الأحد، 18 ديسمبر 2016

بضاعتُنا وقد رُدَّت إلينا؛ محمد الحجيري.




بضاعتُنا وقد رُدَّت إلينا..

لمّا كان الكثير من كتب التراث يعتمد المبالغات، فقد أصبحنا نبحث عما كتبه بعض المستشرقين عن التاريخ الإسلامي، بحثاً عن منهجية أكثر موضوعية في النظر إلى تاريخنا، وإن كان الكثير من تلك الكتب يتضمن تجنياً أيضاً، لكن في كل الأحوال، كنا نبحث عن بعض المسكوت عنه لدى كتابنا في كتب الآخرين.
لفت انتباهي في معرِض الكتاب العربي كتاباً للمستشرق الأمريكي واشنغتون إرفنغ "حياة سيرة نبيّ الإسلام". ترجمة وتعليق د. علي حسن الخربوطلي.
يمتدح المترجِم كثيراً هذا الكتاب، لأن كتب المستشرقين الآخرين تتوجه عادة للمثقف الغربي لمنعه من التعاطف مع الإسلام والمسلمين، على حد قول الدكتور الخربوطلي، بينما يجد هذا الكتاب موضوعياً في نظرته لتاريخ الآسلام.
وما إن قرات بضع عشرات من صفحات الكتاب، حتى شعرت بأني لم أعد بحاجة إلى متابعة القراءة. وحتى لا أطيل التعليق على الكتاب، يمكن اختصار ذلك بالقول: هذه بضاعتنا قد رُدّت إلينا. بل لا بد أن أكون قد ظلمتُ "بضاعتنا" بهذا القول، فلم يجد دكتورنا الخربوطلي جديراً بجهده في الترجمة إلى العربية إلا مرآةً أسطورية لنرجسيتنا تذكرنا بما قرأناه في "ألف ليلة وليلة". 
 
أنقل بعضاً مما قرأته بحرفيته في الكتاب المترجَم:
"وامتاز عبدالله بالجمال والصفات الحسنة التي تُعجِب النساء، حتى إن مائتيّ عذراء من قريش، كما تزعم بعض الروايات العربية، مُتْنَ حزناً وكمداً يوم زواج عبدالله."
"كان محمد هو الثمرة الأولى والوحيدة لهذا الزواج... وانبعثت ليلة مولده أنوارٌ عظيمة أضاءت السماء. ولما وُلِد محمد، رفع عينيه نحو السماء، وقال: "ألله أكبر، لا إله إلا الله، وأنا نبيّ الله"."
"وفي تلك الليلة الخالدة، انطفأت نيران زرادشت المقدّسة التي ظلّت تشتعل دون توقّف منذ آلاف السنين، وسقطت جميع أصنام العالم على الأرض، وطاردت الملائكةُ الشياطين الذين يسكنون النجوم، وأرغموهم وزعيمهم إبليس على أن يسكنوا قاع البحر."
"تروي حليمة الكثير عن الطفل الذي قامت برعايته.. وفي الطريق، كانت الأغنام تحني للطفل رؤوسها، حتى إذا نام في فراشه، وتطلّع إلى القمر، كان القمرُ ينحني له احتراما."
"يروي المؤرّخون العرب الكثير عن قوّة هذا الطفل ... فقد استطاع أن يقف على قدميه وعمره ثلاثة أشهر، واستطاع العدو حينما أتم سبعة أشهر، حتى إذا أتم عشرة شهور استطاع أن يشارك الأطفال الآخرين في رياضتهم واستخدام القوس والسهم واستطاع الكلام والفهم وعمره ثمانية أشهر."
هل هذا ما كتبه المؤرخون الغربيون عن الإسلام؟
 
بالتأكيد لا. لكن هذا ما يبحث عنه الدكتور الخربوطلي.

(محمد الحجيري)
18/12/2015


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق