دور الفنومنولوجيا في
أنطولوجيا سارتر
تمهيد:
تكمن الأهمية الكبرى
لجان بول سارتر (1905 ـ 1980)، بعيدا عن الأوساط الثقافية النخبوية في الأدوار
العديدة التي أداها في الالتزام بقضايا السلم والحرية في العالم من جهة، ومن جهة
أخرى في كتاباته الأدبية التي تُرجمت على نطاق واسع في أركان الأرض الأربعة. شهرة
سارتر الأدبية إذن، في مجال الكتابة للمسرح والرواية وكتابة السيناريو، إضافة
لالتزامه، هي التي جذبت إليه أنظار القراء في العالم، وأكسبته شهرة تعدَّت
المتحدثين بالفرنسية. لكن سارتر قبل كل شيء هو فيلسوف من العيار الثقيل، هو مؤلف
الوجود والعدم، ونقد العقل الجدلى وغيرهما...، وهو الفيلسوف الذي لم يتوقف يوما عن
إنتاج المفاهيم ـ إذا أخذنا الفلسفة كما يفهمها جيل ديلوز؛ فإنتاجه الفلسفي الغزير
يشهد على تلك الحيوية الفكرية والتوقد الذهنى الذي ظل يلازمه حتى أيامه الأخيرة.
والموضوع الذي نحن بصدده "دور الفنومينولوجيا في أنطولوجيا سارتر" تكمن
أهميته الكبيرة في أنه يكشف عن مرحلة مهمة من تكوين سارتر الشاب، إذ يكشف عن
اهتماماته وتحيزاته واستعداداته وطموحاته الأولى في هذه الفترة المبكرة من حياته،
كما يكشف بالقدر نفسه عن الكيفية التي تشكلت بها أفكاره الأولى ومشروعه الفلسفي
الطموح، خاصة في هذه المرحلة التي اكتشف فيها الفينومينولوجيا لأول مرة، واهتم
فيها بأعماق النفس الإنسانية وفي ختامها حاول أن يؤسس لأنطولوجيا فينومينولوجية.
ولعل الأمر يبدو سهلا وبسيطا، عندما نعاين تردد مصطلحات وعبارات،
وربما مواقف الفينومينولوجيا بغزارة في أعمال سارتر بداية من القصدية intentionnalité ومرورا بالتعالى transcendance،
والموقف ضد الطبيعي
anti naturelle، والأصالة، والحقيقة والعرض contingence،
والقلق
angoisse والهم souci،
والوقائعية
facticité، والتناهى finitude،
والحرية، والوجود من أجل الموت... إلخ، وغيرها أو على سبيل المثال إلى عبارة هوسرل
الأثيرة " كل وعي هو وعي بشىء ما "، أو عبارة هيدجر التي تكاد تتطابق مع
ما أنجزه سارتر "الأنطولوجيا ليست ممكنة إلا باعتبارها فنومنولوجيا".(1) أكثر من ذلك كتاب
سارتر نفسه الشهير "الوجود والعدم"، وهو يؤشر بكل حرف من حروف عنوانه
بهذا التأثير الكبير للفنومينولوجيا على أنطولوجياه، خاصة عندما ننظر إلى العنوان
الفرعي الذي اختاره فيلسوفنا لكتابه، وجاء على النحو التالى: محاولة لأنطولوجيا
فنومنولوجية Essai d' ontologie Phénoménologique،
حتى العنوان الرئيس إذا أردنا، لن يستطيع أن يفلت أبدا من تأثير هيدجر، خاصة كتابه
"الوجود والزمان".
لكن إذا كانت هذه الشواهد تؤكد على التأثر؛ فسنخدع أنفسنا إذا
اعتقدنا أنها تؤكد على تطابق ما بين الفنومينولوجيا التي عُرفت في ألمانيا على يد
هوسرل (1859 ـ 1938) أو النصف الأول من القرن العشرين على يد هيدجر (1889 ـ 1976)
أو حتى في الأعمال التي عرفتها فرنسا متأثرة بالفنومينولوجيا، وخاصة لدى
ميرلوبونتى ( 1908 ـ 1961 ) وليفيناس (1906 ـ 1995). ستكون نظرة تبسيطية وقاصرة
إذن، إذا خرجنا بهذا الاستنتاج الساذج؛ فسارتر لم يكن أبدا ذلك السلبى الذي سرعان
ما يعيد إنتاج ما تأثر به. كان لديه مشروع يحاول إنجازه، وفي معرض البحث والتفكير
يلتقي فجأة بالفنومينولوجيا التي استطاعت أن تفتح له أبوابا وآفاقا جديدة. تحكي
سيمون دى بفوار عن ذلك اللقاء الأول بكتاب ليفيناس عن هوسرل وكيف أوقع في نفسه
أثرا بالغا عندما قال: "آه، لكنه وجد من قبل كل أفكاري".(2)
اهتمامات سارتر الأولى:
نظرة على هذا الشاب في عشرينيات القرن، للتعرف على ما كان يدور
برأسه لكفيلة باطلاعنا على ما كان يريده ويخطط له، كان يشعر بحاجته شعورا داخليا
دون أن يجد التسميات أو المصطلحات المناسبة، والتي يمكنها التعبير عن أحاسيسه
واحتياجاته. يقع تحت يد الفتى
الصغير كتاب برجسون H.Bergson ( 1859 – 1941 ) "محاولة في معطيات الوعى المباشر" Essai sur les données immédiates de
la conscience، وهو الكتاب الذي
[جعله] يختار الفلسفة سـنة 1924 كتخصص له عندما التحق بمدرسة المعلمين العليا E.N.S،
وكان السبب الذي يذكره سارتر نفسه هو: "وجدت في هذا المجلد وصفا لما كنت
أعتقده حياتى النفسية".(3)وسر اهتمامه هذا
بالوعى أنه كان يبحث في هذه الفترة من حياته عن وصف منهجي "للحالات الداخلية
للإنسان" كما كان يسميها آنئذ وقد وجد لدى برجسون تأملات حول الوعى والديمومة
وحول حالات الوعى، إلا أن هذا لم يكن يكفي حب استطلاعه أو يغطي تساؤلاته؛ فالداخل
الإنسانى لم يكن يمثل لديه سوى جانبٍ واحدٍ فقط من حياة الإنسان، بينما ما كان
يتوق إليه إضافة إلى حياته النفسية " كنت أريد تفسير واقعى المعيش، وحياتى
الداخلية".(4)
وفي هذه الفترة حدث
التباس لدى سارتر بين الفلسفة وعلم النفس؛ فأخذ يتعامل مع الفلسفة وكأنها علم
النفس، حيث أصبحا لديه مترادفين، ولعل هذا ما يفسر إنتاجه في المرحلة الأولى،
بداية من بحثه للحصول على دبلوم الدراسات العليا في سـنة 1927 عن الصورة مرورا
بتعالى الأنا، وكذا الخيال في سـنة 1936، ونظرية في الانفعالات سـنة 1939، وأخيرا
المتخيَّل سـنة 1940، ولم يتخلص من هذا الالتباس سوى في الوجود والعدم سـنة 1943.
ولعل سارتر قد أراد في هذه المرحلة أن يستنفد الداخل الإنسانى في
بحثه من جهة، وأن يختبر تلك الأدوات الجديدة التي استعارها من فنومينولوجيا هوسرل
وهيدجر ـ كما سنرى، وذلك حتى يتمكن من كسر سجن الوعى ليخرج نحو آفاق العالم
والوجود، وكانت تلك هى الخطة التي قام بالفعل بتنفيذها، في ظل إلحاح أخذ يلازمه
ولا يعرف كيف سيضطلع به أو يعمل على تحقيقه، وهو رغبته التي عاينها ـ منذ قليل ـ
في تفسير واقعه المعيش. وفكرة تفسير واقعه جاءته في هذه الفترة لتقديره لأهمية الواقعية
"بمعنى فكرة أن العالم كما كنت أراه كان يوجد، وأن الأشياء التي كنت أدركها
كانت حقيقية".(5)
سارتر وواقع الفلسفة الفرنسية:
بينما بدأت اهتمامات سارتر الفلسفية تتحدد، وتأخذ شكلا يعبر عن
رغبة ما يطمح إليه الفيلسوف الشاب من التفكير في الواقع ومشكلاته فلسفيا، كانت هذه
الطموحات تتعارض مع واقع الدرس الفلسفي الجامعى في فرنسا. كان يهيمن ليون برنشفيك
(1869 ـ 1944)
L.Brunschvicg على المقررات الجامعية
التي تُدرس، وكانت شديدة الكلاسيكية تقدم المعجزة الأوروبية في الفلسفة كتاريخ
نضوج العقل الغربي الذي أسفر عن فلسفة مكتملة ومكتفية بذاتها، تبدأ من أفلاطون
وأرسطو مرورا بديكارت وليبنتز وكانط وهيجل ... إلخ، دون أن تتعمق واقعها الأوروبى
المعيش وظروفها الحياتية (الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ... إلخ). كان التاريخ
يتحدد، ويستعد لأكبر الحوادث التي غيرت وجه القارة الأوروبية (الحرب العالمية
الثانية) دون أن يعير المشتغلون بالفلسفة هذا الذي يحدث أي اهتمام يذكر، إلى الحد الذي
جعل سارتر يشعر وكأنه مخنوق داخل أروقة الجامعة الفرنسية (6). من هنا كان سارتر يبحث
عن كل شيء من شأنه أن يسهم في الخروج من هذا المأزق الفكري الذي حال دون التفكير
في ما كان يحدث في الواقع السياسى من حوله، وكانت تعتريه تحولات غير مسبوقة ـ كما
رأينا، هي التي ساقت قارته الأوروبية إلى مصيرها البائس في الحرب. ما أصر سارتر
على رفضه، هو الفصل التام بين واقعه المعيش وبين الفلسفة التي يدرسها، ولم يربأ
هذا الصراع سوى اطلاعه على فنومينولوجية هوسرل التي أعادت إليه الثقة بالنفس، وبأن الفكر قادر على
التعامل مع قضايا الواقع، خاصة إذا تسلح المرء بالأدوات المنهجية، ومن ثم يمكنه
الانطلاق خارج وعيه الضيق إلى رحابة الوجود والعالم. نلتقي هنا بشاب طموح يريد
تفسير الواقع المعيش والحياة النفسية بواقعية، في لحظة لم يتعرف فيها بعد وبقدر
كاف على هيدجرالذي عرفه في سـنة 1939، ولم يكن قد تعرف أيضا على كيركيجارد الذي
تعرف على كتاباته بين سـنة 1939 ـ سـنة 1940. ولم يكن أيضا قد اطلع على هوسرل.
كانت مشكلة ملكت عليه نفسه، ومن هنا كان في حالة بحث دائم عن فلسفة يجد فيها
إمكانية مساعدته على الخروج من حيرة التردد بين الوعى والواقع، لأنه كان يريدهما
معا، يلخص حيرته تلك بقوله: "لم تجد هذه الواقعية حينئذ تعبيرا صالحا، لأنه
لكي تكون حقيقية كان ينبغى أن يكون لديها في الوقت نفسه فكرة عن العالم وفكرة عن
الوعي، وكانت هنا تحديدا مشكلتي".(7)
اكتشاف سارتر للفنومنولوجيا:
اهتمام سارتر بالواقعية التي ينشدها هوالذي ساقه ربما بطريق الخطأ
إلى فنومنولوجيا هوسرل. تقول أقدم الروايات في اطلاع سارتر على الفنومنولوجيا إنه
في حوالي عام 1926، جاء أحد تلاميذ هوسرل الكونت كوكي conte kuki إلى باريس، ليتابع محاضرات مدرسة المعلمين
العليا التي كان يدرس فيها سارتر، سمع سارتر للمرة الأولى عنها، لكن من أدق من تحدث تفصيلا
عن هذا الموضوع رفيقة سارتر سيمون دى بوفوار (1908 ـ 1986) عندما وصفت تفصيل تلك
السهرة في أوائل عام 1933 التي التقيا فيها مع عالم الاجتماع والفيلسوف الفرنسى
ريمون آرون (1905 ـ 1983) الذي كان عائداً لتوه من منحة دراسية في برلين، وتفهم
حيرة سارتر، فنصحه بالفنومنولوجيا، باعتبارها يمكن أن تجيب تماما على اهتماماته
التي تمثلت ـ كما فهمها ريمون آرون نفسه ـ في تجاوز معارضة النزعة المثالية
والنزعة الواقعية، حيث إنها تؤكد في نفس الوقت على سيادة الوعي والحضور في العالم،
كما يتبدى لنا.(8) ولا تنتهى السهرة إلا
بنصيحة آرون لسارتر لقراءة بعض المراجع حول الفنومينولوجيا، وخاصة كتاب إيمانويل
ليفيناس E. Lévinas " نظرية
الحدس في فنومنولوجيا هوسرل" (صدر في سنة 1930، وطبع ستة مرات والأخيرة سـنة
1989، Ed. Vrin)، وهو الكتاب الذي
استقى منه سارتر أول معلوماته عن الفنومنولوجيا قبل أن يقرر أن يكتشف هذه الفلسفة
بنفسه في ألمانيا في الربع الأخير من سـنة 1933 عسى أن يشفي هذا غليله. ويؤكد أحد الباحثين
على أن الكتب التي درسها سارتر لهوسرل في ألمانيا كانت: الأبحاث المنطقية، ودروس
من أجل فنومنولوجيا للوعى الحميم للزمان، وفكرة فنومنولوجيا محضة ولفلسفة
فنومنولوجية الجزء الأول، هذا وكان كتاب تأملات ديكارتية قد ترجمه ليفيناس سـنة
1933.(9) ويتفق باحث آخر على
كتاب واحد مما ذُكر من الكتب التي درسها سارتر، وهو الأبحاث المنطقية les
Recherches Logiques، ويضيف إليها أولا
تأملات ديكارتية les Méditations cartésiennes،
والأفكار المرشدة من أجل فنومنولوجيا les idées directrices pour une phénoménologie،
إضافة إلى كتاب الوجود والزمان لهيدجر Être et temps.(10)
كان الفهم الأولي لسارتر هو أن الفنومنولوجيا فلسفة واقعية!، أو أن
هذا ما ترامى إلى ذهنه عندما تحدث إليه آرون في تلك السهرة وأفهمه أنه مع
الفنومنولوجيا يمكن الحديث عن كل شىء، عندما قال: "أترى يا رفيقى العزيز، إذا
ما كنتَ فنومنولوجيا سيمكنك الحديث عن هذا الكوكتيل، وتلك هي الفلسفة".(11) ما شد سارتر هو وعود
الفنومنولوجيا له بأنه يستطيع تناول كل شيء عادي ليتفلسف به دون ابتذال، وبوقار
فلسفي؛ هكذا كانت تعده الفنومنولوجيا حين سمع لأول مرة بأنها تدعو إلى العودة
للأشياء ذاتها. وكان أهم كشف لسارتر في الفنومنولوجيا هو فكرة القصدية، وذلك لأنه
اكتشف إمكانات القصدية الكامنة، وكأنه قد وجد فيها قارب النجاة الذي سينقذه من
الغرق في أعماق الوعي.
القصدية:
كما هو معروف، فإن مقالة سارتر الشهيرة عن القصدية* كانت قد كتبت في عام
1934 قبل أن تنشر في عام 1939، وكانت هي أول ما كتبه سارتر تأثرا بفنومنولوجيا
هوسرل، إذ كُتبت عقب نهاية إقامة سارتر في ألمانيا شهوراً قليلة، وبعد اطلاعه على
المقالة الأصلية لهوسرل، وهي تلخص لحد كبير الحالة النفسية لسارتر في مواجهة
التيار الكلاسيكى الفلسفي الذي كان يحكم الحياة الجامعية، ويهيمن على عقول
المشتغلين بالفلسفة، كما تتسم بلهجة لا تخلو من السخرية أحيانا ضد هذا التيار
الكلاسيكى. وتقدم شخصية هوسرل مركزة على تميزه على الكلاسيكيين مع إعطاء الأمثلة
التي تؤكد على هذا التميز، كما يقدم سمات الوعي في الفنومنولوجيا، ويركز على مقولة
هوسرل بأنه "وعي بشىء ما"، وهنا يكتشف القصدية ويقدمها، ويبرز أهم ما
يستقيه منها، وهي الوجود في الخارج، خارج الوعي.
أ ـ وضع الفلسفة والمشتغلين بها في فرنسا:
يبرز سارتر في هذه المقالة المهمة هيمنة النزعة الواقعية من جهة،
والنزعة المثالية من جهة أخرى في جو من المحافظة الأكاديمية، تمكنه من السيادة
لمدة قرن من الزمان كان من أهم ممثليها برنشفيك، ولالاند، ومرسون. وقد وقعت
النزعتان في وهم "تتحول المعرفة تبعا له إلى عملية التهام"(12)،
ويشرح سارتر تلك العملية عندما يشبِّه الفكر بعنكبوت يشد الأشياء إليه، فيغطيها
بلعابه الأبيض عندما يقوم بابتلاعها شيئا فشيئا، فيجعلها تتحول إلى طبيعته. ومن هنا ستصبح
المائدة والصخرة والمنزل جمعا وتنظيما لما يحتويه الشعور، وذلك عندما يردون
الأشياء ـ كما فعل لالاند ـ إلى أفكار، والتي يردونها بدورها إلى أفكار أخرى. في
مناخ كهذا وفي ظل هذا الفهم الذي يحوِّل ما ندركه عن طريق قضمه وتمثله، بل والتوحد
معه، لم يجد سارتر ورفاقه شيئا متماسكا كانوا يبحثون عنه، لم يجدوا سوى الفكر
(الضباب الكثيف). ومن هنا جاءت تعبيرات سارتر لوصف هذه الفلسفة "بالفلسفة
الغذائية" أو "بالتغذية والتمثل" أو أيضا "بفلسفة
الالتهام" كما أطلق عليها أيضا "فلسفة المحايثة"، حيث تجري الأمور
فيها تبعا لتجانس وتبادل بروتوبلازمى تضبطه كيمياء الخلايا، وقد نسبها جميعا إلى
النزعات التجريبية ـ النقدية، وإلى الكانطية الجديدة، وأيضا إلى النزعات
السيكولوجية أو الأبستمولوجية.
ب ـ جهود هوسرل:
يقدم سارتر هوسرل،
باعتباره المخلص من تلك الوضعية الأليمة، إذ لم يدخر وسعا في إثبات على عكس ما
تدعيه الفلسفات السابقة من أن الأشياء لا يمكن أن تذوب في الوعي. وهنا يضرب سارتر
مثالا بشجرة يحدد موقعها ومحيطها وظروف وجودها والمسافة إليها، مؤكدا على اختلاف
طبيعتها عن طبيعة الشعور الإنسانى، ولهذا لا تستطيع الالتحاق به. وهنا يوضح موقف
هوسرل الرافض لتحويل الشجرة لمطلق يمكنه التواصل معنا، وكذلك جوهر العالم الخارج عن
الوعي والمتعلق بالوعي في نفس الوقت. كما يبرز رؤية هوسرل للوعي الذي يرى فيه
واقعة فريدة. وينفي أن تتمكن أي من الصور الفيزيقية في التعبير عنها، إلا إذا
أعطتنا صورة " الانفجار السريع والغامض "، مستخلصا أن المعرفة هي" انفجار نحو
" نزوع الإنسان من أعماقه الداخلية للخروج عن ذاته، متجها نحو ما هو ليس ذاته
كالشجرة على سبيل المثال.
ج ـ الفرق بينى وبين الشجرة:
يلجأ سارتر لمثال
الشجرة مرة أخرى، فيرى أنها تهرب مني وتطردني، أنا خارج عنها، وهي خارجة عني، لا
أستطيع أن أفقد نفسي داخلها، وهي بالمقابل لا يمكنها الامتداد داخليا، فهي ليست
أنا، ورغم هذه المعرفة البسيطة، إلا أن أصحاب الفلسفات السابقة، والتي تم رفضها لم
يفهموا ذلك.
د ـ سمات الوعي:
يصبح الوعي ربما شديدا عندما يصغي، ولا يمكن ملاحظة شيء فيه، سوى
حركته التي يخرج بها عن ذاته ودبيبها خارج الذات. وإذا تصورنا جدلا أن باستطاعتنا
الدخول في وعي ما، فلن نجد أنفسنا إلا وقد قُذف بنا في الخارج مع الأشياء والطبيعة
(قرب الشجرة ووسط الغبار)، وتلك، هي المسألة المهمة التي يضع سارتر يده عليها، لأن
الوعي ليس له داخل، فكله خارج، كما أن ذلك الهروب المستمر الذي يقوم به وعدم قبوله
ليكون جوهرا، وذلك نفسه ما يجعل من الوعي وعيا. ويركز سارتر هنا على فكرته عن
"الانفجار نحو" فيراها سلسلة من انفجارات تنزعنا عن ذواتنا لتلقي بنا
وسط عالم ضدنا وبين الأشياء العادية، هذا الأمر يساوي سارتر بينه وبين ما يطلق
عليه عبارة هوسرل العجيبة "كل شعور هو شعور بشيء ما".(13)
و ـ فلسفة التعالى وفلسفة المحايثة:
يرى سارتر أن عبارة
هوسرل السابقة لكفيلة بالقضاء على فلسفة المحايثة المنسوبة للكلاسيكيين، وهي تفتح
الباب لفلسفة التعالي التي تقوم بدور رئيس في: أن تلقي بنا في قارعة الطريق ووسط
التهديدات، وهنا يستعين سارتر بعبارة هيدجر "الوجود، وجود في العالم"،
ويؤكد سارتر على عبارة "الوجود في" باعتباره حركة، وانفجارا وانطلاقا
بغتة ووعيا في العالم، حيث ستعتبر هنا عودة الوعي لذاته للتوحد بها أو الانغلاق
عليها هي انعدام للوعي. ومن ثم يضع سارتر يده على ما يطلق عليه هوسرل "القصدية"
المتمثلة في ضرورة أن يكون الشعور شعورا بشيء غيره.
هـ ـ بين المعرفة والشعور:
ويأخذ سارتر هنا على المعرفة في الفلسفة الفرنسية التي نقدها أنها
لم تعد تعرف سوى الأبستمولوجيا، ويضع في مقابلها الشعور بالأشياء لدى هوسرل
والفنومنولوجيين، ويوضح أن هناك أشكالا أخرى للشعور بالشىء، مثل الحب والخوف
والكراهية، وإن القصدية هي أن يتجاوز الشعور ذاته، كراهيته لأي إنسان آخر، تعتبر
وسيلة أخرى للانفجار نحو الآخر واكتشاف العالم؛ أي أن نجد أنفسنا فجأة أمام أجنبي،
يعاني ويتألم مما أطلق عليه من حقد مثلا. كما أن "الأشياء تكشف لنا بشكل
فجائي عن ذاتها، باعتبارها قابلة للكراهية والعطف والفزع والحب".(14) وهنا يصل سارتر للنتيجة الرئيسة التي أسعدته
كثيرا عندما التقى بهذه الفلسفة الجديدة، وأحيت لديه أملا عريضا، وهي وجود الأشياء
بأكملها في الخارج، بما فيها نحن أنفسنا، فنحن في الخارج؛ أي في العالم وبين
الآخرين، حيث لا يمكن أن نكتشف أنفسنا منعزلين، فنحن دائما في الطريق في المدينة،
بين الناس، شيئا ضمن الأشياء، وأناسا بين الآدميين. يصل إذن، لاكتشاف تلك الخصوصية
الأساسية والعامة، والتي تجعل من الوعي بالوجود وعيا بشىء ما؛ أي أن الوعي يعود
دائما إلى موضوع ما، ليس بالضرورة ـ مع ذلك ـ أن يكون واقعيا، وأن إدراك حس ما، ما
هو إلا إدراك بشيء ما، وأن نتذكر، هو أن نتذكر شيئا ما. كما استطاع أيضا الوصول
إلى ضرورة التمييز بعناية في التحليل القصدي لكل نموذج من النماذج الخاصة التي
يدرك الوعي بموجبها شجرة ما، سواء على مستوى التذكر أو التخيل، أو الإدراك ...
إلخ. ويتطور هذا الفهم للقصدية كما سنرى في الوجود والعدم عند ربطه بالأنطولوجيا؛
ففي مقالة القصدية الأولى كان سارتر واقعا تحت سحر قصدية هوسرل لا بالقدر الذي
جعله يتبناها كما هي ودون نقد. والحق، فقد مثلت في هذا الوقت لسارتر نقلة نوعية
حاسمة عندما تُقارن بظروف الدرس الفلسفي الفرنسي الذي سئم منه. لكن سارتر عرف أيضا
وبعد زوال انبهاره، أنه يلزمه جهد وعمل كبير يطوِّر به هذه الفكرة المهمة. كان
مصدر فرح سارتر الكبير هو أن القصدية على الأقل في مرحلتها الأولى لديه ميزت
تمييزا قاطعا بين الوعي وموضوعاته في الخارج، إذ جعلت ـ كما رأينا ـ من كل وعي
وعيا بشىء ما، وجعلت من مهمة الفلسفة العودة للأشياء ذاتها. وهنا كانت الاستفادة
الكبرى من هوسرل. ويلاحظ جان بول دوليه ملاحظة مهمة هي أن الإفادة الكبرى لسارتر
كانت في منهج هوسرل الذي أمد سارتر بإمكانية الاعتماد على ذاته في التفكير
والتأمل، عندما أتاح له أن يختبر قدراته الخاصة على التفكير في اعتماده على ما
سينكشف له في خبرته الخاصة.(15) اطلاعه على هوسرل إذن،
أعاد إليه الثقة بالنفس أولا، وبمنهجية وأداة ساعدته على التفكير والخروج من وعيه
الضيق إلى رحابة الوجود والعالم، وهو نفسه ما بدأ ينفذه فيما يخص القصدية؛ فنراه
يعود في "الوجود والعدم" ليؤكد على القول بأن الوعي هو وعي بشىء ما،
يعني أن التعالي يُشكِّل بنية الوعي "بمعنى أن الوعي يولد محمولا على وجود
ليس هو، وهذا ما نطلق عليه البرهان الأنطولوجى la preuve ontologique".(16)
وهنا يأخذ على هوسرل عدم معرفته بالطابع الجوهرى للقصدية التي
تتحدد في أن القصدية ليست حتمية نفسية بسيطة، ولكنها هي التي تحدد وجود الوعي، ومن
هنا يستخلص بأن "قصدي" لا تعني أن جوهري منكفئ على باطنه الخاص أو
المحايث، بل هذه الحركة القصدية الدائمة نحو العالم الذي يعتبره بُعدا جوهريا
للتعالي "القول إن الوعي هو وعي بشىء ما يعني أنه ليس ثمة وجود للوعي خارج
هذه الحتمية المحددة في وجود حدس يكشف عن شيء ما، بمعنى عن وجود متعال".(17) وتوالت نتائج القصدية
على ما أنتجه سارتر في مؤلفاته الأولى: تعالي الأنا في سـنة 1936، والخيال في نفس
العام سـنة 1936، ونظرية في الانفعالات سـنة 1939، والمتخيَّل سـنة 1940. كان من جانبه في هذه
الأعمال وكأنها محاولة لاستنفاد الداخل الإنساني بحثا، ولعلها أيضا محاولة لاختبار
أدواته الجديدة التي استعارها من فنومنولوجيا هوسرل، لكي يهرب في العالم وفي أنحاء
الوجود، وهو تحديدا ما قام به، خاصة في ظل الإلحاح الذي بيناه وظل يلازمه ولا يعرف
كيف سيضطلع به، وهو رغبته في تفسير واقعه المعيش.
لم يكن ذلك النص من جهة سوى رسالة تعريفية بالفنومنولوجيا التي
عرفها في برلين منذ ما يقرب من سنتين، كان ما زال تحت تأثير الانبهار بهوسرل
وفلسفته، رغم أنه حاول بقدر إمكانه اصطناع مسافة بينه وبين هوسرل، ومن جهة أخرى
أراد سارتر أن يجرب أدواته الجديدة. كان يريد أن يصبح الدرس الفنومنولوجي معترفاً
به ومعتمداً في حقل الدراسات الفلسفية في فرنسا، لا يقل قدراً عن ديكارت أو هيجل
أو غيرهما ... كما كان يريد أن يصفي حساباته مع المثالية وممثليها. كان شابا مليئا
بالفتوة والأمل، وأراد أن يقدم كل هذا في رسالة صغيرة، ورغم صغرها إلا أنها كانت
رسالة واعدة، وكأنها كانت مشروعاً تخطيطياً للفلسفة التي أملاها. ما حاول تأكيده
في رسالته تلك هو أن الوعي مستقل وقصدي. كما يقدم ما يعتبره ثلاث درجات من الوعي
أو الكوجيتو، وهم: الوعي ما قبل التأملي la
conscience préréflexive، والوعي التأملي la conscience réflexive،
والفعل الذي يوحد هذه الأزواج. وفي هذا المستوى الثالث (الفعل الموحِّد)، وهو
المعروف "بالاختزال الفنومنولوجي" epoché لدى هوسرل، لأنه يأتي بالمتعالي إلى التجريبي، في هذا المستوى
الثالث سيبدو الأنا je موجودا واقعيا، ولكنه
غير مجسد. هذا الأنا يُعطى لنفسه، باعتباره متعالياً. وهذا دائماً لأنه المبدأ
الموحِّد لأفعالنا، وهو يعادل الأنا le moi المادي، المُشكَّل من مجمل مشاعرنا. ويشكل ال je مع ال moi ما يسميه سارتر بالأنا l'ego الشخصية، وهي غير قابلة للمعرفة لأنها
حميمية، وهي في الوقت نفسه مبدأ وحدة كإنتاجاتنا. إنها الموضوع الذي يكشف الوعي
التأملي "تعتبر الأنا l'ego للموضوعات النفسية كما يعتبر العالم للأشياء". هذا ويعتبر
كثير من الباحثين أن تلك الرسالة هي ما أسس وجودية سارتر التي قدمها فيما بعد في
كتابه الوجود والعدم، خاصة إذا أخذنا النقد الذي وجهه سارتر لهوسرل في هذه الرسالة
بعين الاعتبار، إذ أخذ عليه بأنه قد أسكن في قلب الوعي أنا ما Ego اعتبرها سارتر ليست في مكانها؛ فالأنا ليست
غير ذات جدوى فحسب لتأمين وحدة وفردية الوعي، ولكنها أيضا ضارة لأنها تهدم الحدس
الأولى، والذي وفقا له يصبح الوعي عفوية محضة pure spontanéité ليست شيئا وليس لها داخل، وهو ما يؤكد فيه
على التعالي، مما يعني أن الأنا يشكل جزءا من موضوعات العالم الخارجة عن الوعي
الذي يقصدها.(19)
يدرس سارتر في هذا
الكتاب إشكالية الوعي بطريق الإدراك؛ أي طبيعة الخيال والصورة التي يمكننا تخيلها،
وهو لا يتورع عن نقد النظريات الكلاسيكية التي حاولت قبله مقاربة هذا الموضوع، وهو
ينطلق مثلما فعل في "تعالي الأنا" من الفكرة الفنومنولوجية الأثيرة لديه
التي ورثها عن هوسرل، وهي: أن الوعي هو وعي بشىء ما. وهنا يقدم الصورة، باعتبارها
نمطا من أنماط الوعي، وبالتالي، فهي أيضا وعي بشيء ما. إلا أن سارتر في كتابه هذا
لا يصل إلى ما يمكن أن يرضي طموح المعرفة، فتظل مشكلة الصورة الخيالية لديه بغير
حل، بل وتظل عشرات الأسئلة تنتظر الإجابة دون أن تجد ما يرضيها ولعل أهمها على ما
هي الكيفية التي يحضر بها موضوع الإدراك الحسى للشعور، في الوقت الذي ليس فيه حاضر
للشعور؟ يقترب كتاب الخيال في سباقه، وتبعا لما أراد صاحبه مقدمة حاولت أن تستخدم
الوصف الفنومنولوجي للموضوع الخيالي، بهدف تعرية ما أعتُبر طويلا مسلمات وبديهيات
لعبت أدوارا مختلفة في تحوير وجهات نظر المفكرين والعلماء فيما يتصل بالصورة
الخيالية، والخيال مما ساعد على خلق أدوار مختلفة الصور ومشكلات غير حقيقية، بل
وزائفة. لكن أهمية هذا الكتاب تكمن في أن سارتر حاول أن يدخل الوصف الفنومنولوجي
على بنية الصورة، وهو ما لم يحدث قبله سواء من قبل المفكرين الكلاسيكيين، أو حتى
من علماء النفس المحدثين.
يعتبر كتاب سارتر هذا
تطبيقا لفنومنولوجيا هوسرل في مجال علم النفس، وخصوصا "الانفعال". والانفعال كما
قدمه سارتر ينبغى أن يكون حالة داخلية للشعور أو حتى عرضا جسميا جاعلا منه علاقة
موضوعية بالعالم وإدراك ما في الأشياء من بعد سحري. والسلوك الانفعالي يعتبر سلوكا
خيالياً ينكر الواقع، ويتصور أنه قادر على التأثير في العالم أو حتى تغييره بشكل
سحري مباشر. وذلك لأن انفعالي
يحاول أن يخرج بي من موقف صعب فألغي صعوبته بدون أن أتوصل لحل واقعي، لم أستطع أن
أتجاوزه موضوعيا. بهذا يبدو الانفعال كما يقدمه لنا سارتر في كتابه هذا، باعتباره
سلوكا متخيلا، إلا أنه لا يقدم لنا ماهية الخيال، ولا خصائص الموضوع الخيالي. إلا
أن أهمية الكتاب تكمن في أنه خرج عما كان سائدا قبله في دراسة الانفعالات، حيث مد
السابقون عليه على البحث في الوقائع، وعملوا على تراكم الحوادث دون أن يعرفوا أن
هذا المسلك لا يمكنه إدراك جوهر الإنسان أو الوجود الإنسانى. من هنا استفاد سارتر
من أعمال هوسرل، وكذا هيدجر في محاولة إقامة علم نفس فنومنولوجي.
في هذا الكتاب يتمسك
سارتر بسلطة الوعي المتوهمة، ومن يخرج عنها هو المتخيَّل. ومرة أخرى وداخل نفس
السياق الفنومنولوجي يصنع سارتر "البنية القصدية" للصورة، وذلك من خلال
خلق مقصد ما للوعي المتخيَّل بداية من اللاواقعي. الصورة إذن، هي علاقة الوعي
بالموضوع. وخصائص الموضوع في هذا السياق ستتماهى مع خصائص الصورة. وهنا يبرز سارتر
ثلاثة أنواع من الوعي: الإدراك (يخبر الموضوع، والفكر لا يخبر شيئا) والصورة (
تحمل فكرا أكثر من الإدراك ). كما يقوم بطرح بعض المشكلات التي طرحها من قبل في
الخيال، خاصة ماهية الخيال، وحقائق الموضوع الخيالى؛ فيفصل تماما بين الخيال والإدراك، مدللا على
أن الصورة المتخيلة ليست شيئا داخل الشعور، لأنها شعور بشيء، هذا الشعور بالشيء
غائب، إلا أنه مع ذلك يوهم بالحضور. ويستنتج سارتر من ذلك أن الخيال هو أحد أبنية الشعور الجوهرية
وأنه شرط أساسي لوجوده. والصورة تلعب دورا مهما في الحياة النفسية، فلها وظيفة
رمزية أو تمثيلية
présentifica - trice (وهي التي تجعل الموضوع يظهر عن طريق الفهم الرمزي) ناتجا عنها حياة
متخيَّلة. والصورة أيضا تقسم الأنا إلى حقيقة ومتخيلة، وإذا كانت لها نتائج مرضية
كما في حالات الهلوسة والوساوس القهرية، إلا أنها أيضا تدفع على الاختراع
والإبداع. وهنا نشعر مرة أخرى بمدى تأثير فنومنولوجيا هوسرل على أطروحاته في هذا
الكتاب، سواء في وصفه للوعي المتعالي، وهو ما كان له أثر كبير على الوجودية
السارترية عندما استطاع أن يضع الواقع ومتعلقاته على مسافة منه، إضافة إلى الحرية.
تحليلات الكتب الأربعة
قادت مجتمعة إلى الوجود والعدم، حيث يظهر بوضوح تام البناء الأنطولوجى لوجودية
سارتر معتمداً على فنومنولوجية هوسرل وهيدجر.
بين الفنومنولوجيا والأنطولوجيا:
لم يكن التوقف عند قصدية الفنومنولوجيا كافِ لسارتر الذي حاول
دائما ألا تكون الفنومنولوجيا محطته الأخيرة، إذ ظل يداعبه هدف بناء أنطولوجي
رصين، يستطيع من خلاله التأكيد على تلك الفلسفة المنفتحة التي طالما بحث عنها،
وداعبت خياله " كنت أريد أن يكون لفكري معنى بالنسبة للوجود. أعتقد أن فكرة
الأنطولوجيا كانت في رأسي بسبب تكوينى الفلسفي، والمحاضرات التي تابعتها. تتساءل
الفلسفة حول الوجود، أو حول الموجودات (...) كل فكر لا يتوصل إلى أن يتساءل حول
الوجود ليس فكرا صالحا".(23)
كانت هناك فكرة لدى هوسرل، وهي أن التعامل الإيجابي مع الظاهرة
يحيل إلى الأنطولوجيا، ربما لم يقرأ هذه الفكرة سارتر، ولكننا نجدها في كتاب صادر
حديثا يحمل تعليقات هوسرل على كتاب هيدجر "الوجود والزمان" يقول هوسرل:
"إذا أخذنا الظاهرة، باعتبارها ظهوراً للعلم الكوني لكل ظهور، يصبح بالضرورة
العلم الكوني لما يظهر كما هو، هو إذن وفي الوقت نفسه معادلا للفنومنولوجيا،
وبمعنى آخر، ما يعود بنفسه على الأنطولوجيا، لأن هيدجر يعِّرف الظاهرة بشكل إيجابي".(24)
(1) نقلا عن Philippe Cabestan et Arnaud Tomes, Sartre, Ed. Ellipses, ,
copp. Philo – philosophes, Paris, 2002, p.12
(2) انظر:
S.de Beauvoir, entretien avec J.P.Sartre ( aôut – septembre 1974, In la
cérémonie des adieux, Ed. Gallimard, 1981, p. 227
(3) J.P. Sartre, une vie pour la philosophie ( entretien ), In
mag. Litt. No384, févier 2000, p.p. 40 -47
(4) ibid.,
(5)ibid.
(6)J.P.Dollé, l'aventure de la phénoménologie, In mag. Litt.
No.384, op.cit., p.p 48-49
(7)J.P.Sartre, une vie ... ( entretien ) op.cit., p.p. 40-47
(8) S.de Beauvoir, la force de page, Ed. Gallimard, 1960,
p.157
(9) Alain Renaut, Sartre, le dernier philosophe, Ed. Grasset,
Paris, 1933, p.133 ( marge ).
(10) Ph - Cabestan et A. Tomes, Sartre (1905 – 1980 ), Ed.
ellipses, op.cit., p. 6
* une idée fondamentale de la phénoménologie de Husserl : l'
intentionnalité
J.P. Sartre, situations philosophiques, Ed. Tel. Gallimard,
Paris, p.p. 38-42 وقد نشر فيما بعد في
(12) ibid., p.38
(13) ibid., p.41
(14) ibid., p. 42
(15) J.P.Dollé, l'aventure de la phénoménologie, In mag. Litt.
No.384, op.cit., p.p 48-49
(16) J. P. Sartre, l'être et le neant, Essai a l' ontologique
phénoménologique, Ed. Gallimard, 1943, p. 28
(17) ibid.,
(18) J.P.Sartre, transcendance de l' ego : esquisse d' une
description phénoménologique, Paris, Vrin, 1988
(20) J. P. Sartre, l' imagination, Coll. " Quadrige
", P.U.F., Paris, 1981
(21) J.P.Sartre, Esquisse d'une théorie des émotions, Ed.
Hermann, Paris, 1965
(22) J. P. Sartre, l' imagination, Coll ( Folio – Essais ) Ed.
Gallimard, Paris, 1986
(23) J.P.Sartre, une vie ... ( entretien ) op.cit., p.p. 40-47
(24) Edmund HusserL, Notes sur Heidgger, texte établi par S.
Spileers, Ed. Minuit, Pasis, 1993, p. 16
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق