السبت، 26 نوفمبر 2016

إشكالية المنهج التاريخي من منظور كارل بوبر؛ محمد بكّور.


إشكالية المنهج التاريخي من منظور كارل بوبر

بقلم محمد بكّور
(مؤمنون بلا حدود؛ أبريل 2016)


الملخص:
يُعدُّ الفيلسوف النمساوي كارل بوبر، الذي يصنّف نفسه آخر التنويريين، من أهمّ فلاسفة العلم في القرن العشرين. بالإضافة إلى نظريّته الإبستمولوجية، وطرحه المتفرّد الذي صاغه في مقولة «القابلية للتفنيد»، تُعدُّ إسهاماته في النقاش الدائر حول المعرفة التاريخية، وخصائص المنهج التاريخي، ونقده اللاذع للنزعة التاريخانية، ذات قيمة فعّالة في بناء صرح علم التاريخ.
خصّص بوبر نصيباً وافياً من جهده العلمي لنقض بنيان التاريخانية في مختلف صورها، باعتبارها نظريات مدمّرة للإنسانية، وإيديولوجيات تستند إليها الأنظمة الشمولية.
كان كارل بوبر، إلى جانب فلاسفة آخرين، من أبرز المنتقدين للمدرسة الوضعية، لكنّه، بحكم صلاته الفكرية بهذه المدرسة، وتأثّره ببعض طروحاتها، حرص على التوفيق بينها وبين خصومها؛ إذ يقترح مخرجاً لإشكالية التفسير والتأويل في المعرفة التاريخية.
تنطلق الوضعية من مسلّمة أساسية هي «علمية» هذه المعرفة، وتحقُّقها الموضوعي خارج الذات؛ فالتاريخ هو مجموع أحداث واقعية يتمّ اكتشافها من طرف المؤرّخ، ومن ثمّ، فهي حَريَّة بتطبيق «المنهج العلمي» الصارم القائم على دراسة الوثائق والمقارنة بينها. في حين يذهب التيار القائل بالتأويل إلى اعتبار التاريخ نتاج عملية بناء ذهني ينجزها المؤرّخ. من هنا، إن هذا الأخير، مهما حاول اقتراف الموضوعية، وجعل عمله يرقى إلى مرتبة العلم، فإنه يكتب عملاً أقرب إلى نصّ أدبي منه إلى منتوج «علمي».
يرفض بوبر هذه المقولات، التي تضع حدوداً قسريّة بين «العلم واللاعلم»، ويقترح مقولة العوالم الثلاثة لتفسير طروحاته. ومن خلال هذه المقولة، استطاع بوبر التوفيق بين نظريتي التفسير والتأويل في منهج الكتابة التاريخية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق