الجمعة، 21 ديسمبر 2018

في الشعر؛ محمد الحجيري.




في الشعر:
أمسية شعرية للشاعر جعفر ابراهيم في صيدا،


قدَّمتُ له بالكلمة التالية
:

الضيوف الكرام
الرفاق والأصدقاء
أيها الحضور الكريم

نرحب بكم باسم لجنة الأنشطة الثقافية في المؤسسة الوطنية الاجتماعية، ويسرّنا حضورُكم باكورةَ أنشطتِنا في هذا اللقاء مع شاعرنا الرفيق والصديق جعفر ابراهيم.
أصارِحُكم القول بأني لست أفضلَ من يقدّم شاعراً. كنت أفضّلُ أن أقدّمَ الشاعر بالشعر، وهو ما لا أمتلكه ولا أدّعيه.
أقرأ الشعر. أتذوّق الشعر بمزاجيةٍ عبثيّةٍ، أستبقي أبياتاً قليلة من القصيدة، وأتساءل: متى تكون القصيدة جميلة؟ ومتى يكون الشعر شعراً؟  
هل الشعر هو الكلام، أم الشعر هو الصمت؟
هل الشعر هو الكلام الذي يطارد المعنى، أم هو المعنى الباحثُ عن الكلام؟
أهو الذي يجعلك تنتشي طرباً، أم هو الذي يضعك على حافة التساؤل؟
وما الذي يجعل الشعر انتشاء؟
هل هو الوضوح، أم إنه التباس؟
يبدو لي بأن ليس الوضوح شعراً فينحوَ نحو السرد، ولا إبهاماً فيبقى الشعرُ والمعنى في نفس الشاعر ولا يصل.
هذيتُ مرةً وقلتُ بأن الشعرَ هو هذا التكثيفُ في المعنى. وأجمله حين تقولُ كلَّك في قصيدة. أو أن تكثّف القصيدة في كلمة، أو قل أن تكثّف القصيدة في لحظة صمت. لكنه ذاك النوع من الصمت الذي يصل.
الشعر هو الجمال الذي يصلك جميلاً.
مهما قلنا في الشعر، تبقى أولاً القصيدة، ثم يأتي بعد ذلك الكلام في الشعر وعنه.
أذكر أولَ مرةٍ قرأتُ قصيدةً لجعفر ابراهيم.
كان ذلك منذ سنواتٍ طويلة. كان جعفر معتقلاً في سجنٍ شقيق. هُرِّبَت القصيدة، وعرضها عليّ يومها الصديق الدكتور عبده شحيتلي.
كانت لغةً من حروفٍ جديدة. أو هي كانت لغةً جديدةً من حروفٍ قديمة.
فيها مرارةٌ وفيها التزامٌ ومعاناةٌ وجمرٌ كثير.
بعد ذلك التقيت جعفر ابراهيم قليلاً. وعرفتُه كثيراً. أو عرفتُ بعضَه كثيراً.
نصوص جعفر ابراهيم فريدة، لها بصمةٌ وهويّة.
في عتابه خصوصية.
وفي ندائه خصوصية: أيا الله. يا النايُ. يا الطاعن. يا اللونُ.. هذه الياء الجعفرية! إنها جعفرية بامتياز.
في حزنه، وفي عشقه. في تجديفه وفي تصوّفه خصوصيةٌ واضحة.

يقول جعفر:
مُضْمَرٌ حُزْني...!
أفي براري الرّوحِ يشتعلُ الجرحُ..
ألِلْمُقْلَةِ الصّوتْ..
والصّدى مِلْحُ...؟!
للنّارِ الصّرْخَةُ..
تاهَ الرّبُّ..
ما مِنْ سَنْبَكَةٍ رَمْحُ...!

ويقول:
حليبُ الطَّلِّ يوقظُ الأزرار...
يا النّايُ
حنينُ القَصَبِ رَجْفَةُ ريحٍ..
إلّا بالحفيفِ..
تَشْتَعِلُ الأشجار...؟!
..
في البدء كانت القصيدة. ومعها ندخل في طقوس الشعر.
المنبر للشاعر جعفر ابراهيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق