الجمعة، 27 يناير 2017

برغسون والاختيار؛ محمد الحجيري.




 برغسون والاختيار
ثلاثة مفاهيم تتكرر في كتابات برغسون: 
ـ الوعي
ـ الاختيار
 ـ التكيّف

ولا يقتصر الوعي على أشكال الحياة العليا، فـ "عند التدقيق، [سنجد] كل ما هو حيّ يمكن أن يكون واعياً: ومن حيث المبدأ يقترن الوعي بالحياة" (ط.ر.ص11)
في أشكال الحياة العليا، يرتبط الوعي بالدماغ.
لأنه "كلما تعقد الجسم الحي واكتمل ينقسم العمل، وتتخصص الأعضاء المتنوّعة، بوظائف متنوّعة." (ص10).
 أما في أشكال الحياة الأوّلية، فإن الوعي ينتشر في كل أنحاء المادة الحيّة.
الاختيار:
 ويبدو أن الوظيفة الأساسية للوعي عند برغسون، هي القدرة على الاختيار: فمن الذاكرة التي يتحدث عنها برغسون كأحد أشكال الوعي، والتي تقوم بوظيفة أساسية في الاختيار في خدمة الفعل الحاضر والتكيّف: فما أستحضره من حالات الوعي الماضية هو ما له علاقة بالفعل الحاضر (في إجابتي عن سؤال في اختبار معيّن، لا يفيدني أن أتذكر ما ليس له علاقة بالموضوع).
 إن الأميبة، التي ليست أكثر من مادة بروتوبلاسمية، "عندما تلتقي مادةً تستطيع أن تجعل منها غذاءها، تقذف خارج جسمها خيوطاً تستطيع أن تمسك وأن تحيط بالأجسام الغريبة.
 إن هذه الامتدادات هي أعضاء حقيقيّة وبالتالي هي أواليات. ولكنها أعضاء مؤقّتة، ابتدعتها الظروف، وهي تدل، على ما يبدو على أنه اختيار بدائي أو شبه اختيار."
 ويبدو أن ما ينطبق على الأميبة ينطبق أيضاً على طريقة تفاعل الأوراق الخضراء مع الضوء.. أو الجذور مع الماء.
باختصار يمكن تلخيص السياق على الشكل التالي:
 تبدلات في العالم المحيط، يتبعه "إحساس" بتلك التبدلات، يليها "اختيار" أو ردة فعل، يصب في النهاية لمصلحة الكائن الحيّ.
إذا قبلنا بالقول بأن هذا "الإحساس" بالعالم الخارجي وتبدلاته، هو نوع من الوعي،
 فإن السؤال الفلسفي أساساً هو: هل هذا "الاختيار" أو ردة الفعل على تبدلات العالم الخارجي هي فعلاً نوعٌ من الاختيار أم هي نوع من الاستجابة الحتميّة؟
 يبدو أن برغسون قد انطلق من مسلمة الاختيار عند الإنسان الناتج عن الوعي، وهو إذ يعمّم وجود الوعي على كل أشكال الحياة، فإنه يعمم عليها أيضاً "الاختيار" المرافق للوعي..
 ماذا لو انطلقنا من القول بأن تفاعل المادة الحية مع تبدلات العالم الخارجي، بعد "الوعي" بتلك التبدلات، ما هي إلا استجابة حتميّة.. وبأن ما نسمّيه "اختياراً" إنسانياً للتكيّف مع العالم الخارجي، ما هو إلا نوعٌ خاصٌ من تلك الاستجابة الحتميّة ؟..
..القول بالاختيار، يعني الحريّة (من الإنسان وصولاً إلى ورقة الشجرة.)
 والقول بالاستجابة الحتمية، تعني غياب الحرية (من ورقة الشجرة إلى الإنسان)
أم أن الورقة ورقة، والإنسان إنسان؟؟

محمد الحجيري 
27/1/2015 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق