الأحد، 1 يناير 2017

بين المشافهة والكتابة؛ محمد الحجيري.



 بين المشافهة والكتابة


من المعروف بأن كل قول، أكان شفاهياً أم كتابةً، يحاول أن ينقل حالة نفسيّةً: فكرية أو انفعالية، من وعي المرسِل إلى وعي المتلقّي.
 وهذا القول لا يمكن أن يكون شفافًاً بإطلاق. فلا يتساوى فهم المتلقي مع ما كنا نودّ قوله: بعض الأمور لا تصل، بينما بعض ما يصل إلى المتلقي لم يكن أصلاً في نيّة القائل.
 في حالة الكتابة، يبقى هذا اللَبس بين الكاتب وبين القارئ قائماً: أمور أردنا قولها لم تصل، بينما وصلت أمور لم يكن في نيّتنا قولها أصلاً.
 وكل قارئ جديد سيعيد إنتاج التباسه الخاص من خلال علاقته المباشرة مع النصّ.. وبخاصةٍ إذا كان هذا النص غنياً بقابليته للتأويل. وكل فهم هو بالتالي نوع من التأويل.
 أما في الحالة الشفاهيّة، فالمسألة في غاية الخطورة: ما نريد قوله لا يتطابق مع ما نقوله، ثم، إن ما قلناه لا يتطابق مع فهم الآخر له؛ وفي فهم القول حذف لِمعانٍ كانت مقصودة في الكلام، وإضافة فهم لم يكن الكلام يقصد قوله.
ثم يتكرّر الأمر ثانية حين ينتقل الكلام من المستمع الأول إلى المستمع الثاني.
 غياب التطابق بين ما يريد قوله وبين ما سيقوله فعلاً. ثم عدم التطابق بين ما قيل وبين ما تم فهمه من المستمع الثاني، وهكذا...
فكيف إذا كان القول قد انتقل عبر عشرات الأفهام .. بل المئات.. وخلال فترات زمانيّة عريقة في القِدم؟؟
كيف كانت ستصل إلينا أقوال المسيح مثلاً أو أرسطو أو النبي محمد أو ملحمة غلغامش؟؟
 ... كم نحن مدينون إلى سومر!!


محمد الحجيري.
1/1/2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق