جمع الرقمين الاولين يقود بلا مناص الى النتيجة ويفرض نفسه على كل كائن عاقل. وهكذا يربط العقل بين الاشياء والمفاهيم ربطاً محكماً .
التوحيد : أول مبادىء العقل مبدأ الهوية . ليس اسم "الهوية" عربياً في اصله "وانما اضطر اليه بعض المترجمين، فأشتق هذا الاسم من حرف الرباط، اعني الذي يدل عند العرب على ارتباط المحمول بالموضوع في جوهره، وهو حرف (هو) في قولهم : زيد (هو) حيوان او انسان "<!--[if !supportFootnotes]-->[8]<!--[endif]--> . ومبدأ الهوية هو المبدأ القائل أن الشيء هو الشيء (ب=ب) ، وصيغة هذا المبدأ السلبية هي : الشيء ليس غير الشيء (ب¹ج) ؛ الشيء الواحد لا يكون موجوداً ومعدوماً معاً .
 
يكشف مبدأ الهوية منهج عمل العقل وبناه الاساسية :
 
أ- رفض التناقض رفضاً كلياً لأنه سمة اللاعقل الفاضحة، والسعي الدؤوب الى بناء أنظمة فكرية متجانسة مترابطة متماسكة خالية من التناقض ومحكمة التنسيق. (ومبدأ عدم التناقض لا يحكم الحلم و الفن<!--[if !supportFootnotes]-->[9]<!--[endif]--> ولا كل ما يصدر عن الخيال بعامة).
ب- ثبـات المفاهيم ليتمكن العقل من قيادة براهينه بدقة وصرامة .
ج- مغالبة العقل للتعدد (بما هو تحدٍ ، ولو غير متناقض، لمبدأ الهوية) ومحاولته بناء مبادىء وانظمة وقوانين عامة تؤطر التعدد وتدخله في باب الوحدات الأوسع وصولاً الى الوحدة التامة والكلية .
 
التفسير : لا يقبل العقل بالظواهر كما تقدم نفسها اليه، بل يسعى دائماً الى تفسيرها عبر مبادىء عدة أهمها مبدأ العلية (او السببية) الذي يُراد به أن لكل ظاهرة علّة تحدثها وتقدم الحجج الكافية لوجودها .
 
التأسيس بمعنى إيجاد أسس ثابتة وشارحة تقوم عليها المفاهيم والأشياء، وتنتظم فيها العلوم والمعارف. وما عملية التأسيس الا مجموع العمليات السابقة (الربط والتوحيد والتفسير) وقد اصبحت قواعد لعمارة المعرفة والعمل الشاملة بمجملها.
 
وعقلانية الفلسفة تبدأ من نقطة انطلاقها لتشمل مسارها كله .
الفلسفة عقلانية في نقطة انطلاقها لانها لا تقبل ، لجهة المبدأ، الا بما تستطيع ان تُرسيه على قواعد العقل. الفلسفة علمانية ترفض، بما هي فلسفة، معطى دينيا يستمد فحواه وشرعيته من رسالة إلهية تأخذ شكل النبوءة او اشكالاً مشابهة. فالاديان السماوية تَستمد من اللـه نفسه ، "خالق السماوات والارض"، معتقداتها وتوجيهاتها : فموسى نبي الله، والمسيح ابن الله ، والقرآن كتاب الله ... واتباع الاديان السماوية لا يقبلون مناقشة الكتب الإلهية او تعديلها، ويذهبون احياناً إلى رفض تفسيرها أو تأويلها أو هم ينيطون هذه المسألة بهيئات معينة لها وحدها صلاحية التفسير. فالكتب هذه هي القاعدة وصخرة الخلاص. اما الفلسفة فمستكبرة ومتواضعة في آن معاً كما سبق ان قلنا : لا تقبل معياراً غير العقل الإنساني، وتعرض ما يأتي به هذا العقل على النقاش .
 
والفيلسوف إما يـبدأ من العدم ومن قدرة العقل وحده مثل ديكارت الذي شك بكل شيء للوصول الى المعرفة الثابتة، وإما يعتبر أن ثمة مؤسسات إنسانية لا يمكن التشكيك بها مثل اللغة والعلوم والاخلاق والفنون والسياسة ... وان المطلوب من الفلسفة اخراج اللباب من القشور وإرساء "المؤسسات" هذه على قواعد سليمة تبرر وجودها وتنظمه وتؤسس له .
 
هل هذا يعني ان الفلسفة رافضة بالضرورة للدين في نتائجها ؟ إن وجود أنظمة فلسفية مهمة متآلفة مع اليهودية والمسيحية والإسلام كفيل وحده بالإجابة عن السؤال. ذلك ان الفلسفة تلتقي مع الدين في واحد من سبيلين:
أ) يـبرهن العقل - إنما بوسائله وادواته الخاصة - عجزه عن بلوغ الحقيقة وعن رسم طريق الصلاح ، فيلجأ الى الوحي ك"منقذ من الضلال" ومخرج من "تهافت" العقل وعجزه : "إله ابراهيم، إله اسحاق، إله يعقوب، لا إله الفلاسفة والعلماء "، كما يقول باسكال في واحدة من خواطره.
ب) يبيـن للفلسفة أن ما تدركه هي في بحثها الدؤوب هو بالذات ما أوحى به الله لرسله وانبيائه، وانه ليس من فرق، في النهاية ، بين العقل والنقل. لهذا السبيل بدوره رافدان :
الأول يعتبر فيه العقلُ أن الدينَ يتخطاه ويتعدّى حدوده، ولو ترافقت طريقاهما الى حدّ من الحدود، أو نقطة من النقاط. (توما الإكويني)
الثاني يعتبر فيه العقلُ أن ما يقوله الدين هو ذاته ما تقوله الفلسفة، انما يقوله الدين بلغة العامة والخيال، لا بلغة المفهوم والحكم، مما يعطي للفلسفة رجحانـاً معنوياً على الديـن . (هيغل)
 
والفلسفة عقلانية في مسارها تسعى الى تشييد عمارة متماسكة، مترابطة ، موحدة، خالية من التناقضات. النموذج هنا هو إسبينوزا الذي يلجأ ، في كتابه "إلاطيقا " (الاخلاق)، الى نحو رياضي استنباطي لعرض نظريته : تفصح أولى الصفحات عن المنطلقات، ومن يقبل هذه المنطلقات مجبر على قبول النظام الفلسفي بكامله لأن الكتاب بمجمله لا يعدو كونه استنتاجات عقلية انطلاقاً من المسلمات الأولى .
لا تسعى الفلسفات الكبرى كلها الى بناء نظام كلي متماسك ومقفل له جماليته الخاصة وإتقان العمارات المادية وتكامل عناصرها وانسجامه، فطائفة منها (أي من هذه الفلسفات) تريد الحفاظ على طابعها التساؤلي غير المكتمل، لكن النظام الكامل هو في افق كل تفكير فلسفي، ويُنمّ بدوره عن مسلمة للفلسفة ، بما هي فلسفة ، هي مُسلّمة عقلانية الكون المضيفة لعقلانية الانسان والمهيّئة له .
وعقلانية المسار هي ما يميز الفلسفة عن الفكر الصيني وعن الفكر الهندي . الحكمة الصينية والحكمة الهندية ، رغم الفروقات الكبيرة بينهما ورغم اختلاف المدارس في كل منهما، تجعلان الى "جوار" بعضها المبادىء المجردة والمعطيات الحسية دون ان تسعيا الى تشابكها وتداخلها. تضع هاتان الحكمتان الواحد بمواجهة الآخر ما هو مجرد وما هو حسي، ما هو ذاتي وما هو موضوعي، ما هو داخلي وما هو خارجي، دون ايجاد مراحل "التوسط" بينهما، ودون تأمين وسائل الانتقال من الاول الى الثاني. في الفكر الهندي لدينا كتلتان، كما يقول هيغل في أمثولات عن تاريخ الفلسفة: من جهة، مبادىء مجردة (يرى فيها هيغل "لاوعياً" و"فراغاً " لأن الحدس فيها "لا يرى شيئاً " والعقل عنها لا يدرك شيئاً) : الواحد غير المجَسّد، الجوهر الابدي الهادىء والهائل الاتساع، التأمل الذاتي الذي لا يُعرف له نظير، اسم اللـه الصوفي (عبارة أاوم") المكرر الى ما لانهاية في الدعاء ...؛ ومن جهة ثانية ، قَدَرٌ كبير من التفاصيل "التافهة " ومن الشعائر "الغريـبة " ومن التعدادات اللامتناهية وتقنيات ضبط الجسد والتنفس وسائرالحواس ...
 
يبقى أخيراً ان نمـيّـز بين الفلسفة والخرافة . تواكب الخرافة وجود المجتمعات البشرية، وتتميز عن الاساطير بإيمان ابناء المجتمع بها واعتبارهم إياها تعبيراً صادقاً عن وقائع صحيحة . والخرافات نوع من القصص يقوم ببطولته الآلهة والكائنات الخيالية والبشر والحيوانات ويروي ولادة العالم وظهور الانسان وحلول النظام محل الفوضى وصراع قوى الخير والشر وظروف ولادة المرض والموت ... بدت الخرافات لجيل أول من علماء الاناسة anthropologie محاولات جنينية وغير متماسكة وغامضة لتفسير العالم. لكن جيلاً آخر من علماء الإناسة، وفي طليعتهم المدرسة البنيوية والعالم الفرنسي كلود ليفي-ستروس<!--[if !supportFootnotes]-->[10]<!--[endif]-->، أظهر البينة العقلانية الاساسية للخرافة :
1- للخرافة بنية منطقية ولا يختلف "الفكر البري" (La pensée sauvage) عن فكرنا في أساليب عمله واستنتاجه .
2- الخرافة هي المكان الأمثل لبناء التصنيفات والتبويـبات : رجل- امرأة ؛ أرض -سماء ؛ طبيعة - مجتمع ؛ نحن-الاخرون.. وتساهم هذه التصنيفات في تنظيم الافكار والعلاقات بين ابناء المجتمع .
3- يدرك المجتمع بواسطة الخرافة بعض التناقضات الموجودة فيه وتقدم الخرافة نمـطاً منطقياً لحلها . على سبيل المثال، خرافة أوديـبوس طورانوس<!--[if !supportFootnotes]-->[11]<!--[endif]-->وديبوس الملك). يعني اسم أوديبوس "الرِجل المضخمة" وتبدأ الخرافة بقتل السفنكس (كائن مولود من الأرض له جسم أسد وأجنحة طير ورأس امرأة وصدرها). يقتل اوديبوس أباه ويتزوج أمه . وهكذا فالتشديد على العلاقة بالارض (الرِجل المضخمة) هو بالنسبة للتفريط بها (قتل الكائنات "الأرضية"<!--[if !supportFootnotes]-->[12]<!--[endif]--> Chtoniens) مثل التشديد على احدى علاقات القربى (الزواج بالام) بالنسبة لبخس العلاقات الأخرى حقها (قتل الاب).
السؤال هو اذاً : لما كانت بنية الخرافة عقلانية وموضوعها الكون والحياة والانسان، فما الفرق بينها وبين الفلسفة ؟ أوليست الخرافة فلسفية والفلسفة خرافية ؟ يرى بعض الفلاسفة في الخرافات مصدراً من مصادر الفلسفة عليها تأويله (فلسفة التأويل أو Herméneutique) . لكن البون شاسع بين الفلسفة والخرافة. وتخوض الفلسفة معركة دائمة للتمايز عن الخرافة والخروج منها ولو باستخدامها :
1- العناصر الأولى للخرافة (أبطال، كائنات اسطورية، مفاهيم مشبعة بالسحر...) غير العناصر الاولى للفلسفة (المفهوم ، الحكم ...) ولو كانت بعض اساليب الاستنتاج والعمارة الفكرية واحدة في الميدانين .
2- تطرح الفلسفة بوضوح الاسئلة التي تحاول الاجابة عنها، فيما أسئلة الخرافة دفينة فيها وإن كانت قابلة للاستخراج على يد العلماء والفلاسفة .
3- المسائل الفلسفية قابلة للنقاش العلني أفقياً (بين أفراد المجتمع) وعمودياً (عبر التاريخ) ، ومن ثم للبلورة ، واعادة النظر بها، وتأسيسها على قواعد جديدة في ظل غلبة الحجة العقلية وإرادة العقل جلاء الأمور وسبر غورها. أما تطور الخرافات، فضوابطه مختلفة وإن لم يكف العقل عبره عن العمل .
4- تعمل الفلسفة، عبر علم المنطق ونظرية المعرفة وغيرهما ، على جلاء اساليب عمل العقل الصورية العامة فيها وفي الخرافة والممارسات الإنسانية الاخرى . وارتداد العقل على نفسه لمعرفة نفسه بنفسه هو بلا أدنى ريب ما يميـز الفلسفة .
 
د- الفلسفة جذريـة لأنها، في سعيها الى الوصول لجذور المسائل، لا تتوقف عند معطى ديني غير قابل للمساءلة (الكتب المقدسة)، ولا عند مسلمة علمية ينطلق منها احد العلوم لضرورات بحثه دون امعان النظر بها. تضع الفلسفة المعطيات كلها موضع التساؤل، كاشفة ما وراء الأجوبة "الأكيدة" والأسئلة المطروحة من "ثوابت" لم يتح بعد -للاسئلة والاجوبة - جلاؤها .
1- الفلسفة "جدلية صاعدة " كما عرّفها افلاطون، اذ انها تنطلق من المسلمات الى المبادىء ، على نقيض العلوم المنطلقة من المسلمات الى النتائج .
2- تحاول الفلسفة دائماً الوصول الى المبادىء والعلل الأولى، والمنطلقات التي ما بعدها منطلقات، والبديهيات الاصلية المغطاة بالاراء المسبقة والعادات الفكرية . لذا يجد العقل نفسه، في خلاصة البحث الفلسفي، على حدود ذاته وعلى حدود العبارة .
3- الفلسفة عملية تفكيك Déconstruction دائمة للعمارات الفكرية كلها، الخرافية والعلمية والفلسفية، لتبيان ما لم يظهر بعد، وكشف الافتراضات الخفية المعتمدة والمقبولة دون نقاش يؤسس لها .
4- الفلسفة تسعى الى تحويل الاشياء كلها الى لغة العقل الواحدة والموحّدة والشفافة، دون ان ينقطع العقل عن الأشياء وما فيها من ابعاد خاصة وكثافة ذاتية، ودون أن ينطوي على نفسه فاقداً تواصله مع الوجود والكلية والكينونة الحقة .
 
هـ- الفلسفة شاملة لا تبقي ميدانا من الميادين خارج اطار بحثها، مما يعني أن كل مسألة من المسائل قابلة للتحوّل الى موضوع فلسفي : "مركز الفلسفة في كل مكان ودائرتها في لا مكان"، كما يقول الفيلسوف المعاصر موريس مرلو-بونتي<!--[if !supportFootnotes]-->[13]<!--[endif]-->. والفلسفة تسعى الى إقامة جسور بين الميادين، منتهية احياناً الى منظومة فكرية واسعة . والفلسفة تذهب الى كل ما هو كلي وجامع وشامل وراء التمايزات والابعاد الخاصة بكل ميدان من الميادين .
يميّـز الشمول هذا الفلسفة عن العلوم التي كانت في البداية جزءاً لا يتجزأ منها والتي أخذت، بعد ذلك، تدريجاً بالاستقلال عن المنظومة الأم. كل علم من العلوم حدد موضوعه، ومنهجاً خاصاً لمعالجة هذا الموضوع، فكانت ولادات العلوم<!--[if !supportFootnotes]-->[14]<!--[endif]--> واستقلالها على الشكل الآتي<!--[if !supportFootnotes]-->[15]<!--[endif]--> :
الرياضيات (القرن السادس قبل الميلاد)
الفيزياء السماوية او علم الفلك (القرن السادس قبل الميلاد)
الفيزياء (القرن السابع عشر)
الكيمياء (القرن الثامن عشر)
علم الحياة (القرن التاسع عشر)
علم الاجتماع (القرن التاسع عشر)
علم النفس (القرن العشرون) .
تتشارك الفلسفة والعلوم في العقلانية ، لكنهما تختلفان لجهة محدودية الموضوع في العلوم من جهة، ولجهة قبول كل علم من العلوم بمسلمات ضرورية لنجاح خطاه. هذا، وليس من باب الصدفة أن ولادة الفلسفة واكبت ولادة علمين وارتبطت بهما : الرياضيات وعلم الفلك. فالفيلسوف الأول، طاليس المِلطي (625-547 ق م) ، كان رياضياً وعالماً للفلك. وكأن قفزة العقل الاولى خارج السلطة الدينية والإطارين العملي والسياسي كانت بحاجة الى تلازم المسارات والى نموذج واحد وقاعدة مشتركة. كذلك ، وعبر التاريخ كله، شكلت ولادة علوم جديدة (فيزياء غاليلي (1564-1642)، على سبيل المثال) والتطورات المهمة داخل العلوم (الثورة الكوبرنيكية في علم الفلك ، نظرية الجاذبية النيوتونية في علم الفيزياء ...) حوافز مهمة لتجديد الفكر الفلسفي ومدّه بعناصر جديدة .
وليست الفلسفة إناءً كبيراً يجمع ما تضمُه الاواني الصغيرة (أو على العكس من ذلك، إناء أُفْرِغ من محتواه نتيجة خروج الاواني الصغيرة منه)، بل هي، في جوهرها، صاحبة السؤال الاكثر انفتاحاً وشمولاً ، السؤال الذي لا يبقى خارجه شيء او مسألة او اطار، فتلتقي بذلك شمولية الفلسفة مع جذريتها : الاستقصاء العقلاني الأوسع هو ذاته الاستقصاء العقلاني الاكثر جذرية .
 
 
3- تعريف الفلسفة
من كل ما سبق يبين ان ثمة تعريف واحد للفلسفة، وأن هذا التعريف ما زال صالحاً منذ أعطاها إياه ارسطو :
" الفلسفة علم الوجود بما هو موجود ."
الفلسفة، بما هي علم، عقلية . والفلسفة، في سعيها لإدراك الوجود أو الكينونة، تسعى الى الأشمل والأكثر جذرية، فالوجود هو السمة المشتركة للكائنات الذهنية والعينية كلها. وما ثورات ديكارت وكنط ونيتشه التي تسعى الى استبدال الكينونة بالذات، إلا توسيعاً للسؤال الأرسطي وإعادة لتموضعه، واعطاء الذاتية دوراً خاصاً في اطار السؤال الأوسع<!--[if !supportFootnotes]-->[16]<!--[endif]-->.
يجسد ليبنتز LEIBNITZ الشمول والجذرية هاتان بقوله: "تطرح الفلسفة سوءالين: لماذا ثمة شيء بدلاً من اللاشيء ؟ ولماذا هذا الشيء هو على هذا النحو وليس على نحو آخر ؟ " وهو بتجسيده هذا يُدخل إلى التساؤل الفلسفي بعداً آخرا هو ال "لماذا" أي مسألة العلة أو السبب.
.
وحتى لا تبدو الفلسفة مسعى إنسانياً مستقلاً عن الكينونة (الوجود)، أو قابلاً للهيمنة عليها، بالسؤال عن العلة الكافية أو بغيره، ننهي تعريفنا بهذه العبارة المعربة بتصرف عن الفيلسوف الالماني المعاصر هايدغر: الفلسفة رسالة تحمل إلى العبارة نداء الكينونة الآتي من الكائن .


كسارة، تشرين الثاني 1995
 
<!--[if !supportFootnotes]-->


<!--[endif]-->
<!--[if !supportFootnotes]-->[1]<!--[endif]--> تشكل هذه المداخلة المحاضرة الأولى من محاضرات ثلاث ألقيت في كلية الآداب في الجامعة اللبنانية- فرع البقاع. تدور المحاضرة الثانية عن ولادة الفلسفة والمحاضرة الثالثة عن انتقال الفلسفة من المستعمرات اليونانية إلى أثينا. ننشر المحاضرات تباعا.
<!--[if !supportFootnotes]-->[2]<!--[endif]--> عتا(الرجل) يعتو، عُتوا، عُتِيّا و عِتِيا: استكبر وتجبّر وجاوز الحدّ ولم يطع. عتت الريح: كانت شديدة العصف ( ريح عاتية). كلُ مبالغٍ في كبر او فساد او كفر: عتا او عثا. العاتي ج عتاة.(من محيط المحيط للمعلم بطرس البستاني). ونورد هنا بعض الآيات القرآنية: "وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزِل علينا الملائكة او نرى ربنا لقد إستكبروا في أنفسهم وعَتوا عتواً كبيراً" (سورة الفرقان، 21)؛ "فوربك لنحشرنهم والشياطينَ ثم لنحضرنّهم حول جَهَنم جِثِيا. ثم لننزعنّ من كل شيعة أيهّمُ أشدّ على الرحمن عِتيا" (سورة مريم، 68-69)؛ ..."قرية عتت عن امر ربها ورسله" (سورة الطلاق، 8). هذا وكان المستشرق البريطاني برنارد لويس قد رأى أن العبارة القرآنية المقابلة للهبرس اليونانية هي "الطاغوت".
<!--[if !supportFootnotes]-->[3]<!--[endif]--> حُكم على أناغساكوراس الكلزوميني (500-428 ق م) بالإعدام في أثينا (438 ق م )، وهو القادم إليها من إيونيا، فغادر إلى إحدى الجزر وبقي فيهاحتى الوفاة.
[4] بعد وفاة الإسكندر المقدوني, وخوفا من الحزب المعادي للمقدونيين في أثينا، غادر أرسطو الإسطاجيري (384-322 ق م) المدينة (323 ق م ) خصوصا أن أحد رجال الدين إتهمه بالكفر لكتابه نشيدا على شرف إنسان وهو ما لا يجوز إلا للآلهة.
<!--[if !supportFootnotes]-->[5]<!--[endif]--> يورد المعلم بطرس البستاني في محيط المحيط ما يأتي : "قيل العقل مأخوذ من عِقال البعير يمنع ذوي العقول من العدول عن سواء السبيل". ويقول د. جميل صليـبا في "المعجم الفلسفي" :
"العقل في اللغة هو الحجر والنهي، وقد سمي بذلك تشبيهاً بعقل الناقة ، لانه يمنع صاحبه من العدول عن سواء السبيل كما يمنع العقالُ الناقةَ من الشرود".
<!--[if !supportFootnotes]-->[6]<!--[endif]--> في المعجم الفلسفي الصادر عن "مجمع اللغة العربية" : "عقل Raison (F.) Reason (E.) : (1) بوجه عام : ما يُميَّـز به الحق من الباطل والصواب من الخطـأ. (2) يطلق على أسمى صور العمليات الذهنية بعامة، وعلى البرهنة والاستدلال بخاصة . (3) يراد به ايضاً المبادىء اليقينيـة التي يلتقي عندها العقلاء جميعاً ، وهي مبدأ عدم التناقض ، ومبدأ العلمية . (4) يطلق اللفظ الأجنبي ايضاً على ما يساوي السبب ، ومنه الاسباب الكافية (Raisons suffisantes) عند ليـبنـتز ".
[7] بطرس البستاني : محيط المحيط.
[8] ابن رشد : تفسير ما بعد الطبيعة.
<!--[if !supportFootnotes]-->[9]<!--[endif]--> كتب الشاعر الالماني نوفاليس، على سبيل المثال، في تعبير شعريّ رائع : " إنها حمراء ، الوردة الصغيرة الزرقاء ".
[10] Claude Lévi-Strauss: La structure des mythes in L’Anthropologie structurale , pp227-256, Plon, 1958.
[11] أوديبوس طورانوس تعني حرفيا أوديبوس الطاغية. والطاغية في عرف الإغريق هو الحاكم الذي لا شرعية له.
[12] "الآلهة الأرضية" ترتبط عند الإغريق بالأرض والعالم السفلي وتقابل "الآلهة السماوية".
[13] Maurice Merleau-Ponty: Les Philosophes célèbres, Mazenod, 1956, repris in Signes, Gallimard,1960.
<!--[if !supportFootnotes]-->[14]<!--[endif]--> نعدد هنا العلوم الوضعية الاساسية التي تدرس نظاماً عاماً من الظواهر وهي غير أ) التقنيات او الفنون المنبثقة عن العلوم النظرية (مثل الطب او الهندسة الزراعية) ؛ ب) العلوم "الملموسة" التي تدرس طبقة معينة من الكائنات (علم المعادن ، علم النبات، علم الحيوان ...).
[15] نستوحي هنا لائحة العلوم التي وضعها الفيلسوف الفرنسي وواضع المذهب الوضعي أوغست كومت (1798-1857) في القرن التاسع عشر ونضيف إليها علم النفس الذي أنكر كومت وجوده.Auguste Comte: Cours de philosophie positive, (les 2 premières leçons)
<!--[if !supportFootnotes]-->[16]<!--[endif]--> Alexandre Kojève: Essai d'une histoire raisonnée de la philosophie païenne. Paris, Gallimard, T. 1,. Les présocratiques, Heidegger : Kant et le problème de la métaphysique, (1929), Paris, Gallimard, 1953.
 
 
 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق