نقد الحداثة:
(علي وطفة)
(الجزء الثاني من مقالة عن الحداثة ومابعد الحداثة)
علماء الاجتماع استطاعوا عبر رؤاهم النقدية أن يكتشفوا مسالب الحداثة
ومخاطرها ولكنهم مع ذلك كانوا يرجحون الجوانب الإيجابية لهذه الحداثة على مضامينها
السلبية.
لم تستطع الحداثة بنزعتها العقلانية ومغامراتها العلمية أن تحقق
الغايات التي كانت في أصل وجودها. إن مأساة الحداثة
كما يقول تورين “أنها تطورت ضد ذاتها”[39].
وهذا يعني أنها وجدت من أجل تحرير الإنسان ولكنها وفي سياق
تطورها وضعته في أقفاص عبودية جديدة هي عبودية العقل والعقلانية، لقد أصبحت الذات الإنسانية في سياق هذا التطور موضعا للعلم
والعقلانية، وتم استلاب هذه الذات من مقومات وجودها الإنسانية.
لقد أعلن جان جاك روسو J.J.Rousseau (1712-1778)
زعيم النزعة الطبيعية، في القرن الثامن عشر، عن
مسالب الحداثة ومخاطر العقلانية الصارمة التي اجتاحت العمق الإنساني
واستلبت المشاعر السامية للإنسان. وقد أكد هذه الملاحظات في مختلف أعماله بدءا من العقد الاجتماعي Le
contrat social وانتهاء
بكتابه إميل Emile.
يهاجم روسو بشدة التقدم العلمي الذي أدى إلى تشويه الجانب الإنساني في
الإنسان، ونادى بإصلاح التربية والقيم والمؤسسات السياسية والدين من أجل الإنسان
في أعمق مضامينه الإنسانية. وإذا كان الإنسان اليوم يحتل
مكانا مركزيا في دائرة تصوراتنا فإن هذا يعود بالدرجة الأولى إلى روسو.
وعلى أساس ذلك يقول كانط إن “روسو هو نيوتن العالم الأخلاقي”[40]. ففي رسالتيه المشهورتين: مقالة في العلوم والفنون Le discours sur les sciences et les arts، ومن ثم مقالته في أصل اللامساواة بين البشر Discours sur l’origine de l’inégalité يؤكد روسو على أن الحضارة المادية العقلانية تؤدي إلى تراجع الأخلاق
وتراجع القيم الإنسانية وتدفع الإنسان إلى دوائر الاستلاب والاغتراب. وفي هذا السياق يرى روسو أن المجتمع ليس عقلانيا وأن الحداثة
تفسد أكثر مما تقدمه من فوائد. وبالتالي ومن أجل تحقيق الوحدة بين الإنسان
والمجتمع فإن الحداثة تؤدي إلى تأكيد السيادة السياسية التي توظف في خدمة العقل
وهي سيادة تنمو وتزدهر على حساب الذات الإنسانية المتفردة. وبعبارة أخرى من أجل
انتصار العقل والعقلانية يجب التخلي عن الذات الإنسانية بما تنطوي عليه هذه الذات
من كرامة وخصوصية. وهنا يجب على الإنسان أن يخضع
لعقله وتأملاته العقلية وذلك على حساب عواطفه ومشاعره وقيمه الخاصة. وعلى
هذا الأساس يستطيع المرء أن يتدرج وأن يأخذ مكانه وحضوره في سياق وجوده الاجتماعي
وذلك بوصفه عاملا أو جنديا أو مواطنا بدرجة أكبر من كونه سيدا لنفسه ولمصيره. وعلى
هذا الأساس يتحول العقل إلى طاغية والعقلانية إلى قهر واستبداد تنتهك وجود الإنسان
وتستلبه[41].
لقد شكلت الحداثة على مدى القرون الماضية دريئة للنقد من
قبل مفكرين أفذاذ مثل ماركس ونيتشه وفرويد واستطاعوا أن يفندوا جميع الأسس التي
قامت عليها الحداثة. وفي ظل هذه
الانتقادات المتنامية طرحت العلاقة الإشكالية بين الجانب الذاتي في الإنسان
(الذاتية الإنسانية التي تمثل الجانب الانفعالي والعاطفي من كرامة وحب وكراهية
وأحاسيس ومشاعر وقيم وانتماءات) والعقلانية نفسها بوصفها إحدى أهم التحديات التي
واجهتها مرحلة الحداثة. فالحداثة تؤكد العقلانية وهي لا تعير الجانب الذاتي
الإنساني اهتماما كبيرا، وإذا كان تجاهل الجانب الذاتي في الإنسان يضع الحداثة في
وضعية أزمة فإن تغييب الجانب العقلي لحساب الجانب الذاتي يضاعف من حدة هذه الأزمة.
فالإنسان الذي يتجرد من عطاءات العقلانية يضع نفسه في زنزانات الهوية والنزعات
الاعتباطية ويذوب في معاصر التعصب والتحيز والانكماش.
وتلك هي المعادلة الصعبة والحل المناسب هنا ليس في أن يختار الإنسان
بين العقل أو الذات بل وعلى خلاف ذلك يتوجب على الإنسان أن يحقق التوافق بين
الطرفين والتوازن بين الاتجاهين: بين العقل وبين الذات الإنسانية. وإنه لمن مظاهر
الخطر الكبير تنامي هذا الانفصال بين الجانبين: بين العالم العقلي وبين العالم
الذاتي في مستوى الإنسان الفرد كما في مستوى المجتمع، بين الحياة الخاصة وبين
الحياة العامة للفرد. وغالبا ما تجد هذه المعادلة الصعبة مخرجها عبر عملية
ديمقراطية تتميز بالقدرة الحقيقية على تحقيق علاقة التوازن بين الفرد والمجتمع بين
المصلحة الخاصة للفرد وبين المصلحة العامة كما يؤكد في هذا السياق المفكر الأمريكي
جون ديوي.
لقد فقدت الحداثة قدرتها على تحرير الإنسان بعد أن أدت
دورها التاريخي، وفي هذا السياق يقول تورين: “بقدر ما تنتصر الحداثة بقدر ما تفقد
قدرتها على التحرير، إن دعوة التنوير مؤثرة عندما يكون العالم غارقا في الظلام
والجهل والعبودية”[42].
ومن أجل تفسير هذا التناقض الكبير يشرح لنا تورين هذه
الإشكالية، إشكالية التحرير والعبودية فيما بين عصر التقاليد وعصر الحداثة فيقول:
“كنا نعيش في الصمت صرنا نعيش في الضجيج، كنا معزولين فصرنا ضائعين وسط الزحام،
كنا نتسلم قليلا من الرسائل والآن تنهمر علينا كوابل من نار، لقد انتزعتنا الحداثة
من الحدود الضيقة للثقافة التقليدية المحلية التي كنا نحياها وألقت بنا في جحيم
الحرية الفردية، لقد ناضلنا ضد نظم الحكم القديمة الفاسدة وميراثها، أما في القرن
العشرين فضد الأنظمة الجديدة والمجتمع الجديد والإنسان الجديد”[43].
يعد الفيلسوف الفرنسي المعروف جان فرانسوا
ليوتار Lyotard من كبار المفكرين الذين وضعوا الحداثة في قفص الاتهام وهو من أعلن
نهايتها معلنا عن ميلاد عصر ما بعد الحداثة في كتابه المعروف الوضع ما بعد الحداثي La condition Postmoderne عام 1979. وهو في هذا السياق يعلن عن سقوط
النظريات والإيديولوجيات الكبرى وعجز هذه النظريات عن قراءة الواقع أو تفسيره لأن
هذه الأنساق الفكرية تعاني من الجمود والانغلاق وهي ليست قادرة أبدا كما يذهب
أصحابها وروادها على تفسير العالم أو المجتمع ومن هذه النظريات الماركسية والوضعية
والوجودية والبرغماتية وغيرها من النظريات الشمولية المعروفة.
ومن القضايا التي يناقشها جان فرانسوا ليوتار Jean-François Lyotard في هذا الجانب إشكالية الحتمية التي يعلن سقوطها تأسيسا على تطور
العلوم الطبيعية والتاريخ[44]. فالحتمية
تعلن إفلاسها أمام المستجدات العلمية الجديدة في القرن العشرين. لقد بينت الأحداث
المتتابعة، على مدى القرن العشرين، أن التاريخ لا يأخذ خطا حتميا تحركه تتابعات
المراحل، وحتميات التتابع التاريخي الذي أنبأت عنه الماركسية وغيرها. فالتاريخ
الإنساني قد يأخذ خط التقدم، ولكنه قد يتراجع وقد ينهض من جديد أو يراوح في مكانه،
فلا مكان لأقدار الحتمية وأفكار الغايات التي يسعى إليها التطور في منظور الأنساق
الفكرية الكبرى[45].
مفهوم ما بعد الحداثة:
غالبا ما يحاصر المفكرون المفاهيم الجديدة بإيقاعات تصوراتهم الفكرية
ومن هذا المنطلق نجد أن مفهوم الحداثة قد تشبع بتصورات وحدود عدد كبير من المفكرين
العمالقة الذين وظفوا هذا المفهوم في منظوماتهم الفكرية. ومن هذه الزاوية نجد حالة
من التنوع والاضطراب في تحديد مفهوم ما بعد الحداثة بصورة واضحة وجلية. لقد شكلت
الانتقادات المنهجية التي وجهت إلى مفهوم الحداثة الأرضية العلمية التي تنامى في
تربتها مفهوم ما بعد الحداثة ليأخذ صورته النقدية التي تغذيها روح فكرية نقدية
نشطة ومتطورة. وقد لا نبالغ إذا قلنا بأن هذه الانتقادات التي تنامت في حقل
الحداثة شكلت أيضا ينبوعا للتنظير العلمي المتقدم والإبداعي في ميدان ما بعد
الحداثة. وتأسيسا على ذلك يمكن القول بأن مفهوم ما بعد الحداثة لا يأخذ أهميته
بوصفه امتدادا زمنيا لحالات حضارية متعاقبة بل هو نسق من التصورات النقدية التي
أبدعتها روح العصر المتجدد في مختلف ميادين الحياة الفكرية.
وفي غمرة الانتقادات التي وجهت إلى الحداثة وفي ملامح الأزمة التي
تعيشها الحداثة دفعت بعض الباحثين إلى الاعتقاد بأن الإنسانية خرجت، تحت تأثير هذه
الاختناقات الحضارية، من مرحلة الحداثة وبدأت مرحلة جديدة أطلق عليها ما بعد الحداثة.
ويقدر فريق من هؤلاء الباحثين أن هذه المرحلة قد بدأت
تاريخيا منذ عام 1968 وهي المرحلة التي عرفت بثورة الطلاب في مختلف
عواصم العالم، وعلى خلاف ذلك يرى الفريق الآخر من هؤلاء الباحثين أن مرحلة [مابعد]
الحداثة قد بدأت مع سقوط جدار برلين تعبيرا عن سقوط المنظومة الاشتراكية.
وفي هذا الخصوص يشير إيهاب حسن، أحد المنظرين في هذا المجال، إلى
صعوبة تحديد مفهوم ما بعد الحداثة، ولكنه مع ذلك يقدم مجموعة من التصورات العلمية
التي يمكنها أن تشكل العناصر الأساسية في بنية هذا المفهوم ومنها:
إن لفظ ما بعد الحداثة يوحي بفكرة الحداثة وهو بالتالي يتضمن بعد
التوالي الزمني للعلاقة بين المفهومين.
لا يوجد إجماع بين النقاد على تعريف واضح لمفهوم ما بعد الحداثة.
مفهوم ما بعد الحداثة عرضة كغيره للتغير والصيرورة التي نلاحظها في
المفاهيم الوليدة حديثا[46].
ومن هذا المنطلق يمكن الإشارة إلى موقف
يورجين هابرماس Jurgen
Habermas من هذا
المفهوم في مقالة له بعنوان “الحداثة مشروع لم يكتمل” في عام 1981[47]، حيث يرى بأن لفظة ما بعد الحداثة Post-modernité تمثل
رغبة بعض المفكرين في الابتعاد عن ماض متشبع بتناقضات كبيرة وتعبر في الوقت نفسه
عن سعي حثيث إلى وصف العصر الجديد بمفهوم لم تتحدد ملامحه بعد وذلك لأن الإنسانية
لم تستطع أن تجد الحلول المناسبة للإشكاليات التي يطرحها العصر. ووفقا لهذه الصيغة
يرى هابرماس بأن ما بعد الحداثة هي صيغة جديدة لمفهوم قديم (الحداثة) وأن ما بعد
الحداثة محاولة لإثراء مرحلة الحداثة ذاتها وإتمام مشروعها حتى النهاية.
إن السمات الأساسية التي تنطلق منها حركة ما بعد الحداثة
تتمثل في عدة اتجاهات أهمها:
ـ هدم الأنساق الفكرية الجامدة والإيديولوجيات الكبرى
المغلقة وتقويض أسسها؛
ـ العمل على إزالة التناقض الحداثي بين الذات والموضوع بين
الجانب العقلاني والجانب الروحي في الإنسان، وذلك من منطلق الافتراض بعدم وجود مثل
هذه الثنائية الميتافيزيائية؛
ـ رفض الحتمية الطبيعية والتاريخية التي كانت سائدة في مرحلة الحداثة ولا سيما مفهوم التطور
التعاقبي أو الخطي أو الزمني الذي يسجل حضوره في الأنساق الاجتماعية والحياة
الاجتماعية[48]؛
ويصف إيهاب حسن مرحلة ما بعد الحداثة بالسمات التالية:
ـ فكر يرفض الشمولية في التفكير ولا سيما النظريات الكبرى
مثل نظرية كارل ماركس، ونظرية هيغل، ووضعية كونت، ونظرية التحليل
النفسي…إلخ. ويركز على الجزئيات والرؤى المجهرية للكون والوجود؛
ـ رفض اليقين المعرفي المطلق ورفض المنطق التقليدي الذي
يقوم على تطابق الدال والمدلول، أي تطابق الأشياء والكلمات؛
ـ يلح على إسقاط نظام السلطة الفكرية في المجتمع والجامعة،
في الأدب والفن، والإطاحة بمشروعية القيم المفروضة من فوق في الأنظمة والمؤسسات
الاجتماعية كافة[49].
وفي هذا السياق، يرفض أنصار ما بعد الحداثة مفاهيم حداثية
مثل: العقل والذات والعقلانية والمنطق والحقيقة، فهي مقولات مرفوضة. والحقيقة وهم
لا طائل منه، ذلك لأن الحقيقية مرتهنة بعدد من المعايير الخاصة بالعقل والمنطق
وهذه بدورها مرفوضة أيضا[50].
إزاء هذه التناقضات التي نسبت إلى مرحلة الحداثة وعرفت بها، وفي
مواجهة هذه الإشكاليات والتحديات، التي انبثقت عن التحولات التاريخية، في النصف
الثاني من القرن العشرين، توجب على الإنسانية أن تبحث عن حالة توازن جديدة لتحقيق
التوافق الاجتماعي الثقافي وتحقيق المصالحة بين العقل والروح، بين المظاهر المادية
للحضارة والمظاهر الروحية، بين العقلانية والذاتية. وفي إطار البحث الإنساني عن
مخارج حضارية جديدة للأزمات المتفاقمة جاءت مرحلة ما بعد الحداثة بأفكار وآراء
ونظريات مرشحة لتقديم تصورات ذكية عن المخارج الحضارية الجديدة لتجاوز الاختناقات
التاريخية القائمة.
ومرحلة ما بعد الحداثة لا ترفض عطاءات المرحلة الحداثية بل تأخذها
وتعيد إنتاجها بصورة تتساقط معها مختلف التناقضات وتتكامل فيها مختلف جوانب الوجود
الفكري والإنساني في لحمة واحدة. ما بعد الحداثة محاولة لإعادة ترتيب الإشكاليات
المطروحة ومن ثم العمل على تنظيم تناقضاتها وإدماجه في حركة التطور الإنساني.
لقد شكلت التحولات الحضارية الجديدة مناخا فكريا لولادة أنظمة فكرية
تتسم بطابع الذكاء والتعقيد والتكامل في الآن الواحد. وهذه الولادة الذكية جاءت
تعبيرا عن وعي إنساني جديد يتميز بطابعه النقدي المتمرد. وفي هذا السياق يمكن أن
نقف عند محورين إشكاليين أساسيين لمرحلة ما بعد الحداثة وهما إشكالية العلاقة بين
العقلانية والذاتية من جهة وإشكالية التكاملية من جهة أخرى.
العقلانية والذاتية : La rationalisation et la subjectivation
استطاعت النزعة العقلانية في الحداثة أن تقتحم بوابات الجوانب الذاتية
في الإنسان وأن تقوض حصون الروح الإنسانية بكل ما تنطوي عليه هذه الروح من مشاعر
وأحاسيس وحدوس وقيم ذاتية. وتحت تأثير تموجات الحضارة المادية تشيأ الإنسان وتحول
إلى موضوع لهذه النزعة الحضارية الجارفة. لقد تحول الإنسان إلى موضوع للمعرفة
العلمية وترتب عليه أن يخضع لمقتضيات النزعة العقلانية وأن يتخلى عن عناصر
الخصوصية التي تتميز بها الروح الفردية لديه.
وقد تجلت هذه الوضعية في الأنساق التربوية القائمة حيث عملت المدرسة
على تأكيد هذا الانشطار بين الموضوع والذات، بين الإنسان باعتباراته الذاتية وبين
العقل باعتباراته الموضوعية. فالمدرسة كانت تعلم التفكير العقلاني وتشدد على
أهميته وتعارض مختلف مظاهر الذاتانية التي تتصل بالمشاعر والميول والعواطف والحدوس
والخيال والقيم الذاتية والجمالية.
وفي ظل هذه الإكراهات المتنامية التي فرضها منطق العقل والعقلانية
ظهرت اتجاهات فكرية واجتماعية تنادي بإعادة الاعتبار للذات الإنسانية بكل ما تشتمل
عليه هذه الذات الإنسانية من خصائص ومضامين أخلاقية. واتضح هذا الاتجاه في المراحل
الأخيرة من الحداثة وبداية مرحلة ما بعد الحداثة. وفي هذا السياق بدأت الأسرة تأخذ
دورها في إعادة الاعتبار إلى الجوانب الروحية والذاتية في الإنسان وبدأت تتنامى
أهمية النظرة إلى الإنسان بوصفه ذاتا وبدأت هذه الرؤية تأخذ مداها في مدار الحياة
الأسرية. وفي هذه الأجواء لم يعد الزواج مجرد عقد
اجتماعي صارم يقوم على أساس من الحقوق والواجبات التي يمليها القانون. وعلى خلاف
ذلك بدأت الجوانب الإنسانية في دائرة هذه العلاقة الزواجية تأخذ أهميتها
وخصوصيتها. وبدأ الأزواج ينفصلون عندما لا يجدون في دائرة حياتهم الزواجية الأبعاد
الإنسانية والعاطفية الضرورية بين الزوجين. فالزواج لم يعد مجرد عقد قانوني بل
أصبح عقدا إنسانيا وعاطفيا وانفعاليا يؤكد القيم الإنسانية في أكثر جوانبها خصوصية
وأهمية. وبدأ الناس يجدون أنفسهم فيما
بعد الحداثة ولا سيما في دائرة الحياة العائلية التي بدأت تغدق على أفرادها ما
يحتاجونه من مشاعر إنسانية وقيم عاطفية ملحة وضرورية في حياة الأفراد والمجتمعات
الإنسانية.
هذه التغيرات الجديدة في مجال الأسرة بدأت تطرح أهمية إعادة النظر في
مفهوم الأسرة وأهمية تقديم تعريفات جديدة وتحديدات جديدة لهذا المفهوم. وتأتي
أهمية هذا الموقف من وجود عناصر جديدة تتمثل في أن الحياة الأسرية بدأت في الغرب
تتحرر من سطوة الكنيسة ورجال الدين ومن تأثير حطام الإيديولوجيات القديمة. [لكن هذا التحرر لم يكن غائباً في فترة الحداثة أو في فكر
الحداثة] وفي هذه الأجواء أيضا بدأت الحياة الفردية تتحرر من صيغتها
التقليدية وبدأت الحياة الأسرة تتمحور وبصورة متزايدة حول مبدأي الاستقلال الذاتي
والتوافق.
إن ظهور النزعة الذاتانية لا يعني أبدا رفض العقلانية بل بقيت حيث وجب
أن تبقى السلاح النقدي الأكثر قدرة وقوة ضد التسلط والشمولية. وهذا لا يعني أبدا
أنه يجب علينا أن نتجاهل أن هذه العقلانية كثيرا ما كانت تضع الإنسان الفرد
جانبا باسم العلم والموضوعية العلمية.
إن الخصوصية التاريخية لما بعد الحداثة تكمن في تعزيز هذا التقاطع
التكاملي بين ذاتانية الفرد وعقلانيته، بين الجوانب الذاتية والجوانب الموضوعية
للحياة الإنسانية. ولا يمكن اليوم إجراء المقابلات القديمة بين هذين الجانبين إلا
في سياق الصورة التكاملية والجلية بينهما. فالإنسان يمكن أن يكون موضوعا للمعرفة
العلمية دون أن ينتقص ذلك من خصوصيته الذاتية والإنسانية.
وهذه الخصوصية الذاتية للإنسان بدأت تتجلى في النسق الاجتماعي أيضا
حيث نلاحظ تنامي الاهتمام بالجوانب الذاتية والشخصية للأفراد في دائرة حياتهم
الاجتماعية. وهذا يعني أن الأنا يأخذ هيئة بناء يتكامل فيها مع الروح الاجتماعية
ليتحول إلى فاعل اجتماعي. وفي هذا الخصوص يمكن القول بأن ما بعد الحداثة تعمل على
تحقيق التكامل بين الفرد وأدواره الاجتماعية. وهذا التكامل هو الذي يضعنا في صورة
الإنسان الذي يستطيع أن يواجه الأنظمة الاجتماعية القائمة، وأن يعمل على تغييرها
بصورة مستمرة، وهذا يعني الإنسان الذي يستطيع أن يحدد مصيره وأن يرسم غايات وجوده
بصورة عملية. فالإنسان يمتلك ذاتا وهوية شخصية فردية وهو في الوقت نفسه كائن
اجتماعي وهو بجانبيه هذين يشكل لحظة واحدة لا تمايز فيها بين مكوناتها الشخصية
والاجتماعية. وهذا يعني أنه يجب ألا يضحي بأحد هذين الجانبين لصالح الآخر ويجب ألا
يتوارى أحدهما عندما يظهر الآخر في مجتمع ما بعد الحداثة. فمجتمع ما بعد الحداثة
يتعارض مع أي صورة للوجود الإنساني يتعالى فيها أحد الجانبين على الآخر أو يؤدي
إلى إزاحته. وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن قوى الحضارة لا ترتهن اليوم بعملية
النمو المعرفي وتنامي المعرفة العلمية والتكنولوجية فحسب، بل تجد هذه القوة نفسها
في الإنسان وتتجلى في طاقاته الذاتية والإنسانية التي يمكنها أن تحرك الطاقة
الحضارية للمجتمع.
لقد سبق لدوركهايم Emile
Durkheim أن أعطى هذه القضية جل اهتمامه واستطاع بعبقريته المعهودة أن يميز بين جانبي الشخصية وأن يؤكد الوحدة بين هذين الجانبين.
يقول دوركهايم في هذا الصدد: “يوجد في كل منا كائنان لا يمكن الفصل بينهما إلا على
نحو تجريدي، أحدهما نتاج لكل الحالات الذهنية الخاصة بنا وبحياتنا الشخصية وهو ما
يمكن أن نطلق عليه الكائن الفردي. أما الكائن الآخر، فهو نظام من الأفكار والمشاعر
والعادات التي ننتمي إليها، مثل العقائد الدينية والممارسات الأخلاقية والتقاليد
القومية والمهنية والمشاعر الجمعية من أي نوع كانت، وهي تشكل في مجموعها الكائن
الاجتماعي الآخر. وبالتالي فإن بناء هذا الكائن الاجتماعي في كل منا يشكل في نهاية
المطاف هدف التربية وغايتها”[51].
وفي هذا السياق، يؤكد دوركهايم وهمية التصور بأنه يمكن الفصل بين هذين
الجانبين حيث يقول: “إن المعارضة بين الفرد والمجتمع فكرة لا تتوافق أبدا مع
معطيات الواقع، لأن هذين المفهومين يتداخلان ويترابطان. وبالتالي فإن الفعل الذي
يمارسه المجتمع على الفرد لا يهدف أبدا إلى إفساد الفرد أو إلحاق الضرر به لأن
بناء الفرد على نحو اجتماعي ضرورة إنسانية وحضارية[52].
التكامل والشمولية : L’intégration
يرى بعض المفكرين أن الحداثة تضج بمظاهر التجزئة والتشظي والانشطار في
مختلف مظاهر الوجود الاجتماعي والفكري. وأمام هذا الواقع تتجه القوى الحضارية
لمرحلة ما بعد الحداثة إلى توحيد هذه الاتجاهات وعقلنة وجودها في سياق تكاملي.
وهذا يعني البحث عن مبدأ التكامل في نسق الوجود الاجتماعي والإنساني وبالتالي
تحقيق النقلة الواعية من مبدأ الفصل والاستبعاد إلى مبدأ الوحدة والتكامل
والإنسانية. ومن أجل هذه الغاية يجب التدخل لتحقيق هذه الانسيابية في مستوى
المعارف العلمية والتكنولوجية.
لقد بلغت المعرفة العلمية حالة مزرية من الفوضى والجزئية
والتناقض، وقد خضعت هذه المعرفة لمبدأ التعدد المدرسي في كل اتجاه وحدب وصوب. وإذا
كانت مرحلة الحداثة تؤكد هذه الوضعية وتعرف بها فإن ما بعد الحداثة تؤكد على أهمية
الوحدة والتنسيق والتكامل والتبادل بين مختلف الاتجاهات والتيارات العلمية
المتنافرة. وهي وفقا لهذا الاتجاه تبحث عن سياق تتكامل فيه هذه الاتجاهات لتشكل
طاقة حضارية متجددة وفاعلة ودافعة إلى تحقيق التطور. [هذا يشبه موقف هوسرل]
وفي نسق رؤية نقدية لوضعية التجزؤ والفوضى المعرفية التي شهدتها مرحلة
الحداثة يرى موران E.Morin أنه قد حان الوقت من أجل تجاوز وضعية التشتت والتجزئة والفوضى العلمية
القائمة وإيجاد لحمة حقيقية بين التيارات والاتجاهات العلمية والفكرية المتنافرة.
فالتيارات المتعددة يمكن أن تشكل العناصر الأساسية لنسيج علمي متطور يؤدي إلى بناء
تكوينات علمية جديدة قادرة على توفير الشروط الحضارية لعملية إبداع متواصلة وحركة
تجديد في مختلف ميادين الوجود والحياة.
وفي غمرة هذه التصورات الجديدة الداعية إلى الوحدة والتكامل بين عناصر
الحياة الفكرية والاجتماعية يحدد ليوتار J.F.Lyotard اتجاه
وغاية هذه النزعة إلى التجديد والشمولية. فالهدف من هذه النزعة حسب ليوتار لا يهدف
إلى مجرد إحداث القطيعة مع الماضي وتفكيكه وإنما الهدف هو العمل على تطوير الأنظمة
القائمة وتغذيتها بطاقة جديدة فاعلة في ميدان الإبداع والتجديد. وفي هذا السياق
عينه ينظر ليوتار إلى التعقيد بوصفه صورة متقدمة لعملية التطور. وهذا يعني أن الأنظمة تصبح أكثر تطورا كلما أصبحت أكثر تعقيدا. ومن هذا المنطلق يمكن القول بأن تجاوز الازدواجيات والثنائيات
في الفكر والإيديولوجيا والنظريات يعني في الوقت ذاته نهاية الأنظمة الفكرية
الشمولية والنظريات الكبرى التي تحجرت وتصلبت تحت تأثير الانغلاق الإيديولوجي
والتعصب الفكري.
وعلى خلاف الأنظمة المغلقة فإن النظام ما بعد الحداثي يبشر بحالة من
الانفتاح الواسعة، وهذا الانفتاح يؤسس بدوره لمناخ يحفز على الإبداع وينضج
بإمكانيات الابتكار والتجديد في مناحي الحياة المختلفة. فالتجديد يولد ويتوالد في
قلب عملية الجدل والصراع والمواجهات والتعارض والتخاصب بين مختلف التيارات
والاتجاهات التي يتوجب عليها أن تخرج من دوائر الجمود والانغلاق[53].
وهذه التصورات ما بعد الحداثية الجديدة، التي تعبر عن إرهاصات واقع
متقدم، يضج بطاقات الإبداع والابتكار، ويسعى إلى البحث الدائم عن آفاق إنسانية
جديدة، لا تتوانى عن إظهار بعض التحديات التي تواجه المصير الإنساني في هذه
المرحلة المتقدمة من التطور. لقد كان الإيمان بالله في مرحلة ما قبل الحداثة هي
الفكرة التي يخلد إليها العقل الإنساني وهي السكون التي تلجأ إليه النفس البشرية.
فالإيمان بالله كان يمنح البشر هذا الإحساس الشامل بالأمن الوجودي الخلاق، ويغذيهم
بطاقات وجودية خلاقة تمنحهم الاستقرار والسكينة والقدرة على مواجهة مختلف التحديات
الوجودية التي تضع الإنسان في دوائر الخوف والقلق. أما فيما بعد الحداثة فإن غياب
هذا الإيمان النبيل بوجود الله كقوة عليا حامية يدفع البشر إلى دائرة إحساس عميق
لا حدود له بالقلق والخوف والتوتر. وهنا يمكن القول بأن غياب ما هو إلهي يؤدي إلى
غياب ما هو إنساني وإلى حالة من القلق الوجودي والعصاب الذي يقهر كل الإرادات ويقض
كل المضاجع ويضع الإنسان في حالة اغتراب لا حدود لها.
وفي دائرة هذا الاختناق الوجودي المفعم بالقلق والتوتر والعصاب يجب
على الإنسان أن يواجه عالما يفيض بالخطر الدائم. وهذا يعني أنه يجب على الإنسان أن
يتكيف مع هذا الواقع الجديد وأن يتعايش مع هذا الخطر المستمر والألم الوجودي
المزمن، كما يتعايش مع أي مرض له طابع الاستمرارية الزمنية. ولا يبقى في جعبة
الإنسان المعاصر إلا البحث الدائم عن صيغ جديدة وإبداعات جديدة يمكنها في سياق
عملية التطور أن تخفف من حدة هذا الخطر وغلواء الشعور بالقهر الإنساني الذي تولده
كل آليات الاستلاب الحضاري القائمة.
نحن والحداثة :
يجري الاعتقاد، في أوساط كثير من المثقفين العرب، أن الحداثة عملية
يتم من خلالها نقل الأفكار الغربية والتكنولوجيا المتقدمة إلى الأقطار العربية،
وعلى أساس هذا المنطق يعرف عبد الغفار رشاد الحداثة بوصفها “الأفكار والمعايير
والقيم والمؤسسات ونماذج السلوك الجديدة الوافدة إلى المجتمع من الخارج، أو تلك
التي ابتكرها المجتمع من خلال حركة تجديد أو إحياء داخلية”[54]. وهذا يعني أن الحداثة يمكن أن تتحقق بكل بساطة مع انتقال المعلومات
والمعارف والتكنولوجيا إلى البلدان العربية.
إن مجرد الحصول على المال والرجال والتكنولوجيا لا يعني في أي حال من
الأحوال تحقيق الحداثة. وذلك لأن الحداثة عمل وفعل يجد نفسه في أعماق القوى
الفاعلة في المجتمع. الحداثة فعل جوهري يحدث في الروح الدافعة للتطور والوجود،
إنها طاقة تنوير هائلة تلامس الروح والعقل بالدرجة الأولى. وهذا يعني أن الحداثة
لن تتحقق أبدا عبر المظاهر وأنها رهينة الروح الحضارية التي تتمثل في تفجير طاقات
العقل وبناء الروح العلمية التي تستمد نسغ وجودها من القيم الإنسانية الحضارية
التي تتعلق بالحرية والإنسان والمدنية والقيم الديمقراطية.
وفي معرض التمييز بين الحداثة الغربية والحداثة العربية، يقول محمد
محفوظ، إشارة منه إلى عقم الحداثة العربية وبقائها في مستوى الشعارات: “الحداثة
الغربية كانت وليدة تطور تاريخي-اجتماعي لا يمكننا تجاوزه.. وبالتالي فالحداثة
ليست شعارات وأشكالا سياسية، بل هي قبل ذلك كله صيرورة تاريخية-اجتماعية يصل إليها
المجتمع بعد حقبة تاريخية من العمل المتواصل والجهد المركز في هذا السبيل”[55].
وهذا يعني أنه يجب علينا في البداية وفي الجوهر أن نطهر ساحة الفكر
العربي من الأوهام والغيبيات والخرافات التي تعطل العقل وتبدد كل إمكانيات التطور
والإبداع الإنساني وتدفع بالإنسان إلى دوائر العطالة والجمود. وفي هذا المقام يقول
حسن صعب: “إن بطء هذا التغير العقلي المنهجي هو المسؤول الأول عن بطء التقدم في
العالم العربي وفي سائر أنحاء العالم الثالث. فالشرط الأول للتقدم هو في عقل
الإنسان. والإنسان الواعي لتخلفه وتقدم غيره هو الذي يندفع في طريق التقدم”[56].
لقد استطاع الغرب أن يحقق اليوم حداثته وأن يتجاوزها في الآن الواحد.
والغرب الآن يحاكم مرحلة جديدة من تطوره هي مرحلة ما بعد الحداثة. حيث يواجه
تحديات جديدة وقضايا جديدة تختلف كليا عن هذه التي طرحت في مرحلة ما بعد الحداثة.
فالفكر الأوروبي يشكل منطقة يترعرع فيها منطق وفكر ما بعد الحداثة،
أما نحن فما زلنا نجوب مخفقين في دائرة الحداثة بمفهومها التنويري المرتبط بفكرة
التقدم فقط. وحتى التقدم هنا لا يأخذ معناه النقدي بل صيغته الاقتصادية الإنتاجية
البحتة وأحيانا صورته المظهرية، وهو تقدم بائس وحداثة مشوهة[57].
وباختصار إذا كان الغرب اليوم يصول في حقل معرفي جديد وإذا كان يواجه
مشكلات ما بعد الحداثة، ومشكلات ما بعد المجتمع الصناعي، فهل يمكننا أن نقول بأننا
ما زلنا نواجه تحديات ما قبل المجتمع الصناعي ومشكلات ما قبل الحداثة؟ وأخيرا ألا
يحق لنا أن نتساءل عن الوقت الذي تبدأ فيه حركة حداثتنا؟
[1] – آلان تورين، نقد الحداثة، ترجمة أنور مغيت،
المجلس الأعلى للثقافة، المطابع الأميرية، القاهرة 1992، ص16.
[2] – بومدين بوزيد، الفكر العربي المعاصر وإشكالية الحداثة، ضمن مركز
دراسات الوحدة العربية، قضايا التنوير والنهضة في الفكر العربي المعاصر، العدد 18، بيروت، ص19-31، ص21.
[3] – Danilo Martuccelli, Sociologie
de la modernité, E.Gallimard, Paris, 1999.
[4] – Jean-Pierre Pourtois et Huguette
Desmet, L’éducation postmoderne, P.U.F, Paris, 1997, p26.
[5] – A.Giddens, Les
conséquences de la modernité, Harmattan, Paris, 1994.
[6] – Tom Rock More, (La modernité et
la raison, Habermas et Hegele), In Archives de philosophie 52,
1989, p177-190.
[7] – سمير أحمد جرار، (التربية العربية ومأزق الثنائية المتوهمة، الحداثة
والتغريب)، ضمن: الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية، العرب والتربية
والعصر الجديد، الكتاب السنوي الثالث عشر، الكويت،
1997-1998، (ص57-90)، ص63.
[8] – انظر جابر عصفور، (إسلام النفط والحداثة) ضمن الإسلام والحداثة، ندوة مواقف، لندن، دار الساقي، 1990، ص177-209.
[9] – محمد محفوظ، الإسلام، الغرب وحوار المستقبل، المركز الثقافي العربي، الدار اليبضاء، ، 1998، ص33.
[10] – سمير أحمد جرار، التربية العربية ومأزق الثنائية المتوهمة، مرجع السابق، ص63.
[11] – غانم هنا، عبد الله الغذامي، مرسل العجمي، ناصيف نصار، ندوة حول عناصر الحداثة في الفكر العربي المعاصر، عدد 61، السنة 16، شتاء 1998، ص218-247، ص221.
[12] – محمد محفوظ، الإسلام، الغرب وحوار المستقبل، مرجع السابق، ص27.
[13] – نقلا عن محمد محفوظ، الإسلام، الغرب وحوار المستقبل، المرجع السابق، ص45.
[14] – محمد محفوظ، الإسلام، الغرب وحوار المستقبل، مرجع السابق، ص35.
[15] – جمال الدين الخضور: مأساة العقل العربي: دراسة في البناء الأنتروبولوجي الثقافي المعرفي
العربي المعاصر، دار الحصاد، دمشق، 1995، ص119.
[16] – برهان غليون، اغتيال العقل، محنة الثقافة العربية بين السلفية والتبعية، دار التنوير للطباعة والنشر، بيروت، 1987، ص184.
[17] – برهنة غليون، اغتيال العقل، مرجع سابق، ص185.
[18] – برهان غليون، اغتيال العقل، مرجع سابق، ص194.
[19] – عبد الغفار رشاد، التقليدية والحداثة في التجربة اليابانية، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1984، ص28.
[20] – عبد الغفار رشاد، التقليدية والحداثة في التجربة اليابانية، مرجع سابق، ص32.
[21] – عبد الله عبد الدايم، التربية عبر التاريخ: من العصور المسيحية حتى أوائل القرن العشرين، دار العلم للملايين، بيروت، 1978، ص354.
[22] – جلال أمين، حول مفهوم التنوير، ضمن ، قضايا التنوير
والنهضة في الفكر العربي المعاصر، مركز
دراسات الوحدة العربية. بيروت، ص19-31، ص76.
[23] – E.Kant, Réponse à
la question : Qu’est-ce que les lumières ? Flamaration,
Paris, 1990.
[24] – E.Kant, Réponse à la
question : Qu’est-ce que les lumières ? ibid.
[25] – عياض ابن عاشور، الضمير والتشريع، العقلية المدنية والحقوق الحديثة، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1998، ص13.
[26] – بومدين بوزيد، الفكر العربي المعاصر وإشكالية الحداثة، مرجع سابق، ص22.
[27] – محمد محفوظ، الإسلام، الغرب وحوار المستقبل، مرجع السابق، ص32.
[28] – محمد محفوظ، الإسلام، الغرب وحوار المستقبل، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1998، ص33.
[29] – محمد محفوظ، الإسلام، الغرب وحوار المستقبل، مرجع سابق، ص36.
[30] – انظر عياض ابن عاشور، الضمير والتشريع، العقلية المدنية والحقوق الحديثة، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1998، ص14 و15.
[31] – محمد محفوظ، الإسلام، الغرب وحوار المستقبل، مرجع سابق، 1998، ص27.
[32] – محمد سبيلا وعبد السلام بنعبد العالي، الحداثة، دفاتر فلسفية، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 1996، ص12.
[33] – محمد سبيلا وعبد السلام بنعبد العالي، الحداثة، المرجع السابق، 1996، ص17.
[34] – محمد سبيلا وعبد اللام بنعبد العالي، الحداثة، مرجع سابق، ص62.
[35] – عياض بن عاشور، (العقلية المدنية العربية تجاه الحداثة)، لوموند ديبلوماتيك، الطبعة العربية،
1989.
[36] – A.Touraine, Critique de
la modernité, Fayard, Paris, 1993.
[37] – Jean-Pierre Pourtois et Huguette
Desmet, L’éducation postmoderne, PUF, Paris, 1997, p27.
[38] – آلان تورين، نقد الحداثة، ترجمة أنور مغيت،
مرجع سابق، ص29.
[39] – A.Touraine, Critique de
la modernité, Fayard, Paris, 1993, p241.
[40] – L’encyclopédie française
universaliste, Livre numéro 20, Paris, 1995, p318.
[41] – Jean-Pierre Pourtois et Juguette
Desmet, L’éducation postmoderne, PUF, Paris, 1997, p29.
[42] – آلان تورين، نقد الحداثة، ترجمة أنور مغيت،
المجلس الأعلى للثقافة، المطابع الأميرية، القاهرة، ص129.
[43] – آلان تورين، نقد الحداثة، مرجع سابق، ص129.
[44] – Jean François Lyotard, La
condition postmoderne, Minuit, Paris, 1979.
[45] – عصام عبد الله، (الجذور النيتشوية لـ”ما بعد” الحداثة)، الفلسفة والعصر، العدد الأول،
أكتوبر، 1999، ص229-248، ص232.
[46] – عصام عبد الله، الجذور النيتشوية لـ”ما بعد” الحداثة، المرجع السابق، ص232.
[47] – Jurgen Habermas, (La
modernité, un projet inachevé), Critique, n° 413, Octobre, 1981,
pp950-967.
[48] – عصام عبد الله، الجذور النيتشوية لـ”ما بعد” الحداثة، مرجع سابق، ص237.
[49] – بومدين بوزيد، (الفكر العربي المعاصر وإشكالية الحداثة)، ضمن مركز
دراسات الوحدة العربية، قضايا التنوير والنهضة في الفكر العربي المعاصر، العدد 18، بيروت، ص19-31، ص21.
[50] – عصام عبد الله، الجذور النيتشوية لـ”ما بعد” الحداثة، مرجع سابق، ص238.
[51] – إميل دوركهايم، التربية والمجتمع، ترجمة علي وطفة،
الينابيع، دمشق، 1994، ص133.
[52] – إميل دوركهايم، التربية والمجتمع، المرجع السابق، ص77.
[53] – Jean François Lyotard, La
condition postmoderne, Minuit, Paris, 1979.
[54] – عبد الغفار رشاد، التقليدية والحداثة في التجربة اليابانية، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1984، ص25.
[55] – محمد محفوظ، الإسلام، الغرب وحوار المستقبل، مرجع سابق، ص47.
[56] – نقلا عن برهان غليون، اغتيال العقل، مرجع سابق، ص184
(حسن صعب، تحديث العقل العربي، ص19).
[57] – بومدين بوزيد، الفكر العربي المعاصر وإشكالية الحداثة، مرجع سابق، ص22
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق