نقابيّات
انتخابات الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة
التعليم الثانوي، بين الهيمنة والتعطيل.
أ. محمد الحجيري
دعت الهيئةُ الإداريَّةُ الحاليّةُ لرابطة أساتذة
التعليم الثانوي في التعليم الرسمي إلى إجراء انتخاباتِ الهيئة الإداريّة الجديدة،
نهار السبت في الثامن والعشرين من حزيران 2025، بعد تأخير دام لأكثرَ من سبعةِ شهور.
رَسَتْ الترشيحاتُ على قائمةٍ قاربَت الثمانيةَ
والثمانين مرشَّحاً لشَغلِ المراكزِ الثمانيةَ عشَرَ للهيئة الإداريّة.
شكّل التيارُ النقابيّ المستقلّ ونقابيّون مستقلّون
لائحةً مكتملةً قبلَ خمسةِ أيامٍ من الموعدِ المقرَّرِ للانتخابات، بينما لم تتمكّن
الأحزابُ الممَثَّلةُ في الهيئة السابقةِ من تشكيلِ لائحةٍ ائتلافيّة، وكَرَّت سُبحةُ
التراجعِ عن الترشّح نهارَ الجمعة، قبلَ يومٍ واحدٍ من تاريخِ الاستحقاق الانتخابيّ،
بدأتْ بعزوفِ الحزبِ التقدمي الاشتراكي، ثم تتالت التراجعات، من تيار المستقبلِ
إلى التيار الوطني الحرّ إلى الجماعة الإسلاميّة، وأخيراً الثنائي الشيعي، الذي
أصدر بياناً يعلن فيه المقاطعةَ بالعزوفِ عن الترشّح والاقتراع، بينما اكتفت
بياناتُ الأحزابِ الأخرى بالتراجع عن الترشح، دون الدعوة إلى مقاطعة العمليّةِ
الانتخابية.
تعدَّدَت الأسبابُ التي أورَدَتْها بياناتُ العزوف، حركة أمل وحزب
الله يتحدثان عن "فشل كل محاولات تشكيل لائحة متناغمة"
تيّار المستقبل ينتقد "استمرارَ بعض
الأطراف في استخدام اللغةِ الخشبيَّةِ والتقوقعاتِ الضيِّقة التي أثبتت عجزَها في
المرحلة السابقة"
الجماعةُ الإسلاميَّةُ تُعيدُ السببَ إلى
عجزِها عن "تحقيقِ ائتلافٍ يجمعُ الجميعَ دون استثناء"
أما التيارُ الوطنيُّ الحرّ، فقد ورد في
بيانٍ أصدره ما يلي: "كان ولايزالُ همُّنا تحقيقَ مصلحةِ الأستاذِ الثانويّ
وحمايةَ قطاعِ التعليمِ الثانوي الرسمي أساتذةً ومؤسسات وحماية التوازن الوطني، والاستفادة
من الطاقات النقابية كافةً، وسعينا لوحدة
الصف بين الزملاء حزبيين ومستقلّين، ولكيلا نكون طرفًا في تنافس قد لا يخدم قضية
الأستاذ الثانوي، لذلك آثرنا عدم المشاركة ترشيحًا في الاستحقاق الانتخابي.
وبالرغم
من اقتصارِ حركةِ أمل وحزب الله في الإعلان عن "العزوفِ عن الترشّح لعضوية
رابطة اساتذة التعليم الثانوي ومقاطعة الانتخابات"، فإنَّ الموقفَ العمليَّ
بالمقاطعةِ قد شمَلَ جميعَ الأحزاب، في محاولةٍ على ما يبدو لإبطالِ العمليَّةِ
الانتخابية.
وبالرغم
من أنّ النظام الداخلي لرابطةِ أساتذةِ التعليم الثانوي لا تنصُّ على نِصابٍ محدَّدٍ
لانتخاباتِ الهيئةِ الإداريَّة، حيث نَصَّ الفصلُ الثالثُ في المادة الثانية والعشرين من النظام الداخلي
على ما يلي: "يُشترط في المرشح إلى عضويَّةِ الهيئةِ الإداريَّةِ أن يكونَ قد
مضى على مرسومِ تعيينهِ في مِلاك التعليمِ الثانوي الرسمي سنةٌ على الأقلّ، ويبدأ قبولُ الترشيحاتِ قبل أسبوعين من
موعدِ الانتخاب، وتنتهي قبل أسبوعٍ من تاريخه وتعلنُ الهيئةُ الإداريّةُ عن أسماءِ
المرشَّحِين قبل خمسةِ أيامٍ من موعدِ الانتخاب بواسطة وسائلِ الإعلام وعلى باب
مركز الرابطة في وزارة التربية."
دون أن تذكر أيَّ شرطٍ آخرَ لانتخابات الهيئة الإداريّة.
لكن، هناك مادّةٌ أخرى في الفصل الرابع، في المادة
التاسعة والعشرين، تنصُّ على أن:"تكون اجتماعاتُ مجلسِ المندوبين قانونيَّةً
بحضور الأكثرية المطلقة في الاجتماع الأول وبمن حضر في الاجتماع الثاني شرط عقده
بعد أربع وعشرين ساعة من موعد الاجتماع الأول على الأقل ودون تغيير في جدول
الأعمال."
قاطع مندوبو الأحزاب انتخاباتِ الهيئة الإداريّة، بينما
خاضها المندوبون المؤيّدون للائحة "الأستاذ الثانوي المستقل"، حيث وصلت
نسبةُ الاقتراع إلى أقلَّ من النصف بقليل. (222 مقترعاً من 508 مندوبين)
وقع الخلافُ والتباينُ في وجهات النظر، بين من يريدُ
مباشرةَ فرزِ النتائج، وبين الهيئةِ الإداريّةِ السابقة التي ترى أنّ الانتخاباتِ
غيرُ قانونيَّةٍ، لعدمِ توفّرِ شرط النصاب القانوني، وبالتالي لم توافق على مباشرة
عملية الفرز.
كان هناك اقتراحٌ لم يتمَّ الأخذُ به، يقول بأنه طالما
أنّ هناك
رأيَين، واحداً يقول بأنَّ هذه الانتخابات شرعيَّةٌ، وآخرَ يقول إنها غير شرعية؛ يجب
أن يكون هناك جهةٌ تحكُمُ في الموضوع.
لكن، إلى حين ذلك، يجب فرز الأصوات. فإن كانت الانتخاباتُ غيرَ شرعيَّةٍ،
يمكن إلغاءُ النتيجةِ وإعادةُ الانتخابات في دورة ثانية.
وإذا كانت شرعيةً، تُعتمدُ نتائجُها.
لأنه ماذا لو تم الامتناع عن الفرز، ثم قالت الجهةُ المخوَّلةُ
بالحكمِ إنها كانت انتخاباتٍ شرعية؟ كيف سنعود إلى النتائج؟
السؤال الذي يبقى قائماً هو: من هي الجهةُ الصالحةُ لتفسيرِ موادِّ
النظامِ الداخلي؟
وإذا تمّ اعتبارُ عمليَّة انتخابِ الهيئة الإداريَّةِ اجتماعاً لمجلس
المندوبين، وبالتالي تنطبقُ عليه المادةُ التي تنصُّ على أن :"تكون اجتماعاتُ
مجلسِ المندوبين قانونيةً [...] بمن حضر في الاجتماع الثاني شرط عقده بعد أربعٍ
وعشرين ساعةً من موعدِ الاجتماعِ الأوَّل على الأقل ودون تغيير في جدول
الأعمال."، فمتى سيكون موعد الجلسة الثانية؟
بعد يومٍ أم بعد أسبوع.. أم بعد شهر؟
وهل ستلجأ المكاتبُ التربويّةُ للأحزاب إلى
محاولةِ إعادة ترميم تحالفاتها والاتفاق على الحصص والمواقعِ لخوضِ الجولة الثانية
من الانتخابات؟
وهل من المقبول أن تلجأ الأحزاب إلى تعطيل
الانتخابات إذا لم تضمن أن تكون هي الفائزة في هذه الانتخابات؟
وما هي الصيغةُ الأفضل لتشكيل وعمل الرابطة
وهيئتها الإداريَّةِ التي تحقِّقُ أفضلَ النتائج لصالح الأستاذ الثانوي؟
إذا كان لي أن أبدي رأياً فإني أقول: من
الأفضل للأساتذة أن تضمَّ الهيئةُ الإداريَّةُ للرابطةِ كلَّ الأطيافِ الأساسيَّةِ
والفاعلةِ للأساتذة، بمن فيهم الأحزاب، لكن دون أن تكون تحت وصايتهم. بل بوجودٍ
راجحٍ للأساتذة المستقلّين ولنقابيّين مشهودٌ لهم كفاءتُهم وتفانيهم في العمل
النقابي.
(محمد الحجيري؛ صيدا في 28 حزيران 2025)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق