جورج زيناتي
وحوار معه :
حوار مع جورج زيناتي الحائز على جائزة الشيخ زايد للترجمة
التاريخ: الأثنين 21 مايو 2007
الموضوع: حوارات
وحوار معه :
حوار مع جورج زيناتي الحائز على جائزة الشيخ زايد للترجمة
التاريخ: الأثنين 21 مايو 2007
الموضوع: حوارات
حسين مرهون
الترجمة من دون خيانة.. أمر ممكن؟ نعم طبعاً
"الترجمة من دون خيانة" قد تبدو هذه الجملة سخيفة للوهلة أمام قوة ونفوذ جملة أخرى سائدة نجد لها معادلاً في كل اللغات تقريباً: ‘’كل ترجمة خيانة’’. لكن اللبناني جورج زيناتي الفائز بجازة الشيخ زايد للترجمة حديثاً والبالغة قيمتها نحو 200 ألف دولار لفرع الترجمة وحده، لا يؤمن بذلك. فهو يقول بثقة ‘’بالإمكان دائماً إنتاج ترجمة أمينة، ومن دون خيانة’’. ويجادل بخلابية اللغة العربية وقدرتها الدائمة على تطويع المختلف وصهره في داخلها، ولكن شريطة شيء واحد ‘’احترام الجمال’’.
وهو يدعو المترجمين إلى أن ‘’لا يتهيبوا من استعمال الكلمات الغريبة’’، مستدركاً ‘’مع التشديد على ضرورة عدم المغالاة’’. ويرى في الخلاصة أن ‘’في التراث العربي وفي خصوصية اللغة العربية ما يسعف المترجم على الدوام على إنجاز ترجمة وفية إلى الأصل’’. والمسألة بنظره، هي ‘’مسألة تحدٍ أولاً وأخيراً’’.
وجورج زيناتي، هو مفكر لبناني، اشتهر بترجماته لفيلسوف تفكيك السلطة الفرنسي ميشيل فوكو، وتعد ترجمته له التي أنجزها بالتعاون مع المركز القومي للترجمة برئاسة مطاع صفدي، من الترجمات الأولى التي أدخلت فوكو إلى التداول العربي. لكنه اشتهر أكثر بترجمته لفيلسوف الإرادة بول ريكور الذي تتلمذ بين يديه، ولاحقاً صار صديقه ونافذته على العالم العربي.
في هذا الحوار الذي أجرته معه ‘’الوقت’’ على هامش حفل توزيع الجوائز على الفائزين في فروع جائزة الشيخ زايد للكتاب مطلع شهر أبريل/ نيسان الجاري، يفتح زيناتي قلبه للإجابة عن أسئلة شتى، مشروعات الترجمة وبول ريكور واللغة العربية وأعماله الجديدة. هذا نص الحوار معه:
* كيف تقرأ فوزك بجائزة الشيخ زايد للترجمة في ضوء أن من تفوز بترجمة كتابه، أولاً هو بول ريكور أستاذك ولاحقاً صديقك، وثانياً أن الكتاب هذا ‘’الذات عينها كآخر’’ الذي تفوز به، هو آخر ترجمة صدرت لك بعد مشوار طويل مع الترجمة يصل إلى 30 عاماً؟
** أنا سعيد بهذه الجائزة؛ لأنها أعادت الثقة لي في العالم العربي. ليس لأن الجائزة كافأتني، إنما لأنها تحاول أن تكون جسراً بين الحضارات. أستطيع القول إنني فوجئت بهذه الجائزة، ذلك أنني لم أكن أتوقعها، بل إنني لم أكن أعرف أياً من القائمين عليها. هذا شيء كان بالنسبة لي علامة مهمة جداً. ثم أنني سعدت أيضاً لبول ريكور (1913 - 2005)؛ لأنه كان يعرف أنني أعمل على ترجمة كتابه، وكان على استعداد لأن يكتب مقدمة لهذا العمل. وهو أرسل لي أكثر من رسالة إلكترونية، وكان متحمساً لإيجاد اتصال من أي نوع مع العرب. وأنا التقيته آخر مرة في تونس العام 2002 وكان دائم الإلحاح على مثل هذا الاتصال. كان يقول إن علينا أن لا نفرض آراءنا وقيمنا على الآخرين. ويقول أيضاً نحن لم نفتح حوارا حقيقيا مع بقية العالم معترفاً بتقصير الغرب. مصير العالم كله لا نقرره وحدنا. نحن لسنا موجودين وحدنا. وهذا قول قيم جداً. لأننا نعرف كيف أن باستطاعة العلم والتقدم والثروة أن يخلق في حضارة معينة نوعاً من الصلف والكبرياء. أعظم ما في الحضارة العربية والإسلامية أنها لم تكن تملك مثل هذا الصلف، كانت تملك صلفاً من نوع آخر، هو قيمها وانفتاحها. وهذا الشيء مهم جداً؛ لأن هناك من يقول اليوم إن العالم لم تعد فيه سوى توازنات وصراع قوى. لا، صراع القوى، هو مظهر من المظاهر. لكن في العمق، يكسب من يستطيع أن يكسب حب الناس ورضا الناس ومقاومة الظلم. أنا كنت دائم الإعجاب بنزعة التمرد على الظلم داخل الإسلام. وهذا شيء شعرت به عند ريكور أيضاً. وأستذكر هنا، أنه في إحدى المرات - وكنت ساعتها لما أزل طالباً عنده في فرنسا- استدعاني إلى الغداء من أجل التحدث معه عن الإسلام. كان لديه عطش ويريد أن يملأه. أعظم ما في فلسفة ريكور هو سعيها إلى الإصغاء للآخر. الآخر القريب والآخر البعيد. فهو كان يرى - في هذا الكتاب الذي نلت عليه الجائزة - نوعين من الآخرية، الآخر القريب، وهذا تجمعنا الصداقة معه، ثم إن هناك الآخر البعيد، وهذا يجب أن يجمعنا به نوع من العناية والعدالة. كما قلت، أنا سعدت لدرجة كبيرة، وأعتقد أنه لو كان ريكور عائشاً فيسعد هو الآخر. أشعر أنني كنت واسطة، وأتمنى أن تكون هذه الجائزة جسراً صغيرا بين غرب لا يريد أن يستغل تفوقه التقني ليستغل الآخرين، وبين الآخرين قريبين كانوا أو بعيدين.
* لو حاولنا وضع جهدك في الترجمة في سياق الجهود الأخرى التي تشتغل في المجال نفسه. كيف تقرأ مشروعات الترجمة في الوطن العربي. هل أضافت شيئاً بحيث استطاعت أن تؤسس لجهاز مفاهيمي يشتغل عليه الفكر العربي أم أنها شوهت الفكر الغربي المترجم؟
** البعض يقول لك أترجم بحسب ما أقبض، لكن ما يطرحه هؤلاء ليس ترجمة. الترجمة تحتاج إلى التمكن من العمل المترجم ومن التراث العربي معاً. الآن هناك مشروعات كثيرة. يجب أن نميز بين ثلاثة أنواع من المشروعات. هناك المشروعات التي تكون سلعة سريعة للاستهلاك، وهذه غير مجدية وقد تضر، وفي غالب الأحيان هي تضر. وهناك المشروعات الأيديولوجية الترويجية، وهذه أيضاً ملامة. ثم هناك المشروعات الحقيقية التي تسعى إلى نقل الإنتاج الغربي بأمانة. أنا أدرج شغلي على الترجمة ضمن النوع الأخير، ولكن هذا يتطلب مؤسسات ضخمة. وشخصياً، أفتخر بأن المؤسسة التي أعمل فيها، وهي المنظمة العربية للترجمة، هي منظمة جدية. أقل ما يمكن أن يقال بحقها إنها جدية تماماً، وإنها لا تهتم إلى الربح. عندها لجان في كل حقل وميدان، وشخصياً أواظب على حضور اجتماعات لجنة الفلسفة. لكن في مقابل ذلك، أنا أدعو إلى تنشيط نوع آخر عكسي في الترجمة، يقوم على نقل الإنتاج العربي إلى الغرب. فنحن لا نريد أن ننقل الغرب للعرب فقط، إنما أن ننقل العرب إلى الغرب أيضاً. لنقل فليكن هنالك جسر، وبعد ذلك فليقرر الناس كيف يستطيعون أن يتفاهموا. كلنا على سطح هذه الكرة أبناء بشر واحد وجنس بشري واحد، ولنا رب واحد يسميه المسلمون دائماً رب العالمين. لا يقولون رب المسلمين ولا المسيحيين ولا الغربيين ولا العرب، إنما رب العالمين. هذا النوع من الجسور أنا أعمل عليه، وهو ليس عملاً سياسياً مباشراً، إنما هو عمل حضاري صحيح. لا أقول إننا نريد القيام بما فعله المأمون العباسي (ت 218 هـ)، إنما نحن نسعى إلى النظر في المعطيات الحديثة ومواجهة العنف السائد في العالم اليوم عبر لغة أخرى ممكنة. ولكنها لغة تقوم قبل كل شيء، كما سبق وأن قلت، على نوع من الاحترام ورفض الظلم.
الترجمة وصياغة المشروع الحضاري
* على ذكرك المأمون العباسي، اعتبرت الترجمة في القرن الثالث والرابع الهجري منخرطة في مشروع حضاري أثبت تاريخ المعرفة الدور الفعال للترجمة فيه. فهل أن الترجمة اليوم يمكن أن تساهم في صياغة مشروع حضاري. هل العيب في الترجمة أم في المشروع ذاته الذي حول الترجمة إلى آلية للانغلاق على الذات؟
** أنا أرى أن الترجمة اليوم يجب أن ينظر إليها بمعطيات القرن الواحد والعشرين. المأمون حين بدأ الترجمة كانت الجيوش الإسلامية تحاصر القسطنطينية (عاصمة دولة الخلافة العثمانية تالياً) وكانوا يطلبون من أهلها، وهم أعداؤهم أن يزودوهم بالمخطوطات اليونانية. وكان الجاحظ (ت 255 هـ) يقول إن ورثة اليونان هم نحن ولستم أنتم لمجرد أنكم تعرفون اللغة. ولكن مثل هذا الخطاب كان يأتي من أمة هي المسيطرة على العالم، وهي المعطى الأساسي. كانت بغداد هي المركز، حاضرة في عالم ممتد، الكل فيه يكتب باللغة العربية. العرب والعجم، الكل كان يساهم في الحضارة ويغنيها. الكندي (185-256 هـ / 805-873م) كان عربياً، ابن سيناء (370- 428 هـ/ 980-1037م) كان فارسياً، والفارابي (260-339 هـ/ 874- 950 م) كان من أم تركية. نحن الآن في ‘’مركز ضعف’’، وأضع هذه الجملة بين مزدوجتين؛ لأننا في الحقيقة لسنا ضعفاء. نحن عندنا إمكانات ضخمة، لكننا لا نحاول أن نستغلها. وانطلاقاً من المعطيات الموجودة حالياً، نحن نستطيع أن نتفاهم أفضل مع الغرب، شريطة أن نعرفه. الترجمة على الأقل هي محاولة في الفهم، فهم الآخر. أنا أرى أن البشرية الآن في الطريق إلى إفراز تكونات كبيرة، قد نصل معها إلى أكثر من قطب واحد. الأرجح أن يكون هناك أقطاب عدة في العالم، وهي بدأت تتضح بصورة أكبر. لذلك أصر على ضرورة أن لا تقتصر الترجمة على لغة أو لغتين. في منظمة الترجمة نحن نحاول أن نترجم من خارج الفرنسية والإنجليزية، وقد أنجزنا ترجمة عن الألمانية وأخرى عن الإيطالية. ولا أستبعد صدور ترجمات عن اليابانية والصينية قريباً. هذا الأمر لو تضافر سيساعد على أن نحدد دورنا، ماذا نريد من مستقبل للأجيال الطالعة. شخصياً أقول للأجيال الطالعة، اقرأوا وبعد ذلك لكم أن تحكموا. أنا أثق بعقولكم ومقدرتكم، ولا أريد أن أفرض عليكم أي شيء. لا أريد أن أقول إن ريكور هو أرسطو جديد، وبالتالي أسميه معلماً آخر، لا. المعلم الحقيقي يجب أن يكون لديه درجة من التواضع ومن دون هذا التواضع لا معنى لعلمه. كان ريكور يقول دائماً إنني إذا كنت أعرف أكثر من طلابي، فذلك فقط لأن سني أكبر وقرأت كتباً أكثر.
* كثيراً ما تطرح قضية المصطلح وتبيئته في الفضاء الثقافي واللغوي العربي. وشهدنا في هذا الصدد اتجاهين، اتجاهاً حنبلياً لايقبل المصطلح إلا بعد البحث عن نسخته في التراث اللغوي والفكري، واتجاهاً مفتوحاً ينقل المصطلح كما هو. برأيك، هل هذا الانقسام عائد إلى صعوبة المادة الفكرية المترجمة أم إلى الاتجاه المعرفي الأيديولوجي للمترجم. كيف نحل معضلة المصطلح؟
** أنا على قناعة تامة بما كان يقوله دوستويفسكي ‘’اللغة هي الشعب’’. فإذا كان المترجم العربي يثق بشعبه وبلغته، فإن التحدي الأكبر يتمثل في قدرته على تطويع اللغة العربية من أجل ترجمة الإنتاجان الفكرية، حتى تلك الأكثر صعوبة. فكتاب ريكور مثلاً ‘’الذات عينها كآخر’’ الذي صدر العام 1990 ليس فلسفياً فقط، إنما هو كتاب يفتح على ميادين عدة، على علم النفس والألسنية وغيرها. بالنسبة لي كان هناك تحد، هل أن اللغة العربية قادرة على أن تنقل كتاباً غربياً منشوراً في أواخر القرن العشرين من غير خيانة مع الاستعانة بالتراث العربي بقدر الإمكان؟ أنا أقول نعم، ويجب أن لا نخشى من استعمال الكلمات الغريبة. يجب أن لا نغالي بأن نبقي الكلمات على ما هي عليها. اللغة العربية قادرة. أنا اكتشفت أكثر من ذلك، أن اللغة العربية لها ميزة رائعة لا يمكن للمترجم أن يكتشفها إلا حين يتعامل معها بعمق وبإرادة التحدي مع اللغة الأخرى المترجمة. اللغة العربية جميلة جداً؛ لأنها لا تقبل الاشتقاقات السريعة، كما هو حاصل في اللغة الألمانية مثلاً. العربية تريد منك أن تكون فناناً. أن تستوحي من جمالها ما تريد وأن تحترم هذا الجمال. أنا حاولت باستمرار أن أحترم هذا الجمال وخصوصيته. ولكن هذا لا يمنع من الإبداع. يجب أن لا نبدع ونشتق كلمة جديدة حين نستطيع أن نجد كلمة مرادفة لها، أليفة وسهلة. العربية قادرة على أن تترجم كل شيء، وإذا كان هناك من نقص ومن عيب فهو فينا. نحن لا نستعمل الآن إلا كلمات قليلة من اللغة العربية، نحو 10000 كلمة، في حين أن اللغة الفرنسية تستعمل وإلى اليوم، نحو 60000 كلمة. أعتقد أن هذا التحدي كان جزءاً من عملي، وربما تأتي الجائزة بمثابة المكافأة لهذا التحدي ونجاحه. ولكن ألفت العناية هنا إلى أن علينا أن لا نثقل العربية باشتقاقات لا معنى لها، إلا إذا كانت ضرورية. فمثلاً أنا قمت بترجمة كلمة Distanciation التي استخدمها ريكور للدلالة على أخذ المرء مسافة من انتمائه، ولكن مع بقائه داخل الانتماء نفسه، إلى كلمة ‘’تماسف’’. وهي كلمة، كما ترى، مشتقة. ذلك لأنني لم أجد التعبير المناسب في كلمة ‘’بون، أخذ بوناً’’ التي تحول على الانغلاق. وأقول هنا، إن لاستعمال هو الذي يجب أن يحكم في النهاية. يجب أن نشجع القارئ العربي على أن يقرأ وأنه حين يقرأ يجب أن يأخذ في اعتباره بأن القراءة متعة ولذة، ولكنها أيضا جهد وعمل. فإذا ما وجد صعوبة في بعض الأحيان عليه أن لا يمل أو يركن إلى اليأس.
سلطة الترجمة اللامركزية
* توزعت الترجمة العربية عبر كل الحقول المعرفية، والراجح أنها فشلت في بعضها، وتوفقت في بعضها الآخر، خصوصاً في المجال السياسي. لكن اللافت أن الفلسفة والعلوم الإنسانية بقيت في حاجة إلى المراجعة وإعادة المراجعة. ما علاقة السياسي بالترجمة كعلم. وإلى أي حد انخرطت المؤسسات العربية للترجمة في حل هذا الإشكال؟
** لو لاحظت، فإن العلوم السياسية دائماً مفاهيمها قليلة. حتى لو رجعنا لأرسطو المعلم الذي كتب في السياسة، فسنرى أن المفاهيم التي استعملها، هي لاشيء أمام المفاهيم التي استعملها في الفلسفة أو علم النفس. ذلك أنه في الفلسفة تجد أن كل فارق بسيط يمكن أن يذهب بك إلى مكان آخر بعيد. شيء آخر، السياسة سريعة، وهي مرتبطة بالتداول اليومي الذي لا يستطيع معه المرء أن ينتظر، خصوصاً مع هذا الاهتمام الكبير الذي تبديه الصحافة للأحداث السياسية. لكن هذا ينتج مشكلات كثيرة، إذ في كثير من الأحيان تخرج كلمة سياسية في اللغات الأجنبية ولا نعرف كيف نترجمها. خذ مثلاً كلمة Aetermondialisation التي ألقى بها مرشح اليسار الفرنسي لرئاسة الجمهورية جوزي بوفي في إحدى خطاباته، حين قال ‘’أنا ضد العولمة ومع عولمة أخرى’’ مستخدماً كلمة Aetermondialisation. الجميع توقف أمام الكلمة ولم يعرف كيف تتم ترجمتها، في حين أنها كانت تعني، ويعرف ذلك من يتقن اللاتينية ‘’العولمة الأخرى’’. بالنسبة إلينا، فإن المشكلة تتضاعف، وأصعب ما في الأمر أن المغاربة يترجمون بطريقة، والمشارقة يترجمون بطريقة، وأهل الساحل الشرقي للمتوسط يترجمون بطريقة. ما أخشاه هو أن نصل في الأخير إلى ثلاث ترجمات لكلمة واحدة!. من كل هذا أريد أن أقول إن الصحافة مجبرة على أن تخترع ترجمة سريعة للكلمة السياسية، لأنها متصلة باليومي، وليست هناك سلطة واحدة يمكن أن ترجع إليها الترجمات. في المنظمة العربية للترجمة حلمنا أن نصل إلى ترجمة الفلسفة في كل مفاهيمها الجديدة ووضع معجم جديد في الفلسفة.
* هل استطاع المترجمون العرب أن يصوغوا نظرية في الترجمة، مستفيدين من النظرية الغربية المتطورة. سيما وأن هذا العلم لا يزال إلى اليوم مفصولاً عن المؤسسات الأكاديمية؟
** حتى الآن المسألة ما تزال عشوائية. لكن أعتقد أن الزمن كفيل بحلها، تحلها المنافسة. ولن يتبقى في النهاية غير تلك المؤسسات التي ساهمت مساهمة حقيقية في عملية الترجمة. ربما ما يمكن أن يساعد على ذلك، هي الصحافة. لكن ما تزال الفلسفة هي القريب الفقير للصحافة ووسائل الإعلام. لذلك آمل أن تعطيها أهمية أكثر. هذا ليس واجب المترجم وحده، إنما أيضاً واجب أيضاً الصحافة والإعلام والوسائل الحديثة وكل ما ينتجه التكنيك الحديث. الترجمة ليست نقلاً حرفياً، إنما عملية معادلة بين ما في لغتك وحضارتك وما في لغة وحضارة الآخرين، ومن دون خيانة. الإيطاليون عندهم نظرية تقول ‘’إن الترجمة إما أن تكون جميلة فتبتعد عن النص الأصلي، أي تخونه، أو أن تكون أمينة للنص فتصبح قبيحة’’. نحن نريد أن يكون هناك حل ديالكتيكي لهذه المعضلة يجمع بين طرفيها، وهو شيء ممكن.
* أخيراً، ما الذي يشغلك الآن بعد ريكور؟
** يشغلني ريكور نفسه. فقد أنهيت ترجمة الكتاب الأخير له الصادر في العام 2000 ‘’التاريخ والذاكرة والنسيان’’. كما أن عندي مشروعات تخصني أنا. لأنني بكل تواضع أقول إنني أعتبر نفسي أيضاً فيلسوفاً.
---
عن صحيفة الوقت البحرينية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق