الأحد، 11 ديسمبر 2016

الحبابي بين الشخصانية والغديّة؛ محمد الحجيري.




الحبابي: بين الشخصانية والغديّة

محمد الحجيري. (عن الفيسبوك)

الندوة التي أقيمت مساء الأربعاء في التاسع من كانون الأول 2015 عن الفيلسوف المغربي محمد عبد العزيز الحبابي، ضمن الأنشطة التي أقيمت على هامش معرض الكتاب العربي في بيروت، شارك فيها الدكتور أنطوان سيف من لبنان والدكتور كمال عبد اللطيف من المغرب، وأدارها الدكتور مشير عون بحضور جمهرة من الأساتذة الجامعيين والمهتمين..
بدأ الندوة الدكتور أنطوان سيف بقراءة للكتاب المخ
صص عن الحبابي الذي شارك في الكتابة عنه (عن الحبابي) مجموعة من أساتذة الفلسفة المغاربة من الذين تتلمذوا على يديه، مثل عبد الرزاق الدوّاي وفتحي المسكيني ومحمد المصباحي وغيرهم..
أشار الدكتور سيف إلى أن الحبابي كان "أول من حصل على لقب دكتور في الفلسفة في المغرب، وأنه مؤسس درس الفلسفة في الجامعة المغربية الفتية، وأول عميد لكلية الآداب فيها، فضلا عن كتاباته الفلسفية، وصوغه المصطلحات الفلسفية العربية الحديثة بالترجمة التي مارسها وبالتأليف"..
ثم عرض تلخيصاً لأهم ما قاله المؤلّفون عن الحبابي مع ملاحظاته السريعة على ذلك..
ومما قاله الدكتور سيف في هذا المجال: تأثر الحبابي بـ أندريه مالرو في كتابه "الشرط الإنساني"، وبفكرة المجتمع المنفتح عند برغسون وكارل بوبر..
ثم إن دعوته لحوار بين الأديان يجب أن تكون من خلال الدين المعيوش وليس الحوار اللاهوتي.
كما تحدث عن تخلّي الحبابي عن "الشخصانيـّة" لمصلحة "الغدية" de demain

ثم تحدث الدكتور كمال عبد اللطيف عن أستاذه الحبابي، مداخلة لها الطابع الوجداني والحديث عن بعض المحطات التي عرفها عنه أو عايشها شخصياً..
كانت مداخلة بعد ذلك للدكتور جميل قاسم الذي تحدث عن قراءته لكتابات الحبابي يوم كان في فرنسا، وعن إعجابه بالفيلسوف المغربي.. رغم مآخذ له على كتاب الحبابي عن "الشخصانية الإسلامية"..
أهميّة الحبابي ربما تكمن في كونه "يمثل لحظة اسئناف القول الفلسفي في الفكر المغربي، هذا الاستئناف الذي يأتي بعد صمت فلسفي مديد في المغرب الكبير، دام قرونا، منذ نكبة مواطنه ابن رشد." كما أشار إلى ذلك الدكتور كمال عبد اللطيف.
ما يعزّز صدقيّة هذا القول هو أن أساتذة الفلسفة في المغرب اليوم هم إما من طلاب الحبابي، أمثال الدكتور محمد عابد الجابري (الذي غادرنا منذ بضع سنين) والدكتور عبدالله العروي وعبد الرزاق الدوّاي وكمال عبد اللطيف ومحمد المصباحي وغيرهم، أو من طلاب هذا الرعيل الأول من الأساتذة.. وهو غرسٌ يؤتي أُكُلَه اليوم من خلال تحوّل المغرب إلى ورشة عمل على مستوى الأبحاث الفلسفية.. وإن أيّ متابع أو مهتم بالقول الفلسفي يدرك ذلك، بعد أن انتقلت الريادة في هذا المجال من مصر طه حسين وزكي نجيب محمود وعلي سامي النشار وعبد الرحمن بدوي وحسن حنفي وفؤاد زكريا وإمام عبد الفتاح إمام وغيرهم إلى المغرب اليوم.
ملاحظات على الندوة:
الملاحظة الأولى التي يجب أن تُذكر، هي متعة الاستماع إلى الدكتور أنطوان سيف، الذي يتحدث عن الفلسفة بعمق ووضوح وشغف يشبه العشق فيشد المستمع ويمتعه في آن، وكنت قد تعرفت إلى هذه الميزات عند الدكتور سيف منذ أكثر من عشر سنوات، حين كنا نستمع إلى مداخلاته خلال وضع أسس تصحيح مادة الفلسفة للمرحلة الثانويّة.
الملاحظة الثانية: أن الدكتور سيف تحدث عن شخصانية الحبابي، التي هي مرحلة بين الكائن (الفرد في مرحلة الفطرة، أو الخام أو حال الطبيعة كما ذكر الدكتور سيف) وبين "الإنسان" الغاية أو الكامل في المفهوم الصوفي..
أظن أنه كان من المناسب توضيح خصوصية هذه الشخصانية التي يتحدث عنها الحبابي، وبماذا تختلف عن غيرها؟
وهل هناك من يتحدث عن الإنسان بغير هذا المعنى؟
الملاحظة الثالثة: يذكر الدكتور سيف نقلاً عن عبد الرزاق الدوّاي قولَ ميشيل فوكو بأن "كل كتاب لي (لـ فوكو) هو جزء من تاريخي".
وهذه عبارةٌ كان يجب التوقّف عندها ومناقشتها. فكيف يمكن للدوّاي أن يتحدث عن فوكو بهذه الطريقة، التي تعني بأن فكر أيّ فيلسوف هو عبارة عن تجربته الشخصية ومعاناته وعن فهمه الشخصي وموقفه من الحياة.
كيف يمكن للدوّاي أن يتحدث كذلك عن فوكو، وهو الذي ألّف كتاباً عن فوكو بعنوان "فلسفة موت الإنسان". والذي يتهمه فيه (وهي تهمة صحيحة على ما أظن) بتغييب المؤلِّف وبموت الكاتب، الذي إنما يُكتَب من خلاله.. 


(محمد الحجيري، 11 كانون الأول 2015)
http://www.vetogate.com/1944604

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق