سياسة
النسيان: في نقد "عقيدة" التاريخ
"وحدها قوة الحاضر الأسمى ينبغي لها أن تكون أداتنا في تأويل الماضي، ووحدها ملكاتنا الأرقى حين تكون مدفوعة نحو فعلها الأقصى يمكن أن تبيّلنا ما يكون من الماضي جديراً بأن يُعرف ويُفظ".
Nietzsche, seconde
Considération inactuelle[1].
"إنّ الرعاية الإلهيّة التي تدبّر كلّ الأشياء بأحسن ما يكون هي التي تقود توالي الأجيال الإنسانيّة من آدم إلى نهاية الزمان، تماماً كما لو أنها مسار رجل واحد يمرّ في الزمان، من طفولته إلى شيخوخته، عبر كلّ مراحل العمر".
Saint Augustin,
Quatre-vingt trois questions diverses.
يتقدم الفكر والفعل الإنساني عامة في التصورات التاريخانية،
باعتباره إنتاجاً تاريخياً خالصاً؛ فلا اعتبار لشيء إلا برده "للشروط
التاريخية التي أنتجته"، بيد أن هذه الرؤية التي رسّختها فلسفات القرن التاسع
عشر، والتي ارتقت منذ هيغل - وخصوصا ماركس - إلى أن تصير "مسلمة" نظرية
ليست بالوضوح ولا الطابع البديهي الذي تبدو عليه، ولا نريد هنا أن نسوق الاعتراضات
الشهيرة للنقد البنيوي على هذه "المسلمة"، بل نريد أن نتعرض لنقطة واحدة
دقيقة في هذه الرؤية، وهي نوع التصور الذي تقدمه عن الزمن، ومن ثمة نوع التصور
الذي تقدمه عن الحقيقة، وهو تصور، كما سيتضح ذلك، مسكون بخلفيات
"أخلاقية" كثيرة، وأما المستند الذي سنعتمده في بيان هذا الأمر، فسيكون
أقدم من البنيوية، وإن كان أحد روافدها الكبرى، نقصد فلسفة الألماني فرديريك نيتشه.
تقدم التاريخانية، في كل لويناتها، تصورا خطيا تقدميا عن التاريخ،
على أن لهذا التصور عينه "تاريخ"؛ فبدايته لم تكن كما يُظن مع العصور
الحديثة، إذ هو تصور عائد في جذوره إلى الثقافة اليهودية - المسيحية، بل قد نجازف
ونقول إن كل "الإبدال" التاريخاني الذي زرعت بذوره في القرن السابع عشر،
وتوضحت معالمه بجلاء في القرن التاسع عشر قد نُحت وصيغ في العهدين القديم والجديد،
وهو ما قد ينسف، من ناحية مبدئية، وهم القطيعة الجذرية الذي نتصور بين الفكر
الأنواري الحديث والفكر المسيحي الوسيط. بيد أن بيان هذه المسألة يحتاج إلى بعض
التفصيل.
يتفق الدارسون المختصون في الفكر اليوناني
على أن هناك ثابتا مشتركا بين مجموع اتجاهات هذا الفكر ألا وهو تصوره الدائري عن
الزمن؛ فاليونان هم شعب
"الدائرة"، فالدائرة أكمل الأشكال، لهذا كان العالم نفسه، من حيث هو كوسموس
(ومن معانيها الأصلية زينة العروس ولباسها)، دائرة[2].
والعالم الدائري يحتاج زمنا دائريا، وهذا ما اجتهد في
صياغته والدفاع عنه غالبية المفكرين اليونان، ليس فقط في النصوص الفلسفية المؤسسة،
بداية بأفلاطون وانتهاء ب"الهيلوويزم" الرواقي، حيث العالم
"حيوان" كبير يحيا وفق عود أبدي، بل وأيضا أساطير القرن التاسع للميلاد
وتراجيديات القرون التالية، وقد أظهر هولدرلين هذه المسألة بجلاء[3]؛
ففي كل التراجيديات نجد الزمن يتقدم، باعتباره دورا في الأوديسا مع عوليس الذي
يلاقي بينيلوبي في إيتاكهitahaque بعد أن يسيح في بحر بوسايدون
عقدا من السنين، كما مع أوديب الذي ينفى عن طيبة طفلا قبل أن يعود إليها شابا،
ليلاقي قدره الذي ابتعد عنه لوهلة. الزمن الأسطوري هو زمن القدر الذي يعود إذن،
لهذا فهو زمن تراجيدي، ومن هنا نفهم الطابع "التراجيدي" للنظام القيمي
اليوناني، فبما أن الزمن دور والقدر عود والعالم دائرة؛ فطموح الإنسان
اليوناني، لن يكون "اختراق" العالم، بل فقط إيجاد المكان الأنسب له في
هذا الكوسموس- الدائرة، المكان الذي حدده له القدر قبلا.
[لكن
أليس في القول "إيجاد المكان.. الذي قد "حدده له القدر" نوع من
التناقض؟].
ولأن
تاريخ الفكر محكوم دائما بعناصر سابقة عليه هي التي تجعله ممكناً؛ فإن تحول
العناصر السياسية والحضارية في القرون التالية وانتهاء الأمر إلى المسيحية
باعتمادها عقيدة رسمية للدولة الرومانية، سيؤدي إلى إرساء تصور آخر عن الزمن، تصور
خطي هذه المرة، تصور "تقدمي"، يتحول معه إيقاع الزمن واتجاهه من كونه
دورا يسري في هذا الحيوان الأعظم الذي هو العالم – النظام، إلى أن يصبح خطا يتقدم
من بداية ومبدأ نحو نهاية وغاية ؛ أي أن يصير بمعجم المسيحية نفسها "تيها"
في انتظار "الخلاص".
سبق لبعض الباحثين الكبار أن بينوا أن بين
العصور الوسطى والزمن الحديث من التلاقيات أكثر مما نتصور،[4] ولعل هذا الأمر يبدو
بأفضل ما يكون في المفهوم الحديث عن الزمن، حتى أنه من الممكن أن نقول إن هذا
التصور ليس أكثر من "علمنة" للتصور المسيحي. صحيح أن هناك تحولا مركزيا
حصل، إذ أن الفاعل يصير هو الإنسان وليس الإله، والأداة تصير هي العقل وليس النص
(مع استحضار كل النسبية اللازمة لمثل هذه الأحكام) لكن القالب والصيغة تظل هي
نفسها، فكرة "الآرخي" ἀρχή و"التيلوس" Τέλος تظل هي عينها؛
فالتاريخ تراكم وتحصيل ومجال لتحقيق المشروع الإنساني وبسط لمطوي ممكناته
الطبيعية، لكنه بسط في إطار "منطق" عام هو عينه التصور الخطي – العقدي.
على أن هذه الخلفية الثيولوجية التي تسكن التصور الحديث عن الزمن والتاريخ، لا
تبدو في هذه الرؤية الخطية فقط، بل تظهر أيضا في العنصر القيمي الخفي الذي يسكنها
ويعمل فيها؛ أي في العلاقة التي تبني "أخلاقيا" مع الذاكرة.
يقترح الكتاب المقدس، بعهديه، تصوراً
"تذكريا" عن الزمن؛ فللزمان بداية هي الخلق، يوم ما قرر الإله بناء
العالم وسطّر له مسارا ووضع لهذا المسار غاية هي البعث، وبين هذا الخلق والبعث
يحيا الإنسان تاريخه وقدره الذي يكون كله محكوما بهذه "الذكرى" وهذا
الموعد؛ فلا قيمة للتاريخ البشري إلا من حيث هو سعي "مستقيم " لغاية هي
البعث. التاريخ إذن، تحقيق
"للخطة الإلهية"؛ فالرعاية الإلهية هي التي تقود "على أتم الأوجه كل الأشياء" كما يقول أغسطين "الأجيال منذ آدم حتى آخر الزمان، تماما كما
رجل ينمو من طفولته إلى شيخوخته". بهذا المعنى يكون التاريخ الإنساني كله تحقيقا لعنصر آخر يتجاوزه،
ويمنحه معناه هو خطة الإله ووعده الأول.
لا نعتقد أننا نبالغ إذا ما قلنا إن أصول
"فلسفة التاريخ"، على الأقل في صورتها الكلاسيكية الهيغلية، كلها موجودة
هنا؛ ففضلا عن الرؤية
الخطية التي ذكرناها سابقاً، حيث يتقدم العالم كفضاء لعقل ينمو ويتقدم وفق مراحل
ليبلغ أوجه، عند هيغل نفسه، في الفلسفة المثالية (فكريا) ثم في الدولة البروسية(سياسيا) والديانة المسيحية (دينيا) [5]،
فضلا عن كل ذلك؛ فإننا نجد الخلفية الأخلاقية عينها؛ فالمسيحية هي التي أرست كون
التاريخ الإنساني "بسطا" لتاريخ آخر هو ما يمنحه معناه كما قلنا، وهو
وعد الإله وخطة خلاصه المنتظر، وفي هذا الرهان وحده تأخذ الحقيقة قيمتها. بهذا
المعنى تصير المراحل الفاصلة في التاريخ والمفسرة له والمانحة لقيمته
"عقدية" في العمق، لأنها قائمة على ذكرى العهد الإلهي.
على أنه إن كان هناك من فيلسوف
"تشمّم" بـ"خياشيمه" هذا العبق الثيولوجي القوي الذي يفوح من
الرؤية التاريخانية فهو نيتشه، فما ينبغي أن نفهمه، وكما بيّن كثير من مؤرخي
الفلسفة، هو أن رهان نيتشه الفلسفي لم يكن ضد الأفلاطونية فقط، باعتبارها الفلسفة
التي أرست الحقيقة "غاية" للفكر، بل إنه كان، وعلى الأخص، رهانا ضد الهيغلية[6]،
وفي هذا الإطار ينبغي أن نفهم موقفه من التاريخانية، بل ومن التاريخ كمعرفة، فلا
ينبغي أن نرد هذا النقد إلى التشهّي الفكري والنزوع الشاعري كما يعنّ لكثير من
المؤرخين المحترفين أن يقولوا، بل ينبغي أن نفهم بأن هناك رهانا معرفيا وقيميا
خفيا يبرر هذا الموقف، إنه موقف يتأسس على وعي عميق بالعناصر التي تقوم عليها
الرؤية التاريخانية وبالبعد الأخلاقي الذي يدثر العلاقة التي تبنيها مع الزمن
والماضي، مهما تخفّى هذا التقديس وراء مفاهيم الموضوعية والعقلانية.
معروفة هي انتقادات نيتشه في نصه
"اعتبارات ضد الراهن" للنزعات التاريخية، ومعلومة هي الأخطار التي
يسوقها، باعتبارها ما يشكل عيوب هذه النزوعات؛ فممارسة علم التاريخ محفوفة بأخطار
أهمها أن يتحول التاريخ إلى هيكل يثقل كاهل الحاضر (histoire monumentale) أو أن يصير تاريخا
متحفيا، يجعل الحياة مستودع أموات (histoire antiquaire) أو أن يصيبنا بالعُجب بأن يجعلنا لا ننتبه "نقديا" إلا
إلى الماضي(histoire
critique)[7]
ومعروفة هي أكثر انتقادات نيتشه للمسيحية ولـ"فلسفتها"
في الحياة؛ فالمسيحية لا تقبل الحياة إلا من جهة ما تنفي عنها كل ما يصنعها كحياة،
فلا خلاص فيها إلا لأجل الموت ولا اعتبار للأرضي فيها إلا من حيث هو دليل على
العوالم الخفية (les mondes cachés)؛
وهذا تصور يكون من نتائجه "إيتيقيا" أنه يدخلنا في صراع مع
"قدرنا"، فنرتكن إلى الضغينة ومعاداة العالم، في حين أن مجد الإنسان لا
يتحقق إلا حين يكون في مستوى قدره؛ أي حين يكون في مستوى القبول بالعالم كما هو
دون سند خفي، وهذا ما فهمه اليونان
وسعت إلى طمسه المسيحية؛ فاليونان كانوا دائما يطاولون أقدارهم، لأن الأقدار لاحقة
بنا ولو بعد حين، فلا يبقى لنا إلا أن نتصالح معها ومع العالم، وفي هذا السياق
نفهم احتفاء نيتشه بالصرخة التي صدح بها الرواقيون قديما أن "أحبّ
قدرك..."؛ معروف ومشهور هذا النقد كما قلنا، لكن ما هو غير معروف بشكل واضح
ربما هو أن هذا النقد المزدوج للمسيحية وللنزعات التاريخانية هو نقد مترابط في
العمق، بل وواحد في أصله، لأنه نقد للمشترك القيمي بين الاثنين- فضلا عن المشترك
"المنطقي" - وهو مشترك يظهر بوضوح في العلاقة التي يقيمان (المسيحية
والتاريخانية) مع الذاكرة.
ليس العالم والتاريخ عند نيتشه، كما يقرر المثاليون بداية
بأفلاطون، نظاماً متراتباً، بل هو "بحر من القوى والأنواء والدفق
الدائم" لا تتحدد فيه الموجودات إلا باعتبارها توازناً ظرفياً عابرا بين قوى
في فعل مستمر، في هذا الكاووس يكون كل موجود مأخوذا في مسار يتجاوزه؛ أي في
"صراع" ديناميات وإرادات قوة هي التي تحدد موقعه للحظة. وإن كان العالم هو هذا
فإن التفكير في زمن العالم بمنطق التتالي وبمفاهيم الماضي والحاضر والمستقبل؛ أي
تصوره باعتباره خطا تراكميا يتقدم بخطوات منضبطة هادئة نحو غاية، يصير غير ذي
قيمة؛ فالعنصر الأنسب للفهم حينها يصبح هو الصيرورة le
devenir، الزمن الذي يناسب العالم المحكوم بإرادة
القوة هو زمن الصيرورة، الصيرورة البريئة التي لا تحمل معنى قبليا. ومن طبيعة
الصيرورة أن حركتها غير خطية، لأنها حركة تأتي كاختلاف يعود؛ أي كإرادة قوة مولدة
"للفوارق"، إنه إتيان بحسب العود الأبدي الذي هو دور منحرف وزائغ دائما.
إذا كان الأمر كذلك وكان زمن العالم هو زمن العود الأبدي، فإن الملكة الأفضل
للتأريخ لا تصير الذاكرة، بل "الغريزة". بصيغة أخرى، إذا كان العالم صراع إرادات قوة
وكان الزمن عودا أبديا للاختلاف؛ فإن التأريخ لا يبقى تذكرا لأجل التذكر نفسه، بل
يصير سياسة لهذا التذكر، أو بالأحرى سياسة للنسيان، ويصير الفكر التاريخي إبداعا
لممكنات هذه السياسة، من هذا المنظور قد تصير خيانة الماضي، أحيانا، أنسب الطرق
للوفاء للحاضر، على ألا نفهم الحاضر والمستقبل، وهنا أيضا، كتتال خطي، بل كدوامة
تتعايش بتزامن مع بعضها وفق منطق العود؛ أي وفق منطق "الأيون".
الرهان بالنسبة المطروح على المعرفة التاريخية،
بالنسبة لنيتشه، إذن ليس هو "الأرشفة"، ليس هو تمجيد الذاكرة، بل هو
التساؤل إلى أي حد لا يكون التاريخ مانعاً لهذه الحياة؟ فالتأريخ ممارسة خطيرة كما
قلنا[8] وهذا الخطر التاريخ
يأتي من كون التاريخ لا يحيي الحاجة للذاكرة إلا ليقتل الحاجة للحاضر، أو بلغة
مسيحية لا يتذكر العهد (قديمه وجديده) إلا لينسى الوعد (وعد الحياة)، في هذه
الحالة يصير النسيان "واجبا"، إذ هناك مسؤولية للنسيان كما أن هناك
مسؤولية للتذكر، فنحن مسؤولون ومطالبون بإنتاج "ذاكرة للمستقبل"، ذاكرة للإرادة عوض أن
نظل حبيسي إرادة الذاكرة نحن مسؤولون عن إبداع ذاكرة حيوية تنسى وتمحو، ذاكرة لا تعتمد إلا
زمن العود الذي يدور وليس زمن العهد المسيحي الذي يتقدم كخيط متصل ينبغي ألا نضيع
أوله، فما الذي سيضيع حين ننسى؟ على أن نفهم النسيان، وهنا أيضا، بمعناه القوي،
فالنسيان ليس فقدانا، بل هو تملك لحرية إزاء العالم، فلا يكون النسيان نقصاً إلا
حين نتناوله في إطار عقيدة الخلاص التي هي نفسها عقيدة الذنب. إننا عندما نحقق هذا
الفهم الفاعل في العلاقة مع الذاكرة يتوقف النسيان عن أن يصير نقصا ليصير مرادفا
للعافية الفكرية؛ أي أنه يتحول من أن يكون مجرد عجز ظرفي، عارض ليصير قوة فاعلةpouvoir actif [9].
عمليا، ما الرهان الذي يكون على المؤرخين حينها؟
ليس طبعا تجاوز التاريخ كعلم[10]،
بل فهم التاريخ "معرفيا" خارج ثنائية الأصل والغاية، وإدراكه
"قيميا" بعيدا [عن] الخطة الإلهية المزعومة التي تجعل من المستقبل مجرد
بسط لماض يحضر دائما، المطلوب من المؤرخين يكون هو عكس الآية؛ التاريخ الأنسب
حينها، ربما يصير هو الجغرافيا بدل الكرونولوجيا، وهذه ممارسة صعبة تتطلب موضوعية
"وجودية" قبل المعرفية، موضوعية تفرض الانتقال منL’ HOMO
HISTORICUS إلى L’ HOMO EXISTENIALIS،
على اعتبار أن هذا الإنسان في العرف النيتشوي مادة تشكيلية لا ينبغي أن يكون
التاريخ قالبها الوحيد، بل يكون فقط عجينا ليّنا لصنع ما لا يتناهى من القوالب.
حينها يصير التاريخ فنا والمؤرخ فنانا، لأنه يكون قادراً على التحرر من "أنا
أعلى" الحقيقة باعتبارها غاية الحياة، لصنع الحياة نفسها، باعتبارها غاية
للحقيقة؛ فالفكر ليس فقط لا يريد الحقيقة (ضد أفلاطون)، بل لا ينبغي له أن يريدها
(ضد هيغل)، الفكر ينبغي أن يريد الحياة.
[1] في كل إحالاتنا على هذا النص الشهير سنعتمد الترجمة الفرنسية التي
قام بها هنري ألبير، والتي توجد نسخة رقمية لها تحت العنوان أدناه:
Seconde Considération
inactuelle, De l’utilité et de l’inconvénient de l’histoire pour
la vie, Traduction Henri Albert. Édition numérique Pierre Hidalgo ; la
Gaya scienzia ; Janvier 2012
وهذا الاستشهاد وارد في الجزء 6 من الكتاب ص 65
[2] لازال إلى اليوم بعض من هذا المعنى حاضرا في اللغات الغربية
المعاصرة، كما هو الأمر في كلمة cosmétique الفرنسية وcosmetic الأنجليزية.
[3] انظر تأويلات هولدرلين وملاحظاته حول سوفوكليس، والوارد بعض منها
في كتابه الذي ترجمه فيديي وقدم له جان بوفري تحت عنوان:
Remarques sur Œdipe, Remarques
sur Antigone, traduction François Fédier, Paris, 10/18, 1965
[4] أشهر المدافعين عن هذا الموقف هو المؤرخ الفرنسي الكبير جاك لوغوف
(1924 - )، أحد أهم أعمدة مدرسة الحوليات، وقد حاول أن يدافع عن هذه الأطروحة في
كثير من الأعمال أشهرها، أنظر مثلا كتابيه الصادرين عن غاليمار
Pour un autre moyen âge
أو نصه المتأخر
L’Europe est-elle née au
Moyen Âge ? Seuil, 2003
[5] لا ينبغي أن ننسى بأن الفلسفة الهيغلية كانت الفلسفة الرسمية
للدولة البروسية طوال عقود. أما فيما يخص المسيحية، فالأطروحة الهيغلية هي أشهر من
أن تعرض، وقد وردت في جملة من أعماله من مثل محاضراته حول فلسفة التاريخ ونصه
الرئيس ظاهريات الروح، حيث يقدم المسيحية،
باعتبارها اكتمالا لصيرورة الوعي الديني، (الفصل الثامن) فهي "ديانة
الوحي" الأرقى (التي تلي عبادة الفن اليونانية وعبادة الطبيعة الشرقية)، ونجد
هذا الأمر أيضا في موسوعة العلوم
الفلسفية، حيث تقدم المسيحية
باعتبارها "الديانة المطلقة".
[6] هذه واحدة من أهم أطروحات الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز لنيتشه، وهي
واردة منذ مقدمة كتابه الشهير "نيتشه والفلسفة" الصادر عن المطابع
الجامعية الفرنسية، سنة 1962
[7]Nietzsche, Seconde.... , OP.CIT , 3, pp 18-23
[8] ولنا في عالمنا المسمى عربيا اليوم نموذج قوي لهذا الأمر، أي
لإشكالات الذاكرة حين تصير "مانعا للحياة".
[9] في تحليل هذه علاقة التاريخ بالنسيان عند نيتشه نحيل على المحاضرة
المهمة التي ألقى كلوسوفسكي في ملتقى رايمون الذي انعقد سنة 1964، الذي كان كما هو
معروف أهم ملتقى حول نيتشه في حينه، وقد كان من تنظيم وتأطير دولوز وجان فال.
Pierre Klossowski «Oubli et anamnèse dans l’expérience vécue de l’Éternel
retour du même» in Nietzsche, les Cahiers de Royaumont, Philosophie,
n° VI, Paris, Minuit, 1967, p. 227-244
[10] لا ينبغي طبعا أن نفهم نقد التاريخانية هنا طبعا، باعتبارها دعوة
لنبذ التاريخ كعلم، فنيتشه ما فتئ يلح على أهمية التاريخ (انظر مثلا الفقرة
الرابعة من كتاب الاعتبارات) لكن هذا لا يمنعه من انتقاد، وهم الموضوعية الذي
يتخذه المؤرخون مبررا ل"عقيدتهم" التاريخانية، أنظر الفقرة 6 من كتاب
"اعتبارات" الآنف الذكر، وتحديدا الصفحات من 60 إلى 63