الثلاثاء، 25 يونيو 2019

بورخيس يحاور طيفَه؛ محمد الحجيري.



بورخس يحاور طيفَه..
برسم القراءات..

مقطع من رواية "الرمل" يثبت فيه بورخس العجوز انه الحقيقة وأن بورخس الشاب يحلم به:

"-
بورخيس الشاب: لو كنتَ انت انا، فكيف تفسّر نسيانك لحقيقة أنك التقيت بمَن اخبرك أنه كان بورخيس ايضاً ؟
-
بورخيس العجوز :لم افكر في هذه الصعوبة من قبل . فأجبته بغير قناعة :"سؤالك غريب !"
..
اتفقنا ان نلتقي في اليوم التالي على ذات المقعد وفي ذات المكان والزمان ، وافترقنا دون ان نتصافح.
في اليوم التالي لم أحضر، والآخرالشاب لم يحضر أيضاً. فكرت كثيراً في ذاك اللقاء الذي لم أروه لأحد.واعتقدتُ انني وجدت المفتاح. كان اللقاء حقيقياً. اما الآخر فكان يحلم عندما تحاور معي ، وهذا ما يفسّر نسيانه لي وللموعد. أما انا فقد تحدثت معه في اليقظة، وما تزال ذكراه تنغصني ".
(بورخيس؛ "الرمل")

قراءتي لنصّ بورخيس:

طبعاً نصوص بورخيس قابلة للعديد من القراءات، أقنعت نفسي بقراءة متماسكة: وهي أن بورخيس يتحدث عن ثلاث شخصيات: الأولى هي كما هو عليه في الواقع شيخاً مسناً، والثانية هي كما كان عليه حين كان شاباً. والثالثة هي ما كان يحلم أن يصيره بورخيس حين كان شاباً.
هذه الشخصية الثالثة، التي كان يحلم بها بورخيس الشاب، يعرفها بورخيس الشاب فقط، أما بورخيس العجوز فقد نسيَها.
لو كنتَ أنت أنا، أي لو كنتَ أيها العجوز أنا الشاب لما نسيت ما كنت أحلم أن أكونه.
في حكمه الأخير يعتبر بورخيس بأن "الآخر"، أي بورخيس الشاب كان يحلم..
ونسيانُه لبورخيس العجوز، تعني أنه لم يخطر في باله أن يكون كما صار وتحقق في الواقع: صورة بورخيس العجوز لم تخطر في بال بورخيس الشاب. وهذا ما أظنه معنى النسيان.
أما بورخيس العجوز فقد كان يقظاً في حديثه: أي كان يذكر مرحلة شبابه. ولذلك فإن هذه الذكرى تنغّصه: التحسر على فترة الشباب.
بورخس الشيخ هو اليقظة، هو الحقيقة التي تحققت في الواقع. بينما بورخيس الشاب فقد كان يحلم..
"
كان اللقاء حقيقياً. اما الآخر فكان يحلم عندما تحاور معي ، وهذا ما يفسّر نسيانه لي وللموعد."
الذي حضر الموعد هو بورخيس الشيخ. بورخيس الشاب لم يحضر..
مذهل في كتاباته هذا الـ بورخيس.
هي ليست القراءة الوحيدة، لكن وجدتها متماسكة كما أسلفت.
لكن بانتظار قراءات أخرى متماسكة علها تكون أكثر تماسكاً من هذه القراءة.

محمد الحجيري.
حزيران 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق