الثلاثاء، 2 أغسطس 2016

التفكير بالمقلوب، أو عصر الانقلابات. (محمد الحجيري)



التفكير بـ "المقلوب" أو عصر الانقلابات..

هل لكل عصرٍ سمتُه أو سماتُه، بما فيها الفكرية؟
لقد ذهب البنيويون إلى هذه النتيجة. وربما أهم من ذهب إلى ذلك هو ميشيل فوكو، رغم أنه يرفض وصفَه بالبنيوي.
لكن القول بنظرية موت الكاتب، أو القول بأننا لا نفكر، بل يُفَكر من خلالنا، وبأن لكل عصر طريقته في تفسير الأشياء، هو قول لافت للانتباه.
ما كان يعتبر تلبساً من الجن للأفراد في عصر، أو يعتبر جريمة يجب أن نضع صاحبها خلف القضبان وإخضاعه للمعاقبة في عصر آخر، أصبح في عصر لاحق مريضاً يستحق الشفقة والعلاج.

في مطلع القرن السادس عشر، حصل انقلاب في ثقافة العصر وفي طريقة الفهم، انطلقت تلك النظرة ثم تعممت بشكل كامل تقريباً.
البداية "التفكير بالمقلوب" كانت مع اكتشاف القارة الأميركية عام 1492: تريد أن تصل إلى الشرق، فاذهب غرباً إذاً!
كان عمر كوبرنيك، عالم الفلك البولندي آنذاك عشرين عاماً (19 عاماً).
ليكن! فلنفكر بالمقلوب إذاً.
إذا كنا نرى كل يومٍ بأن الشمس تشرق من الشرق، لتغرب من الغرب، فلمَ لا تكون الأرض هي التي تدور، رغم أن ذلك قد يصيبنا بالدوّار، لمَ لا تكون الأرض هي التي تدور من الغرب نحو الشرق؟؟
ثم جاء فريسيس بيكون، ليستكمل التفكير بالمقلوب. فهذا الأرسطو الذي سيطر على العقل البشري منذ ما يزيد عن ألفيّ عام، واضعاً للبشرية قواعد التفكير السليم، جاء دور عزله مع كتاب بيكون: "الأورغانون الجديد".
هل هي سمة العصر؟؟

نلاحظ أيضاً في القرن التاسع عشر سيادة موجة الصراع والجدل، من هيغل إلى ماركس إلى دارون إلى آدم سميث..
في البيولوجيا كما في التاريخ والاقتصاد والفلسفة والدين حتى.. (لأن هيغل بشكل من الأشكال يؤسس مسيحية تقوم على إله في حالة تشكل دائم وتمظهر في التاريخ: ليس في الإله شيءٌ ناجز، الكل في طور التكوين نتيجة الصراع والجدل والسيرورة).

.. ليست إلا تساؤلات.

                                           
محمد الحجيري (عن الفيسبوك)
31 تموز 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق